دكتور سَــــيْد غُنــــيْم دكتوراه العلوم السياسية زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا، ورئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
رحب رئيس جنوب أفريقيا الرئيس الحالي لقمة تكتل بريكس بتوسيع عضوية التكتل ليشمل ست دول أخرى وهي الأرجنتين والسعودية والإمارات ومصر وإيران وإثيوبيا.
يهدف توسع تكتل بريكس إعادة تشكيل وبناء صوت الجنوب العالمي في إطار حالة الاستقطاب.
وترى الدول المشاركة في تكتل بريكس أنها Like Minded Group أي مجموعة ذات الأفكار/ التفاهمات المتشابهة. حيث أن بريكس ليس تحالف ملزم بالقرارات لأعضاءه.
أهم الأهداف:
– عدالة النظام الدولي وإعادة إصلاح نظام متعدد الأطراف. ذلك النظام الذي لو كان موجوداً ما كان للحرب الروسية الأوكرانية أن تنشب.
– إعادة هيكلة النظام المالي العالمي.
– سهولة الوصول لتمويل التنمية والذي يعتبر ذو كلفة عالية، والذي تحجم عنه مؤسسات التمويل الدولي.
– محاربة تسييس نظام التبادل التجاري.
أهم الملاحظات:
– تقدم ٢٢ دولة، ووافق تكتل البريكس على دعوة عدد (٥) دول منها للانضمام للتكتل بالإضافة لدولة واحدة تم تقديم الدعوة لها بالتذكية دون طلب رسمي منها لتعتبر الدولة رقم (٢٣) في قائمة المرشحين، ليتم دعوة عدد (٦) دول للانضمام للتكتل فى هذه المرحلة، وفى انتظار بحث مدي استعداد الباقى للدخول وفقا للمعايير التى يتم اعتمادها لاحقاً.
– أي أن جميع الدول قدمت طلبات رسمية للانضمام لتكتل بريكس، عدا السعودية، فقد أعلنت استعدادها ورغبتها فقط دون أن تقدم طلباً رسمياً، وذلك من منطلق مبدأ “أنا لا أطلب، ولكني يتم دعوتي”.
– حتى الآن لم يوضح تكتل بريكس معايير محددة للاختيار، إلا أن بالتأكيد الأبعاد السياسية والاقتصادية والتوازن الجغرافي توضع في الاعتبار.
– دعمت الهند عضوية السعودية والإمارات ومصر، وكانت الهند لا تحبذ الدول الثلاث لقربها من الصين، إلا أن الخوف من ضغط تلك الدول الثلاث بانتقادها الدائم لعنف جماعة بهارتا الهندوسية ضد المسلمين في الهند.
– نالت مصر دعم الصين، تلاه دعم الهند وجنوب أفريقيا والبرازيل. ورفضت روسيا دعم عضوية مصر بسبب موقفها المحايد في الحرب.
– يبدو أن البرازيل قد طرحت مشكلة أن عضوية ثلاثي عربي قد يدفع التجمع في اتجاه سياسات قومية عربية إقليمية، الأمر الذي قد يوازنه عضوية إيران.
أما عن أهم التحديات التي قد تواجه فكرة بريكس الحالية هي أنه ليس من المتوقع أن يفرز تكتل بريكس أى نواه لنظام عالمي جديد سياسياً أو اقتصادياً للأسباب الأتية:
– أن بريكس تكتل اقتصادي في الأساس يجب أن يركز في المصالح المشتركة، إلا أنه يركز بواسطة الصين وروسيا وإيران في مواجهة تهديد مشترك، وهو خطأ استراتيچي قد يضر بباقي الدول الأعضاء، خاصةً أنه لا تجتمع الدول المؤسسة للتكتل أو بعض الدول المنضمة له حديثاً على أرضية أمنية وسياسية مشتركة، بل أنه من المحتمل ان يزداد التنافس بين بعضها على مختلف الأصعدة بل وقد يزداد العداء فيما بينها.
– بالرغم من أن الناتج المحلى الإجمالي لتلك الدول المؤسسة والمنضمين حديثاً مجتمعة يشكل نسبة كبيرة من الناتج المحلى العالمي، إلا أن نسبة التجارة فيما بينها صغيرة للغاية مقارنة بإجمالي حجم التجارة العالمية.
– في الوقت الحالى لا تمتلك أى دولة من الدول المؤسسة للتكتل القدرات الاقتصادية التى تمكنها من ضمان صعود عملتها أو دعم عملة واحدة أو ضمان نجاح فكرة المقايضة أو التعامل بالعمليات المحلية لدول التكتل، مقارنة بقوة ومكانة الدولار الأمريكي على المديات القريبة والمتوسطة على الأقل.
ومما سبق أرى الآتي:
– أن تكتل بريكس رغم أنه يجمع بعض أكبر اقتصادات في العالم، إلا أنه لا يتفق على مشروع قيمي واحد ذو استراتيچية وآلية ملموسة ملزمة لأعضائه وبما يحقق مصالح مشتركة ومتوازنة لهم. ويبدو أنه مبني على خلق تهديدات مشتركة والتصدي لها، مثل: هيمنة الدولار، والقطب الواحد، وإصرار الغرب على فرض قيمه على العالم.
– أهم ما قد يقدمه تكتل بريكس لدول روسيا والصين هو استقطاب حلفاء رئيسيين للولايات المتحدة في تكتل يتموضع في الجانب المقابل للولايات المتحدة وأوروبا.. كما تمنحا السعودية والإمارات مساحة أكبر لتواجد الدولتين عالمياً وزيادة فرص فرض إراداتهم من خلال أقطاب مناظرة للقطب الواحد، في مقابل الاستفادة من أموالهم الطائلة في دعم بنك التنمية التابع لتكتل بريكس.
– أهم ما تطمح له دول مصر وإثيوبيا وإيران والأرچنتين هو أن انضمامهم لتكتل بريكس سيتيح لهم فرص تمويلات ٤ي صورة قروض ميسرة لتنفيذ المشروعات التنموية، وكذا المشروعات الخاصة بالبنية الأساسية. كما سيسمح بالتبادل التجاري بينهم وبين جميع الدول الأعضاء بالعملات المحلية، وهو ما من شأنه عدم وجود سيطرة لعملة دولية محددة وهي الدولار. فضلاً عن التركيز على عملية الشراكة بين الدول الأعضاء في مشروعات التنمية الصناعية والزراعية، وغير ذلك من المشروعات المشتركة التي تحقق الاكتفاء الذاتي من مختلف السلع. من جانب آخر سيمنحها الفرصة للترويج لمطالبهم واعتراضاتهم الدولية مثل رفض قرارات تختلف مع مصالحهم تخص قضايا التجارة العالمية والتعويضات عن الإضرار بالمناخ كالتلوث الكربوني والقضايا الخلافية المتعلقة بأمور سياسية وأمنية مع الولايات المتحدة وأوروبا في ملفات متفاوتة.