دكتور سَــــيْد غُنــــيْم ، دكتوراه العلوم السياسية زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا ، ورئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع.
أولاً يجب أن نتعرض لمفهوم
مصطلح “عالم متعدد الأقطاب”: وهو “أنه عالم به أكثر من دولة تمتلك مقومات وعناصر القوة الشاملة بدرجة كبيرة”.
من ثم، العالم الذي نعيشه بالفعل متعدد الأقطاب، والدليل أن هناك دول تمتلك حجم كبير من عناصر القوة الشاملة وبما يؤهلها لأن تكون قوة عظمى، كالولايات المتحدة والصين وروسيا، بل والهند واليابان على سبيل المثال، وجميعهم مشتركين في تحالفات وشراكات كبرى، مثل مجموعات العظماء السبعه والعظماء العشرين، ومنظمة شنغهاي للتعاون والرباعي والأوكوس والناتو والاتحاد الأوروبي وغيرها.
المشكلة الحقيقية أن الدول التي تشتكي من عدم تعدد الأقطاب يريدون المشاركة في الهيمنة وليس منعها، سواء الهيمنة على النظام الدولي أو على القرارات الدولية والاستفادة من منافعها دون تحمل مسؤولية تداعيات هذه المشاركة وهذه الاستفادة.
من منع من عن أن يمارس القوة والنفوذ إلى حد الهيمنة؟ وما هي وسيلته منعه؟
المؤامرات كما يقولون؟
الدولة القوية المهيمنة، كما تعتبرها أنت.. تأمر. نقطة.
أما الدولة الأضعف فقط هي من يتآمر، وبضعفها تتآمر على غيرها، على محيطها وربما على داخلها.
وأدوات الدول الأضعف كثيرة، من أول المال وحتى أجهزتها الأمنية.
أما الدولة القوية فتمارس قوتها وهيمنتها بمنح المساعدات، وضمانات الحماية، وسبل وأدوات التنمية والتطور، وتنفيذ الضغوط وتوقيع العقوبات. وما يمكنها من ذلك هو امتلاكها القدرات التكنولوچية والإقتصادية والعسكرية الهائلة، والتي لن يكون لها قيمة دون التحالفات الحقيقية التي تلتف حول المصلحة المشتركة أكثر من التفافها حول التهديدات.
ولامتلاك كل عناصر القوة هذه، لابد من أن تمتلك الدولة مشروع قيمي حقيقي يتفهم المعنى الحقيقي للديمقراطية، والحريات المرتبطة بالأخلاق، ونفاذ القانون، وقبول الآخر، واالاقتناع بفكرة التحالفات والشراكات الحقيقية، وليس مشروع شعبوي فارغ لا يمتلك إلا الشعارات الرنانة، ومبررات الفشل والأخطاء استناداً على أخطاء الغير.
والأهم أن تمتلك القدرة والإرادة الحقيقية على تحمل مسؤولية أن تكون قطب عالمي يشارك ترتيبات النظام العالمي وقراراته كجزء منه دون أن التنصل من مسؤولياته.
ملحوظة:
يمكنك من خلال الإنترنت عمل إحصائية بسيطة خلال عدة عقود سابقة مثلاً تحدد: ما هي أكثر الدول التي قدمت منح؟ وما هي حجم المنح التي قدمتها وما هو عائدها؟
وأيضاً، ما هي الدول التي قدمت قروضاً وما هي ضمانتها؟
وستجد أن المنح للحليف ذو المصالح المشتركة، والعقوبات على الخصم.. أما القروض فبمقابل فائدة ورهن أصول، بغض النظر كونك حليف أو غير ذلك، ودون تحمل أدنى مسؤولية.