دكتور سَــــيْد غُنــــيْم دكتوراه العلوم السياسية زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا، ورئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
السبب الرئيسي الحقيقي للدعم الأمريكي الدائم لإسرائيل هو أن النظام السياسي والقيم الاستراتيچية الإسرائيلية تتشابه مع نظيرتها الأمريكية، ومن هنا تشعر الولايات المتحدة أن تحقيق الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة أكثر ضماناً من خلال إسرائيل. ونظراً لتبني إسرائيل نظام سياسية وقيم استراتيجية مشابهة لأمريكا فإن التصديق على الدعم الكبير الدائم لإسرائيل بواسطة الكونجرس لن يواجه عقبات مقارنة بدول أخرى.
وأحد أهم تهديدين يواجها إسرائيل هو توقف الدعم الأمريكي لها.. وهو ما قد يتحقق حالة زوال أهمية الشرق الأوسط أو تحول دولة عربية كبرى بشكل كامل لانتهاج القيم الغربية وبما قد يجعلها تحل محل إسرائيل في الدعم اللامحدود والرعاية، وهو أكبر تهديد على إسرائيل. ولذا ترغب إسرائيل دائماً بقاء الدول العربية بعيداً عن الديمقراطية والحريات ونفاذ القانون، وغيرها من أمور مشابهة.
إلا إنه من جانب آخر، نجد خلال العقود الأخيرة استراتيجيتي أمريكا وإسرائيل في المنطقة تتناقضا لحد كبير، خاصة تجاه إيران.. فرغم أن إيران تمثل تهديداً لكلاهما، إلا أن الولايات المتحدة ليس من أولوياتها ضرب إيران، بل أن واشنطن رفضت مطالب نتنياهو المتكررة منذ عام ٢٠٠٨ وربما قبل ذلك وحتى هذه اللحظة لضرب أهداف حيوية داخل إيران وأهمها المفاعلات النووية الإيرانية، لأن الولايات المتحدة تتعامل منذ منتصف العقد الماضي مع الملف النووي الإيراني من خلال إطار دولي وهو خطة العمل المشترك أو ما يطلق عليها الإتفاقية النووية الإيرانية، والتي وقعت عليها الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والإتحاد الأوروبي وإيران في يوليو ٢٠١٥، إلى أن أوقفها دونالد ترمب عام ٢٠١٨، لتزداد الأمور تعقيداً.
ومن أهم أهداف الدول الموقعة على الإتفاقية النووية الإيرانية، ليس فقط تحديد البرنامج النووي الإيراني في إطار سلمي وذلك برعاية دولية، ولكن أيضاً، الدفع بسياسة الاحتواء المزدوج بين إيران ودول الخليج مع تفويت أي فرص للصراع بينهم، وبما يعرض أمن الطاقة وأمن المسارات الملاحية في المنطقة للخطر، كما يزيد من حدة الصراعات الإقليمية والأهلية وتزايد الإعتماد على العناصر المسلحة المتطرفة والوكلاء المسلحين خاصةً في بؤر الأزمات.
ولذا فالضرر الواقع على الولايات المتحدة من إتفاقية تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية – مارس ٢٠٢٣ – ليس من الإتفاقية في حد ذاتها، على العكس فهو أمر يأتي في صالح كافة الدول التي وقعت الاتفاقية النووية مع إيران، ولكن الضرر هنا يكمن في كون الإتفاق السعودي الإيراني قد تم بآلية صينية منفردة، والذي قد يعقبه تشكيل للنظام الإقليمي بآلية صينية أيضاً وليست أمريكية.
إلا أن سياسة الولايات المتحدة هذه تعد تماماً عكس ما تدفع إسرائيل نحوه بقوة ارتباطاً بما تعتبره إسرائيل أنه أمر يخص أمنها بشكل مباشر.
دكتور سَــــيْد غُنــــيْم