دكتور سَــــيْد غُنــــيْم دكتوراه العلوم السياسية زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا، ورئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
 

كما توقعنا.. عملية “حارس الازدهار”

للولايات المتحدة خمسة أهداف في الشرق الأوسط وهي:

1- تأمين الممرات الملاحية وحمايتها.
2- حماية مصادر الطاقة.
3- تقديم الدعم الكامل لإسرائيل.
4- التصدي للمنافسين الدوليين.
5- مكافحة من صنفتهم تنظيمات إرهابية.

ويعتبر الهدف الأول هو الأهم على الإطلاق للولايات المتحدة والعالم، حيث تعتبر الممرات الملاحية في الشرق الأوسط وعلى رأسها قناة السويس ونضيقي باب المندب وهرمز الشرايين الرئيسية للعالم لضمان نقل النفط والتجارة.

ومع تصعيد الحوثي ضد السفن التجارية في باب المندب، وكما توقعنا أنا وفريق العمل، تقرر تشكيل عملية “حارس الإزدهار”.

وهي عملية تم تشكيلها حديثًا بمهمة حماية الشحن في البحر الأحمر، حيث يمر سدس الشحن التجاري العالمي عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وذلك بعد أن أسقطت الولايات المتحدة وبريطانيا 15 طائرة بدون طيار تابعة للحوثيين يوم السبت.

ومع قيام السفن الحربية الأمريكية والبريطانية بإسقاط طائرات بدون طيار أطلقها الحوثيون في موجة من اليمن في وقت مبكر من صباح اليوم السبت 16 ديسمبر 2023، الأمر الذي يمثل أحدث تصعيد للهجمات على الشحن في البحر الأحمر، سيقوم وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، خلال زيارته للشرق الأوسط الأسبوع المقبل، بالاعلان عن تشكيل عملية “حارس الإزدهار”، وهي نتاج اتفاق جديد يمثل تظافر جهود دولية لمواجهة تهديدات الحوثيين، يركز هذا التظافر الدولي على الأمن البحري الدولي وجهود بناء القدرات في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

تمكنت مدمرة الصواريخ الموجهة من طراز Arleigh Burke، يو إس إس كارني، من إسقاط 14 طائرة بدون طيار يوم أمس السبت، كما تمكنت المدمرة من طراز HMS Diamond-45 من إسقاط طائرة بدون طيار استهدفت السفن التجارية في البحر الأحمر بصاروخ Sea Viper. كانت هذه هي المرة الأولى التي تسقط فيها البحرية البريطانية هدفًا جويًا منذ حرب الخليج الأولى عام 1991 عندما دمرت المدمرة من طراز 42 HMS Gloucester صاروخ عراقي من نوع Silkworm (دودة القز) كان مستهدفاً قطعة بحرية أمريكية.

وقد تمكنتا المدمرتان، اللتين كانتا على اتصال مستمر، من إسقاط الطائرات بدون طيار الحوثية خلال موجة هجوم استمرت 45 دقيقة بالقرب من مضيق باب المندب.

وقد اشتبكت كارني مع الطائرات بدون طيار لأنه كان هناك الكثير منها في وقت واحد واعتبروا تهديدًا للسفينة.

ليس معلوماً لأحد بشكل محدد الأسلحة التي استخدمها المدمرة كارني في تنفيذ مهمتها، ويبدو أن الولايات المتحدة لا تريد أن يتمكن الحوثيون من معرفة مخزونهم من الذخائر.

وقد تمكنت كارني من إسقاط الطائرات بدون طيار دون الإبلاغ عن أضرار أو إصابات بالقطع البحرية المستهدفة. وقامت القيادة المركزية الأمريكية التي تتبعها الأساطيل البحرية بالمنطقة بتنبيه الشركاء الإقليميين للولايات المتحدة في البحر الأحمر بشأن التهديدات.

جديرٌ بالذكر أن كارني قد استجابت في 3 ديسمبر للتصدي لثلاثة طائرات بدون طيار أطلقها الحوثيون كانت استهدفت ثلاث سفن تجارية في البحر الأحمر.

وفي 19 أكتوبر، أسقطت كارني أربعة صواريخ كروز للهجوم الأرضي و19 طائرة بدون طيار.
وقال المتحدث باسم الحوثيين يحيى سريع اليوم إن الحوثيين أطلقوا موجة من الطائرات بدون طيار باتجاه إسرائيل، لكنه لم يذكر أيًا من السفينتين الحربيتين.

وتأتي اعتراضات الطائرات بدون طيار اليوم السبت بعد يوم من قيام الحوثيين بإشعال النار في سفينتي شحن في البحر الأحمر وتهديد سفينة ثالثة.
يأتي ذلك تزامناً مع مع إعلان إثنين من أكبر شركات الشحن في العالم، ميرسك وهاباج لويد، أنهما أوقفتا مؤقتاً عمليات العبور إلى البحر الأحمر نتيجة لهجمات الحوثيين.

وعلى حد علمي، سيقوم وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الذي سيزور المنطقة مطلع الأسبوع المقبل بصحبة رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الجوية الچنرال سي.كيو. براون، بالإعلان عن عملية “حارس الازدهار”، والتي ستكون مشابهة لقوة المهام 153 الحالية والتي تقودها الولايات المتحدة اعتباراً من منتصف العام 2022 بعد أن قادتها مصر لمدة 6 أشهر.

ولا نمتلك معلومات تفصيلية عن المهام التي ستؤديها العملية الدولية المشتركة الجديدة “حارس الإزدهار” بعد القيام بدوريات في البحر الأحمر ضد تهديدات الحوثيين.

وتمثل الموجة الأخيرة من الهجمات الحوثية تهديداً مباشراً للتجارة الدولية والأمن البحري في البحر الأحمر، ولكنها أيضاً تمثل دعماً غير مباشراً لدعم موقف الفصائل الفلسطينية في أعمال المقاومة المشروعة في غزة، وذلك بتشتيت جهود الولايات المتحدة الداعمة للعدوان الإسرائيلي المفتوح على غزة. وهو ما يضع دولة مثل مصر في موقف شديد الخطورة والحساسية.

وفيما يخص بريطانيا، تمكنت المدمرة HMS Diamond من طراز 45 من إسقاط طائرة بدون طيار تم إطلاقها بواسطة الحوثيون، وقد تم نشر HMS Diamond في وقت قصير في المنطقة من بورتسموث قبل أسبوعين فقط وهي تحقق بالفعل تأثيرًا مع القطع البحرية الأمريكية والفرنسية.

وقد شاركت سفينة حربية فرنسية أيضاً في اعتراض طائرات الحوثيين بدون طيار. أسقطت فرقاطة FREMM لانغدوك، التي كانت تقوم بدورية قبالة سواحل اليمن، طائرة بدون طيار كانت تهدد ناقلة كيماويات ترفع العلم النرويجي.

وقبل أن أنهي، يجب أن أشير أن الولايات المتحدة واقعة بين شقي رحى، الأول إنها لا تريد توسيع نطاق الصراع ولا تصعيده، والثاني أنها مكلفة بتحقيق أهم أهدافها الخمسة وهو حماية المسارات الملاحية في الشرق الأوسط. ونظراً لصعوبة مهمتها لتحقيق هدفها هذا مع انفرادها بالمهام، فالتواجد العسكري البحري البريطاني الفرنسي قد يحقق ذلك.

وأخيراً.. هناك أسئلة تطرح نفسها الآن بقوة، وبينما سيتم إنشاء فرقة عمل جديدة الأسبوع المقبل “حارس الإزدهار”:

1- ماذا ستكون مهمة العملية حارس الإزدهار تحديداً، هل ستشكل رد مباشر ضد الصواريخ والمسيرات الحوثية في عملية دفاعية؟
2- أم أنها ستنفذ عملية هجومية ضد أهداف حوثية بهدف تقويض قدراتها ومنعها من تهديد البحر الأحمر ومضيق باب المندب؟
3- وهل ستمتد مهمة التأمين لمضيق هرمز؟
4- وكيف سيكون رد فعل إيران؟

هذا ما سنجيب عليه في الجزء الثاني.

مصدر الصورة /

شارك

administrator

استشاري الأمن الدوَلي والدفاع، رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الإمارات العربية المتحدة، وأستاذ زائر في العلاقات الدولية والأمن الدولي في أوروبا وشرق آسيا، (مصري)