معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
القسم الأمني والعسكري
دكتور سَــــيد غُنــــيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
 
خلال سنوات من الحرب وما واجهناه من أخبار زائفة ومعلومات مضللة تركز فرع منها على وضع صورة ذهنية في العقل الجمعي بشكل عام وعقول صناع القرار سواء مراكز الدراسات الهشة أو الموظفين الحكوميين العاملين في مجالات جمع وتحليل المعلومات، صورة ذهنية تحاول أن تؤكد فكرة غياب الإرادة الأوكرانية، تلك الإرادة التي تعتبر عنصرًا أساسيًا بجانب عنصر آخر،كلاهما وقود لاستمرار الدفاع ضد روسيا، وهو تدفق الدعم لأوكرانيا. وكنت اقول دائماً أن ما يوقف أوكرانيا (فورًا) عن استمرار القتال ليس وقف الدعم بقدر أنه كسر الإرادة الأوكرانية.
والصورة الذهنية الثانية التي عملت تلك البروباجاندا الممنهجة على ترسيخها في العقول هي زلينسكي الرئيس الأوكراني الضعيف الدمية عديم القرار الذي يتحرك بإرادة الغرب وليس بإرادة شعبه.. وذلك التضليل نفس العقول عن كون زلينسكي يعد مركز ثقل في الداخل الأوكراني يضمن صمودها ضد قواته التي تقاتل جيشه في أرضه منذ 3 سنوات.
واليوم يأتي دونالد ترمپ رئيس أقوى دولة في العالم وصاحبة أكبر مشاركة نسبيًا في الدعم المقدم لأوكرانيا ليتخذ موقفًا مؤيدًا لبوتن بشكل شخصي ووطني ضد عدوه زلينسكي بشكل شخصي ووطني.
وهنا أستعير ما علق به صديقي الأمريكي كيڤين أوترمان على بوست لي يتضمن تويتات زلينسكي الاخيرة، حيث قال أوترمان: “لقد تم نصب فخ لزيلينسكي. ومن الواضح أن ترمپ وڤانس لم يقصدا أبدًا التوقيع على اتفاق. لقد أرادا القتال وأراداه علنًا. ويبدو أنهما يعتقدان أن ذلك يساعد قضيتهما المؤيدة لبوتن، لكنني لا أعتقد أن غالبية الأمريكيين سيوافقون على هذا الموقف، أو على الأقل ليس بعد. الدعاية قوية في أمريكا هذه الأيام، لذا فهم يضغطون برسالتهم على جميع وسائل الإعلام اليمينية. وبعد بضعة أسابيع أخرى مما رأيناه للتو في لقاء ترمپ وڤانس مع زلينسكي يوم الجمعة، سيكون هناك ضرر كبير للتحالفات الأمريكية – الأوروبية والناتو. لدى ترمپ علاقة غريبة للغاية، وليست خفية على الإطلاق، مع بوتن. ولا يهم إذا كانت هذه العلاقة تلحق الضرر بأمريكا، طالما يعتقد ترامب أنها ستزيد من ثراءه”. انتهى تعليق أوترمان.
وأرى، ولكسر الإرادة الأوكرانية تمامًا وبما يثنيها عن الاستمرار في الصمود، على بوتن انتهاز فرصة تقارب ترمپ معه لينجح فيما فشل فيه، وهو ضرب مركز ثقل هذه الإرادة في مقتل، تلك المهمة التي لم تفلح روسيا في تهميشها أو كسرها، وذلك بقيام ترمپ باتخاذ الإجراءات اللازمة للضغط لإزاحة زلينسكي من المشهد تمامًا، خاصة بعد فشل كافة محاولات اغتياله.
ولتحقيق ذلك، أطلقت إدارة ترمپ حملة معادية لأوكرانيا وزلينسكي بشكل شخصي.
ورغم أن وسائل التواصل الاجتماعي والعديد من وسائل الإعلام الرسمية انتقدت بشدة الإدارة الأميركية ودعمت أوكرانيا بعد لقاء ترمپ وڤانس مع زلينسكي، إلا أن الإدارة الأمريكية،مستغلة قدراتها وأدواتها، نجحت في إطلاق التصريحات على نطاق واسع حول ضرورة إعادة إجراء انتخابات رئاسية في أوكرانية لانتخاب رئيس آخر لأوكرانيا، وعدم رغبة زلينسكي في التفاوض، وانهيار الحوار. وكما ذكرت، الهدف من كل ذلك هو محاولة لممارسة أقصى قدر من الضغط لكسر الإرادة ومركز الثقل الأوكرانيين.
شارك

administrator

استشاري الأمن الدوَلي والدفاع، رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الإمارات العربية المتحدة، وأستاذ زائر في العلاقات الدولية والأمن الدولي في أوروبا وشرق آسيا، (مصري)