مقال تحليلي بقلم: سيد غنيم
==============

الموقف السياسي الأمني الحالي.. محور إسرائيل – الخليج – إيران

أولاً: موقف الجانب الأيسر للنفوذ الإيراني (الحوثيين في اليمن):

رغم التراجع الملحوظ للحوثيين في محيط صنعاء والمحافظات الشرقية منها، وأصبح جزء كبير من الأراضي اليمنية تحت سيطرة قوات الشرعية، إلا أن حسم الموقف مازال صعباً، مع احتمالات تقسيم اليمن لشمال وجنوب، ذلك في الوقت الذي تزايد فيه نفوذ القاعدة في “الشحر” و”المكلا”، والمستهدفة من قبل الضربات الأمريكية حالياً. مما يؤكد للسعودية ودول التحالف ضرورة إنهاء الأزمة في اليمن خلال عام 2018 على أقصى تقدير، وإلا ستتفاقم المشاكل لدرجة غير محسوبة لجميع الأطراف.

ثانياً: موقف الجانب الأيمن للنفوذ الإيراني (حزب الله في سوريا ولبنان):

تتواجد روسيا بكل ثقلها في سوريا لحماية مصالحها بها أمام النفوذ الأمريكي بالشرق الأوسط حيث تعتبر أهم قدم لها في المنطقة.. ولا شك أن لإيران دوراً داعماً للحكومة السورية وإن كان أقل وضوحاً ونفوذاً من نظيره الروسي.
أما لبنان فيتزايد فيها النفوذ الإيراني من خلال ذراعه المسلح “جماعة حزب الله” والتي أمتدت عملياتها أمام إسرائيل من قبل. ولكن الدعم العسكري الخليجي فنجده في سوريا من خلال دعمه لقوات المعارضة المُسلحة وبعض الميلشيات الإسلامية المناهضة للجيش العربي السوري.

ثالثاً: إسرائيل:

إتخذت إسرائيل سياسات إقليمية لضمان أمنها، ومن ضمن محاورها سوريا، حيث دعمت فصائل المعارضة وبعض التنظيمات الإسلامية التي تقاتل أمام الجيش السوري وبعضها مُصنف إرهابياً، مع التيقظ دائماً تجاه الجولان. في الوقت الذي تجنبت فيه الصدام المباشر مع جماعة «حزب الله»، واصفة إيران “التهديد الأكبر من مكان أبعد”، والتي رغم الإتفاقية النووية التي اضعفت البرنامج النووي الإيراني بشكل حذري، إلا أنها ترى ان إيران ما زالت تمثل تهديداً رئيسياً على إسرائيل والخليج.
وقد قسمت إسرائيل المنطقة طائفياً لأربع محاور (معسكرات) رئيسية:
• “المحور الشيعي الإيراني” وأذرعه نظام الأسد والذي تدعمه روسيا، و«حزب الله» في لبنان والشيعة في العراق والحوثيين في اليمن وتدعمهم إيران.
• محور «الإخوان المسلمين»، والذي ظهر في مصر وإنتشر في بعض بلدان الثورات العربية.
• المحور “الجهادي العالَمي”، والذي يشمل تنظيمي «الدولة الإسلامية» و «القاعدة» وغيرهما.
• المحور “السني العربي” ويقصد به معظم دول الخليج بقيادة السعودية.
وقد أعلن موشي يعلون وزير الدفاع الإسرائيلي السابق خلال محاضره له بمعهد واشنطن بعنوان “نظرة أعمق في إستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي” يوم 19 سبتمبر 2016 قائلاً صراحة:
“اليوم إسرائيل والمحور السني العربي في قارب واحد، ويواجها عدواً مشترك هو (إيران)، ومن ثم المحور الشيعي كله بأذرعه شمالاً وجنوباً عدو مشترك، ومن ثم حزب الله الإرهابية أيضاً عدو مشترك مما يتطلب تعاون إسرائيلي أكثر قوة وإيجابية وفعالية مع المحور العربي السني متمثلاً في السعودية وحلفاءها. فمن مصلحتهما المشتركة أن يعزّزا هذا التعاون بدرجة أكبر. ويجب أن تنضم أمريكا إلى إسرائيل في الإعلان عن اصطفافها إلى جانب المعسكر السني العربي”.

رابعاً: إعلان الحريري استقالته من الرياض وليس من بيروت..

تتفق معظم التحليلات الدولية إن لم يكن جميعها، سواء بتقارير مخابرات الدول المعنية أو المنظمات الدولية أو المراكز الإستراتيجية المتخصصة على ثقل احتمال تجهيز إسرائيل لشن ضربة عسكرية ضد حزب الله سواء منفردة، أو بدعم سعودي معلن أو غير معلن، وذلك رغم صعوبة تنفيذه لاعتبارات كثيرة.
وبناء عليه، من رأيي أن هناك احتمال قوي لتنسيق مسبق (غير معلن) بين الحريري والسعودية وإسرائيل بشأن إعلان الحريري استقالته من الرياض وليس من بيروت، والذي تلاه قرارت وتصريحات قد تؤيده.
ولنتصور أن الحريري قد أعلن استقالته من بيروت (وليس من الرياض كما حدث)، وكما أعلن نتيجة للتدخل السافر من إيران في بلاده بواسطة حزب الله، ثم قامت إسرائيل بشن ضربة عسكرية تجاه حزب الله، فماذا ستكون أكثر الإستنتاجات بديهية في هذه الحالة؟
بالتأكيد ستتجه بأصابع الاتهام تجاه الحريري بأنه متورط في تنسيقات مع إسرائيل ألد أعداء بلاده لضرب أبناء شعبه، بغض النظر عن كون المستهدف حزب الله أو غيرهم، فكلهم لبنانيين.. وهو ما لن يغتفر للحريري سياسيا ولا أخلاقيا، وخاصة من جانب ضلعي المثلث الآخرين بقيادة كل من “عون” و”بري”.
أما حالة إعلانه استقالته من عاصمة دولة عربية تُعد قبلة الإسلام في العالم، وفي نفس الوقت تحمل عداوة طائفية لحزب الله فكأنه يستنجد بالمملكة العربية السعودية (أم العرب السنة بالمنطقة) لاتخاذ إجراء سياسي أو عسكري او كلاهما ضد أهم أذرع العدو الطائفي الأول (الشيعي).. وفي هذه الحالة لا يعتبر الحريري مسؤولا عن تدخل أي دولة أخرى عسكريا ضد حزب الله حتى ولو كانت إسرائيل.
من ناحية أخرى تجد إسرائيل (الدولة اليهودية التي تعتبر نفسها في قارب واحد مع العرب السنة) ضد التهديد الأكبر من المكان الأبعد وهي إيران، بضرب أهم أذرعها وهو حزب الله، والذي يعتبر التهديد العسكري المباشر والأخطر على أمن ومصالح إسرائيل.
==================
إن صح تقديري، قد تكون الفكرة مبنية على أساس الضغط على جانب النفوذ الإيراني الأيمن/ الشمالي “حزب الله في لبنان” لتركيز الجهود الإيرانية تجاهها، وفي نفس الوقت تخفيف الضغط على جانب نفوذها الأيسر/ الجنوبي “الحوثيين في اليمن” والذي يجعل طاولة المفاوضات أكثر إتزاناً لصالح السعودية حالة اللجوء لحل سياسي دولي/ إقليمي للأزمة اليمينة، وذلك بالتأكيد بعد مراجعة روسيا والولايات المتحدة في ذلك.. في نفس الوقت تضمن إسرائيل نجاح مسلسل إستراتيجياتها بالتعاون الإسرائيلي السعودي تجاه العدو المشترك بمساندة أمريكية، وبما يضعف موقف إيران بشدة في المنطقة.
ولو وضعنا احتمالين بناءً على ما سبق أحدهما قيام السعودية بضرب حزب الله والثاني قيام إسرائيل بذلك، أظن أن كفة إسرائيل ستكون الأرجح وإن كانت بدعم سعودي ضخم.
وتبقى أسئلة هامة.. هل إسرائيل قادرة اليوم على تنفيذ ضربات عسكرية لحزب الله؟ وهل حزب الله بهذا الضعف الذي يتوقعه كثيرون؟ وهل ستسمح روسيا والصين ودول أخرى من الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن بذلك؟ وكيف سيكون الموقف التركي؟
أما عن الموقف المصري، فمن الواضح أن مصر والتي قطعت علاقتها مع إيران منذ حوالي أربعين عاما بالتأكيد تؤيد التحرك السياسي الخليجي في المنطقة من خلال فرض حلول سلمية للتعامل مع الأزمات، وتجنب كافة أشكال الصراع بكل الطرق الممكنة لحل المشاكل على طاولات الحوار، وتبقى مصر على وعدها بالتحرك لحماية ودعم دول الخليج حالة تعرضها لاعتداء مباشر من قبل دولة أخرى على أراض أحد دولها.
الخلاصة:
أرى ما سبق من احتمالات شديد الصعوبة رغم أنها واردة، وإن حدث لو جزء منها بأي صورة ستؤدي لعواقب مرعبة تؤثر على إستقرار المنطقة وأقاليم أخرى حولها وقد تتسع لأكثر مما نتصور.
سيد غنيم
شارك