في الوقت الذي تتصدى فيه لتفشي فيروس كورونا المستجد في العالم، لا تزال إيران تركز على التصدي لضغوط العقوبات الأمريكية. في 15 أبريل، اقتربت 11 سفينة من الحرس الثوري الإسلامي الإيراني من سفن البحرية الأمريكية وخفر السواحل العابرة للخليج العربي. واعتبرت البحرية الأمريكية منذ ذلك الحين الحادث الذي استمر قرابة الساعة ببقاء سفينة إيرانية واحدة على الأقل على بعد حوالي 9 أمتار من أحد العسكرية الأمريكية، والذي يشكل أمراً خطيراً واستفزازياً.
يأتي ذلك مع قيام القوات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني بالاستيلاء على سفينة ناقلة ترفع علم هونج كونج لفترة قصيرة، وإطلاق سراحها مرة أخرى في خليج عمان. وذلك بجانب حادثين آخرين بالطرق غير الآمنة للسفن الأمريكية تم الإبلاغ عنهم في الأسابيع الأخيرة، ومن وجهة نظري أضع كافة التصرفات العدوانية الإيرانية ضد سفن الشحن المدنية في إطار العمليات التكتيكية التي لا تستدعي رد فعلي قوي تقوم به قوات عسكرية أمريكية تعمل على المستوى الاستراتيجي.
الرأي:
كن قد نوهت مؤخراً في تقديري الصادر أمس 16 أبريل 2020 عن قيام القيادة المركزية الأمريكية منذ حوالي ثلاث أسابيع، والذي أظنه تنفيذاً لتخطيط مسبق من عام تقريباً، بنشر ثاني مجموعة قتال حاملة طائرات أمريكية لتنضم على حاملة الطائرات الأولى التابعة للأسطول الخامس الأمريكي في منطقة الخليج العربي، ولكن هذه المرة في بحر عُمان جنوب شرق مضيق هرمز، ربما للآتي:
تحسباً لأعمال عسكرية استفزازية محتملة من جانب إيران تجاه القوات الأمريكية في المنطقة.
تحسباً لانفجار محتمل في الداخل الإيراني نتيجة عدم سيطرتها على الفيروس والانقسام السياسي بين حكومة روحاني والحرس الثوري الإيراني.
احتمال قيام الحرس الثوري الإيراني بتصعيد أعماله العدائية من المستوى التكتيكي ضد ناقلات النفط إلى المستوى الاستراتيجي من خلال تنفيذ عمل عسكري مباشر ضد القطع البحرية التابعة للأسطول الخامس الأمريكي.
ومن ثم، فإن الهدف من الاستفزاز الإيراني هذا تجاه السفن البحرية الأمريكية واستيلاء قوات الحرس الثوري على الناقلة التي ترفع علم هونج كونج الآتي:
استمرار الضغط والتهديد للاستقرار البحري في الخليج العربي ومضيق هرمز.
مواصل تصدي إيران لضغط العقوبات الأمريكية من خلال مواجهات ووسائل غير متكافئة (إجراءات تكتيكية) على الرغم من أزمة فيروس كورونا.
يبدو وكأن اقتراب سفن عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني من سفن عسكرية أمريكية محاولة للتصعيد ممن المواجهة التكتيكية إلى استفزاز القوات الأمريكية الإستراتيجية، إلا أنني أتوقع، في هذه المرحلة، أن تظل إيران حريصة على عدم تحفيز التصعيد الكبير مثل هجوم سبتمبر 2019 على منشأتي معالجة النفط السعودتين في بقيق وخريص. فمثل هذه المضايقات منخفضة الحدة تتناسب تماماً مع نوع السلوك المتوقع من طهران، التي استمرت في استخدام الضغط العسكري لتذكير الولايات المتحدة بالكلفة العالية للحفاظ على حملة الضغط القصوى على إيران.
تحاول إيران بالتأكيد استغلال الأزمة بالاستمرار في بعض أعمالها المربكة للولايات المتحدة في منطقة الخليج العربي، لإثناء الولايات المتحدة عن محاولاتها لعرقلة جهود صندوق النقد الدولي لتقديم المساعدة المالية لطهران لتمكنها من دعم جهودها في التصدي تفشي فيروس كورونا في الداخل الإيراني.
في إطار العمل التكتيكي ومحاولات فرض الإرادة والتصرف من زاوية الفعل وليس رد الفعل، سيستمر الحرس الثوري الإيراني ووكلائه في التعرض لسفن الشحن المدنية العابرة بالخليج العربي، وكذا في استفزاز البحرية الأمريكية دون محاولة تصعيد حقيقية لتصادم عسكري (أمريكي/ إيراني) طهران ليس جاهزة له.