مقدمة:

خلال الفترة الممتدة من 1 يوليو حتى 10 أغسطس 2025، شهدت منطقة الشرق الأوسط سلسلة من التطورات المتسارعة التي أعادت رسم ملامح المشهد الأمني والسياسي على أكثر من محور. فقد برز البرنامج النووي الإيراني في واجهة الاهتمام الإقليمي والدولي، حيث كثّفت طهران تحركاتها الدبلوماسية والتقنية في مرحلة ما بعد وقف إطلاق النيران، ساعية إلى استثمار الهدوء النسبي لتعزيز موقعها التفاوضي وتثبيت مكاسبها الاستراتيجية. وفي الساحة السورية، واجهت الحكومة تحديات أمنية متصاعدة تمثلت في تجدد نشاط الخلايا المسلحة وارتفاع وتيرة التوترات الداخلية، مما ألقى بظلاله على استقرار مؤسسات الدولة. أما أزمة قطاع غزة فقد دخلت منعطفًا حرجًا في ظل المستجدات الأخيرة، حيث تداخلت الاعتبارات الإنسانية مع الحسابات السياسية والأمنية، وسط استمرار الضغوط الإقليمية والدولية لإيجاد حلول مستدامة. وفي سياق موازٍ، تصاعدت حدة الصراع بين الحوثيين وإسرائيل ليشكل جبهة جديدة غير تقليدية في الصراع العربي–الإسرائيلي، مع ما تحمله من تداعيات على مسارات الأمن البحري الإقليمي وموازين القوى في البحر الأحمر وخليج عدن.

النقاط الرئيسية:

  • البرنامج النووي الإيراني والتحركات الإيرانية ما بعد وقف إطلاق النيران.
  • التحديات الأمنية الأخيرة للحكومة السورية.
  • ازمة قطاع غزة في ظل التطورات الأخيرة.
  • الصراع الحوثي الإسرائيلي.

 

 

 

 

اولًا: البرنامج النووي الإيراني وإيران ما بعد وقف إطلاق النيران

ملخص الأحداث:

  • إعلان تعليق إيران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (2 يوليو 2025)

أقرّ الرئيس الإيراني بقرار تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية رداً على الغارات الأمريكية والإسرائيلية، بحُجّة ضمان أمن المنشآت والعاملين، وأعطى وزير الخارجية ضمانًا بأن أبواب الدبلوماسية لم تُغلق تمامًا.

  • تقييم البنتاغون: تأخر البرنامج النووي الإيراني سنة إلى سنتين (2–3 يوليو 2025)

الملخص: البنتاغون أعلن أن الضربات الجوية الثقيلة (قنابل مزدوجة التدمير وغواصات) ألحقت ضررًا قد يؤخر البرنامج بمعدل سنة واحدة وربما سنتين. لكن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية أكد أن إيران قد تستأنف التخصيب خلال أشهر.

  • تصريح علي أكبر ولايتي بعدم إمكانية التفاوض إذا استمرت إيران في التخصيب (15 يوليو 2025)

مستشار المرشد قال إن المفاوضات النووية مع أمريكا لا يمكن أن تُعقد في حال طالبت واشنطن بوقف كامل للتخصيب، مؤكّدًا أن هذا خط أحمر لا يمكن تجاوزه.

  • وزير الدفاع الإسرائيلي يدعو لمنع إيران من إعادة بناء برنامجها النووي (23 يوليو 2025)

قال وزير الدفاع، إسرائيل كاتس، خلال جلسة تقييم أمني: “من الضروري وضع خطة لضمان ألا تعود إيران إلى برامجها النووية والصاروخية”، وأضاف: “هناك احتمال لتجدد الحرب ضد إيران”.

  • انطلاق مباحثات نووية مع الدول الأوروبية في إسطنبول (25 يوليو 2025)

عقدت إيران، إلى جانب الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، اجتماعًا أوليًا في إسطنبول حول البرنامج النووي، في محاولة لاستئناف الحوار مع أوروبا.

  • خطوة أوروبية: تهديد “إعادة فرض عقوبات” – آلية “snapback” (28 يوليو 2025)

تقرير من معهد “Institute for the Study of War” ذكر أن مجموعة البلدان الأوروبية (E3) أكّدت استعدادها لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات (snapback) بموجب اتفاق 2015 إذا لم يتم التوصّل إلى اتفاق شامل نووي بحلول نهاية الصيف.

  • تقييم الجيش الإسرائيلي: البرنامج النووي الإيراني تراجع لسنوات (25 يوليو – 3 أغسطس)

أكد المتحدث باسم الجيش، لواء إفي دفرين، أن البرنامج النووي الإيراني تعرّض لأضرار كبيرة وتراجع فعليًا “لسنوات”، لكنّه حذّر من أن التقييمات لا تزال أولية وأن التحقيق جارٍ.

كما أعلن رئيس الأركان، الفريق إيّال زامير، أن إيران لم تعد دولة عتبة نووية بعد الضربات الإسرائيلية والأمريكية، على الرغم من أن القدرات ربما ما تزال موجودة لكنها تأخرت سنوات.

مناقشة:

أتوقع قيام إسرائيل بتعديل خطتها بشأن العمل على انهيار النظام الملالي الإيراني بتوسيع الشقاق في الداخل الإيراني بين الحكومة الإيرانية والنظام الملالي، ليركز على الشقاق بين الجيش الحكومي والحرس الثوري، وبين الحرس الثوري وهيئة مستشاري المرشد الأعلى خامنئي. وذلك من منطلق أن هدف إسرائيل في إيران الحالي هو انهيار الحرس الثوري الإيراني وبما يضعف النظام الملالي، وليس بشكل مباشر إسقاط الحكم الملالي.

وتسود جبهة الصراع الإيرانية الإسرائيلية حالة من الهدوء الحذر والذي قد يكون هدوء ما قبل العاصفة، حيث يعمل الطرفين على تقييم نتائج الأعمال العسكرية السابقة والعمل بالأدوات الدبلوماسية لخروج بالدروس المستفادة والاستعداد لأي صدام عسكري محتمل.

الجهود الإيرانية:

وتعمل إيران في الفترة الحالية على عدة محاور رئيسية (سياسية داخلية – دبلوماسية – عسكرية) لاستعواض خسائرها والاستعداد لأي صدام عسكري قادم مع إسرائيل مع محاولة منعه بكل السبل لما تسببه بخسائر جسيمة في ترسانتها العسكرية وخسائر غير معروفة في برنامجها النووي خاصة وأن تصريحات الرئيس الامريكي ترامب تشير لاحتمال تدخل الولايات المتحدة عسكريًا مرة اخرى إذا ما قررت إيران المضي قدمًا في برنامجها النووي وممارسة الولايات المتحدة والدول الأوروبية ضغطًا على إيران للتوصل لاتفاق نووي.

  • الجهود الإيرانية في محور السياسية الداخلية:

تعمل إيران لإعادة ترتيب البيت الإيراني من الداخل وذلك عبر التالي:

  • تأسيس مجلس دفاع وطني إيراني بعد حربها الأخيرة مع إسرائيل:

كشفت إيران مؤخرًا عن تأسيس مجلس دفاعي جديد يهدف إلى تعزيز قدراتها العسكرية في أعقاب الحرب الأخيرة مع إسرائيل، حسب ما أوردته وسائل الإعلام الرسمية. وأشار التلفزيون الإيراني إلى أن “المجلس الأعلى للأمن القومي وافق على إنشاء مجلس الدفاع الوطني”. وذكر التلفزيون الرسمي أن رئيس الجمهورية الإسلامية مسعود بازيشكيان سيتولى رئاسة المجلس المستحدث، على أن يضم في عضويته قادة القوات المسلحة وعددا من الوزراء المعنيين.

بشكل أكثر تفصيلاً، إعلان إيران تشكيل مجلس دفاع جديد بقيادة علي لاريجاني، يهدف إلى تعزيز قدرات إيران العسكرية وتوحيد التنسيق العسكري والأمني وإدماج أجهزة الأمن بها، وذلك من خلال تقييم استراتيجيتها العسكرية وتعزيز قدراتها العملياتية وتوحيد جهود أجهزتها الأمنية. حيث قررت إيران دمج 13 جهازا أمنياً في 3 هيئات استخباراتية أكبر.

ونجد أن رئاسة الرئيس الإيراني للمجلس المستحدث توحي برغبة النظام في دمج القيادة السياسية والعسكرية ضمن كيان موحد يسرّع الاستجابة للأزمات، ويُقلل من التباينات بين مؤسسات الدولة. كما أن ضم وزراء معنيين يدل على أن المجلس لا يركز فقط على الجانب العسكري، بل يتناول أيضًا الجوانب الاقتصادية والتكنولوجية والدبلوماسية للأمن القومي.

تحمل تلك الخطوة بُعدًا داخليًا، فهي قد تمنح الرئيس بازيشكيان أدوات تنفيذية أكبر في ملف الدفاع، مما يعزز موقعه في معادلة السلطة المعقدة داخل النظام الإيراني.

ومن المحتمل أن إيران تهدف من تلك الخطوة تلافي الأخطاء السابقة التي وقعت بها خلال حربها الأخيرة مع إسرائيل وهي التالي:

  • حدوث حالة من الفوضى في الصفوف الأولى لهيكل مؤسسات صنع القرار داخل إيران بعدما استهدفت إسرائيل العديد منهم في الضربة الجوية الافتتاحية التي نفذته الأمر الذي كلف إيران 15 ساعة لكي تبدأ بالرد على إسرائيل في اول يوم لأعمال القتال فيما بيهم.
  • حدوث فراغ متتالي في بعض المناصب والقيادات العسكرية وذلك لتعمد إسرائيل إستهداف القيادات العسكرية والاستخباراتية والعلمية طول فترة حربها الأخيرة مع إيران.

ومن المحتمل أنه قد نتج عن ذلك تأخر في تنسيق رد فعل إيراني عسكري موحد ضد الهجمات الإسرائيلية الى جانب تأخر اتخاذ في قرارات مصيرية خلال فترة الحرب.

ومن المحتمل أن تعمل إيران من خلال هذا المجلس على التالي:

  • تنسيق جهودها الدفاعية على المستوى الإستراتيجي عبر تأمين مراكز القيادة والسيطرة واتخاذ القرار ومن المحتمل أن إيران قد تعمل من خلال هذا المجلس على تكون مجلس قيادي احتياطي من مجموعات من الصفوف الثانية للقيادات السياسية والعسكرية لكي يعمل كمجلس بديل في حالات الطوارئ مثل اشتعال الحرب مع إسرائيل مرة أخرى وحدوث إستهداف للقيادات في الصف الأول.
  • مزيد من الدمج بين السلطات السياسية والعسكرية لكي يعملا في تناعم أكثر وللحد من أي خلافات سابقي كانت متواجدة فيما بينهم قبل الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة الأمر الذي قد يعمل على توحيد سلطات اتخاذ القرار في دوائر اقل وأكثر انسجمًا مما مضى.

وقد تكون تلك الخطوة قرار من المرشد الأعلى الإيراني خامنئي بتوصية قوية من الحرس الثوري الإيراني ليحافظ على مكانته كوتد الخيمة للدولة الإسلامية الإيرانية، وبما يوحد الصفوف وصهر المؤسسات السياسية والعسكرية بشكل يقضي على الجانب الأعظم من الخلافات التي كانت متواجدة سابقًا.

  • تُعيّن على لاريجاني رئيسًا للهيئة الأمنية العليا:

حيث أفادت وكالة الأنباء الرسمية “إرنا” أن “علي لاريجاني عُيّن أمينًا للمجلس الأعلى للأمن القومي بمرسوم صادر عن الرئيس مسعود بازيشكيان”. ويخلف لاريجاني، البالغ من العمر 68 عامًا، علي أكبر أحمديان، وهو جنرال في الحرس الثوري الإسلامي عُيّن في هذا المنصب في مايو 2023.

يتولى مجلس الأمن مسؤولية وضع استراتيجية الدفاع والأمن الإيرانية، ولكن قراراته يجب أن تحظى بموافقة المرشد الأعلى للبلاد علي خامنئي. ويشرف الأمين، بصفته أقدم عضو في المجلس، على تنفيذ قراراته. عيّنه خامنئي مستشارًا له في مايو 2020.

علي لاريجاني

سبق وأن قاد لاريجاني السياسة النووية الإيرانية ابتداءً من عام 2005، لكنه استقال بعد عامين من المفاوضات مع القوى الغربية، مشيرًا إلى “خلافات جسيمة” مع الرئيس آنذاك، محمود أحمدي نجاد. وعندما كان لاريجاني رئيسًا للبرلمان من عام 2008 إلى عام 2020، دعم الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع القوى العالمية.

ويمكن قراءة تلك الخطوة عبر التالي:

  • تعيين علي لاريجاني أمينًا للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني يُعد خطوة بالغة الدلالة في سياق التحولات السياسية والأمنية في إيران. لاريجاني، الذي يُعد من أبرز الشخصيات السياسية الإيرانية وأكثرها تجربة، يجمع بين خلفيته العسكرية والفكرية، إذ سبق له أن شغل مناصب حساسة، منها رئيس البرلمان، ووزير الثقافة والإعلام، ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون، إضافة إلى كونه كان عضوًا في المجلس الأعلى للأمن القومي ومستشارًا للمرشد الأعلى.
  • هذا التعيين يفتح الباب أمام عدة قراءات؛ فمن جهة، قد يُنظر إليه كإشارة إلى رغبة النظام في إعادة التوازن إلى مركز صنع القرار الأمني عبر شخصية ذات قبول نسبي لدى مختلف التيارات، خصوصًا في ظل التحديات الداخلية المتزايدة، والأوضاع الإقليمية المعقدة، والمفاوضات المتوقفة بشأن البرنامج النووي. ومن جهة أخرى، فإن استبدال جنرال في الحرس الثوري بشخصية مدنية–سياسية يبعث برسائل إلى الداخل والخارج مفادها أن طهران ربما تسعى لإعادة صياغة نهجها الأمني بصورة أكثر براغماتية أو سياسية في المرحلة المقبلة.
  • ومع أن القرارات النهائية لا تزال بيد المرشد الأعلى، فإن دور لاريجاني في تنفيذ استراتيجية الأمن القومي قد يكون محوريًا، خصوصًا إذا ما أُتيح له هامش من المناورة في ملفات إقليمية شائكة كالعلاقات مع الخليج، والوضع في العراق وسوريا ولبنان، والمواجهة مع إسرائيل، فضلًا عن علاقة إيران بالغرب.
  • الجهود الإيرانية في المحور العسكري:

نجد أن إيران تحاول تضميد جراحها واستعواض خسائرها وذلك للاستعداد لأي مواجهة عسكرية محتملة قادمة مع إسرائيل. وتعمل إيران في ذلك على اتجاهين رئيسيين وهما:

  • التصريحات الداخلية للساسة الإيرانيين التي توحي باستمرار امتلاك إيران ادوات ردع لم تستخدم قادرة على ضرب المصالح الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط في مقتل.
  • محاولة تطوير علاقتها العسكرية الخارجية خاصة مع الصين من أجل التعاقد على أسلحة هجومية ودفاعية لاستعواض الخسائر الجسيمة التي تعرضت لها مؤخرًا في حربها الأخيرة مع إسرائيل.

على الصعيد الداخلي نجد التالي:

صرّح النائب الإيراني المتشدد إسماعيل كوثري، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية بعد انتهاء الحرب مع إسرائيل بأن أي إغلاق لمضيق هرمز لا يزال قيد الدراسة، لكن لم يُتخذ أي قرار بعد.

ونُقل عن كوثري، عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، قوله: “تم الانتهاء من الإجراءات العسكرية المتعلقة بمضيق هرمز، لكن لم يُتخذ أي قرار بعد بشأن إغلاقه، ولا يزال الأمر قيد الدراسة”. ولم يتضح على الفور ماهية الإجراءات العسكرية التي قد يشير إليها.

بالرغم من أن إيران لم تقم بإغلاق مضيق هرمز خلال فترة حربها مع إسرائيل، إلا أن ورقة غلق مضيق هرمز تعد أحد ادوات الضغط الفعالة التي لاتزال إيران تمتلكها، وبالرغم من أن تلك الخطوة تعد بمثابة خيار نووي لكل دول المنطقة خاصة إيران نفسها ودول الخليج لاعتماداتها الرئيسي عليه في تصدير اغلب منتجاتها الهيدروكربونية من نفط وغاز مسار… إلخ. إلى جانب مخاطرة إيران بتعقيد علاقتها مع دول الخليج والتي قد تحسنت كثيرًا خلال السنوات السابقة، إلا أن ذلك الخيار من المحتمل أن تستخدمه إيران في حال ما تم اتخاذ إجراءات لإسقاط الحكم داخل إيران وكذلك منعها من تصدير النفط فقط.

ويعد التلويح المستمر بذلك الخيار هو رسالة ضغط من إيران على دول الخليج ودول شرق اسيا التي سوف تتضرر بشكل كبير من غلق المضيق بسرعة الضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل لمنعهما من تصعيد الأمور عسكريًا مجددًا ضد إيران خاصة إسرائيل التي من المحتمل بانها ترغب في عودة قصف البرنامج النووي والصاروخي مرة اخرى، ولذلك تسعى إيران لحشد الجهود الدولية من أجل الضغط على الولايات المتحدة لإبداء مرونة بشكل نسبي في أي محاولات للتفاوض مستقبلًا.

ومن الناحية العسكرية تستطيع إيران غلق المضيق بعدة إجراءات اهمهم التالي:

  • نشر الغام بحرية بشكل عشوائي بعدة مناطق داخل المضيق بشكل يطلب اسابيع وشهور لتطهير تلك المناطق بجهود عسكرية دولية تستلزم جهود بحرية من الولايات المتحدة نفسها كذلك دول الناتو.
  • استخدام الطائرات المسيرة الموجهة والانتحارية وكذلك الزوارق الموجهة عن بعد لضرب السفن اما بغرض التخريب او الإغراق.
  • استخدام القوات الخاصة البحرية لتنفيذ سلسلة من عمليات التخريب وإعطاب السفن وكذلك الموانئ الرئيسية لدول الخليج المطلعة على المضيق وهو خيار كارثي.

وفيما يتعلق بعلاقتها العسكرية الخارجية:

نجد أنه بعد انتهاء الحرب مباشرة بين إيران وإسرائيل زار وزير الدفاع الإيراني الصين يوم 25 يونيو في زيارة سريعة ومن بعدها تواصلت التكهنات حول احتمالية وجود صفقات عسكرية صينية سوف تتجه لإيران دون وجود أي تأكيدات، حيث أفادت صحيفة “انتخاب” الإيرانية، يوم 1 يوليو، بأن طهران تدرس شراء مقاتلات صينية متطورة بعد وقف إطلاق النار مع إسرائيل.

وبعدها أفادت مصادر لموقع “Middle East Eye” أن إيران استحوذت على بطاريات صواريخ أرض-جو صينية، في إطار سعيها المتسارع لإعادة بناء دفاعاتها التي دمرتها إسرائيل خلال حربها الأخيرة التي استمرت 12 يومًا.

وفيما يدور حول احتمالية وجود صفقات عسكرية صينية إيرانية محتملة نرى التالي:

  • بشأن احتمالية توريد الصين لمقاتلات صينية لإيران:

بالرغم من عدم وجود تأكيدات حول ذلك الخبر إلا أنه يبدو للوهلة الأولى منطقي حيث ترجع العديد من طائرات القتال الإيرانية، ومن بينها طائرة القتال طراز F-14 (الأمريكية الصنع) إلى ما قبل الثورة في 1979، عندما كانت تحافظ طهران على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة.

وتحاول إيران منذ سنوات، في إطار تعاونها العسكري مع روسيا، أن تحصل على مقاتلات حديثة من طراز سو- 35، غير أنها لم تنجح إلى الآن.

لا نعتقد بأن الصين سوف تزود إيران بأي سلاح هجومي في الفترة المقبلة بناء نهجها السابق في تعاملها تجاه الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل وذلك من جهة، ومن جهة أخرى قد يغضب ذلك دول الخليج حيث سوف يفتح ذلك نوعية جديدة من التهديدات لا ترغب دول الخليج في تواجدها في الوقت الحالي.

  • أما بشأن احتمالية توريد الصين لمنظومات دفاع جوي صينية الصنع لإيران:

بالرغم من عدم وجود أي تأكيدات حول تلك الاخبار وحتى على نوع المنظومة نفسها، إلا اننا نعتقد بانها منظومة HQ-9 هي التي يدور حولها التكهنات.

منظومة HQ-9 الصينية للدفاع الجوي

وعلى الرغم من الدور الصيني الذي تحلى بالدعم الإعلامي والدبلوماسي فقط لإيران، فقد تبرز فكرة تقديم الصين لدعم عسكري لإيران في فترة الهدنة بينها وبين إسرائيل رواجًا للأسباب التالية:

  • زيادة للنفوذ الصيني في الشرق الأوسط بشكل عام وإيران بشكل خاص وذلك عبر إزاحة الصين لروسيا كمصدر رئيسي للسلاح لإيران وذلك في ظل عدم ملاحقة روسيا على تلبية متطلباتها العسكرية لخدمة مجهودها الحربي في حربها الحالية ضد اوكرانيا.
  • معدلة ميزان الردع بين إسرائيل وإيران عبر تقديم منظومات دفاعية متطورة لتقليل احتمالية مهاجمة إسرائيل لإيران مرة أخرى خاصة لما قد يترتب عليه الامر من تداعيات اقتصادية على الملاحة البحرية وتأثر إمدادات النفط والغاز خاصة وأن الصين تستورد اغلب الإنتاج الإيراني من النفط.
  • تجنب الصين لأي تصعيد في العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل في وقت المواجهات العسكرية السابقة.

وعلى الرغم من ذلك نجد بأن الخبر في حد ذاته يحمل شيء لامنطقي نسبيًا وذلك للتالي:

  • تصنيع وتوريد تلك المنظومات المعقدة امر ليس سهلًا قد يتم إنجازه في يوم وليلة، بل يتطلب شهور في احسن الأحوال من اجل القيام بأعمال التعاقد والشحن.
  • تدريب الكوادر الإيرانية على التعامل مع تلك المنظومات امر يستغرق شهورًا أيضًا في أحسن الأحوال فضلًا عن اعمال التخطيط والتمركز لتلك الوحدات ودمجها ضمن التشكيلات الدفاعية للمنظومة الإيرانية بأكملها.
  • احتمال التزام الصين بعدم دعم إيران عسكريًا بشكل مؤثر، حتى لا تؤثر على علاقتها مع إسرائيل والولايات المتحدة.
  • عدم رغبة الصين في تقديم أي قدرات عسكرية دفاعية لإيران الأمر الذي قد يجبر إيران على تقديم مزيد من التنازلات في أي مسار دبلوماسي قادم وقد يخدم ذلك رؤية الصين التي ترغب في إنهاء الصراعات العسكرية في الشرق الأوسط وذلك لخدمة مصالحها التنموية وخططها الإقتصادية في المنطقة.

وقد اثبت الحرب الإسرائيلية الإيرانية أن الصين لا يمكن الرهان على تدخلها عسكريًا، حيث كان في مقدور الصين تقديم الدعم الدبلوماسي بشكل أقوى مما حدث وتقديم الدعم العسكري لإيران في شكل من اشكال استعراض القوى في الشرق الأوسط. لكن فضلت الصين عدم فعل ذلك للتالي:

  • تخشى الصين من أن تتورط في مستنقع الأزمات الأمنية والعسكرية في الشرق الأوسط، والذي سوف يربطها لأجل غير مسمى في بيئة تنافسية، لا تمتلك الصين فيها اليد العليا سياسيًا وعسكريًا.
  • قد لا ترغب الصين في أن يرتبط اسمها في الشرق الأوسط بالحرب والخراب والدمار لدى الشارع العربي والشارع الإسرائيلي وذلك لمزيد من الاستثمار في رصيدها من القوى الناعمة والقبول المتزايد بالشرق الأوسط.
  • وقد فضلت الصين عدم التدخل لإجبار الولايات المتحدة الغارقة في مستنقع الصراع في الشرق الأوسط على مزيد من الانخراط بأدواته العسكرية التي لم تفلح بحل مشاكل الشرق الأوسط.

ومن المحتمل أن تعتمد الصين طريقها نحو الشرق الأوسط على التالي:

  • الأدوات الإقتصادية خاصة مع دول الخليج خصوصًا السعودية والإمارات وذلك لمنافسة الدور الهندي الذي يحاول زيادة نفوذه وتسويق الدور الذي قد يرغب فيه بأن تعتمد الولايات المتحدة عليه للحفاظ على المصالح الامريكية والغربية في الشرق الأوسط.
  • زيادة مبيعات العسكرية لدول الشرق الأوسط والتي قد تتجه للسلاح الصيني والأوروبي في ظل القيود على السلاح الأمريكي وذلك لموازنة التفوق والنفوذ الإسرائيلي الذي ازداد بشكل كبير خاصة بعد الحرب الأخيرة مع إيران.
  • استمرار نهجها الدبلوماسي كما هو في الشرق الأوسط الذي يعتمد على القوى الناعمة والحذر من التلويح حتى بقوتها الخشنة.

وبشكل عام عانى الإداء الإيراني من قصور في الدفاع الجوي للأسباب التالية:

  • عدم وجود خبرات قتال لأطقم القتال في الدفاع الجوي الإيراني بالرغم من مشاركة إيران في مناورات عسكرية مع روسيا والصين والتي كان من الممكن أن يتحسن اداءها بتلك التدريبات.
  • عدم وجود تعاون مشترك بين الطيران الإيراني والدفاع الجوي الإيراني حيث كان يمكن تقليل خسائر الدفاع الجوي نسبيًا عبر اسلوب الكمائن الجوية للطيران الإسرائيلي.
  • البعد الجغرافي للقواعد الجوية الإيرانية المحصنة عن خطوط القتال، على سبيل المثال قاعدة “العُقاب 44” المحفورة جوًا تقع جنوب غرب إيران قرب مضيق هرمز وبها طائرات فانتوم والتي كانت من الممكن أن تعمل إشغال جوي للمقاتلات الإسرائيلي عبر الطيران المنخفض قرب خطوط القتال وارتفاع بشكل مفاجئ امام الطيران الإسرائيلي بحيث تجبر الطيران الإسرائيلي على إلقاء الحمولة من القنابل بشكل عشوائي وحماية الأهداف الأرضية من القصف الإسرائيلي خصوصًا وان إسرائيل تقريبًا اقصى عدد مقاتلات قادرة على إرساله فى الطلعة الواحدة 50 مقاتلة فقط طبقاً لحسابات الوقود.
  • الجهود الإيرانية في المحور الدبلوماسي

ترغب إيران في تسخير كل طاقتها وأدواتها الدبلوماسية في حشد الدعم العربي خاصة الخليجي والأوروبي بالضغط على الولايات المتحدة لإقناع إسرائيل بعدم العودة للحرب مرة اخرى وكذلك محاولة التوصل لاتفاق نووي بشكل يرضي جميع الأطراف خاصة إيران والتي لم تتنازل حتى الان عن حقها في تخصيب اليورانيوم كذلك رغبة إيران في إزالة العقوبات الغربية من على كاهلها.

وبشكل عام ترغب إيران في عدم قطع خيوط الحوار والمناقشات مع الجهات الدولية المعنية ببرنامجها النووي وكذلك الدول الأوروبية بشكل يمكنها من جس نبض ما يدور في دوائر اتخاذ القرار في الدول الأوروبية والولايات المتحدة بشأن مستقبل أي محادثات نووية محتملة.

ووضعت إيران الخطوط الحمراء التالية بشان كيفية التفاوض على برنامجها النووي:

  • صرح علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، إن المحادثات بشأن برنامج بلاده النووي لا يمكن أن تُعقد إلا إذا احترمت الولايات المتحدة “الخطوط الحمراء” لإيران، بما في ذلك “حقها في تخصيب اليورانيوم”.
علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي
    • أن يضمن أي مسار تفاوضي مستقبلي بين إيران والولايات المتحدة عدم حدوث عمل عسكري ضد إيران.
    • وقد اعلنت إيران رفضها التفاوض مع الغرب بشأن “قدراتها الدفاعية” حيث صرحت الخارجية الإيرانية بأن قدراتها العسكرية غير قابلة للتفاوض ولن يكون هناك نقاش في تلك المواضيع على الإطلاق، وذلك بعد أن دعت فرنسا إلى “اتفاق شامل” مع طهران يشمل برنامجها الصاروخي ونفوذها الإقليمي، وقد صرح وزير الخارجية الفرنسي بارو: “ما لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد وقوي ودائم وقابل للتحقق بحلول نهاية الصيف، فلن يكون أمام فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة خيار آخر سوى إعادة فرض الحظر العالمي الذي رُفع قبل عشر سنوات”.
    • عدم السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول للمنشآت النووية والاكتفاء بعق مشاورات فنية وتقنية مع المسؤولين الإيرانيين فقط عند زيارتهم المستقبلية لإيران والتي من المحتمل بأن تتم قريبًا.
    • وقد صرح وزير الخارجية الإيراني بان إيران تطالب الولايات المتحدة بتعويضات مالية بشأن الأضرار التي حدثت نتيجة الهجمات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، إلا أنه من المعتقد ان مثل تلك التصريحات للاستهلاك الإعلامي فقط.

    ويهدف ذلك الإجراء الضغط على إيران بطرق غير عسكرية من أجل العودة لكرسي المفاوضات والتوصل لاتفاق بشأن البرنامج النووي وكذلك البرنامج الصاروخي الباليستي. ومن المحتمل بأن إيران قد تعود لطاولة المفاوضات مرة أخرى لكن بنفس الشروط السابقة قبل اندلاع حربها الاخيرة ضد إسرائيل، حيث تسعى إيران لحشد الجهود الخليجية والعربية وجهود دول شرق اسيا من أجل الضغط على الولايات المتحدة من اجل مزيد من المرونة في المفاوضات.

    تعد تلك المطالب الخاصة من غير جديدة حيث نادت بها قبل اندلاع الحرب الأخيرة بينها وبين إسرائيل، إلا أنه من المحتمل أن الحرب الاخيرة بين إسرائيل وإيران اعطت مزيد من الفرص للجناح المتشدد في دوائر اتخاذ القرار داخل إيران للاستمرار في التشدد حيال الاتفاق النووي حيث يميل ذلك الجناح لعدم عقد اتفاق مع الولايات المتحدة، الأمر الذي يعد مخالفًا للتيار المجدد الذي يقوده الرئيس الإيراني مسعود بازيشكيان وهو ما يضطر المرشد الأعلى الإيراني خامنئي بأن يوازن بين التيارين في الوقت الحالي، إلا انه مع تأسيس مجلس الدفاع الوطني الإيراني برئاسة الرئيس الإيراني مسعود بازيشكيان المؤيد لعقد اتفاق نووي وكذلك تعيين علي لاريجاني أمينًا للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قد لا ينفرد التيار المتشدد الإيراني بأغلب اصوات اتخاذ القرار داخل هيكل صنع القرار الإيراني مستقبلًا.

    وبشكل عام لاتزال إيران تلعب بورقة الغموض حول مصير مخزوناتها من اليورانيوم المخصب ومصير اجهزة الطرد المركزية التي نجت من حربها الاخيرة مع إسرائيل وذلك في ظل غموض ووجود عدم حالة من عدم اليقين بشأن التقديرات الاستخباراتية الغربية بشأن الأضرار التي قد الحقت بهم. وبناء عليه سوف تستمر إيران في المماطلة قدر الإمكان بشأن عقد مباحثات الاتفاق النووي فضلًا عن التشدد ووضع القيود بشأن إعادة تعاونها مع وكالة الطاقة الذرية مرة أخرى وهو عنصر مهم ومفصلي بشأن أي اتفاق نووي بين إيران والدول الغربية بشكل عام.

     


     

    ثانيًا: التحديات الأمنية الأخيرة للحكومة السورية

    ملخص الأحداث:

    • في 13 يوليو 2025: بدأت اشتباكات عنيفة في محافظة السويداء بين عشائر محلية ومجموعات مسلحة، أسفرت عن مقتل نحو 11 شخصًا وإصابة 54 آخرين، مع نزوح جماعي وتصاعد التصعيد الأمني.
    • في 14–15 يوليو: انسحاب الجيش السوري من المدينة، وسط غارات إسرائيلية شنّها على مواقع في السويداء بعد دخول القوات الحكومية، واشتباكات دامية طالت عدة مناطق مقابل دعوات دولية لوقف التصعيد.
    • التوصل إلى هدنة أعم وأكثر شمولية (21 – 22 يوليو):

    في 21 يوليو جرى اتفاق شامل برعاية أمريكية يسمح بإخلاء المدنيين الراغبين في مغادرة السويداء مؤقتًا، مع ضمان عودتهم لاحقًا، ويشمل الاتفاق أيضًا تبادل أسرى، وانسحاب مسلحي العشائر من مركز المدينة، وشرط الإفراج عن الرهائن من الطرفَين.

    • في 3 أغسطس: اتُهِمت مجموعات مسلحة محلية بخرق وقف إطلاق النار، وقُتل أحد عناصر الأمن داخليًا. الحكومة استعادت السيطرة على مناطق مثل تل الحديد، بحسب التقارير الرسمية.
    • في 8 أغسطس: تعرض قافلة تابعة للهلال الأحمر السوري لإطلاق نار مباشر، لكن دون تسجيل إصابات وسط التوترات المتواصلة.

    الاستهداف الإسرائيلي لسوريا:

    • في 15–16 يوليو 2025: شنت إسرائيل عدة غارات على مواقع في الريف الشرقي للسويداء ومناطق عسكرية منها مقر هيئة الأركان السورية في دمشق، مستهدفة تعزيزات القوات الحكومية في إطار المواجهات مع مسلحين محليين.

    الاستثمارات الخليجية في سوريا:

    • أواخر يوليو 2025: تم توقيع نحو 47 اتفاقية استثمارية بين سوريا والمملكة العربية السعودية، تجاوزت قيمتها 6 مليارات دولار، تشمل قطاعات متعددة.
    • في 6 أغسطس 2025: شهدت دمشق مراسم توقيع 12 اتفاقية إضافية بقيمة 14 مليار دولار تشمل مشاريع ضخمة مثل:
    • بناء مطار جديد في دمشق (بقيمة 4 مليارات دولار) بالتعاون مع قطر.
    • مشروع مترو دمشق بقيمة 2 مليار دولار بالتعاون مع الإمارات.

    مناقشة:

    تشير الأحداث الأخيرة في سوريا بأنها تتجاه بقوة الى اغلب بنود السيناريو الثاني الذي قد سبق وذكرناه ضمن سيناريوهات متعددة في تقديرنا الشهري بعنوان (تغييرات الموقف في سوريا.. وانعكاس تعاطي الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران في الفترة من 1 – 30 ديسمبر 2024)، حيث قد تم ذكر التالي:

    السيناريو الثاني “الاستمرار على الدولة الطائفية ذات الانقسامات الداخلية”: (سيناريو احتمالات حدوثه متعادلة):

    • استمرار وحدة الفصائل المسلحة تحت لواء هيئة تحرير الشام بقيادة مجمعة وتقسيم النفوذ والمناطق فيما بينهم.
    • بناء جيش سوري على أسس طائفية وعرقية مع احتفاظ كل فصيل وكل عرقية بمجموعات مسلحة داخلية خاصة بها في مناطق نفوذها.
    • انتخاب حكومة سلفية جهادية وانتهاج نظام حكم مشابه لنظام طالبان في افغانستان.
    • استمرار كل أو بعض التواجد الأجنبي (تركيا – روسيا – إيران – الولايات المتحدة) للدول الفاعلة والمتداخلة في سوريا مع تغيرات جذرية لرصيد النفوذ من دولة إلى أخرى وفي تلك الحالة نشهد زيادة للنفوذ التركي على حساب الإيراني والروسي مع عدم اختفائهم. لتصبح اليد العليا لتركيا على حساب روسيا وإيران.
    • جمود للحالة السياسية الداخلية وفرض حالة من الطوارئ المستمرة على الشعب السوري مع عدم السماح بقيام حياة حزبية حقيقية.
    • السعي لجنى أي اعتراف دولي بالحكومة السورية الجديدة، لكن دون أن يأخذ ذلك البند الاولوية والتواصل بشكل غير مباشر مع المجتمع الدولي من خلال دولة وسيطة، قد تكون تركيا او دولة عربية/ خليجية (قطر).
    • الحفاظ على حالة الامن الداخلي للنظام الجديد ومنع أي محاولات للقتال الداخلي للفصائل المسلحة الرئيسية.
    • التشاور مع الأكراد حول الحدود والصلاحيات الممنوحة لهم ولا مانع من تحفيز المفاوضات فيما بينهم من خلال الضغط بالقتال ولو بعمليات صغيرة ومؤقتة دون الدخول في صراع مسلح كبير معهم تجنباً للاستمرار أو التوسع.
    • عدم النجاح في إيجاد توافق بين الحكومة السورية الجديدة والجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، قد يعيد نموذج الجيش السوداني والدعم السريع في السودان.
    • ميل سوريا الجديدة بشكل كامل تجاه تركيا، حال عدم وجود تقبل عربي يمكنها من إعادة بناء الدولة مرة أخرة، ما قد يكرر حالة سوريا مع إيران في بداية الألفية الحالية.

    وبناء عليه نجد أن أحداث محافظة السويداء الأخيرة يمكن التوصل للتالي:

    • تقييم أداء الحكومة السورية:
    • الانحياز والاتهام بانتهاكات: الحكومة أرسلت قوات إلى السويداء، لكن تقارير عديدة من مصادر مختلفة اشارت الى أن هذه القوات دعمت البدو عمليا في عمليات العنف والاعتداء على الدروز، وما صاحب ذلك من إعدامات ميدانية ونهب وتنكيل بالطوائف الدرزية كرمز طائفي وديني.
    • الكلام الرسمي واستثمار الطائفية: رئيس الحكومة المؤقتة الشرع حاول تقديم نفسه كحامٍ ومتوسط بين الأطراف، وألقى باللوم على التدخل الخارجي والعشائر المضطربة، مستخدمًا خطابًا وطنيًا داعيًا إلى وحدة الصف، لكن في الوقت ذاته كان هناك استقواء خارجي من قبل بعض القيادات الدرزية مما.
    • تنفيذ مشروط وضبابية: رغم وجود وثائق رسمية حول الاتفاق، إلا أن اختلاف مواقف القيادات المحلية (مثل القيادي الدرزي الشيخ حكمت الهجري) أدى إلى تعطيل تنفيذ بعض بنود الاتفاق، وتكرار الحوادث من جديد، ما يشير إلى ضعف الارتباط بين السلطة المركزية والنفوذ المحلي في المحافظة.
    • تحرك لاحق نحو التهدئة: بالنهاية، وبعد ضغط أمريكي ودولي، توصلت الحكومة إلى اتفاق قابل للتنفيذ مع الهدوء أولًا، وتسهيل خروج المدنيين، ما مهد لنشر مساعدات إنسانية توسعية. خطوة إيجابية لكنها أتت بعد خسائر ضخمة وانعدام الثقة.
    • دور عشائر البدو السنّية والدروز:
    • العشائر البدوية: بدأت الشرارة بخطف تاجر درزي، لكنها تحولت لاحقًا إلى حملة انتقامية واسعة، وقدم بدو من مناطق أخرى في دعم للبدو في السويداء، وبعضهم نفّذ عمليات عنف واسعة ضد الدروز.
    • الجماعات الدرزية: انقسمت بين من قبل اتفاق الهدنة (مثل الشيخ يوسف جربوع) ومن رفضه (مثل حكمت الهجري)، ما أنتج انقسامات داخلية أدّت لتعطيل الاتفاقات الإنسانية المحلية. الجماعات التي قبلت الهدنة دعمت خروج البدو وعزلهم عن المناطق السكنية، مع تبنّي دور حماية الذات المجتمعية.
    • التدخل الإسرائيلي:

    إسرائيل نفّذت غارات على أهداف حكومية في دمشق وفي عمق السويداء دفاعًا عن الدروز، معتبرة مشاركة الحكومة مع البدو تهديدًا لأمن الجبهة الجنوبية، وطالبت بمنطقة منزوعة السلاح جنوب سوريا.

    • الموقف الأميركي:

    رغم دعم واشنطن للهدنة والمفاوضات، عبّرت عن رفضها لضربات إسرائيلية دون تنسيق، مؤكدة في الوقت نفسه أن الحكومة السورية يجب أن تُحاسب على الانتهاكات الداخلية.

    • المفاوضات السورية – الإسرائيلية برعاية أميركية:

    عقب التصعيد، عُقدت مباحثات في باريس جمعت مسؤولين سوريين وإسرائيليين بوساطة أمريكية. دمشق أكدت أن السيادة السورية وعدم التمييز الطائفي غير قابلين للمساومة، ورفضت أي انفصال أو تقسيم تطالب به الدروز، وطالبت إخراج القوات الإسرائيلية من المناطق المتقدمة جنوب سوريا.

    لم تفضِ المباحثات إلى اتفاق نهائي، لكن اتُفِق على استمرار الحوار بهدف تثبيت الاستقرار الأمني وإطلاق قنوات تواصل مباشرة بين الجانبين ضمن أجواء وساطة أمريكية.

    وبشكل عام يمكن أن تؤثر الاحداث الأخيرة في سوريا على رغبة الولايات المتحدة في رفع العقوبات الأمريكية من على الاقتصاد السوري وذلك في ظل الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات الامن السورية التابعة للحكومة السورية في الساحل السوري ومحافظة السويداء وذلك في ظل تكهنات حول احتمالية عدم وجود سيطرة مركزية من الحكومة السورية على بعض الفصائل المسلحة المنضمة لقوات الامن السوري التابعة للحكومة السورية.

    العلاقات السورية الأمريكية:

    بالتشاور مع النائب العام ووزير الخزانة الامريكي، أُلغي بموجب هذا تصنيف جبهة النصرة، المعروفة أيضًا باسم هيئة تحرير الشام (وأسماء مستعارة أخرى) كمنظمة إرهابية أجنبية وذلك في السابع من يوليو الماضي.

    ويخدم ذلك التحرك الأمريكي الحكومة السورية كالاتي:

    • أتصور أن رفع الحظر عن جبهة النصرة، كتنظيم إرهابي، يرفع بالتالي الحظر عن قائده وقتها أحمد الجولاني وكذا عن قيادات التنظيم (يحتاج لتأكيد)، وهو ما يأتي في إطار التسوية بين الولايات المتحدة والحكومة السورية الجديدة.
    • أتصور أيضًا أنه سيتم رفع العقوبات الموقعة على التداولات والحسابات البنكية للتنظيم وأفراده. حيث يبدو إن هذا جزء من الصفقة الأمريكية السورية، خاصة وأن الحكومة السورية الجديدة في حاجة ماسة إلى التمويل، وهذا على الأقل سيضفي الشرعية الرسمية على التمويل وكل ما يرتبط به.

    وقد تامل الولايات المتحدة في أن يدفع ذلك القيادة السورية إلى تسريع إجراءات المحدثات السرية بينها وبين إسرائيل للتوصل لأي اتفاقات مبدئية تقضي بسلام دائم في المنطقة والذي يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية خاصة رؤية ترامب ونتنياهو وشعبيتهم داخل بلادهم.

    أنشطة حركة تركستان الشرقية الإسلامية في سوريا وتركيا:

    نجد أنه لا يوجد تطورات بشكل ملفتة للنظر بشأن مقاتلي الإيجور داخل سوريا وتركيا، حيث قد تقلد بعضهم رتب ومناصب عسكرية داخل قوات الامن السورية وعدم ممارس الحكومة السورية أي شكل من اشكال التضيق عليهم حتى الان.

    ويعد رفع الولايات المتحدة الحظر عن جبهة النصر كتنظيم إرهابي تحدي أمني للصين والتي تقلق من انخراط مقاتلين اجانب من الإيجور ضمن صفوف هيئة تحرير الشام، حيث لاتزال الصين تنظر بعين الريبة لإعطاء هؤلاء المقاتلين خاصة في حالة ما رغب البعض منهم في العودة للصين سواء راغبًا او مضطرًا لذلك.

    وتشير العديد من المصادر على أن تركيا عملت على تسهيل عبور مقاتلي الإيجور الى سوريا للمشاركة في القتال مع الجماعات الجهادية المختلفة، إلا أن تركيا حذرة من تلك الجماعات خاصة ضد أي محاولات تسلل محتملة منهم داخل العمق الإستراتيجي التركي وقد سبق أن قبضت تركيا على العديد من مقاتلي الإيجور لأسباب متعلقة بقضايا تجسس او تهريب لكن لا يوجد ما يشير على ارض الواقع بأن تركيا تتخذ موقفًا حازمًا من مقاتلي الإيجور بشكل عام.

    العلاقات السورية الخليجية:

    يحاول الرئيس السوري أحمد الشرع من موازنة علاقته مع دول الخليج خاصة السعودية والإمارات في الوقت الحالي وعدم الاعتماد على طرف واحد في مسائل عدة اهمها التمويل الاقتصادي لإعادة الإعمار والدعم السياسي على المستوى الإقليمي والدولي.

    تعمل الحكومة السورية على التالي:

    • ضمان موازنة علاقتها السياسية والاقتصادية بينها وبين دول الخليج.
    • محاولة لإثبات وجود ثقة من الحكومات الخليجية في القيادة السورية في وقت تتزايد فيه حالة من القلق الغير معلن من دول أوروبا والولايات المتحدة تجاه الأحداث الأخيرة في محافظة السويداء في سوريا، حيث تأتي تلك الصفقات في وقت تشهد فيه محافظات سورية العديد من اعمال القتال الداخلي بين فصائل سورية اثنية متعددة وانتهاكات من قوات النظام السوري ترقى في توصيفها لجرائم الحرب قد ينتج عنها عدم رفع الدائم للعقوبات الامريكية عن الاقتصاد السوري.

    وتعمل دول الخليج بشكل عام على ملئ الفراغ في النفوذ الذي خلفته إيران في سوريا عبر ادواتهم السياسية والاقتصادية في الوقت الحالي وهو ما تتفق فيه دول الخليج، بينما يظل هناك تنافس خفي فيما بينهم على حصة النفوذ السياسي والأمني والعقود الإقتصادية والتجارية داخل سوريا كما التالي:

    • قطر:

    تريد قطر الاحتفاظ بعلاقات متوطده ونفوذ على الحكومة السورية خاصة الجماعات الإسلامية المسلحة التي قد اندمجت في قوات الأمن السوري الحالية وذلك في إستراتيجية واضحة لاتزال قطر تعتمد عليها وهي الاستمرار العمل بنهج الوسيط بين تلك الجماعات الجهادية والدول الغربية إذا ما ساءت الأمور مستقبلا.

    • السعودية:
    • كسب النفوذ على القيادة السياسة داخل سوريا عبر فائض قواها الاقتصادية والدبلوماسية بشكل يعمل على ملئ الفراغ الذي خلفته إيران وإزاحة ما تبقى من نفوذ إيراني من الداخل السوري.
    • الترويج لدور السعودية الدبلوماسي في قدرتها على إقناع الدول الأوروبية والغربية من رفع العقوبات واستمرار الاعتراف بحكومة أحمد الشرع بانها الممثل الرئيسي والشرعي لسوريا.
    • منافسة الدور القطري بشكل رئيسي والدور الإماراتي بشكل ثانوي.
    • منافسة تركيا سياسيًا على امتلاك ادوات تأثير على الحكومة السورية الحالية حتى لو اضطرت السعودية استخدام ادوات للقوى الخشنة او انتهاج اسلوب صدامي بشكل نسبي في منافستها للدور التركي داخل سوريا.
    • محاولة التأثير في دوائر صنع القرار السورية فيما يتعلق بأي اتفاقات بين سوريا وإسرائيل قد يتم إبرامها خاصة اتفاقات التطبيع وذلك لمنافسة الجهود الإماراتية الإقليمية في ذلك الشأن.
    • الإمارات:

    تعد دولة الإمارات محطة هامة للرئيس السوري أحمد الشرع من اجل التواصل بشكل غير مباشر مع الحكومة الإسرائيلية من أجل صياغة أي اتفاق مستقبلية ترعاها الإمارات بشكل مباشر او غير مباشر، حيث من مصلحة كلا من الإمارات وإسرائيل ان تتوصل الحكومة السورية الحالية لاتفاق مبدئي مع إسرائيل لتفادي أي مواجهات مستقبلية.

    وتسعى الإمارات للتالي:

    • الاقتراب بحذر من الحكومة السورية وعدم إتاحة الفرصة للسعودية وقطر في استباق الإمارات فيما يتعلق بتقسيم النفوذ الخليجي على الحكومة السورية الحالية.
    • الرغبة في الحصول على امتيازات اقتصادية داخل الاقتصاد السوري خاصة الموانئ الجوية والبحرية.
    • منافسة الدور القطري والذي يقلق الإمارات بشكل أكبر من الدور السعودي داخل سوريا وذلك لاستمرار توجس الإمارات من تواجد الجماعات الإسلامية الجهادية داخل سوريا سواء كانت داخل هيكل امني حكومي او دونه.
    • تطمينات أمنية من الحكومة السورية بعدم تصدير سوريا للإرهاب وضبط الخطاب العام داخل سوريا والذي من المفضل بأن يبتعد عن انتقاد أي من دول الخليج خاصة الإمارات.
    • تسريع إجراءات التوصل لاتفاق مع إسرائيل بقدر المستطاع بما يخدم صورة الإمارات لدى الولايات المتحدة كونها عراب اتفاقات التطبيع الإبراهيمية في الشرق الأوسط.

     

    ثالثًا: ازمة قطاع غزة في ظل التطورات الأخيرة

    ملخص الأحداث:

    • فشل المفاوضات – نهاية يوليو 2025:

    في 25 يوليو 2025، أعلن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف “فشل المفاوضات” التي انعقدت في الدوحة بين إسرائيل وحماس، ما دفع الطرفين لتبادل الاتهامات بشأن المسؤولية عن تعثر المحادثات. في اليوم نفسه، وصف نتنياهو أن إسرائيل تدرس “خيارات بديلة” من بينها إنهاء حكم حماس في غزة، عقب هذا الفشل.

    • ما بعد فشل المفاوضات – بداية أغسطس 2025:

    في 4 أغسطس 2025، أشار تقرير إلى أن المحادثات تركزت على قوائم الرهائن والسجناء، لكن العقبة الكبرى كانت انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة والضمانات لإنهاء الحرب، ما يعكس التعقيد الحاصل بعد فشل المفاوضات.

    • قرار الكابينيت الإسرائيلي – 8 أغسطس 2025:

    أقر الكابينيت الإسرائيلي (المجلس الوزاري السياسي–الأمني) في 8 أغسطس 2025 خطة لفرض السيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة، و”إعادة احتلال” غزة بالكامل، مع توجيه لبدء السيطرة ميدانيًا، فضلًا عن إجلاء المدنيين وتوزيع مساعدات إنسانية خارج مناطق القتال.

    الخطة تضمنت خمسة مبادئ محددة:

    • نزع سلاح حماس.
    • استعادة جميع المختطفين (أحياء وأموات).
    • نزع سلاح غزة ككل.
    • فرض سيطرة أمنية كاملة، وإنشاء إدارة مدنية لا تتبع لحماس أو السلطة الوطنية.

    مناقشة:

    يواصل نتنياهو تعقد الموقف السياسي والعسكري لأزمة قطاع غزة بشكل لا يعرف أي نهاية حتى الان، حيث فشلت مفاوضات وقف إطلاق النيران وتسلم جزء من الرهائن والأسرى الإسرائيليين خلال الفترة المقبلة مقابل وقف إطلاق نيران وانسحاب جزئي للجيش الإسرائيلي من القطاع.

    وحتى الان لا يوجد تصور واضح لكيف سوف ينفذ الجيش الإسرائيلي خطط نتنياهو لإعادة احتلال القطاع مرة اخرى وتهجير الفلسطينيين في معسكرات محددة مع القيام بمهامه العملياتية التي وف تزداد كمًا وكيفًا خلال الفترة المقبلة.

    ونجد أن نتنياهو يواجه انتقادات عديدة من المعارضة الإسرائيلية والشارع الإسرائيلي والجيش الإسرائيلي نفسه حول خططته لتنفيذها داخل قطاع غزة وذلك للأسباب التالية:

    اسباب رفض الجيش الإسرائيلي:

    من المحتمل بأن اسباب رفض الجيش الإسرائيلي لخطط نتنياهو يتمحور حول التالي:

    • الإنهاك النفسي والبدني الذي قد اصاب افراد الجيش الإسرائيلي حيث انه في شبه حالة تعبئة عامة لمدة قاربت على السنتين مما قد ينتج عنه قصور وقلة في الكفاءة في تنفيذ المهام العملياتية الأمر الذي قد ينتج عنه خسائر بشرية.
    • اضطرار الجيش الإسرائيلي لتعبئة حوالي 200 ألف من قواته الاحتياطية لتنفيذ خطط نتنياهو العسكرية وذلك في وقت يشهد به الشارع الإسرائيلي انقسامًا بين الحريديم الرافضين للتجنيد وباقي فئات السكان الإسرائيليين الرافضين لتحمل العبء الأكبر عسكريًا.
    • اضطرار القوات الإسرائيلية للانخراط في تكتيكات حروب المدن بشكل اكثر مما قد يرفع العبء العملياتي للمهام الواجب تنفيذها وكذلك نسبة الخسائر المحتملة.
    • عدم وجود خطة واضحة للمدة الزمنية التي سوف يقضيها الجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة مما يرفع حالة اللايقين عند المخطط العسكري الإسرائيلي الأمر الذي يضعه في ضغوط عسكرية قاتلة.
    • عدم وجود قدرات لوجستية للجيش الإسرائيلي من اجل تفريغ المدن والمخيمات الفلسطينية من سكانها ونقلهم الى مراكز الإيواء الإسرائيلية.
    • زيادة احتكاك الجيش الإسرائيلي بسكان القطاع سوف يزيد من حالات الانتهاكات التي يمكن ان تصنف بأنها جرائم حرب مما يزيد حالة الاحتقان الدولي وتعريض الجنود وضباط الإسرائيليين للمسائل القانونية الدولية.
    • احتمالية اشتعال باقي الجبهات الأخرى يشكل جزئي او كلي سواء كانوا بشكل منفرد او شكل جماعي مما قد يزيد من احتمالات حدوث اختراق امني للعمق الإستراتيجي الإسرائيلي بشكل او بأخر.

    دوافع نتنياهو للقيام بتلك الخطط:

    • محاولة إرضاء اليمين الإسرائيلي المتطرف للحفاظ على الائتلاف الحاكم الإسرائيلي وعدم اتجاه الحكومة الإسرائيلية لعقد انتخابات مبكرة عن موعدها القادم في اكتوبر عام 2026.
    • الهروب للأمام عبر تنفيذ عمل عسكري غير اعتيادي بعدما نفذت منه باقي الخيارات التي كانت تتمحور حول إبرام صفقة مع حماس.
    • توريط قيادة الأركان الإسرائيلية في مهام عملياتية بجعلها منهمكة في الأعباء العسكرية المكلفة بها والكف عن الانتقاد العلني لسياسات الكابينيت الإسرائيلي.
    • إبراز فكرة انه هو المتحكم في الأمور وانه لا يوجد طرف داخلي إسرائيلي او طرف دولي قادر على الإملاء عليه أي شكل من اشكال التهدئة بالقوة طالما يتعارض ذلك مع خطط نتنياهو السياسية.

     

     


     

    رابعًا: الصراع الحوثي الإسرائيلي

    ملخص الأحداث:

    • في 6 يوليو، استأنف الحوثيون هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر. وقد تعرضت سفينة الشحن “ماجيك سي”، التي ترفع علم ليبيريا والمملوكة لليونان، لهجوم جنوب غرب مدينة الحُديدة، مما أدى إلى تعرضها لأضرار.
    • في 7 يوليو، شنّ سلاح الجو الإسرائيلي غارة جديدة استهدفت مواقع حوثية في اليمن. ووفقًا للمعلومات الأولية، فقد طالت الضربات موانئ الحُديدة، ورأس عيسى، والصليف، والسفينة المخطوفة “جالكسي ليدر”، ومحطة توليد الكهرباء في رأس كانتب. ورداً على ذلك، أطلق الحوثيون صواريخ باليستية وطائرات مسيرة باتجاه إسرائيل، ويُرجّح أن أحد الصواريخ تمكن من اختراق الدفاعات الجوية وأصاب الضفة الغربية.
    • في 18 يوليو، اعترضت قوات الدفاع الإسرائيلية صاروخًا أطلقه الحوثيون من اليمن باتجاه مطار بن غوريون في إسرائيل، وذلك باستخدام منظومة الدفاع الصاروخي “آرو-3” (Arrow-3).
    • في 21 يوليو، شنّت إسرائيل غارات جوية على ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين للمرة الثانية خلال شهر واحد. ووفقًا لمسؤولين إسرائيليين، فقد تميزت العملية الأخيرة باستخدام الطائرات المسيّرة لأول مرة بدلاً من الطائرات الحربية، واستهدفت البنية التحتية العسكرية في الميناء.
    • في 22 يوليو، أعلنت القوات الإسرائيلية أنها اعترضت صاروخاً أطلقه الحوثيون، وكان الهدف من العملية العسكرية استهداف مطار بن غوريون في تل أبيب بصاروخ باليستي فرط صوتي يحمل اسم “فلسطين 2”.
    • في 25 يوليو، أُفيد بأن الحكومة اليونانية ستنشر سفينة إنقاذ في البحر الأحمر للمساعدة في الحوادث البحرية وحماية البحارة وحركة الشحن العالمية، وذلك في أعقاب الهجمات الحوثية على سفينتي شحن تحملان العلم الليبيري وتُشغّلان من قبل اليونان، هما “ماجيك سيز” و”إتيرنيتي سي”، خلال هذا الشهر.
    • في 27 يوليو، أعلن الحوثيون أنهم سيستهدفون أي سفينة تابعة لشركات تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية، بغض النظر عن جنسيتها.

    مناقشة:

    لا يزال الوضع في البحر الأحمر غير مستقر، مع احتمالات متزايدة لوقوع هجمات بعد عدة أشهر من الهدوء النسبي دون استهداف مباشر للسفن التجارية. ركزت إسرائيل على ضرب البنية التحتية الحيوية، مستهدفة بذلك الشرايين المالية الأساسية للحوثيين. ومن المتوقع استمرار الهجمات المتبادلة طالما لم يتم التوصل إلى وقف إطلاق نار ثابت في غزة.

    ويدلل استمرار الحوثيين باستهداف الملاحة البحرية مرة اخرى على التالي:

    • رغبة الحوثيين في حصد المكاسب الشعبوية للترويج بكونهم الفصيل المقاوم للولايات المتحدة وإسرائيل.
    • تؤدي تلك العمليات إلى مزيد من إحراج للولايات المتحدة حيث نص اتفاق وقف إطلاق النيران بينها وبين الحوثيين على توقف إستهداف الملاحة البحرية وهو ما التزمت بيه جماعة الحوثي مؤقتًا.

    قد يكون عودة إستهداف الحوثيين للملاحة البحرية رسالة تخدم الأهداف الإيرانية بغرض التالي:

    • استعراض لقدرات إيران على التأثير في الشرق الأوسط حتى بعد خوضها لحربها الأخيرة مع إسرائيل.
    • الضغط على الولايات المتحدة والدول الأوروبية من اجل عدم تصعيد المواجهات مع إسرائيل مرة اخرى.
    • إشغال الدفاعات الجوية الإسرائيلية وتسريع استهلاك مخزونها من صواريخ الاعتراض للمنظومات الدفاع الجوي الباليستي وذلك تحسبًا في حال اشتعال المواجهات العسكرية مرة اخرى بين إيران وإسرائيل.

    ومن المحتمل بان الحوثيين تمكنوا من احتجاز بعضًا من طاقم السفن التي اغرقوها من أجل التفاوض لإطلاق سراحهم لاحقًا.

    وقد يؤدى اشتعال الوضع في البحر الأحمر مرة اخرى إلى تفكير الولايات المتحدة في إعادة شن حملة عسكرية موقتة على المعاقل الحوثية مرة اخرى بشكل اقل تركيزًا من حيث حجم القدرات النيرانية وكذلك الجدول الزمني.

  • ومن المحتمل أن تنتهج إسرائيل التالي بشأن الحوثيين:

    • شن ضربات جوية كثيفة ضد الأهداف الحوثية كرد فعل على أي هجمات مستقبلية.
    • عدم المبادرة بشن أي حملات قصف جوي طويلة الأمد وذلك للاحتفاظ بالقدرات القتالية للقوات الجوية الإسرائيلية لأي معارك قادمة مع إيران فضلًا رفع الكفاءة واستعواض الخسائر الناتجة عن حربها الأخيرة مع إيران.
    • استخدام القوات البحرية الإسرائيلية عبر إرسال فرقاطات إسرائيلية قرب اليمن من اجل تنفيذ اعمال إستهداف دقيقة بالصواريخ الموجهة وكذلك لتنفيذ عمليات إبرار لعناصر من القوات الخاصة البحرية لتنفيذ عمليات اغتيال او تخريب.
    • محاولة إستهداف قادة الحوثيين في اليمن عبر تنفيذ سلسلة من عمليات الاغتيال بواسطة الموساد.

     

     

    معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:

    • فريق خبراء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
    • فريق الباحثين المشاركين

     

    لواء دكتور سيد غنيم

    زميل الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية

    رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع

     

    المصادر:

    • مصدر علنية.
    • مصادر خاصة.
شارك

administrator