معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
القسم الأمني والعسكري
دكتور سَــــيد غُنــــيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وبيونج يانج في عام 1966، حافظ البلدين على تحالف وثيق والذي كان مثيرًا للقلق لإسرائيل. حيث خلال الحرب عام 1967 (الجولة العربية الإسرائيلية الثالثة)، لم يكتف 30 طياراً من سلاح الجو الكوري الشمالي بتدريب نظرائهم السوريين فحسب، بل شاركوا أيضاً في الغارات الجوية، حيث حلقوا بطائرات ميج-21 سوڤياتية الصنع.
كما دعمت كوريا الشمالية سوريا خلال حرب أكتوبر عام 1973 (الجولة العربية الإسرائيلية الرابعة). وحتى يومنا هذا، يمكن العثور على قبور ثلاثة طيارين من كوريا الشمالية في مقبرة في نجها، على مشارف دمشق، وهي حسب مطلعين، هي مقبرة لمجهولين الهوية، أو مقبرة صدقة من لا يمتلك المتوفي او عائلته قدر كافي من المال لاجراء الدفن داخل دمشق. وقد تعمقت العلاقة بين النظامين في أعقاب زيارة حافظ الأسد إلى بيونج يانج في أواخر سبتمبر 1974، حيث اتفق هو وكيم إيل سونج على التعاون في جميع القطاعات، بما في ذلك العسكري. وقد أسس كيم إيل سونج عبادة الشعب لشخصه وعزز قبضته على السلطة، وحكم البلاد من عام 1945 حتى وفاته في يوليو 1994. ومنذ سبعينيات القرن العشرين، أرسلت كوريا الشمالية مستشارين عسكريين إلى سوريا، بما في ذلك طيارو القوات الجوية ووحدات الدبابات وضباط القوات الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، زودت سوريا بترسانة كبيرة من الأسلحة التقليدية، بما في ذلك الدبابات والبنادق والمدافع وقاذفات الصواريخ المتعددة.
ما سبق جيد، ولكن المثير للجدل، وحسب المعلومات المتاحة، إنه في تسعينيات القرن العشرين، أنشأت كوريا الشمالية منشأتين لتجميع الصواريخ في سوريا، حيث تم إنتاج 3050 صاروخ سكود سنويًا. وفي أكتوبر ونوفمبر 2009، تم اعتراض شحنات من كوريا الشمالية متجهة إلى اللاذقية في سوريا، وكشفت عن أكثر من 14 ألف بدلة واقية من المواد الكيميائية والبيولوجية. وفي نفس الشهر من شهر نوفمبر، تم ضبط مواد كيميائية لإنتاج الأسلحة الكيميائية من سفينة تحمل العلم الليبيري في طريقها من كوريا الشمالية إلى سوريا.
وقد واجه نظام الأسد إدانة دولية شديدة لاستخدامه للأسلحة الكيميائية في القتال. وكان أحد الأمثلة البارزة على ذلك الهجوم بغاز السارين على منطقة يسيطر عليها المتمردون بالقرب من دمشق في أغسطس 2013، والذي أودى بحياة 1429 من السكان، وهو ما حاول إنكاره الأسد. وذكر بروس بيكتول، الأستاذ في جامعة أنجيلو ستيت، أن كوريا الشمالية قدمت الدعم من المهد إلى اللحد لبرنامج الأسلحة الكيميائية السوري. فقد زودت الأسلحة والمكونات، وبنت مرافق الإنتاج، بل وعرضت حتى خدمات ما بعد البيع من خلال إرسال مستشارين لتقديم التدريب الفني والدعم العملياتي.
يرى مراقبون دوليون إنه في نهاية المطاف لن تستطيع كوريا الشمالية، باعتبارها داعماً رئيسياً لنظام الأسد، التهرب من المسؤولية عن دورها كشريك في مذبحة الشعب السوري. حيث يرون إن نظام كيم، المعروف بانتهاكه للحرية وحقوق الإنسان والعدالة، لا يختلف عن عائلة الأسد، الذين يرونه عدو الشعب السوري. ويرون إن انهيار عائلة الأسد يشكل تحذيراً صارخاً لعائلة كيم في كوريا الشمالية: إن الحكومة التي تدير ظهرها لشعبها لا يمكن أن تدوم إلى الأبد”. وقد أثبت التاريخ هذه الحقيقة مراراً وتكراراً، حيث أطاح المتمردون في نهاية المطاف بزعماء مثل نيكولاي تشاوشيسكو في رومانيا، ومثله في الشرق الأوسط، فإن حماية أرواح وحقوق المواطنين تشكل التزاماً قانونياً وأخلاقياً أساسياً لكل حكومة. واتصور أن الحكومة الانتقالية السورية ستعمل على تنفيذ الإجراءات اللازمة وبما يضمن محاسبة بشار الأسد أمام المحكمة الجنائية الدولية، وربما ستمد يدها لكوريا الجنوبية، على عكس نظام بشار الأسد، وأزعم أنها ستسعى بالتعاون مع كوريا الجنوبية لجمع المؤيدات والأدلة اللازمة لاتخاذ إجراءات قانونية ضد كوريا الشمالية بتهمة تواطؤها في هذه الجرائم ضد الشعب السوري فور تأكيدها. وستعمل على أن تثبت للشعب السوري أن فظائع الأسد لن تمر دون عقاب وأن السعي إلى تحقيق العدالة يظل قوياً وثابتاً، خاصةً أن ذلك سيكون إجراءات أخرى تدعم موقف الحكومة السورية المؤقتة وأحمد الشرع بشكل خاص دوليًا.
المصدر:
THE HARM THE NORTH KOREAN REGIME HAS INFLICTED ON THE SYRIAN PEOPLE
By Ryu Hyeon Woo,
(Former Charge d’Affaires of the North Korean Embassy in Kuwait & 2nd Secretary of the North Korean Embassy in Syria)