الصراع في السودان يُبرز انقسام المجتمع.. الولاء العرقي ‏الأساس ‏
بروفيسور مارك لاڤيرن، كبير الباحثين الفخريبن، المركز الوطني للبحث العلمي، قسم الدراسات العربية والمتوسطية، جامعة تورز (فرنسا)

17-05-2023
المصدر: أ ف ب

يرى خبراء أن من الأسباب التي تقف وراء الحرب الدائرة في ‏السودان انقسام السودانيين بين نخبة تقليدية احتكرت الموارد ‏والقوة في العاصمة ووسط البلاد، وشرائح مهمشة تعيش في ‏أطرافها وأريافها‎. ‎

ويتجلّى هذا الفارق بوضوح بين قائد الجيش عبد الفتاح ‏البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف ‏بـ”حميدتي” اللذين يقودان طرفي النزاع‎.‎

ولد البرهان شمال الخرطوم ودرس العلوم العسكرية وأصبح ‏جنديا محترفا، ولكنه يفتقد إلى قوة الحضور، بينما ينتمي ‏الثاني إلى قبيلة في غرب السودان قرب الحدود مع تشاد، ‏وبرز كزعيم لميليشيا الجنجويد المرهوبة الجانب في إقليم ‏دارفور، ويسخر سكان العاصمة من لكنته المحلية‎.‎

ويؤكد المتخصص في شؤون القرن الإفريقي والشرق الأوسط ‏مارك لافيرن أن “المجتمع السياسي السوداني يتركز في وادي ‏النيل‎”.‎

ويشير إلى أن “هذه الحرب هي أيضا نتيجة الاضطرابات ‏الاقتصادية والاجتماعية التي يمرّ بها السودان، والتي لم ‏تعالجها أي حكومة في الخرطوم منذ أن برز هذا التباين بين ‏وادي النيل والخرطوم” من جهة وبقية مناطق البلاد من جهة ‏أخرى‎.‎

ومنذ أكثر من شهر، تهزّ أعمال العنف أرجاء الخرطوم ‏وضواحيها وبعض الولايات مخلّفة قرابة ألف قتيل وآلاف ‏الجرحى، إضافة الى قرابة مليون نازح ولاجئ‎.‎

المركز والأطراف‎ ‎
ويرى لافيرن أن “المناطق النائية أصبحت اليوم الأكثر ثراء ‏من حيث الموارد”، في إشارة إلى مناجم الذهب في إقليم ‏دارفور في غرب السودان والتي يسيطر عليها دقلو وشيّد من ‏ورائها امبراطورية اقتصادية وتجارية‎.‎

وأفاد تقرير صادر عن معهد “ريفت فالي” للأبحاث أن هذه ‏الثروات سمحت لقوات الدعم السريع بأن تتحوّل “من ميليشيا ‏محلية إلى كيان وطني قوي ومؤثّر يهدّد تفوّق القوات المسلحة ‏السودانية‎”‎‏.‏

وأضاف التقرير الذي نشر الاثنين أن “التوسّع السياسي ‏والاقتصادي والعسكري لقوات الدعم السريع مثال على ‏المعركة بين نخبة عسكرية سياسية تتمركز في الوسط ونخبة ‏عسكرية جديدة في دارفور”‏‎.‎

ووصف التقرير ما يجري في الوقت الراهن بأنه “مرحلة ‏جديدة في الصراع بين المركز والأطراف”‏‎.‎

وتقول مؤسّسة مركز “كونفلوانس أدفايزوري” للأبحاث في ‏الخرطوم خلود خير إن “هناك العديد من خطوط الصدع” بين ‏المعسكرين، مشيرة إلى أن “حميدتي يوصف بأنه دخيل من ‏دارفور على الخرطوم”‏‎.‎

وتعتقد خير أن قوات الدعم السريع “عملت قبل النزاع على ‏إيصال رسالة تفيد بأن عناصرها يقاتلون من أجل ‏الديموقراطية نيابة عن جميع المهمّشين في السودان‎”.‎

ولفتت إلى أن دقلو “كان يُعتبر من أفضل جهات التوظيف في ‏البلاد قبل اندلاع النزاع. …لديه الكثير من المال ويحصل من ‏ينضمّ الى قوات الدعم السريع على مزايا عديدة”. ‏

الولاء العرقي‎ ‎
لكن الأمر لم يعد يسيرا على دقلو بعد اندلاع الحرب، وفق ‏خير، “لأن قواته أقل انضباطا بكثير من الجيش”.‏

وتضيف “إنهم لا يتّبعون الأوامر دائماً وتسبّبوا في الكثير من ‏المتاعب لسكان الخرطوم”، إذ تزايدت أعمال النهب والسرقة ‏واحتلال المنازل‎.‎

في سياق آخر، يرى البعض أن عدم المساواة بين وسط ‏وأطراف البلاد مرتبط أيضا باللون‎.‎

وكتب الباحث البريطاني أليكس دي وال في مجلة “لندن ريفيو ‏أوف بوكس”، “إلى الآن، يمتلك السودانيون معجما للون ‏البشرة يتدرّج من الأحمر والبني إلى الأخضر والأصفر، إلى ‏الأزرق‎”.‎

وتابع “لا يزال يُطلق مسمّى العبيد على سكان الجنوب، ‏أصحاب البشرة الداكنة”.‏

ولكن بحسب الخبراء، لا يبدو أن لهذا المعيار حيثية كبيرة في ‏الصراع الحالي، وستبرز أهمية الولاء القبلي والعرقي إذا ‏طالت فترة الحرب‎.‎

وتتوقع خلود خير أنه “سيتعين على الجانبين تجنيد قوات ‏جديدة لتعويض خسارتهما. …تاريخياً، يعدّ الولاء العرقي ‏أفضل طرق التجنيد في السودان”‏‎.‎

رابط المصدر الأصلي:

http://marclavergne.unblog.fr/
https://www.univ-tours.fr/annuaire/m-marc-lavergne
https://www.radiofrance.fr/personnes/marc-lavergne
https://www.jean-jaures.org/expert/marc-lavergne/
https://igsda.org/?page_id=1329
https://www.alroeya.com/author/3263/

شارك

Professor. Marc Lavergne, a French Senior Fellow Researcher (Emeritus) on the Geopolitics and Geostrategy of the Contemporary Middle East and Horn of Africa at the French National Center for Scientific Research.