مقدمة:

من الواضح أن القوات الروسية في أوكرانيا قد دخلت فترة وقفة (تعبوية) وجيزة بنهاية اليوم التاسع 04 مارس وحتى نهاية اليوم العاشر قتال 05 مارس على الأقل، حيث تستعد لاستئناف العمليات ضد كييف وخاركيف وميكولايف وربما أوديسا في غضون يومي الحادي عشر والثاني عشر قتال، 06 و 07 مارس، حيث لم تقوم القوات الروسية بشن عمليات هجومية برية كبيرة ضد كييف أو خاركيف أو ميكولايف خلال اليوم العاشر قتال، 05 مارس.

المُلفت، أن القوات الأوكرانية قد فاجئت القوات الروسية بشن ضربة مضادة بالقرب من خاركيف، توغلت في الحدود الأوكرانية الروسية.

أولاًالأعمال السابقة والحالية:

  • الجانب الروسي:

لغرض تعزيز مجموعات القوات الروسية، بدأت القيادة العسكرية الروسية في التشكيل (بما في ذلك من قبل جنود الاحتياط في منطقتي دونيتسك ولوهانسك) مع نشر المزيد من القوات والأصول الإضافية في مناطق العمليات المحددة.

ومن أجل السيطرة على الأراضي التي تم الاستيلاء عليها، تقوم القوات الروسية برفع كفاءة التحصينات الهندسية وتركيب أجهزة المراقبة بالفيديو.

وقامت القيادة الروسية بحشد قوات روسية إضافية شرق أوكرانيا لتعزيز تعثر الهجوم الجاري على عدة محاور في أوكرانيا.

وطبقاً لتقارير، رصدت القوات الأوكرانية وحدات من المنطقة الشرقية الروسية (بشكل رئيسي من الجيشين الخامس والسادس والثلاثين) تتحرك تجاه الأراضي البيلاروسية ربما لتعزيز الهجوم من الشمال صوب العاصمة الأوكرانية كييف لاستكمال الاستيلاء عليها.

وقامت القوات الروسية بشن ضرباتها حول ماريوبول لتطويقها والاستيلاء عليها. وأعادت القوات الروسية أيضاً هجومها البري غرباً من شبه جزيرة القرم باتجاه أوديسا، مع التركيز حالياً على التقدم من خيرسون إلى ميكولايف، واستولت على محطة “زابورزايجيه” للطاقة النووية شمال شبه جزيرة القرم. أدى استمرار السعي وراء الأهداف على طول ثلاثة محاور متباينة من قبل نفس مجموعة القوات في شبه جزيرة القرم إلى إعاقة قدرة الجيش الروسي على إحداث تأثيرات حاسمة على أي من المحاور الثلاثة.

استمرار تقدم القوات البرية الروسية على أربعة محاور رئيسية كالآتي:

  • محور كييف (اتجاه الضربة الرئيسية):

شنت القوات الروسية ضربتها الرئيسية على محور كييف بهدف تطويق العاصمة ومحاصرتها من الغرب ودعم الجهود على طول محوري تشيرنيهيف وسومي لتطويقها من الاتجاهين الشمال الشرقي والشرق. وتواصل القوات الروسية جهودها لتحقيق أي مكاسب ممكنة، والتي أراها محدودة مقارنة بعمليات تسعة أيام قتال متواصلة. وتمكنت القوات الروسية مسبقاً من تحقيق أكبر نجاحات تجاه العاصمة كيف من الشرق، خاصة على المحور القادم من سومي عبر كونوتوب ونيزين. ومن غير المرجح أن تكمل القوات الروسية تطويق كييف على الجانب الغربي دون تعزيزات كبيرة طالما استمرت الدفاعات الأوكرانية في الصمود كما فعلت خلال الأيام التسعة الماضية. وركزت القوات الروسية على منطقة سومي بدلاً من محور تشيرنيهيف خلال اليوم الثامن قتال 03 مارس. ومن المرجح أن تتباطأ سرعة التقدم للقوات الروسية على محور سومي مع دخول القوات الروسية المناطق المكتظة بالسكان شرق كييف وضواحيها.

  • محور خاركيف (اتجاه معاون رقم “1”):

ركزت القوات الروسية حول خاركيف قصفاتها المستمرة للمدينة، بالإضافة إلى عمليات قصف تجاه الشرق والغرب، حيث تحاول القيادة العامة الروسية توفير القوات لمحور كييف، واستعواضها بالنيران على محور خاركيف، الأمر الذي قد يشير إلى أن القوات الروسية لا تسعى للاستيلاء على خاركيف بقدر سعيها للاستيلاء على كييف العاصمة، وما يؤكد ذلك هو عدم قيام القوات الروسية بشن هجوم على خاركيف أو حتى تحاول تطويقها بالقوات.

  • محور ماريبول (اتجاه معاون رقم “2”):

ما زالت القوات الروسية تطوق ماريوبول وتواصل قصفها بالمدفعية والصاروخية والصواريخ على المدينة مع تركيز القوات البرية على الأرجح استعدادًا للاستيلاء عليها وتأمينها في غضون 24-48 ساعة القادمة. من المرجح أن تقوم القوات الروسية والقوات بالوكالة بتأمين و / أو تدمير ماريوبول في غضون الأيام المقبلة.

  • محور خيرسون (اتجاه الضربة الأخرى) والتقدم غرباً:

استغلت القوات الروسية سيطرتها الموحدة على مدينة خيرسون لشن هجوم متجدد على مدينة ميكولايف التي تضم مقراً للبحرية الأوكرانية. وقد حققت الجهود الأوكرانية لوقف التقدم الروسي المتجدد نجاحاً محدوداً حتى الآن، على الرغم من أنه يبقى أن نرى مدى قدرة القوات الروسية على الاحتفاظ بقوتها الدافعة للهجوم أثناء دخولها المناطق الكثيفة والمزدحمة في ميكولايف نفسها.

وعلى هذا المحور ومن جهة شبه جزيرة القرم، تقترب الوحدات الفرعية من اللواء 810 مشاة الأسطول المستقل من نوفوزيرن مع مزيد من التحميل لسفن الإنزال. ومن المحتمل أن يكون لجنود فوج المشاة البحري المنفصل رقم 177 لأسطول بحر قزوين نفس السبب لاقترابهم من شبه جزيرة القرم.

وتم وصول تشكيل القوات الضاربة من الجيش الـ 58 الروسي في منطقة كراسنودار، المصممة لمحيط دنيبرو وزابوريزيجيا، إلى المرحلة النهائية. ومن المتوقع مشاركتها في العملية من خلال تدريب المدربين في شبه جزيرة القرم في أقرب وقت

استيلاء القوات الروسية على المحطة النووية الأوكرانية “زابورزايجيه”

خلال اليوم التاسع قتال، 04 مارس 2022، بعد قتال مع القوات الأوكرانية المسؤولة عن تأمينها، مما تسبب في حريق أدى إلى تدمير أجزاء من المفاعل النووي. واتهم الكرملين القوات الأوكرانية بمهاجمة القوات الروسية بالقرب من المفاعل. من المحتمل أن الكرملين استهدف المحطة لاكتساب القدرة على إغلاق جزء كبير من الشبكة الكهربائية في أوكرانيا، حيث توفر “زابورزايجيه” حوالي نصف إجمالي الكهرباء في أوكرانيا. ونتيجة لذلك أيضاً أصبح أكثر من نصف المفاعلات النووية الأوكرانية غير متصلة بالإنترنت. وقد قال قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في مؤتمر صحفي في 4 مارس “لم يتم المساومة على أنظمة الأمن أو السلامة بالقرب من المفاعلات نفسها وأن العمليات الفنية مستمرة بشكل طبيعي”. وقال رئيس مولد الطاقة النووية “إنيرجوآتوم” عبر تطبيق “تيليجرام” أن القوات الروسية تجبر موظفي محطة “زابورزايجيه” للطاقة النووية على العمل تحت تهديد السلاح.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف أن مجموعة تخريبية أوكرانية هاجمت دورية متنقلة للحرس الروسي بالقرب من محطة “زابورزايجيه” للطاقة النووية في وقت مبكر من صباح يوم 4 مارس، مما أدى إلى اندلاع معركة بالأسلحة النارية. وأضرموا النار في المنشأة أثناء فرارهم. أثار الحريق إنذاراً دولياً بعد أن تسبب في حريق في المبنى الإداري ومركز التدريب، مما أدى إلى إلحاق أضرار “بهيكل حجرة المفاعل” وواحد من ستة مفاعلات. وقال كوناشينكوف أن المفاعل النووي كان تحت السيطرة الروسية منذ 28 فبراير (وهو في رأيي إعلان غير مدقق). وصرح “كوناشينكوف” الساعة 04:35 صباحاً بالتوقيت المحلي يوم 4 مارس أن القوات الروسية سيطرت على مدينة إنيرهودار، ومحطة الطاقة النووية زابورزايجيه، والمناطق المجاورة. وقد خرج عمدة إنرهودار دميترو أورلوف بفيديو يقول فيه أن القوات الروسية لم تطلق النيران على المدنيين الأوكرانيين، وأن أي قذائف ربما سمعها الناس أو شاهدوها كانت ذخيرة غير حية (فشنك)، الأمر الذي شكك فيه الأوكرانيون. وحسب تقارير روسية، قامت القوات الروسية بدوريات في شوارع إنيرهودار وقامت بتدمير مخابئ قنابل المولوتوف الأوكرانية.

في المقابل، اتهم زيلينسكي روسيا بشن هجوم إرهابي “متعمد” تضمن إطلاق النار عمداً على مفاعلات نووية. من جانب آخر قالت وزارة الداخلية الأوكرانية أن 90 وحدة روسية تابعة للزعيم الشيشاني رمضان قديروف تجمعوا بالقرب من إنيرهودار بأجهزة التصوير الحراري ومعدات الرؤية الليلية قبل الاشتباك. يتداول أن عمال محطة الطاقة أبلغوا وسائل الإعلام الأوكرانية أن القوات الشيشانية تسيطر على المنشأة النووية اعتباراً من 4 مارس ووضعت متفجرات بالقرب من المفاعلات. كرر زيلينسكي طلبه إلى الناتو لتطبيق منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا وقال إن “السماء المغلقة” فقط فوق أوكرانيا هي التي تضمن أن روسيا لن تقصف المنشآت النووية.

  • النشاط البيلاروسي:

تشير تقارير أوكرانية أن بيلاروسيا قامت بدفع جزء من قوات العمليات الخاصة المظلية البيلاروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية في حالة استعداد دائم للاشتباك.

أما من جانبه، فقد صرح الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو أن بيلاروسيا لن تدخل الحرب في أوكرانيا. وقال إنه “ليست هناك حاجة لبيلاروسيا للمشاركة في” العملية الخاصة “بغض النظر عن استفزازات القوى الخارجية. وأكد أن مهمته هي حماية الأراضي البيلاروسية، وأن الغرب يأملوا في استدراج بيلاروسيا للدخول في الحرب.

وبشكل منفصل، ووافق لوكاشينكو رسميا على استفتاء لتعديل دستور بيلاروسيا وبما يمنح الكرملين ما يمكن اعتباره سيطرة عسكرية بحكم الأمر الواقع على بيلاروسيا ويسمح لبيلاروسيا باستضافة أسلحة نووية روسية. الأمر الذي أنهى الدستور البيلاروسي المعدل وضع بيلاروسيا المحايد المنصوص عليه دستورياً في السابق. إلا أن لوكاشينكو قدر صرح أن الغالبية العظمى من المواطنين أيدوا التعديلات بشكل ديمقراطي. وقال إن الدستور الجديد يمثل بناء دولة مستقلة وذات سيادة وكذلك إيديولوجية دولة جديدة.

من جانبه، أكد بوتين دعمه لمصلحة بيلاروسيا في الوصول إلى بحر البلطيق وتطوير مرافق الموانئ، ووقع لوكاشينكو وبوتين تشريعاً بالموافقة على مسودة اتفاقية تعاون جمركي في 3 مارس. وتنص الاتفاقية على تفاعل المعلومات، والرقابة الجمركية المشتركة، وإنشاء “مركز مشترك بين الولايات داخل لجنة الجمارك في دولة الاتحاد” لتقييم إدارة المخاطر والوظائف التحليلية عند مراقبة عمليات الجمارك.

  • العمليات النفسية والسيبرانية للجانبين:

حد الكرملين بشكل كبير من بيئة المعلومات المحلية المعزولة بالفعل لروسيا وجرم التغطية غير المواتية للحرب في أوكرانيا في، ووضع شروطاً لتحسين الفعالية المحلية لعمليات المعلومات.

في 4 مارس، حجبت روسكومنادزور، هيئة الرقابة على وسائل الإعلام الروسية، العديد من وسائل الإعلام الغربية متهمة لها أن تنشر “أخبار كاذبة”. وتشمل المواقع المحجوبة بواسطة هيئة الرقابة الروسية (تويتر وفيسبوك وفويس أوف أمبركا وبي بي سي ودويتش فيلا وميدوزا وراديو فري يوروب ومتجر أبل ستور ومنصات جوجل بلاي. وأعتقد أن الهدف من هذه الإجراءات هو منع تثبيت الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN) لتجاوز التعتيم على الوسائط.

وفي نفس السياق، عزز المجلس التشريعي الروسي إجراءات الرقابة ووافق بالإجماع على مشروع قانون يجرم “الأخبار الكاذبة” حول الأنشطة العسكرية الروسية في أوكرانيا. حيث وقع بوتين على مشروع القانون ليصبح قانوناً نافذاً اعتباراً من 4 مارس. وذكرت وكالة الأنباء الوطنية الروسية NPR أنه “بموجب القانون الجديد، فإن عقوبات السجن لنشر أخبار تشوه سمعة الجيش الروسي ستتراوح بين ما يصل إلى ثلاث سنوات لعامة الشعب، وخمس إلى 10 سنوات إذا استخدم الجاني منصباً رسمياً أو إذا كانت أفعالهم لها دوافع متطرفة، ومن 10 إلى 15 عاماً إذا اعتبرت العواقب وخيمة “. وقد تصل تكلفة الغرامات إلى 1.5 مليون روبل (14000 دولار). أجرت سلطات إنفاذ القانون الروسية تحريات منفصلة عن منظمتي حقوق الإنسان “ميموريال إنترناشيونال” و “سيفيك أسيستانس”، وكلاهما يساعد المهاجرين واللاجئين.

أعلنت القوات الروسية أنها “حررت” ما يسمى بـ “جمهورية خيرسون الشعبية”، ومن المرجح أن يستخدم الكرملين هذا الخطاب الداعي إلى تحرير “الجمهوريات الشعبية” لدعم مبدأ غزو روسيا واحتلالها لأوكرانيا. أعلنت وزارة الداخلية الأوكرانية أن القوات الروسية استولت على برج تلفزيوني يبث محطات أوكرانية لنشر الدعاية الموالية لروسيا في خيرسون. وقامت القوات الروسية ببث 24 قناة تلفزيونية روسية و 3 محطات إذاعية روجت للروس على أنهم “محررو” خيرسون في 3 مارس.

ووضع الكرملين شروطاً للتجنيد الروسي المحتمل والعمليات الروسية الأكثر عدونية ضد أوكرانيا في 4 مارس. وطرح مطالب إضافية من الشعب الروسي وإذكاء الحماسة القومية المناهضة للغرب. ودعا بوتين إلى “تطبيع” العلاقات مع الدول الأخرى وقال إن موسكو “ليس لديها أي نوايا سيئة على الإطلاق” تجاه الدول المجاورة.

صرحا المتحدث باسم مجلس الاتحاد الروسي والمتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية أن الغرب كان يعد أوكرانيا لاتنفيذ أعمال استفزازية ضد روسيا من اتجاه خاركيف، وذلك بالتنسيق مع الصحفيون الغربيون. وقال مجلس الاتحاد أن حاجة أوكرانيا “المفاجئة” للأسلحة النووية أدت فقط إلى تكثيف مخاوف الأمن القومي الروسي. وقال مدير المخابرات الخارجية الروسية سيرجي ناريشكين أن الغرب “لا يسعى فقط لإحياء الستار الحديدي، ولكن أيضاً لتدمير روسيا، من منطلق أن الغرب يخطط لتنفيذ إبادة جماعية نووية ضد المدنيين في شرق أوكرانيا والتي من شأنها أن تثير رد روسيا. وحذر أزاروف من أن الناتو يخطط لنشر قوات في أوكرانيا في صيف 2022 وأنه ستكون هناك حرب عالمية ثالثة بحلول نهاية عام 2022.

وكرر الكرملين وصفه للغزو الروسي لأوكرانيا على أنه جهد إنساني. وصرح بوتين، في مكالمة مع المستشار الألماني أولاف شولتز في 4 مارس، أن الاتهامات بأن القوات الروسية تقصف المدن الأوكرانية هي “دعاية مزيفة”. وأخبر بوتين الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو عبر الهاتف أن هدف روسيا في أوكرانيا هو “حماية السكان المدنيين في دونباس” وأن العمليات العسكرية الروسية تسير “وفقاً للخطة” وسيتم تنفيذها “بالكامل”. وواصل لوكاشينكو الإعراب عن دعمه لروسيا. وفي تصريح غير مسبوق، أعلن رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين في 4 مارس أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي موجود حالياً في بولندا.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الأجانب الذين يقاتلون ضد روسيا في أوكرانيا لن يتم اعتبارهم مقاتلين قانونياً، مما يلغي الحماية المكفولة لهم بموجب القانون الدولي. ولن تمنح روسيا المقاتلين الأجانب في أوكرانيا وضع أسير الحرب.

وفي المقابل، أعلنت كل من بي بي سي وفويس أو أميركا أنهما ستستمران في تقديم تغطية إخبارية دقيقة باللغة الروسية رغم الحظر. وأعلنت شركة “زناك – Znak” الروسية المستقلة تعليق عملها بشكل استباقي وإغلاق موقعها بسبب الرقابة على وسائل الإعلام. وذكرت صحيفة “نوفايا غازيتا” الروسية أنها ستزيل جميع المواد المتعلقة بالجيش الروسي في أوكرانيا بسبب قيود الرقابة. بالإضافة إلى ذلك، أغلق المنظمون القناة الإخبارية الروسية المستقلة راين تي في مع استقالة موظفيها بشكل جماعي وقالوا “لا للحرب”.

كما تحاول الدعاية الأوكرانية اقناع الشعب الروسي بفكرة الغزو واهدار الاقتصاد الروسي والأوكراني معاً. ونشر أنطون جيراتشينكو، مستشار وزارة الداخلية الأوكرانية، قائمة بأكثر من 100 أسير حرب روسي على فيسبوك. تضمن المنشور تفاصيل شخصية عن كل أسير حرب ومعلومات حول كيف يمكن لعائلاتهم استردادهم من الأراضي الأوكرانية. مما دعى روسيا إلى حظر فيسبوك وكافة مواقع التواصل الاجتماعي. وتقوم فرقة أوكرانية، (تعتبرهم أوكرانيا متطوعون)، بالتواصل المباشر مع عائلات أسرى الحرب الروس عبر تطبيق Telegram المملوك لروسيا لإبلاغ أصدقائهم وعائلاتهم بأسرهم. وقدم فريق الاتصال الأوكراني تفاصيل عن العائلات التي ستأتي إلى كييف وتجمع أسرى الحرب، وهو أمر استبعد تنفيذه في خضم الغزو الروسي.

كما حشدت أوكرانيا هجمات إلكترونية ضد مواقع الحكومة الروسية، وذلك بوسائل حكومية وبواسطة متطوعين متمرسين في هذا المجال. وصرح نائب رئيس الخدمة الحكومية الأوكرانية للاتصالات الخاصة وحماية المعلومات أن “جيش تكنولوجيا المعلومات” يمكن أن يصل إلى 400000 شخص من أوكرانيا ودول أخرى، وأن المجموعة قد أزالت بشكل مؤقت مواقع حكومية ومصرفية روسية مختلفة. كما قال إن “جيش تكنولوجيا المعلومات” يعمل على مكافحة الرقابة الداخلية داخل روسيا من خلال إرسال صور ومعلومات للمواطنين الروس حول حقيقة الحرب على النصوص وتطبيقات المراسلة الأخرى.

  • الدعم العسكري لأوكرانيا:

رفض الناتو طلب أوكرانيا إنشاء منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا في 4 مارس. أكد الأمين العام لحلف الناتو أن الناتو سيواصل تقديم الدعم المادي لأوكرانيا لكنه لن يقوم بدفع طائرات أو قوات للقتال في أوكرانيا لتجنب صراع أكبر مع روسيا. وسيتطلب إنشاء منطقة حظر طيران في أوكرانيا استعداد الناتو لاستخدام القوة ضد الطائرات الروسية والتورط في حرب أمام روسيا، الأمر الذي سيحول إلى مواجهة مباشرة بين الناتو وروسيا، وهو أمر مرفوض تماماً من قبل الناتو.

ولكن هذا لا يمنع أن تستمر دول الناتو والاتحاد الأوروبي في تقديم المعدات العسكرية الفتاكة وغير الفتاكة والمساعدات الاقتصادية وغيرها لأوكرانيا، وهو ما يتم حتى اللحظة.

وقد أعلنت اليابان في 4 مارس أنها سترسل إمدادات عسكرية لوجيستية (دون أسلحة) إلى أوكرانيا.

وصرح مسؤول عسكري أمريكي لشبكة CNN في 4 مارس أنه تم تسليم ما يقرب من 240 مليون دولار من حزمة المساعدة الأمنية التي تبلغ 350 مليون دولار أمريكي إلى أوكرانيا. حيث تم تسليم المواد “الأكثر احتياجاً”، بما في ذلك الأسلحة المضادة للدروع، وسيصل الباقي إلى أوكرانيا في غضون شهر واحد. وقال إن الولايات المتحدة نسقت أيضاً تسليم المساعدات العسكرية لأوكرانيا من دول أخرى.

التقى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين مع الأمين العام للناتو في بروكسل في 4 مارس وشجع الناتو على مواصلة الاستجابة لطلبات أوكرانيا للإمدادات والمعدات للدفاع ضد العدوان العسكري الروسي.

  • موقف الأطراف الدولية:

يواصل الكرملين كفاحه أمام آثار العقوبات الدولية على الاقتصاد الروسي. وقال نائب رئيس الوزراء الروسي أندريه بيلوسوف إن الحكومة الروسية تدرس ثلاثة خيارات للشركات الأجنبية، بما في ذلك استمرار العمليات كما كان من قبل، ونقل المساهمين الأجانب حصتهم إلى شركاء روس، وإغلاق عمليات الشركات الروسية من خلال إجراءات “الإفلاس المعجل”. وقد أعلن البنك المركزي الروسي أن البورصة الروسية ستظل مغلقة على الأقل حتى 8 مارس. وخفضت S&P Global بشدة التصنيف الائتماني لروسيا من الدرجة الاستثمارية إلى CCC- في 4 مارس لفشلها في سداد كل من ديونها بالعملة المحلية والدولار. وذكرت وكالة الأنباء الروسية “تاس” أن وزارة الصناعة والتجارة الروسية أوصت بتعليق صادرات الأسمدة الروسية، وهي خطوة من شأنها زيادة الأسعار ومن المحتمل أن تؤثر على المزارعين في جميع أنحاء العالم. وتبنى مجلس الدوما الروسي قانوناً يسمح لروسيا برفع مدفوعات المعاشات التقاعدية على وجه السرعة، ومن المرجح أن يقلل من تأثير التضخم الناتج عن العقوبات على المتقاعدين الروس.

أنشأت وزارة الدفاع الأمريكية خطاً لمنع التضارب مع وزارة الدفاع الروسية لمنع الحوادث العسكرية المحتملة بالقرب من أوكرانيا وبيلاروسيا في أول مارس.

دفع الغزو الروسي لأوكرانيا فنلندا والسويد إلى زيادة المناقشات رفيعة المستوى حول عضوية الناتو والتدابير الدفاعية المتعددة الأطراف. وقد التقى الرئيس الأمريكي جو بايدن بالرئيس الفنلندي سولي نينيستو في البيت الأبيض يوم 4 مارس لمناقشة العلاقة بين الناتو وفنلندا وإمكانية أن تصبح فنلندا دولة عضو في الناتو.

وعلق مجلس وزراء دول الشمال الأوروبي جميع مشاريع التعاون مع روسيا وبيلاروسيا رداً على هجوم روسيا على أوكرانيا.

وتنضم لـ”مجلس الشمال” كل من الدنمارك وفنلندا وأيسلندا والنرويج والسويد وجزر فارو وجرينلاند وجزيرة أولاند الفنلندية المتمتعة بالحكم الذاتي.

وسيلتقي وزير الدفاع الفنلندي أنتي كاكونن بوزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن وممثلي إدارة بايدن في الولايات المتحدة يومي 7 و 9 مارس. حيث سيناقش الطرفان العلاقات الدفاعية بين الولايات المتحدة وفنلندا والوضع الأمني في أوروبا. وسيزور كايكونين أيضاً شركة لوكهيد مارتن في فورت وورث بولاية تكساس، وقاعدة إيجلين الجوية في فلوريدا لتقييم أسطول F-35A. وتخطط شركة لوكهيد مارتن الأمريكية للدفاع لتسليم عدد غير محدد من الطائرات المقاتلة متعددة الأدوار من طراز F-35A Lightning II إلى فنلندا كجزء من العقد المبرم قبل الغزو الروسي.

وستلتقي رئيسة الوزراء السويدية ماجدالينا أندرسون ووزير الدفاع السويدي بيتر هولتكفيست مع الرئيس الفنلندي سولي نينيستو ورئيس الوزراء الفنلندي سانا مارين ووزير الدفاع الفنلندي أنتي كاكونن في 5 مارس لإجراء مناقشات أمنية ثنائية.

يدعم غالبية السويديين عضوية الناتو لأول مرة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وفقاً لاستطلاع الرأي الذي صدر في 4 مارس.

من جانب آخر، واصلت تركيا تقديم نفسها كمرشح رئيسي للتوسط في المفاوضات مع روسيا وأوكرانيا. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إنه يريد التوسط في المناقشات بين وزيري الخارجية الروسي والأوكراني على هامش منتدى أنطاليا للدبلوماسية في أنقرة، والذي سيُعقد في أنقرة المدة من 11 إلى 13 مارس. وأكد الرئيس التركي أردوغان أيضاً أن تركيا “تسعى جاهدة” من أجل “وقف فوري لإطلاق النار”، وذلك خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون. وناقش أردوغان تفاصيل الأزمة مع نظيره الأوكراني زيلينسكي في مكالمة هاتفية منفصلة بعد وقت قصير من محادثته مع جونسون. كما عرض ولي العهد السعودي محمد بن سلمان التوسط بين روسيا وأوكرانيا في مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي بوتين في 3 مارس.

  • الصين الشعبية:

في تقديري، من يتخيل أن الولايات المتحدة تحارب روسيا والصين في هذه الأزمة فهو مخطئ، وربما حان الوقت لقيام الصين بلعب دور الوسيط الحقيقي في الحرب الجارية ليس فقط بين روسيا وأوكرانيا، ولكن في الحقيقة بين روسيا والولايات المتحدة والناتو.

حيث علمت من مصادري الخاصة، عن تأكد تسريب حديث، أن المسؤولين الأمريكيين أمضوا ثلاثة أشهر على الأقل في محاولة إقناع نظرائهم الصينيين بمساعدتهم في إرجاع بوتين عن غزو أوكرانيا، واعتقد أن الرئيس الصيني شي جين بينغ كان قد طلب بالفعل من نظيره بوتين تأجيل عمليته العسكرية على الأقل لبعد انتهاء الإوليمبياد الصينية. ربما أن الولايات المتحدة تتحسب لأهمية دور الصين المؤثر على فعالية العقوبات الاقتصادية الشديدة الموقعة على روسيا.

أهم ما يلفت النظر في تصويت مجلس الأمن للأمم المتحدة على قرار إدانة الغزو روسيا، هو امتناع الصين عن التصويت بدلاً من استخدام حق الفيتو لحماية روسيا أو التصويت لصالحها. الأمر الذي ساهم في عزلة روسيا دولياً (ظاهرياً على الأقل) مع نتائج هذا التصويت، ما يلفت النظر أيضاً قيام اثنان من أكبر البنوك المملوكة للدولة في الصين (بنك الصين و ICBC) بإعلان قرارهما بتقييد تمويل مشتريات السلع الروسية في فترة مبكرة من الغزو، وتحديداً في اليوم الثاني قتال، 25 فبراير 2022. وفي خامس يوم قتال، 28 فبراير، عندما سُئل وانغ وينبين المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية عن موقف بكين من أوكرانيا، قال “الصين وروسيا شريكان استراتيجيان، لكنهما ليسا حليفين.” أي أن الصين لا تتحمل أعباء روسيا، وهو أمر ليس بجديد على الصين في علاقاتها الدولية. وفي اليوم الثامن قتال، 3 مارس ، علق البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الصيني وبدأ في مراجعة جميع الأنشطة المتعلقة بروسيا وبيلاروسيا.

كل ما سبق رغم زيادة التحالفات الأمريكية الغربية الآسيوية في آسيا والباسيفيك، وزيادة مساندة الولايات المتحدة واليابان لتايوان.

أرى أن الصين تعلم كيفية احتياج الغرب لها، ربما للسيطرة على روسيا، التي مع أزدياد تقلص قوتها، تصبح أكثر اعتماداً على الدعم الاقتصادي والضمانات الأمنية الصينية، وهو ما تسعى إليه الصين دائماً لاحتياجها أيضاً لروسيا في مواجهة الولايات المتحدة. نتيجة لذلك، يمكن للصين أن تضمن بسهولة توازن القوى وأن تكون الوسيط لإنهاء الأزمة الحالية.

  • الموقف الإنساني:

وافق وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو على طلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للتعاون بشكل أوثق مع الأمم المتحدة لمعالجة القضايا الإنسانية في أوكرانيا في مكالمة هاتفية في 4 مارس. حيث إن الإعلام الغربي يتهم القوات الروسية بأنها لم تقم بعد بإنشاء ممرات إنسانية لتمكين الإمداد المدني والإجلاء كما وافقت روسيا في مفاوضات 3 مارس مع أوكرانيا.

وناشد رئيس بلدية ماريوبول، فاديم بويشينكو، تقديم مساعدات عسكرية وإنشاء ممر إنساني لإجلاء أكثر من 400 ألف ساكن في وسط حصار روسي ترك المدينة مع القليل من الماء والطعام والتدفئة والكهرباء.

وأعلن عمدة خيرسون إيغور كوليخاييف أن القوات الروسية لا تنفذ ممرات وقف إطلاق النار الإنسانية المتفق عليها مؤخراً وأن القوات الروسية تخطط بدلاً من ذلك لتوزيع مساعداتها الإنسانية. ومن المرجح أن يستغل الكرملين صور القوات الروسية التي لا تثق في المساعدة للتخفيف من وحشية الاحتلال على الجماهير الروسية المحلية.

وفي نفس التوقيت، صوت مجلس الاتحاد الأوروبي بالإجماع على تقديم حماية مؤقتة للأشخاص الفارين من أوكرانيا. الحماية المؤقتة هي آلية طارئة تمنح الأشخاص النازحين حق الإقامة وسوق العمل والإسكان والتعليم والمساعدة الطبية عبر الاتحاد الأوروبي لمدة تصل إلى عام واحد.

وفي مكالمة هاتفية في 4 مارس طلب المستشار الألماني أولاف شولتز من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يوقف. على الفور جميع الأعمال العدائية في أوكرانيا والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي استمر القتال فيها.

ثانياًأهم الملاحظات على الأزمة الروسية الأوكرانية:

  • الولايات المتحدة وبريطانيا الدولتين غير الأوربيتين هما الدافع الأساسي وراء الإصرار على فكرة ضم أوكرانيا للناتو، ولكن هذا لا يمنع تحمل أوروبا المسؤولية. فلم يظهر دور حقيقي للاتحاد الأوروبي في الوساطة أو تسوية الأزمة قبل بدء الغزو، فقط فرنسا، وماكرون له أهدافه مستغلاً رئاسة بلاده المؤقتة للاتحاد الأوروبي، وهي لا تخول الوساطة الحقيقية نيابة عن أوروبا.
  • اتعجب أن روسيا هاجمت بهذا التشكيل وبهذا التشتت في الجهود، دون قيام القيادة العامة للقوات المسلحة الروسية بتأمين إمدادات لوجستية مستمرة للقوات المهاجمة، ودون تحقيق السيادة الجوية أو السيطرة الجوية ولا حتى تفوق جوي سواء بالمناطق أو الارتفاعات، فالقوات الجوية الأوكرانية تقاتل فوق سمائها حتى الآن بشكل ملفت.
  • فلاديمير بوتين ليس إنجيلا ميركل، ومن ثم فهو لا ينتوي التقاعد في يوم من الأيام، بل يخطط لأن يبقى في منصبه للأبد. وإن صح تقديري، لك أن تراقب تصرفاته الحالية وتقيمها بدقة.
  • لا شك أن بوتين تراجع نسبياً عن موقفه الأصلي في ديسمبر 2021 مقارنة بموقفه في آخر فبراير 2022، وستجد أنه خلال شهرين فقط قدم تنازلات غير متوقعة. ففي السابق كان يطالب الولايات المتحدة والناتو بالتوقيع بالموافقة على ثلاث مطالب وهي: (الإقرار بعدم عضوية أوكرانيا أو أي دولة أخرى في الناتو – عدم تنفيذ أي أنشطة عسكرية غربية في أوروبا الشرقية – سحب قوات الناتو إلى حدود ما قبل عام 1997) وكلها مطالب من الغرب مباشرة، أما اليوم فيطالب أوكرانيا بـ (إعلان أوكرانيا الحياد – اعتراف أوكرانيا بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم – نزع السلاح الأوكراني – تقويض النازيين الجدد في أوكرانيا عن سياساتهم).
  • وقد تلاحظ، في البداية كانت مطالبه كلها من الغرب، أما اليوم فمطالبه المستجدة كلها من أوكرانيا وليس من الغرب. والعجيب أنها لم يكن بينها مطلباً باعتراف أوكرانيا بانفصال جمهوريتي “دونتيسك ولوجانيسك”.. وهو ما يؤكد تراجع بوتين عن موقفه الأصلي على الصعيدين السياسي والأمني، مع ثباته التام وعدم تراجعه عن قراره بشأن العملية العسكرية.
  • أمام استمرار بوتين في العملية العسكرية، أزعم أن العقوبات الغربية على روسيا لن تتوقف، كما أن الدعم السياسي والعسكري والمالي لأوكرانيا متضمناً الدعم اللوجيستي لقواتها على الأرض لن يتوقف. حيث إن الهدف الغربي هو: إطالة مدة العملية العسكرية أمام بوتين، وليكن على حساب الجيش الأوكراني والروسي معاً.
  • أزعم أن الولايات المتحدة بالذات تتوقع – أو انها تتمنى – أحد أربع أمور: (الثورة على بوتين من داخل شعبه – إعتقال أو مقتل بوتين بواسطة أياً من معاونيه – وقوع بوتين في خطأ قاتل او قيامه بتصرف أحمق يحسم الموقف برمته ضده – انهيار روسيا اقتصادياً).
  • كما أزعم أن بوتين يتوقع من زلينسكي أحد أمرين: (التنحي عن رئاسة اوكرانيا – أو إعلانه حياد أوكرانيا والاعتراف الرسمي بتبعية شبه جزيرة القرم لروسيا). والولايات المتحدة وأوروبا يعلموا ذلك جيداً، ولذا، فهم يزيدون الضغط على زلينسكي من جانب وعلى العالم ضد روسيا من جانب آخر.
  • ألاحظ أن بوتين يضغط على زلينسكي لتحقيق أهدافه، وفي المقابل، الولايات المتحدة وأوروبا يضغطون على بوتين وزلينسكي والعالم كله لتحقيق أهدافهم.
  • أن أكثر من 80% من الدول المشاركة في التصويت وافقوا على إدانة روسيا، قد يُعد إشارة إلى أمرين:
  • الأول: إشارة لاستمرار هيمنة الولايات المتحدة على القرارات الدولية وليس أن روسيا فعلت شيئاً مشيناً.. خاصةً أن الولايات المتحدة بالتعاون مع دول G7 شنوا حملة كبيرة لإقناع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بالتصويت بالإدانة.
  • الثاني: إشارة لعودة التقارب الأوروبي/ الأمريكي وكذا التقارب الأوروربي/ الأوروبي، وهو ما يتحمل مسؤوليته بوتين وليس روسيا.
  • ونتيجة لذلك، سيتطلب الأمر تزايد الشراكة الصينية/ الروسية مع محاولة الصين لدعم ثقل روسيا، الأمر الذي كانت تتجنبه من قبل، فبكين لا تريد روسيا قوى عظمى مناظرة، ولكنها تريدها قوية بالقدر الذي يعاون الصين في التصدي للغرب.
  • في المقابل، ومما سبق، قد تكون الصين ذات التأثير الأقوى على روسيا، هي الوسيط الأمثل حالياً، ليس فقط بين روسيا وأوكرانيا، بل بين روسيا والغرب أيضاً. يحضرني ما ذكرته سابقاً في هذا التقدير، وهو امتناع الصين عن التصويت لإدانة الغزو الروسيا بدلاً من استخدام حق الفيتو ضد المشروع الأمريكي أو التصويت لصالح روسيا، وأزعم أن الغرب يتفهم ذلك خاصة الولايات المتحدة التي قد تكون في حاجة للصين اليوم قبل غد في هذه الأزمة، خاصة أن الصين هي صاحب التأثير الأكبر لفاعلية العقوبات الغربية على روسيا.

ثالثاًالأعمال العسكرية المنتظرة:

  • الهدف الاستراتيجي للقوات الروسية:

“سرعة حسم العمليات العسكرية في الأراضي الأوكرانية، وتفتيت الدولة الأوكرانية إلى جمهوريات صغيرة منفصلة يسهل استقلالها ثم ضمها للإتحاد الىوسي، الأمر الذي يتم يمكن أن يتم من خلال:

  • سرعة الاستيلاء الكامل على العاصمة كييف.
  • اتمام الاستيلاء التام على مدن رئيسية أوكرانية وإعلانها جمهوريات مستقلة مثل خيرسون وخاركيف وغيرها إسوة بما تم مع دونتيسك ولوهانيسك.
  • تقويض كافة الأنشطة السيبرانية المضادة والتي تنفذها أوكرانيا وحلفائها.
  • تغيير النظام السياس الأوكراني، سواء بـ (إزعان زلينسكي للمطالب الروسية الأربع – أو تنحي زلينسكي عن منصبه – أو الإطاحة به والقبض عليه – أو هروبه خارج البلاد).
  • تسلسل أعمال القتال المنتظرة:
  • على محور كييف:

من المنتظر أن تقوم القوات الروسية بفور إعادة تجميع قواتها قرب كييف باستمرار الهجوم نحو العاصمة في محاولة لاتمام السيطرة عليها وذلك خلال اليوم الحادي عش أو الثاني عشر قتال (06 – 07 مارس 2022). وفي حالة فشل القوات الروسية في الاستيلاء على العاصمة كييف، من المحتمل أن تقوم بتدميرها في نهاية المطاف.

  • على محور خاركيف:

ليس من المنتظر إعادة تنفيذ الهجوم البري الروسي للسيطرة على خاركيف في غضون يومي قتال قادمين، ولو غامرت القوات الروسية وهاجمت خاركيف فنجاح المهمام للاستيلاء عليها غير مؤكدة.

  • على محور ماريبول:

استعداداً للاستيلاء على ماريبول وتأمينها في غضون حتى (2) يوم قتال، من المرجح أن تقوم القوات الروسية والقوات الموالية لها في إقليم دونباس بتأمين و/ أو تدمير ماريوبول في غضون الأيام المقبلة. إلا أنه وفي حالة قيام القوات الروسية بذلك، ليس من المتوقع أن يؤثر الاستيلاء على ماريوبول أو تدميرها مادياً على نتيجة الحرب، التي تمتد عملياتها الحاسمة على بعد أكثر من 600 كيلومتر شمال غرب مدينة كييف.

  • على محور خيرسون:

من المنتظر أن تقوم القوات البرية الروسية بتأمين معظم مدينة ميكولايف إذا أرادت تأمين جسر رئيسي لإنشاء خط اتصال أرضي موثوق بين شبه جزيرة القرم وأوديسا. وقد تكون مشاة البحرية الروسية في انتظار القوات البرية لتأمين جسر ميكولايف قبل محاولة الإنزال البرمائي بالقرب من أوديسا.

وبشكل عام، أتوقع أن تستمر القوات الروسية لتنفيذ تلك الأعمال رغم ما تواجهه من تحديات، لتحقيق الهدف الاستراتيجي الذي أشرت إليه.

دكتور سَــــيْد غُنــــيْم

زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا

رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع – أستاذ زائر بالناتو والأكاديمية العسكرية ببروكسل

المصادر:

مصادر معلنة دولية.

مصادر خاصة.

شارك

administrator

استشاري الأمن الدوَلي والدفاع، رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الإمارات العربية المتحدة، وأستاذ زائر في العلاقات الدولية والأمن الدولي في أوروبا وشرق آسيا، (مصري)