معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
القسم الأمني والعسكري
دكتور سَــــيد غُنــــيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
في البداية لو نظرنا على مستوى المؤسسات والشركات، تجاريًا، التحالف هو تعاون بين شركات فردية لتحقيق ربح متبادل، في حين أن الشراكة هي دمج للمصالح الفردية لتحقيق ربح متبادل.
بمعنى آخر، تجاريًا أيضًا، نجد أن الفرق الجوهري بين التحالف والشراكة يتلخص في أن “الشراكة هي تعاون، عادة ما يكون، بين مؤسستين غير متنافستين، كالشراكة بين فندق هيلتون ومؤسسة ستاربكس لمنتجات القهوة للتوزيع على زبائن الفندق”. أما التحالف، فـ “هو أيضًا تعاون، عادة ما يكون، بين مؤسستين متنافستين، كاتفاق بين مجموعة فنادق مختلفة الإسم تحت مسمى تحالف جديد”. فمثلاً نجد مجموعة فنادق:
INTERCONTINENTAL HOTEL GROUP (IHG)
والتي تضم تحالفًا بين فنادق إنتركونتننتال وكراون بلازا وهوليداي إن وإستاي بريدچ وإنديجو وغيرها. (وعن نفسي اتمتع منذ سنوات بأعلى مستوى عضوية بها Dimond Elite Member).
ومن الواضح أن الشراكات أقل رسمية وأقل مسؤولية وأقل تعهدًا مقارنة بالتحالفات. وغالبًا ما يطلق عليها “الشراكات الاستراتيجية”. وعلى المستوى الدولي، تساعد الشراكات الدولية الاستراتيچية في بناء العلاقات بين الدول أو المنظمات مثل الجيوش. ومثلها مثل التحالفات، فهي تعود بالنفع على أعضاء الشراكة، ولكنها (الشراكات) قد تكون قصيرة الأجل ولا تنطوي على معاهدة ملزمة مع الزمن.
كذلك الشراكات الاستراتيچية بين الدول، وإن كانت لا تتشابه مع تلك التي بين الشركات عند مقارنتها بالتحالفات، إلا إنها تبقى أقل رسمية وأقل مسؤولية وأقل تعهدًا من التحالفات.
ويبقى السؤال: إذا كان لدينا أكبر تحالف عسكري غربي، وهو حلف شمال الأطلسي “ناتو”، ماذا عن التحالفات الروسية؟
بعد توقيعها اتفاقية دفاع مع كوريا الشمالية في نوفمبر 2024، وإعلانها السعي لتطوير التعاون الثنائي بين روسيا وأفغانستان في كافة المجالات، أعلنت روسيا الشراكة الاستراتيچية مع إيران.. ولكن روسيا لم تعلن تحالفاً حقيقيًا مع أي من الثلاث.
جديرٌ بالذكر أن روسيا لديها حلف يطلق عليه “منظمة معاهدة الأمن الجماعي”
“Collective Security Treaty Organization (CSTO)”
وهو تحالف عسكري حكومي دولي في أوراسيا تأسس عام 2002، ويتألف في الأصل من 9 دول ما بعد الاتحاد السوڤياتي الذي كان مشكلاً من 15 دولة، والدول الـ9 هي: روسيا، وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأذربيجان وجورجيا أوزبكستان وأرمينيا. تعود أصول معاهدة الأمن الجماعي إلى القوات المسلحة السوڤياتية، والتي حلت محلها في عام 1992 القوات المسلحة المتحدة لرابطة الدول المستقلة، ثم حلت محلها القوات المسلحة الخليفة للدول المستقلة المعنية اعتبارًا من عام 2024. حاليًا، تلك الدول أصبحوا 5، بما فيهم روسيا، بعد عدم توقيع 4 دول على التجديد في المشاركة في هذا التحالف العسكري. والدول اللي خرجت من التحالف هي “أذربيجان وجورجيا أوزبكستان وتلاهم مؤخرًا أرمينيا”. لدرجة أن الدول الباقية في التحالف وهي “بيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان” لم تتدخل في الدفاع بجانب حليفتها الرئيسية روسيا ضد أوكرانيا تنفيذًا لبنود المعاهدة، عندما دخلت القوات الأوكرانية الأراضي الروسية في كورسك في أغسطس 2024. فلجأ بوتن، وبحذر شديد، لإبرام اتفاقيات دفاع وشراكات اقتصادية مع أكثر دول العالم عزلة وهي كوريا الشمالية، وأفغانستان التي يحكمها حاليًا طالبان العدو اللدود للاتحاد السوڤياتي، وحديثاً إيران.
ومع ذلك، أرى بعض الخبراء العرب المقيمين في روسيا يقولون أن روسيا تتجنب التحالفات لأنها تعطي الهيمنة للأقوى، وروسيا أخلاقيًا ترفض الهيمنة على دول أخرى، وهو ما يؤيد القناعة التي تعتبر الناتو يضم الدول أعضائه بالقوة بما يجعله احتلال، أما الغزو العسكري الروسي المتكرر للدول المحيطة فهو حق.
أما الصين الشعبية فترفض بشكل تام مبدأ التحالفات لأنها تعتبره استفذاذًا عسكريًا للدول بالمعسكر الآخر، حيث تفضل الصين توقيع الشراكات الاستراتيچية الأقل رسمية والأقل مسؤولية.