معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
القسم الأمني والعسكري
دكتور سَــــيد غُنــــيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
أولاً: دوليًا:
إضعاف روسيا وخروجها من مسرح التنافس الدول يضر بالصين لصالح الولايات المتحدة وأوروبا، وحتى الدول الجاهزة للصعود لمسرح التنافس الدولي مثل الهند واليابان، سيضر صعودها بالصين، وهو ما سيخل بتوازن القوى على الصعيد الدولي.
كما أن على مستوى شرق أوروبا وآسيا، قد تقل الحاجة لتركيا (ثاني أكبر قوة عسكرية في الناتو، وقائد الجناح الجنوبي الشرقي للناتو أمام روسيا، وفي نفس الوقت تركيا اعتادت أن توازن علاقاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا بدفع علاقات منافسة مع روسيا، مستغلة قوتها في ذلك).
ثانيًا: إقليميًا:
إضعاف إيران وخروجها من مسرح التنافس الإقليمي يضر بتركيا لصالح إسرائيل، وحتى الدول ذات المقدرات المُهيئة لأن تكون قوة إقليمية منافسة كالسعودية بقدراتها الحالية، ستواجه تحديات تحول من ذلك، خاصةً مع شرق أوسط جديد تسعى إسرائيل فيه للانفراد بالقوة إقليميًا على حساب الكل بلا استثناء، مع الوضع في الاعتبار أن إسرائيل لن تسمح بدولة يمكن يوميًا ما أن تصبح منافس إقليمي قوي على حدودها، وأخص بالذكر هنا مصر وسوريا.
إن صح تقديري، ومن هذه الزاوية تحديدًا، أتوقع الآتي:
مستغلاً وجود دونالد ترمپ رئيسًا للولايات المتحدة والداعم الأكبر والمستمر لنتانياهو شخصيًا، وحاجة روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا واستعادة ثبات موضعها في سوريا، وتزايد ضعف الموقف الإيراني، وضعف تركيا اقتصاديًا وتورطها في إعادة إنشاء الدولة السورية..
مستغلاً كل ما سبق، سيستمر نتانياهو المحرك الوحيد، أو الرئيس على الاقل، للأحداث بشكل كبير، بهدف استكمال تحقيق هدفه النهائي وذلك على محورين أساسيين وهما، وقف وتجفيف كافة منابع التهديد المحيطة بإسرائيل والانفراد بالقوة في شرق أوسط جديد.
حيث سيعمل نتانياهو على المدى القريب والمتوسط على تنفيذ الآتي:
1. استكمال تدمير وتفكيك قدرات كافة العناصر المسلحة التي تهدد إسرائيل.
2. تدمير/ تقويض القدرات العسكرية والاقتصادية والنووية الإيرانية.
3. فسح المجال وتهيئة الظروف لتركيا لاستنزاف قدراتها الاقتصادية والعسكرية في إعادة إنشاء الدولة السورية الجديدة.
4. محاولة إقناع ترمپ لاستمرار الدور الأمريكي في الحرب الروسية الأوكرانية وبما يهيء الظروف لاستمرار تورط روسيا في الحرب، مع احتمال قيام إسرائيل بدعم أوكرانيا ولو في فترة الجمود المخططة.
في المقابل، نتوقع الآتي من الجهة الأخرى لمجابهة الخلل في التوازن:
دوليًا:
1. قد تحاول روسيا أن تتجنب مواطن الضعف التي قد ينتج عنها خلل للتوازن الدولي في الوقت الحالي وذلك بالمحافظة على التالي:
– إستمرار حيازها للأسلحة النووية ووسائل استخدامها (الثالوث النووي) من غواصات نووية، وقاذفات قنابل بعيدة المدى، وصواريخ بالستية عابرة للقارات وصواريخ فرط صوتية.
– إستمرار سيطرة بوتين على الحكم وعلى حالة الإستقرار الداخلي.
– مساعي روسية مركزة للاستمرار في التواجد فى الشرق الأوسط وأفريقيا خاصة سوريا في الأساس وليبيا، ودول الساحل والصحراء، ومحاولة الحصول على موطئ قدم في السودان. فضلاً عن الاستمرار في الإخلال بالترتيبات الجيوسياسية للولايات المتحدة وأوروبا في تلك المناطق.
– الاحتفاظ موطئ قدم روسية على ساحل البحر الأسود محتفظة بشبه جزيرة القرم، حتى رغم من تعرض الأسطول البحري الروسي في القرم لهجمات اوكرانية دقيقة.
وفي هذا الصدد نجد ان روسيا قد عملت على إنشاء قاعدة بحرية كبيرة لها في إقليم أبخازيا بدولة جورجيا المتنازع عليه، والتي توفر حماية لروسيا من الهجمات الأوكرانية.
2. – سيؤدي وضع روسيا الحالي والمستقبلي أيضًا، إلى صعود كل من ألمانيا وفرنسا وبولندا كمنافسين لقيادة أوروبا مع احتمالات غياب عسكري/ أمني نسبي للولايات المتحدة في أوروبا، ما قد يخلق في أوروبا البيئة السياسية/ الأمنية كما كانت في الربع الأول من القرن الماضي.
3- تزايد التقارب والتماسك الأوروبي، فضلاً عن تقارب كندي أوروبي.
إقليميًا:
1. قد تلجأ إيران مستقبلاً لمحاولة التعاون والتنسيق مع تركيا في سوريا خاصة مع ظهور مؤشرات لنية أنقرة التواجد عسكرياً عبر قواعد جوية داخل سوريا.
وكما ذكرت في منشور سابق، أنه ومع احتمالات تحقيق نتانياهو لهدفه باسقاط الحكم الملالي في الدولة الإسلامية الإيرانية، أتوقع أن شغف الولايات وإسرائيل لإقناع السعودية بالتوقيع على اتفاقية التطبيع مع إسرائيل سيقل نسبيًا على أقل تقدير، ما يقلص أيضًا من قوة أوراق ضغط السعودية ومنها حل الدولتين في القضية الفلسطينية في مفاوضاتها مع واشنطن وتل أبيب للتطبيع مع إسرائيل.
ومن هذا المنطلق، أتصور أن إيران حاليًا تلعب على هذا المحور بقوة لضمان بقائها بشكل معاكس للمعتاد، أي ليس كورقة تهديد أمريكية/ إسرائيلية ضد دول الخليج، ولكن كورقة تدعم موقف دول الخليج أمام التغول الإسرائيلي المدعوم من ترمپ بلا حدود.
2. تقارب عربي دون دعم تكتله الأساسي (جامعة الدول العربية).
3. سيزيد الخلل في التوازن الإقليمي في الشرق الأوسط من أنشطة التنظيمات المسلحة من دون الدولة، خاصة الأنظمة المتطرفة.