الخوارج ما بين التسامح والنصيحة والتناصح ..

بقلم : العميد المتقاعد عارف الزبن

مع انطلاق مبادرة اليوم 8 حزيران 2016 من الاشقاء في دولة الامارات باعتماد البرنامج الوطني للتسامح ، فانني ادعو الى ان يكون برنامجا اقليميا للتسامح وعلى مستوى الحكومات العربية ، فالاشقاء في الامارات جزاهم الله خيرا اطلقوا هذا البرنامج الوطني الذي بني على خمسة محاور رئيسية ارتكزت على تعزيز دور الحكومة كحاضنة للتسامح ، وترسيخ دور لأسرة المترابطة في بناء المجتمع، وتعزيز التسامح لدى الشباب ووقايتهم من التعصب والتطرف، وإثراء المحتوى العلمي والثقافي، والمساهمة في الجهود الدولية لتعزيز التسامح وإبراز الدور الرائد للدولة في هذا المجال . وانني ارى ان يكون هذا البرنامج اقليميا ودوليا .

ان هذا الموضوع استوقفني من خلال رسالة الماجستير التي قدمتها الى كلية الدفاع الامريكية في عام 2010 ، وباشراف البرفسور توم ماركس حيث انني خلال خدمتي في قوات الامن والمساعدة الدولية ISAF قمت بتطبيق محاور رسالة عمان التي هي من مبادرات صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في ارض افغانستان بعنوان صوت الاسلام المعتدل VoMI (Voice of Moderate Islam) والذي هو برنامج ارتكز على استخدام الدين الاسلامي في محاربة الغلو والتطرف حيث تشرفت بحصولي على ميدالية الخدمه المخلصة من رئيس الولايات المتحدة الامريكية و ميدالية العمليات الخاصة الامريكية . نعم ان الشعب المسلم الافغاني كان ولا يزال بحاجة الى علماء الدين لمواجهة الغلو والتطرف المعاصرالذي وصلت به افغانستان ، حيث اننا وجدنا ان هناك تعطش من اخواننا الافغان للتعرف على قيم التسامح ونبذ العنف الذي نخر في جسم بلادهم الى ان اضعفها وجعلها مسرحا للصراعات الدولية ، لقد كانت محطة الراديو اتفاق التي كان يديرها الدكتور محمد نجم هي الصوت الذي استطاع ان يعلو على باقي اصوات الغلو والعنف التي كانت تنادي بالعنف والقتل ، فكان من مخرجاتها ان اصبحت ولاية لوقار و ولاية ورداك ( التي تبعد 80 كم جنوب كابول ) من اكثر المحافظات الافغانية امنا . نعم ان صوت الاسلام المعتدل هو الاسلوب الامثل لمحاربة الغلو والتطرف الذي حل بالامة . وان هذة المبادرة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ال نهيان وبرعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان ما هي الا خطوة مباركة نحو وقف النزيف الذي لا يزال ينزف في جسم الامة .

ان الضرورات الخمس الدين والنفس والنسل والعقل والمال ، هي اهم ما تهدف اليها كل الامم للمحافظة عليها ، الا انني اقدم العقل على النسل ليصبح متوسطا لها فان صلاح العقل هو حفظا للدين والنفس والنسل والمال .ومما لاشك فية ان هذا الدور يقع على العلماء فقد بين الله تعالى ان العلماء هم اهل خشيتة فقال تعالى ‘ انما يخشى ا للهَ من عباده العلماءُ ‘ فاطر 28 وقال تعالى ‘ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمو ن’ النحل 43 . نعم فالمتابع لخوارج العصر مما نسمعه ونشاهده من افعالهم بعد انزالهم لبعض الايات في غيرمواقعها ومكانها فقد قــال تعالى فيهم ‘ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب ‘ ال عمران 7.

فلقد وصف رب العزة وسماهم ‘الذين في قلوبهم زيغ يتبعون ما تشابه منه ‘ ويهدفون الى مبتغا واحد الا وهو الفتنة ‘ ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ‘ وخص في نفس آلاية الحكيمة أناس هم اعلم بأمرهم وشؤنهم ‘ وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم ‘ فالله اعلم بشأن هذة الأمة وبين لنا الحلول وأين تسير هذه الأمة ، ولقد تنبأ الرسول صلى الله علية وسلم بأحاول الأمة وما ستوؤل آلية ، ففي حديث الهرج والمرج في الحديث الذي رواها ابن ماجه – رحمه الله – في كتاب الفتن ، باب التثبت في الفتن ، عن الحَسَنِ ، حدَّثنا أَسِيدُ بْنُ المُتَشَمِّسِ ، حدَّثنا أبُو مُوسَى ، حدَّثنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم “إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ لَهَرْجًا، قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْهَرْجُ؟ قَالَ الْقَتْلُ فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَقْتُلُ الْآنَ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَذَا قَرَابَتِهِ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَعَنَا عُقُولُنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا، تُنْزَعُ عُقُولُ أَكْثَرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَيَخْلُفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنْ النَّاسِ لَا عُقُولَ لَهُمْ، ثُمَّ قَالَ الْأَشْعَرِيُّ وَأيْمُ اللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّهَا مُدْرِكَتِي وَإِيَّاكُمْ وَأيْمُ اللَّهِ مَا لِي وَلَكُمْ مِنْهَا مَخْرَجٌ إِنْ أَدْرَكَتْنَا فِيمَا عَهِدَ إِلَيْنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنْ نَخْرُجَ كَمَا دَخَلْنَا فِيهَا ‘.

نعم ان إن أصدق الحديث كتاب الله وأفضل الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، فالفتن التي حدثت في عصر الصحابة رضوان الله عليهم هي فتنة الخوارج (الحرورية, المارقة) وقد انفردوا دون الصحابة الأجلاء بآراء وافكار غريبة ومسائل عجيبة واستبدوا برأيهم وقاتلوا الأخيار وكفروهم وفسقوهم وضللوهم وقد أحدثوا شرخاً كبيراً في صفوف الصحابة رضوان الله عليهم وكانوا قد خرجوا بأعداد كبيرة لا يستهان بها وقد أوقعوا فتنة عظيمة في جند علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
فمن ألصحابة من كان يرى احتواءهم وعدم قتالهم ومنهم من كان يرى وجوب قتالهم قبل غيرهم من أهل صفين ومنهم من كان يرى محاورتهم ومجادلتهم لعلهم يرجعون ويتوبون وقد تصدى لهذا الأمر ابن عباس رضي الله عنه في الحديث المشهور وقد نجح في إقناع الكثير ممن غُرربهم واتبعوا أهواءهم لكن الكثير منهم بقي على موقفه يرى رأيه ولا يرى غيره وقد قاتلوا علي بن أبي طالب ومن معه ، ووقعت بينهم مقتلة كبيرة نجح علي في القضاء على أكثرهم وكان هذا الأمر من علامات النبوة التي أخبر عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم .فقرار سيدنا علي بن ابي طالب كان قرارا صائبا مصدقا لرسول الله صلى الله علية وسلم وعلى صحة عمله وتصديقه لرسوله وإخباره عن رجل مقتول يدعى ذا الثدية وكان وجود هذا الرجل علامة على صحة ما أخبر به علي بن أبي طالب علماً بأن كثيراً من أصحابه كانوا لايرون قتال هؤلاء حتى أخبرهم علي عن هذا الرجل وعن بعض صفاته بعد ذلك الكل اقتنع بصحة عمل أبي الحسن ، وهذا الحديث عده كثير من العلماء من معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي تحققت بعد وفاته كما روي ذلك في الصحيحين.

اما في عصرنا الحاضر فنحن لم نكفر بل نفكر بمن خرجونا علينا فان كفرناهم وقعنا في شركهم ، ولكن لماذا لا نحاورهم مثلما حاورهم ابن عباس لعل منهم من يعود الى هدايته ويتوب ، او لعلهم يسمعون او يقرؤن ما حاورهم به ابن عباس والتي اردت ان اسردها كما سردت بتاريخ هذة الامة . عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما خرجت الحرورية اجتمعوا في دار – على حدتهم – وهم ستة آلاف وأجمعوا أن يخرجوا على علي بن أبي طالب وأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- معه، قال: جعل يأتيه الرجـل فيقول: يا أمير المؤمنين إن القوم خارجون عليك، قال: دعهم حتى يخرجوا فإني لا أقاتلهم حتى يقاتلوني وسوف يفـعلون. فلما كان ذات يوم قلت لعلي: يا أمير المؤمنين: أبرد عن الصلاة فلا تفـتـني حتى آتي القوم فأكلمهم، قال: إني أتخوفهم عليك. قلت: كلا إن شاء الله تعالى وكنت حسن الخلق لا أوذي أحدًا. قال: فلبست أحسن ما أقدر عليه من هذه اليمانية، قال أبو زميل: كان ابن عباس جميلاً جهيرًا. قال: ثم دخلت عليهم وهم قائلون في نحر الظهيرة. قال: فدخلت على قوم لم أر قط أشد اجتهادًا منهم، أيديهم كأنها ثفن الإبل، وجوههم معلمة من آثار السجود، عليهم قمص مرحضة، وجوههم مسهمة من السهر. قال: فدخلت. فقالوا: مرحبًا بك يا ابن عباس! ما جاء بك؟ وما هذه الحلة، قال: قلت ما تعيبون علي؟ لقد رأيت على رسول الله أحسن ما يكون من هذه الحلل، ونزلت (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْق) قالوا: فما جاء بك؟ قال: جئت أحدثكم عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن عند صهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهم نزل الوحي، وهم أعلم بتأويله، وليس فيكم منهم أحد، فقال بعضهم: لا تخاصموا قريشاً فإن الله تعالى يقول: (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ)، وقال رجلان أو ثلاثة لو كلمتهم.
قال: قلت أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وختنِه، وأول من آمن به، وأصحاب رسول الله معه؟
قالوا: ننقم عليه ثلاثاً.
قال: وما هنّ؟
قالوا: أولهن أنه حكّم الرجال في دين الله، وقد قال الله: (إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ)يوسف 40 ، فما شأن الرجال والحكم بعد قول الله عز وجل.
قال: قلت وماذا؟
قالوا: وقاتل (أي معاويــة ومــن معــه مــن الصحابـه) ولم يَسْبِ ولم يغنم، لئن كانوا كفارًا لقد حلت له أموالهم ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماؤهم.
قال: قلت وماذا؟
قالوا: محا نفسه من أمير المؤمنين. فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين.
قال: قلت أعندكم سوى هذا؟ قالوا: حسبنا هذا.
قال: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم، وحدثتكم من سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ما لا تنكرون [ ينقض قولكم ] أترجعون؟
قالوا: نعم.
قال: قلت أما قولكم: حكّم الرجال في دين الله، فإن الله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ)، إلى قوله: (يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ). وقال في المرأة وزوجها: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا). أنشدكم الله أحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم، وإصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب ثمنها ربع درهم، وفي بضع امرأة. وأن تعلموا أن الله لو شاء لحكم ولم يصير ذلك إلى الرجال.
قالوا: اللهم في حقن دمائهم، وإصلاح ذات بينهم.
قال: أخرجت من هذه؟
قالوا: اللهم نعم.
قال: وأما قولكم قاتل ولم يسب ولم يغنم، أتسبون أمكم عائشة، أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها، فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها ليست أم المؤمنين فقد كفرتم، وخرجتم من الإسلام، إن الله يقول: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)، فأنتم مترددون بين ضلالتين، فاختاروا أيهما شئتم، أخرجت من هذه؛ فنظر بعضهم إلى بعض.
قالوا: اللهم نعم.
قال: وأما قولكم محا نفسه من أمير المؤمنين، فأنا آتيكم بما ترضون، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعا قريشًا يوم الحديبية أن يكتب بينه وبينهم كتابًا فكاتب سهيل بن عمرو وأبا سفيان. فقال: اكتب يا علي هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقالوا: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله. فقال: والله إني لرسول الله حقًا وإن كذبتموني، اكتب يا على: محمد بن عبد الله ، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أفضل من علي -رضي الله عنه- وما أخرجه من النبوة حين محا نفسه. أخرجت من هذه؛ قالوا: اللهم نعم. فرجع منهم ألفان، وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا على ضلالة.
فهل ان حاورنا داعش هذة الايام بهذا الحوار الديني المتين بكل وسائل التواصل المتوفرة في هذا العصر الحديث سيعود منهم الاف ، نعم انا على يقين بان منهم من سيعود وسيبقى منهم قله قليله هم من قال بهم الخليفــة الراشــد عمــر بــن عبــد العزيــز رحمــه الله : ‘ إذا رأيــت ًقومــا يتناجــون فــي شــيء مــن الديــن دون العامــة ، فاعلــم أنهــم علــى تأســيس ضلالــة ‘ فمن بقي بهذة الضلالة نحاربهم ونقاتلهم ونبرىء ممن فرق ديننا واحتزب ، وكما قال الحســن البصــري رحمــه الله ‘ خــرج عثمــان بــن عفــان رضــي الله عنــه علينــا ًيومــا يخطبنــا فقطعــوا عليــه كلامــه فترامــوا بالبطحــاء حتــى جعلــت مــا ُأبصــر أديم الســماء قــال: وســمعنا ًصوتــا مــن بعــض حجــر أزواج النبــي فقيــل هــذا صــوت أم المؤمنــين عائشــة رضــي الله عنها قــال ســمعتها وهــي تقــول: ‘ألا إن نبيكــم قــد بــرئ ممــن فــرق دينــه واحتــزب ‘.

نعم هم حدثاء اسنان سفهاء الاحلام ، فمن خير من العقلاء العلماء ان يخاطبوا عقولهم و يوقظهم من احلامهم ، فخوارج الاسلام في تلك العصور من المحكمة الأولى و الازارقة والنجدات و الصفرية الى القدرية هم اكثر عنادا ممن يقاتلون في هذا العصر بصفوف داعش وجبهة النصرة فهم زاغت وزيغت قلوبهم وانزلوا الآيات في غير مكانها وها نحن أمة الاسلام بعد خمسة أعوام توقفنا فيها عن عجلة التقدم والازدهار وعدنا الى عصر الخوارج اللذين قتلوا عبدالله بن خباب بن الارت رضي الله عنهما ،فعــن رجــل مــن عبــد القيــس قــال:كنــت مــع الخــوارج فرأيــت منهــم ًشــيئا كرهتــه، ففارقتهــم علــى أن لا أكثــر عليهــم، فبينــا أنــا مــع طائفــة منهــم إذ رأوا رجــلا خــرج كأنــه فــزع، وبينهــم وبينــه نهــر، فقطعــوا إليــه النهــر فقالــوا: َّكأنــا رعنــاك
قال: أجل. قالوا: ومن أنت؟ قال: أنا عبد الله بن خباب بن َالأر ّت قالوا: عندك حديث تحدثناه عن أبيك عن رسول الله ؟
قــال: ســمعته يقــول: إنــه ســمع النبــي يقــول:’إن فتنــة جائيــة القاعــد فيهــا خيــر مــن القائــم، والقائــم فيهــا خيــر مــن الماشــي، فــإذا لقيتهــم، فــإن اســتطعت أن تكــون عبــد الله المقتــول فــلا تكــن عبــد الله القاتــل’
فأخــذوه وســرية لــه معــه، ّفمــر بعضهــم علــى تمــرة ســاقطة مــن نخلة فأخذهــا فألقاهــا فــي ِفيــه، فقال بعضهــم: تمرة معاهد، فبم اســتحللتها؟ فألقاهــا مــن فيــه، ثــم مــروا علــى خنزيــر فنفحــه بعضهــم بســيفه، فقــال بعضهــم: خنزيــر معاهــد، فبــم اســتحللته؟ فقال عبد الله: ألا أدلكم على ما هو أعظم عليكم حرمة من هذا؟! قالوا: نعم.
قــال: أنــا. فقدمــوه فضربــوا عنقــه، فرأيــت دمــه يســيل علــى المــاء كأنــه شــراك نعــل اندفــر بالمــاء حتــى تــوارى عنــه، ثــم دعــوا بســرية لــه حبلــى فبقــروا عمــا فــي بطنهــا.

نعم فكما اصلح سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما الذي قال به رسول الله صلى الله علية وسلم : ‘إنَّ ابني هذا سيد وسيصلح الله تعالى به بين فرقتين عظيمتين من المسلمين ‘ نعم فالصلح هو الخيرلهذة الامه بعد ان توفنا والعالم صار امامنا ، لا بل عدنا ادراجنا الى الخلف بعكس التقدم ودمرت في الأعوام الخمس الماضية اقوام وتشردت الملايين وابتلع البحر ارواحا بريئة ونحتاج الى أعوام وأعوام للحاق بهذا العالم المتسارع ، فالشعب السوري الشقيق والشعب اليمني الشقيق قد جاءتهم اقوام وممل زيغت قلوبهم معتقدين ان السلاح والسيف والقوة هي الحل ونسينا ان القران هو الحل ‘ فردوه الى الله والرسول ‘ فهذا هو المخرج من هذا النفق المعتم الذي ان بقينا فيه فسيقودنا الى مزيد من الدمار والخراب .الا يجدر بِنَا ان نتوقف ونعود او نرسل شخصا عالماء مثل عمر بن العباس الذي حاور الخوارج الأوائل وناصحهم ونصحهم فعاد معه ستة آلاف .

ان المتابع لهذة الجماعات التي تسمي نفسها بأسماء إسلامية ، من حرب أفغانستان من عام 1979 – 1989 في قتال السوفيات ، والحرب البوسنية من عام 1992 -1995 والحرب العراقية من 2003-2011 ، وحرب امريكيا في افغانستان من 2001 -2014 ، ونزاعات الصومال التي لا تزال قائمة . وها نحن كلما مضى عشرة أعوام اقل او اكثر كاننا على موعد مع مصيبة جديدة للامة . فمنذ انطلاق ما كان يعتقده البعض ربيعا عربيا عام ٢٠١١ لا نزال في مستنقع الدم والقتل ، الا حان للأمة ان تقول كفانا قتالا ؟ نعم قد يقول قال ما هو الحل ؟ فالحل هو على عاتق عقلاء الأمة الحكام وعلى علماء الامة وليس على من زاغت قلوبهم ، ان نقول تعالوا الى كلمة سواء عودوا الى صوابكم ، فمن حرق جواز سفر بلده وانظم الى هذه الفتن ، ليعد الى بلده ويرفع راية بيضاء ولتستقبلم دولهم ، لا ان نصد الحدود في وجوههم لينتقلوا الى بلد اخر كما خرجوا من افغانستان الى البوسنة ثم الصومال وافغانستان مجددا ثم اليمن والعراق ليعودوا الى العراق و سوريا مجددا . فهم ما ان دخلوا بلدا الا دمروه دينيا واجتماعيا وفكريا وثقافيا و امنيا واقتصاديا وتاريخيا ، وما خرجوا من بلد يبحثون عن ملاذ اخر الا اشعلوا به حربا اهلية بفكر يبقى اثارة خلفهم تحصد ارواحا بريئة ، نعم هم في فكرهم زيغ يعتقدون انهم خدموا الأمة وهم منتصرون فالزيغ الذي في قلوبهم والمرض الذي في عقولهم يحتاج الى علاج بان نناصحهم ونرشدهم ونحاججهم بالدِّين والعقل ونقول لهم عودوا الى أوطانكم وأهاليكم ولنبني لهم المخيمات كمخيمات اللاجئين في العراق و الاردن و تركيا ولنعالجهم بما تسممت بهم عقولهم من أفكار سامة فالكلمة اصبحت أقوى تأثيرا من الرصاصة والصاروخ وتاثيرها يدوم ويحي حياة جديدة لا يميتها .
فالعلماء هم السلاح القوي الذي يمكن ان تنتصر فية الامة .

ان هذه المبادرة اناشد بها زعماء الأمة ان يصفحوا ويفتحوا باب العفو لمن أراد ان يعود الى رشده منهم وليكن في العشرة الاواخر من شهر الرحمة رمضان شهر عفو وتسامح ولتكن مبادرة الامارات العربية اقليمية ودولية وليست برنامجا وطنيا .

العميد المتقاعد عارف سليم مانع الزبن
باحث في جامعة اكسيتير- بريطانيا .

http://www.ammonnews.net/index.php?page=article&id=271908

Gen. Aref Alzaben-Jordan1

شارك