أولاً: مقدمة:

لأول مرة تشارك مجموعة من فريق من معهد شئون الأمن العالمي والدفاع (IGSDA) بحضور معرض السلاح بسيول العاصمة الكورية الجنوبية، خلال الفترة من 19 إلى 23 أكتوبر الجاري أحد أهم وأكبر معارض الأسلحة على أراضيها. إذ شمل في يومه الأول عروضًا جوية بقاعدة سيول الجوية، شاركت فيه كافة طرازات الطائرات العاملة بسلاح الجو الكوري الجنوبي، إلى جانب الطائرات الحديثة التي ما زالت تحت الاختبار، مثل المقاتلة KF-21، وبالطبع شارك في العرض فريق الألعاب الجوية Black Eagles.

وفي مساء نفس اليوم، عُقدت فاعلية “Eagles Night” التي نظمتها شركة KAI، وشارك فيها كافة الوفود الرسمية الأجنبية والمحلة، وكان من أبرز الدول المشاركة هي الفلبين – إندونيسيا – العراق – مصر – الجزائر – الأردن – بولندا – المكسيك – ماليزيا. إذ عرضت الشركة أحدت منتجاتها وحلولها الدفاعية على الحاضرين، إلى جانب تكريمهم.

وابتداءًا من اليوم الثاني حتى نهاية المعرض، عقدت الفاعليات والعروض في مركز KINTEX، حيث شاركت به 1350 شركة من 65 دولة على مستوى العالم. ومن ضمنهم بالطبع كافة الشركات الكورية الجنوبية، وعلى رأسهم كل من KAI – Hyundai Rotem – LIG – Hanwha Group – KIA – LG – Korea AIR.

ثانياً: بعض ملاحظاتنا على المنتجات الكورية:

ومن خلال جولاتنا التي تضمنت عقد لقاءات مُجدولة مع مسئولي أكبر الشركات الكورية الجنوبية، إلى جانب رئيس اللجنة المنظمة للمعرض. يمكن إجمال ما لوحظ به في الآتي:

  • أصبح لدى الصناعات الكورية الجنوبية منتجات وخدمات، تغطي بشكل شبه شامل كافة فئات الأسلحة والذخائر الرئيسية والفرعية تقريبًا.
  • يبدو أن الشركات الكورية الجنوبية قد استفادت بأقصى شكل ممكن من شراكاتها طويلة الأمد مع الولايات المتحدة. حيث بُنيت قدرتها الحالية على عقود التصنيع المشترك مع الشركات الأمريكية منذ الثمانينات.
  • وجود بيئة انفتاح ممتازة على تقبل النقد والمقترحات، ومناقشة أي قصور من كافة موظفي الشركات على مختلف مستوياتهم، وهذا ما ظهر كثيرًا معهم أثناء نقاشاتنا في تفاصيل الأسلحة والنظم المعروضة.
  • هناك اتجاه عام لكافة الشركات الكورية الجنوبية تقريبًا في التوسع الخارجي للتصنيع المشترك، مع فرص جيدة لنقل التكنولوجيا الكورية الجنوبية.
  • ظهور تشابه ببعض المنتجات الجديدة للشركات الكورية الجنوبية مع نظيرتها الإسرائيلية، والتي يعتقد أن سببها هو التعاون المشترك بين البلدين خلال السنوات السابقة. ويمكن توضيح ذلك من خلال الآتي:
  • نظام الدفاع النشط:
  • طائرة الحرب الإلكترونية SOJ:

وقد كانت الشركات الكورية الجنوبية الكبرى تعرض حلولاً متكاملة في مجال التسليح. إذ أصبح لدى كوريا الجنوبية منظومة دفاع جوي/ صاروخي وطنية متكاملة، إلى جانب كافة فئات الطائرات بكامل تخصصاتها للقوات الجوية، إلى جانب القوات البرية والبحرية.

ومن أبرز ملاحظات الأسلحة والنظم التي تمت مناقشة مسئولي الشركات فيها الآتي:

  • أن المقاتلة KF-21 ما زالت في مراحل الاختبار لدمج الأسلحة المختلفة عليها، إلى جانب أن بعض الصواريخ الحديثة المُخصصة لها، ما زالت في طور التطوير، وبعض منها في مرحلة الأبحاث.
  • على الرغم من إخفاء الشركات الكورية الجنوبية لبعض مواصفات الأسلحة والأجهزة بشكل عام، إلا أن بالمناقشات توصلنا إلى الآتي:
  • أقصى مدى كشف لرادار AESA التي تطوره شركة Hanwha Systems للمقاتلة KF-21 هو 200 كم، وإمكانية الاشتباك مع ثلاث أهداف في نفس الوقت.
  • أقصى مدى للصاروخ LRAAM جو – جو بعيد المدى هو 200 كم.
  • أقصى مدى للصاروخ SRAAM جو – جو قصير المدى هو 30 كم، ولا يوجد به توجيه بعد الإطلاق، مع زاوية لا تتجاوز 90 درجة تقريبًا للباحث الحراري للصاروخ، كما أنه ليس مرتبطة بخوذة الطيار.
  • الصاروخ الجوال KALCM يصل مداه إلى 500 كم، وهو مصمم لإمكانية دمجه داخل بدن المقاتلة KF-21.
  • أنتجت شركة Hanwha نظام دفاع نشط ضد المقذوفات المضادة للدبابات (نظير الـ Trophy الإسرائيلي) والذي يتميز بدمج الكشف الكهروبصري بجانب الكشف الراداري، مع القدرة على تدمير أي مقذوفات طائرة، حتى دانات الدبابات ذاتها. ولكن يعيبه أن الرادار غير مدرع، ومحدودية الخراطيش الجاهزة للاستخدام (2 في كل قاذف)، وإلزام تعميرها يدويًا عند نفاذها.

ثالثًا: التوصيات الاستراتيجية:

وفي الختام، قدم فريق معهد شئون الأمن العالمي والدفاع توصيات مُجملة إلى الشركات الكورية الجنوبية تلخصت في الآتي:

  • ضرورة استمرار كوريا الجنوبية في سياسة الحياد، ودعم السلام والاستقرار في مناطق الصراع، حيث تتعارض الحروب الأهلية وقتال التنظيمات المسلحة من دوم الدول مع القيم الأخلاقية الكورية في سياسات تصدير السلاح لمناطق الصراعات.
  • تجنب منافسة الصين؛ بل على العكس من ذلك، ينبغي بذل الجهود لإيجاد مجالات التكامل مع الصين في سوق الدفاع في الشرق الأوسط، وخاصة في السوق العربية، وذلك لما تمتلكه الصين من قبول وشعبية في المنطقة.
  • تجنب إدانة واستهداف سمعة كوريا الشمالية في الدول العربية، حيث قد تؤثر بالعكس في العلاقات على المستوى الشعبي مع كوريا الجنوبية، فقط تقدم كوريا الجنوبية ما لديها من جودة وتفوق بمهنية واحتراف.
  • عمل الحكومة الكورية الجنوبية على تسهيل التمويل لتوسيع تواجد فئات الأسلحة الكورية داخل تلك القوات المسلحة، سواء من حيث الكمية أو النوع.
  • تعميق الإنتاج المشترك مع دول الشرق الأوسط التي تمتلك قاعدة صناعية دفاعية. إذ يُخفّض هذا الإنتاج تكلفة الوحدة من المعدات، ويُمكّن الشركات الكورية من زيادة معدلات الإنتاج دون الحاجة إلى ضخّ رؤوس أموال جديدة لتوسيع خطوط إنتاجها.
  • إطلاق برنامج دفاعي صناعي مشترك بين كوريا الجنوبية والشرق الأوسط، لجمع أكبر عدد ممكن من المشترين الإقليميين الذين يحتاجون إلى فئات محددة وموحدة من الأسلحة. سيؤدي ذلك إلى خفض تكلفة الشراء، وتمكين الشركات الكورية من تعزيز شراكاتها التي تفتح الباب أمام مبيعات أسلحة إضافية.
  • تنويع الشراكات والتعاون العسكري، وتنويع مصادر الأسلحة، وهو ما تتبناه مصر ودول الخليج، وتعميق التعاون العسكري من خلال زيادة التدريبات المشتركة مع تلك الدول، مع توخي الحذر فيما يتعلق بدولتي الجزائر والمملكة المغربية.
  • تسريع التواجد والتوسع في المعارض الدفاعية والأنشطة العسكرية، خاصة في الدول التي تسعى تركيا إلى سد الفراغ الذي تركته الصناعات الدفاعية الروسية في أماكن مثل سوريا ومصر.
  • في أسواق الأسلحة العربية يجب مراعاة: طبيعة العلاقات السياسية مع الدول المستوردة، وتقليل القيود، وضمان الجودة، وتسريع التسليم، والسيطرة على التكاليف.
  • الدخول كبديل في فكرة شبكة الدفاع الجوي/ الصاروخي الموحد بالمنطقة، إذ لا توجد منتجات دفاع جوي/ صاروخي تستطيع تلبية هذه المهام بشكل متكامل سوى لدى الولايات المتحدة (جزئيًا)، وإسرائيل وروسيا، وجميعهم لديهم مشكلات مختلفة بالمنطقة لسد احتياج هذه الفكرة. ما يمثل فرصة للشركات الكورية الجنوبية للعب دور حيوي بها.

    مُعد التقرير: أحمد عادل عبدالعال

باحث في الشئون العسكرية بمعهد شئون الأمن العالمي والدفاع (IGSDA)

باحث دكتوراه في العلوم السياسية والاستراتيجية – الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية.

شارك

author

باحث مشارك بالقسم العسكري – معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع IGSDA