معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
القسم الأمني والعسكري
دكتور سَــــيد غُنــــيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
 
تخلت كل من روسيا وإيران عن النظام السوري السابق بمجرد انهياره، والسبب هو أنهم تأكدوا أن قوات الأسد لم تعد تقاتل في مواقعها، وهنا يظهر أهمية تماسك القوات المسلحة التي تستند عليها أي دولة تهتم بدعمها.
وتظهر برجماتية روسيا في تعاملها العملي مع حكومة أحمد الشرع الذي أسقط بشار الأسد، بل أن روسيا عملت على إبرام اتفاقًا للاحتفاظ بقاعدتين عسكريتين روسيتين في سوريا.
فيما يتعلق بإيران يفترض أن نهج روسيا سيكون مختلفًا عما فعلته مع سوريا الأسد، فإيران دولة تمتلك أهمية جيوستراتيجية بالنسبة لروسيا، فهي تشكل في الأساس كل جنوب القوقاز الواقع خلف روسيا، وهي منطقة شديدة الحساسية لها، حيث إن إيران تمثل أهمية كبيرة في التنافس الروسي الغربي، أثناء وقوع إيران تحت حكم الشاه كانت الولايات المتحدة ذات نفوذ كبير في إيران حيث كان موقف روسيا ضعيفًا بدرجة كبيرة، حيث كان يمكن الهجوم عليها من الجنوب أو من أي اتجاه. وإذا استعادت الولايات المتحدة السيطرة على إيران، سيعود موقف روسيا ضعيفًا مرة أخرى، حيث تمثل إيران العمق الاستراتيجي الجنوبي لروسيا. ويمكننا ان نتذكر كيف كانت العلاقة بين الغرب وإسرائيل أمرًا محوريًا لاحتواء الاتحاد السوفياتي في ذروة الحرب الباردة.
ومن ثم، من المفترض ألا تسمح روسيا بانهيار حكم المرشد عدو الولايات المتحدة، حيث تعد الولايات المتحدة عدو روسيا الأول.
بوتن ونتانياهو
الآن، العلاقة بين بوتن ونتانياهو تعود إلى فترة طويلة، وأتذكر عندما سافر نتانياهو إلى موسكو في 27 فبراير عام 2019، وأقنع بوتن بعدم منح سوريا إمكانية السيطرة على منظومات الدفاع الجوي S-300، ثم في 7 أكتوبر عام 2020 اقنع نتانياهو بوتن بعدم قيامه بتسليم منظومات صواريخ S-400 إلى إيران، حيث كان السفير الروسي لدى إيران قد صرح أواخر سبتمبر 2020 بأن موسكو لن تمانع في بيع طهران نظام دفاع جوي متطور عند انتهاء حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على الجمهورية الإسلامية في وقت لاحق من شهر أكتوبر.
إذا نظرت للسيناريو بالكامل، ستجد أن الهجوم الإسرائيلي على إيران وسوريا كان قيد التحضير منذ فترة طويلة، لأنه يتطلب أن تكن إسرائيل واثقة من امتلاك أحدث أجيال الطائرات المقاتلة القاذفة، وأيضًا لا يكون لدى إيران وسوريا أحدث أجيال وسائل الدفاع الجوي، والتي كانت لا يمكن الحصول عليها إلا من الصين أو من روسيا لدولة لا يمكنها الاستيراد من دولة غربية.
المشكلة أن روسيا مغروسة في وحل أوكرانيا وموقفها مهدد في سوريا التي بخسارتها ستخسر وجودها شرق المتوسط والذي يؤمن من سوريا تأمين مصالحها في الشرق الأوسط وأفريقيا، ، وبخسارة إيران تفقد عمقها الإستراتيجي الجنوبي وتصبح دولة مهزومة لا محالة، وهو أمر تتفهمه مؤسسات صنع القرار الأمريكية والأوروبية جبدًا، وهو ما يجعل أوكرانيا تنتظر سقوط إيران بشغف.
ولذا راهنت روسيا على قدرة إيران على للاستمرار في قصفاتها الصاروخية ضد إسرائيل وبما يزيد الضغط على نتانياهو، وعلى صمودها أمام ضرباتها الجوية الشديدة، كما تراهن روسيا حاليًا، وبعد إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، على تماسك النظام الحاكم،وعلى صمود وتماسك الحرس الثوري والجيش الإيراني على السواء. واتصور أن بوتن ألح على ترمب أن يعجل بوقف إطلاق النار،ذ بين البلدين كراعي للسلام في المنطقة عكس غريمه بايدن.
كما أن بوتن يريد تعافي إيران بأسرع وقت، وهو الذي من المفترض أن يكون للصين الدور الأكبر فيه.
إلا أن اختراق إسرائيل لوقف إطلاق النار مع إيران كعادتها، أو إصرار نتانياهو على الإسراع في إسقاط النظام الإيراني، أو عودة الولايات المتحدة لضرب البرنامج النووي الإيراني بأي حجة، حيث كل ما سبق سيعيد إيران مرة أخرى للحرب وبما يمدد من منع روسيا استلام اي إمداد بالأسلحة من إيران، كما سيعرض عمقها الإستراتيجي الجنوبي للانهيار.
شارك

administrator

استشاري الأمن الدوَلي والدفاع، رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الإمارات العربية المتحدة، وأستاذ زائر في العلاقات الدولية والأمن الدولي في أوروبا وشرق آسيا، (مصري)