معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
القسم الأمني والعسكري
دكتور سَــــيد غُنــــيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
 
أولاً: تحركات كوريا الشمالية تجاه روسيا:
بناء على اتفاقية الدفاع المشتركة الموقعة بين موسكو وبيونج يانج يقوم كل طرف بالدفاع عن الآخر حالة خوضه حرب وتعرضه لغزو عسكري. وعلى أن الجانبين يطوران التبادلات والتعاون في مجالات مثل العلوم في مجالات مختلفة كالفضاء والطاقة النووية السلمية وأمور أخرى.
وقد قامت كوريا الشمالية بدفع 1500 جندي بالفعل إلى روسيا في ديسمبر 2024، وقامت كوريا الشمالية بدفع قوات أخرى، وينتظر وصول العدد النهائي إلى حوالي 12 ألف جندي كوري شمالي في روسيا، إن لم يكونوا قد وصلوا لهذا الرقم بالفعل.
هذا التقارب الروسي الكوري الشمالي أدى لزيادة النفوذ الروسي في كوريا الشمالية على حساب النفوذ الصيني فيها، والذي تأذى بدرجة كبيرة، ما ازعج الصين وأغضبها من بيونج يانج وموسكو على السواء. نعم تريد الصين استمرار الحرب الروسية الأوكرانية لأطول مدة ممكنة لاستنفاذ قدرات الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا على السواء، ولكن ليس على حساب نفوذ الصين المزمن في أهم دولة تحقق مصالحها من خلالها أمام الخصوم والمنافسين في بحر شمال شرق آسيا، وهي كوريا الشمالية.
ثانيًا: تحركات كوريا الشمالية تجاه الشرق الأوسط:
ترى الولايات المتحدة وأوروبا واليابان وكوريا الجنوبية أن كوريا الشمالية تساهم في إشعال الصراعات في الشرق الأوسط من خلال توفير الأسلحة لمناطق النزاع، في مقابل فوائد اقتصادية تنقذها من عزلتها الدولية، ويمكن تلخيص تدخلات كوريا الشمالية التي تم رصدها في بعض دول الشرق الأوسط في الآتي:
1. إيران:
التعاون في مجال صواريخ سكود، وهناك احتمال أن كوريا الشمالية قد تكون عامل مساعد قوي في تنفيذ البرنامج النووي الإيراني.
2. سوريا:
منذ ثمانينيات القرن الماضي، أنتجت سوريا أسلحة كيميائية بمساعدة تكنولوجيا ومواد كوريا الشمالية. وأدارت قاعدة أسلحة كيميائية تحت الأرض في منطقة القرداحة الجبلية بسوريا.
وأوضحت نتائج رصد المفاعل النووي السوري أنه مطابقًا لشكل مفاعل “يونغبيون” الكوري الشمالي. إلا أن إسرائيل دمرت المفاعل النووي السوري بقصف جوي في 6 سبتمبر 2007.
في عام 1991، تلقت سوريا ملياري دولار من المملكة العربية السعودية مقابل مشاركتها في حرب الخليج. ومن هذا المبلغ، مُنح كوريا الشمالية 500 مليون دولار لاستيراد 150 صاروخ سكود. وقد تم استيراد أجزاء الصواريخ من كوريا الشمالية وتجميعها في سوريا.
3. تنظيمي حماس وحزب الله:
في عام 2014، التقطت صور الأقمار الصناعية كوريا الشمالية وهي تقدم صواريخ مضادة للدبابات وقاذفات صواريخ متعددة لحماس، وبماتبعة الرصد تأكد أنها كانت صفقة تجارية بالثمن وليس إهداء من جانب بيونج يانج.
4. مصر:
في عام 2016، أبلغت السلطات المصرية مجلس الأمن أنها عثرت على 30 ألف قنبلة صاروخية على متن سفينة كورية شمالية. وعلى أي حال العلاقات الكورية الشمالية المصرية أقدم من ذلك بكثير.
5. الإمارات:
أشار التقرير السنوي للجنة 1970 التابعة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى أنه في عام 2015، حاولت شركة كورية شمالية لتطوير التعدين والتجارة توريد أسلحة إلى الإمارات. وتضمن التقرير حقائق محددة تفيد بأن الأسلحة التي حاولت كوريا الشمالية توريدها في ذلك الوقت كانت 24 نوعًا، بما في ذلك 20 مليون طلقة “ذخيرة” عيار 12.7×108 ملم للرشاشات، و10 ملايين طلقة عيار 7.62×54 ملم لمدافع الماكينة/ الرشاشات المتوسطة.
اعتبرت هذه الأنشطة الكورية الشمالية غير قانونية، ويبدو من أول وهلة أنها لا تؤثر بشكل كبير على المصالح الوطنية للصين، بل موافقتها أو على الأقل بعلمها ضمن سياسة توزيع الأدوار، حيث إن كوريا الشمالية تفعل ما لا تستطيع الصين ان تفعله بشكل رسمى.
ومع ذلك، تعتقد الولايات المتحدة وأوروبا وربما اليابان وكوريا الجنوبية أيضًا أن الصين تملك شريان الحياة لكوريا الشمالية (إمدادات الوقود) ولكنها لا تستطيع السيطرة عليه، لذا فهي في هذا الصدد عامل يضر بسمعة الصين، ويعرض بكين للعقوبات الدولية.
فالصين تمد كوريا الشمالية بمصادر الطاقة محتجزة من حصتها، والتي تجمعها من إيران وروسيا وغيرها، وبما يمكن كوريا الشمالية من تنفيذ كافة مشروعاتها الصناعية، فضلاً عن متطلبات الحياة من الطاقة.
وهناك تقارير غير معلنة تشير إلى أن الصين تستورد الماكينات وصناعات أخرى متنوعة من كوريا الجنوبية واليابان على أنها المنتفع النهائي ولكنها تصدر جزء منها خفية لكوريا الشمالية وبما يساعدها في حركتها الصناعية.
في المقابل، تقوم كوريا الشمالية بمعظم تحركاتها دون علم الصين وأحيانًا كثيرة رغم إرادتها وعلى حسابها، حيث إن كوريا الشمالية تأخذ من حصة الصين في صادرات الدفاع وغيرها لأصدقاء الصين وفي أسواقها.
شارك

administrator

استشاري الأمن الدوَلي والدفاع، رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الإمارات العربية المتحدة، وأستاذ زائر في العلاقات الدولية والأمن الدولي في أوروبا وشرق آسيا، (مصري)