دكتور سَــــيْد غُنــــيْم دكتوراه العلوم السياسية زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا، ورئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع

أقول لمن يلصق مسمى تكتيكات الذئاب المنفردة كوصف لما تقوم به الفصائل الفلسطينية في غزة مؤخرا، بل ويتباهى بالوصف بأنهم يمارسونه كتكتيكات قتالية جديدة تحير جيش الاحتلال الإسرائيلي والغرب… اتلهي أو أتله.
وأقصد هنا المرادفين المعروفين للكلمتين، والمهم إني عاوزك (تتلو) المعنى الحقيقي لمسمى الذئاب المنفردة وتتفهمه أنه ليس تكتيك عسكري من أصله ولا ديالو، وخد بالك إنك بالصاقك هذا المسمى للفصائل الفلسطينية في غزة بتضربهم في مقتلين:
الأول: أن مسمى أو مصطلح (الذئاب المنفردة/ ذئب منفرد Lone Wolf) يطلق على (إرهابي) ارتكب فعلاً إجراميا معزولاً ضد شخص/ أشخاص مدنيين غير مسلحين وتسبب في قتلهم أو إحداث أضرار متعمدة بهم، أو ضد منشآت أو ما شابه بغرض تدميرها أو إحداث أضرار بها.
وقد تم إطلاق هذا المسمى على عناصر داعش بالذات، ارتباطا بأن الذئب المنفرد يرتكب أعمال عنف منفردا لدعم مجموعة أو حركة أو أيديولوجيا. وهو يفعل ذلك وحده خارج عن هيكل القيادة وأحياناً بشكل مستقل تمامآ ودون مساعدة مادية من أي طرف أو مجموعة .
الثاني: أن حالة استخدام العسكريين أو الفصائل المسلحة من غير الجيوش النظامية أسلوب الذئاب المنفردة في القتال ضد القوات النظامية الإسرائيلية في غزة، فهو دلالة على ضعف الفصائل الفلسطينية وليس على قوتهم، غير أنه ليس دلالة على التطور في أعمال قتالهم لكونهم يستخدمون تكتيك عسكري جديد سيحير الجنود والقادة الإسرائيليين وسيطرحهم أرضا لمس أكتاف.. لأن العمل القتالي العسكري أساسا عمل جماعي وليس عملا منفردا، حتى المهام الخاصة كالإغارات والكمائن وغيرها تعتمد بشدة على العمل الجماعي المنظم والمحكم في إجراءاته، وتعتمد على آلية قيادة وسيطرة وتدريب وجهازية مسبقين عاليين الكفاءة. أما العمل الفردي في القتال فيشير لعدم السيطرة وفقدان الفاعلية، والتحول لليأس لدرجة اللجوء لتنفيذ عمل انتحاري وهو مرتبط بالضرورة وليس الاختيار. والضرورة تدفع للاضطرار وهو عادة ما يرتبط بالضعف، أما الاختيار فلمن يمتلك القدرة والذي يرتبط بالقوة.
ولك أن تتخيل أن أصغر وحدة فرعية صغرى تنفذ مهمة الإغارة أو الكمين في جيوش العديد من الدول قوامها حوالي 16 فرد يقودهم ضابط، وأقل جزء منهم يمكن أن ينفذ مهمة خاصة قوامه 8 – 12 مقاتل، وما دون ذلك فهو اضطرار نظرا لزيادة الخسائر او صعوبة ظروف القتال، وكلاهما ضد العنصر المقاتل ويشير لضعف موقفه.
اعتقد أن هناك من يريد عن عمد وضع صورة ذهنية في عقول الناس تلصق فيها كلمة (داعش) بإسم أي فصيل يقاوم في غزة.
شارك

administrator

استشاري الأمن الدوَلي والدفاع، رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الإمارات العربية المتحدة، وأستاذ زائر في العلاقات الدولية والأمن الدولي في أوروبا وشرق آسيا، (مصري)