معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
القسم الأمني والعسكري
دكتور سَــــيد غُنــــيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
 
منذ التوغل الأوكراني في إقليم كورسك في أغسطس 2024 بقوة 11000 جندي، وصلوا حاليًا إلى 30000 جندي، حشدت القيادة العسكرية الروسية حوالي 78000 جندي في كورسك، بما في ذلك 11000 جندي من كوريا الشمالية (خسرت كوريا الشمالية نصفهم تقريباً)، في محاولة لطرد القوات الأوكرانية من مواقعها في منطقة كورسك على مدى الأشهر الستة الماضية. وكان من المفترض، وطبقًا لأوامر بوتن، القضاء على القوات الأوكرانية في كورسك بحلول منتصف أكتوبر 2024 ثم أصدر تعليمات جديدة لتصفية تلك القوات بحلول يناير 2025، حيث كان بوتن قد أعطى الأولوية لتصفية نتوء إقليم دونيتسك ولم تنهي القوات الروسية للآن.
أهم أحداث الأشهر السبعة الأولى من عام 2024 هي استيلاء روسيا على أفدييفكا في فبراير 2024، واستمرار العمليات الهجومية الروسية غرب أڤدييڤكا في ربيع وصيف 2024، والعمليات الهجومية الروسية في شمال منطقة خاركيڤ في مايو 2024، وتكثيف العمليات الهجومية الروسية في اتجاهي توريتسك وكوراكوڤ في يونيو ويوليو 2024. أدت التأخيرات الحرجة في المساعدات الغربية لأوكرانيا خلال شتاء 2023 – 2024 إلى نقص في صواريخ الدفاع الجوي ووحدات المدفعية الأوكرانية ونقاط ضعف أوسع في قدرة أوكرانيا على الدفاع ضد الهجمات الروسية.
لقد أمضى القادة الغربيون ووكالات الاستخبارات معظم أوائل عام 2024 في الدعوة إلى أن تحافظ أوكرانيا على “دفاع نشط” والتركيز على صد وإبطاء التقدم الروسي قبل محاولة تنفيذ عملية هجوم مضاد أخرى ربما في ربيع أو صيف 2025. وبحسب ما ورد أحبط التوغل الأوكراني في كورسك هجومًا روسيًا مخططًا على منطقة سومي، ومنع الجيش الروسي من تعزيز هجومه بشكل كبير في منطقة خاركيف الشمالية، وصعبت نسبيًا القوات الأوكرانية التقدم الروسي في القطاعات ذات الأولوية في منطقة دونيتسك، لكنها فشلت في إيقافه.
أما عن آخر أوضاع الجانبين في كورسك، وخلال ستة أشهر من التوغل وحتى اليوم، نجحت القوات الروسية في استعادة ما لا يقل عن 57% (حوالي 655 كم2) من المنطقة التي احتلتها القوات الأوكرانية في كورسك.
ولا شك أن الجيش الروسي قادر على طرد القوات الأوكرانية من كورسك متى شاء، شريطة تخصيص الموارد اللازمة، ولكنه لم يضع هذه الجهود في الأولوية من أجل تحقيق المزيد من التقدم في شرق أوكرانيا. ونتوقع أن تعطي القيادة العامة الروسية الأولوية لطرد القوات الأوكرانية من كورسك في الأشهر المقبلة، وخاصة إذا بدأ المسؤولون الروس في النظر بجدية في مفاوضات السلام والعمل على دخول المفاوضات من أقوى موقف ممكن. وتأمل أوكرانيا في استمرار تلقي دعم واستعواض الخسائر في القوة البشرية واستعادة الروح المعنوية ورفع نسب الاستكمال.
في المقابل لدى أوكرانيا خيار آخر بالتنسيق مع أوروبا، كنت قد تعرضت له مسبقًا، وهو تجميد الحرب وإجراء المفاوضات وخسارة جزء من أراضيها، والعمل على استعادة الكفاءة.. وهو ما لا يمكن أن توافق عليه روسيا حيث لا تريد معاودة أوكرانيا القتال أو حتى التصدي للقوات الروسية مرة أخرى.
* الخريطة المرفقة توضح الأوضاع في كورسك منذ أغسطس 2024 حتى اليوم.
شارك

administrator

استشاري الأمن الدوَلي والدفاع، رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الإمارات العربية المتحدة، وأستاذ زائر في العلاقات الدولية والأمن الدولي في أوروبا وشرق آسيا، (مصري)