ما تقوم به أي إيران حتى اللحظة من رد، يتماشى مع السيناريو الأول وجزء محدود من الخامس، ضمن السيناريوهات التي قدرناها وطرحتها على صفحاتي منذ أيام.
وهو دلالة على التزام إيران بدرجة تصعيد محدودة، تجمع ما بين الرد المنضبط الدقيق لاستعادة أكبر قدر ممكن من الهيبة، ومن جانب آخر لضمان امرين شديدي الخطورة:
الأول: عدم الوصول لدرجة تصعيد يصعب السيطرة عليها وقد توصل لحرب مباشرة بين قوتين إقليميتين تتجنبها إيران بكل قوة.
الثاني: ضمان حماية إيران للبنية التحتية لبرنامجها النووي من إسرائيل، والتي تسعى لانتهاز الفرصة الحالية لتدميره.
وعلى كل حال، ورغم التزامها بالصبر الاستراتيچي، تسعى إيران لموقف تظهر فيه انه خطوة جريئة من جانبها.. فالإيرانيون يقدمون أنفسهم الآن على أنهم ” البلد الوحيد القادر على مواجهة إسرائيل بحق”.. في الوقت الذي تعتبر مواقف الحكومات العربية قد أصبحت أكثر صعوبة: لا حكومة تريد التصعيد لكن شعبها يصفق لإيران لشجاعتهم.. لنرى ما إذا كانت إيران قادرة على التقاط الكراهية العالمية المناهضة لإسرائيل بين عامة السكان العرب، أو كيف.
التالي تذكرة للسيناريوهات الخمسة التي قمنا بافتراضها منذ أيام باحتمال قيام إيران بتنفيذ اي منها رداً على قيام إسرائيل بقصف القنصلية الإيرانية في دمشق:
السيناريو الأول: قيام إيران بشن ضربة انتقامية ضد إسرائيل باستخدام البعد النيراني، حيث من المحتمل أن تهاجم إيران إسرائيل بشكل مباشر بالطائرات المُسيرة والصواريخ الاستراتيچية.
السيناريو الثاني: اكتفاء إيران بتنفيذ اغتيالات مضادة ضد قيادات عسكرية إسرائيلية وربما قيادات أمنية ومدنية، فضلاً عن تزايد احتمالات الاستهداف المضاد للسفارات والقنصليات الإسرائيلية من خلال عمليات نوعية دقيقة، وجميع هذه العمليات يرجح تنفيذها بواسطة أذرع إيران وقوات خاصة إيرانية غير معلنة.
السيناريو الثالث: رغم تحول القوات الإيرانية لدرجة استعداد قتالي عالي، إلا أنها قد تستمر في الالتزام بالصبر الاستراتيچي.
السيناريو الرابع: العمل فى المنطقة الرمادية بتنفيذ هجمات سيبرانية وتوجيه ضربات عسكرية بواسطة أذرعها من المليشيات الشيعية فى العراق وسوريا، ويُرجح العراق بنسبة أكبر لكونها الجبهة الأبعد نسبياً عن اسرائيل والتخطيط للقيام بعمليات عسكرية إسرائيلية فى العراق يعتبر أمراً صعباً ومعقداً ومن ثم يعتبر أكثر صعوبة من سوريا، كما تعتبر العراق الجبهة الأقل استهدافاً، سواء بواسطة الولايات المتحدة أو إسرائيل لو حدث مسبقاً، ولاتزال الأذرع الإيرانية في العراق محتفظة بجاهزية قتالية وقدرة على فتح جبهة جديدة على إسرائيل بشكل مكثف.
السيناريو الخامس: ضرب هدف مؤثر لإسرائيلي خارج حدود إسرائيل (سفينة، مقر دبلوماسي، مقر تجارى هام، …)” وقد يكون فى الامارات أو البحرين أو ازربيجان أو غيرها.
خلال أي مما سبق، ستسعى إيران، مستغلة التعاطف الإسلامي ضد إسرائيل، لتشكيل تحالف عسكري إسلامي كقوة ردع وتصدي ضد إسرائيل.
دكتور سَــــيْد غُنــــيْم
زميل الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية
أستاذ زائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل