معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
القسم الأمني والعسكري
دكتور سَــــيد غُنــــيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
1. بداية تأثر معيشي ملحوظ غير إيجابي في الداخل الأمريكي.
2. تأثير سلبي مباشر على مؤسسات القضاء، والدفاع، والاستخبارات والأمن، والتعليم، وعلى أسواق العمل وأسواق المال الأمريكية. فضلاً عن تعدي غير مسبوق على الحريات مصحوبًا بتهديد مباشر لأي معارض، مع وضع معيار أن الرئيس المنتخب من الشعب أعلى من المؤسسات والقانون اللذان يحميان الشعب وينظمان شؤونه.
وأعتقد أنه يمكن اعتباره بداية توجه نحو تفكيك الدولة الأمريكية بمعناها الحقيقي.
ولتأكيد النقطتين السابقتين يمكن استخدام مؤشر داو جونز كبيان بمؤيدات واضحة تحدد تلك التأثيرات لوول ستريت. والذي ذكر أنه في أقل من شهر، فقدت الأسهم الأمريكية ما يقارب 5 تريليون دولار أمريكي، وذلك نتيجة المخاوف من تصاعد الحرب التجارية التي دفعت مؤشر ستاندرد آند بورز 500، وهو مؤشر لأسهم أكبر 500 شركة مدرجة في البورصة في الولايات المتحدة إلى الانخفاض بأكثر من 10٪ عن أعلى مستوى له في فبراير 2025. حيث يشير الاقتصاديون إلى أن سياسة حافة الهاوية التي انتهجها ترمب وما زال يصر عليها، بالإضافة إلى نهجه المتقطع في فرض الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك، قد أثارت قلق المستثمرين العالميين. ويعتقد بعض المعلقين أن هذه الأجندة التجارية الفوضوية قد خلقت حالة من عدم اليقين الهائل لدى المستهلكين والمستثمرين والشركات.
يشير الاقتصاديون إلى أن سياسة حافة الهاوية التي انتهجها ترمب، بالإضافة إلى نهجه المتقطع في فرض الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك، قد أدت لذاك، حيث أثارت قلق المستثمرين العالميين. ويُعتقد أن هذه الأجندة التجارية الفوضوية قد خلقت حالة من عدم اليقين الهائل لدى المستهلكين والمستثمرين والشركات.
وفي ضوء هذه السياسات، أشار تقرير حديث صادر عن بنك جي بي مورغان إلى أن السياسة الاقتصادية الأمريكية “تميل بعيدًا عن النمو”، وقدر احتمالات حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة بنسبة 40%، ارتفاعًا من 30% في بداية العام. ورفعت موديز أناليتيكس احتمالات حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة من 15% إلى 35%، مشيرةً إلى الرسوم الجمركية كعامل رئيسي في تراجع توقعتها. أي أنه ركود اقتصادي سيؤثر سلبًا على ربحية الشركات الأمريكية، ويعكس انخفاض أسعار الأسهم النظرة السلبية للمستثمرين.
المشكلة أنه حتى الآن، لا يبدو أن إدارة ترمب منزعجة من تراجع سوق الأسهم الأمريكية، بل على العكس، ففي خطاب أمام الكونجرس في 4 مارس، أعلن ترامب أن هدفه من فرض الرسوم الجمركية هو استعادة ثراء أمريكا. وقال: “سيكون هناك بعض الاضطراب، لكننا لا نمانع ذلك” وكأن ما يحدث أمرًا عاديًا.
3. تخسر الولايات المتحدة تدريجياً وبشكل ممنهج أهم تحالفاتها الدولية، وأكبر حلفائها في أوروبا وشرق آسيا فضلاً عن كندا، والتي تضم دولاً تعد أكبر قلاع صناعية في العالم وأهم شريك أمني للولايات المتحدة وضامنًا لاستراتيچيتها الكبرى.
ترمب يفكر من منطلق أن أعدائه هم اعداء أميركا وأصدقائه هم فقط أصدقاء أميركا.
وهو ما زاد بشكل كبير حالة من الشعور لدى الدول حليفة الولايات المتحدة أنها دولة ليست جديرة بالثقة. مع الوضع في الاعتبار أن استعادة الثقة أصعب بكثير من بناء الشراكات الجديدة أو بناء الثقة من الأساس.
4. ظهر أمر مستجد على الولايات المتحدة، أن أي قرار يتخذ أو إجراء يُنفذ يسبقه جملة “بناء على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب” أو بناءً على تعليماته أو استلهامًا من أفكاره. وهو ما يشير لأن ترمب وحده سيتحمل قريبًا جدًا نتائج كل قرارته، ووقتها سيتركه كل من ورطه يغرق وحده.
ويمكننا تسمية ما سبق نموذجاً تنفيذياً مع قلة من الأشخاص الذين يتخذون القرارات.
5. أدت الحرية المطلقة في استخدام القوة المفرطة والتي منحها ترمب لنتانياهو، مع الدعم المفتوح وغير المحدد لإسرائيل بأسلحة وذخائر منعتها واشنطن قبل ذلك، للاستمرار في التصعيد في العنف الإسرائيلي في الشرق الأوسط وتجاه إيران، وبما يدفع لعدم استقرار بشكل أكبر في الشرق الأوسط ويجعل السيطرة على تلك الصراعات امرًا مستحيلاً.
6. بسبب سياسات ترمب الخارجية، ست دول اليوم تفكر جديًا أن تصبح نووية رغم تكلفتها الباهظة، وهي اليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا والسويد وأوكرانيا وبولندا، مع الوضع في الاعتبار أن ألمانيا والسويد يفضلان حاليًا البقاء في حماية المظلة النووية الفرنسية لحين وضوح المشهد الأمني العالمي. ووصول تلك الدول لأن تصبح نووية سيأتي بعواقب وخيمة للغاية أهمها زيادة احتمالات نشوب صراعات دولية وإقليمية، وليس العكس كما يدعي ترمب.
7. تنامي محتمل في العلاقات الصينية الأوروبية والعلاقات الصينية مع اليابان وكوريا الجنوبية أمام سياسات واشنطن الحالية.. وتردي متزايد في العلاقات الصينية الكورية الشمالية، والتي أصبحت سيئة للغاية. فكوريا الشمالية تحاول التقرب من الصين في مناطق الاهتمام، ولكن بكين تتجنبها بل تلفظها في بعض الأحيان لانزعاجها الشديد من ممارسات بيونج يانج الأخيرة تجاه روسيا وبعض دول الشرق الأوسط ما ساهم في إفساد مصالح كبيرة وهامة للصين.
خاصة وأن هناك احتمالات تقارب دعائي (هش) بين الرئيسين الأميركي والكوري الشمالي.
بالإضافة إلى ذلك، النظام الدولي القائم على القواعد، والتعددية السياسية في تراجع، مع تزايد هيمنة التجارة على السياسة.
ما سبق هو بعض قليل من نتاج متابعاتنا ونقاشاتنا المركزة خلال الأسابيع القليلة الماضية، تجهيزًا لورشة العمل القادمة التي سأشارك فيها كـ “متحدث ومناقش رئيسي” والتي ستنعقد في جامعة طوكيو ووزارة الدفاع اليابانية، خلال الأسبوع الثاني من شهر أبريل ومع بدء العام البحثي الياباني في ربيع 2025.