بقلم/ ســــيد غنيــــم

بواسطة موقع إنفراد الإخباري – مصر

………………….

أثناء زياراتي الأخيرة لبريطانيا وعقب التصويت على بقاء أسكتلندا ضمن المملكة المتحدة لاحظت إستياء الشعب البريطاني من كثرة الهجرة الأوروبية إلى أراضيها سواء من مواطنين دول شرق أوروبا أو هجرة مقيمين بدول أوروبية من جنسيات غير أوروبية مشكوك في خلفياتهم إستطاعوا أن يشغلوا نصيباً كبيراً من فرص العمل (الأرخص) ببريطانيا والذي كان له شديد الأثر على الشديد على المواطن البريطاني الجنسية وتحديداً الأكثر كفاءة ولكنه بالطبع أعلى راتباً. سواء ملكة بريطانيا أو حكومة ديفيد كاميرون  التي حثت الأسكتلنديين على البقاء ضمن المملكة المتحدة على وعد بإبقاء بريطانيا ضمن الإتحاد الأوروبي لم تسطع أن توفي بوعدها أمام إرادة غالبية الشعب بفارق 1.9% في نتائج التصويت والتي حسمها شعبي “إنجلترا” و”ويلز” أمام شعبي “أسكتلندا و”أيرلندا الشمالية”. ورغم ما سبق جديرٌ بالذكر أن الاستفتاء غير ملزم من الناحية القانونية، مما يعني أن البرلمان البريطاني يمكنه (فنياً) تجاهل نتائجه – وإن كان هذا يعني تجاهل تصويت شارك فيه أكثر من (33) مليون مواطن، إلا أن تطور الأحداث السياسية في المملكة المتحدة تحدد شكل المفاوضات بين لندن و بروكسل حول بدء الإنسحاب من الإتحاد، والتي قد تأخذ مدة لا تقل عن سنتين فور إعلان بريطانيا الإنسحاب، أي أنها سوف تبقى عضواً كاملاً بالاتحاد تتمتع fكافة المزايا وتتحمل كافة المسئوليات حتى منتصف 2018 على الأقل. خروج بريطانيا من الإتحاد الأوربي يؤدي لعواقب إقتصادية وخيمة على بلادها كالغرامة المنتظر دفعها مقابل الخروج من الاتحاد والإنخفاض الملحوظ الآن في سعر الإسترليني مقابل ارتفاع سعر الذهب، ناهيك عن العلاقات الإقتصادية المالية والبنكية والعمالية المعقدة بين الإتحاد الأوربي وبريطانيا، من أبسطها أن ما يقرب من 45 في المئة من الصادرات البريطانية تذهب إلى دول الاتحاد الأوروبي و 53 في المئة من وارداتها تأتي منها والتي ستتأثر بالتأكيد.. كما أن تقييم الإقتصاد البريطاني أوروبيا ودولياً سينحدر من موضع “المستقر” إلى موضع أقل، ومن أعقدها وجود أموال وإستثمارات ضخمة تابعة للإتحاد الأوروبي مودعة بالبنوك البريطانية.. ويمكننا القول أن أهم المخاطر التي ستنتج عن إتمام خروج برسطانيا من الإتحاد الأوروبي قد تتلخص في إهتزاز حالة الإستقرار بالسوق الأوربي والذي سيؤثر بشدة على إقتصاده وإقتصاد دولي بالطبع. أما سياسياً فبالتأكيد خروج بريطانيا من الإتحاد سيزيد من حجم دور ألمانيا في القارة، ولكن هل سيستمر ذلك طويلاً أم سيعرض ألمانيا لموقف يستاء منه دول الإتحاد؟ مع الوضع في الإعتبار الكراهية القديمة والتخوف الأوروبي والروسي الكامن من تغول ألماني لا يمكن إحتوائه!! غير أن كافة “الأحزاب الوطنية” – “Nationalistic Parties” خاصة بدول فرنسا وهولندا وبعض أو كل الدول الإسكندنافية ينتظر أن تدعوا لإستفتاء مماثل. وقد يقلل خروج بريطانيا من الإتحاد من نفوذ أمريكا بأوروبا إلى حد كبير، فالولايات المتحدة تقدر علاقاتها مع المملكة المتحدة تقديراً كبيراً نظراً لدور الأخيرة في أوروبا والذي يساعد على نجاح السياسات الأمريكية بشكل كبير ليس إقليمياً في أوروبا والأقاليم المحيطة بها فقط ولكن يدعم السياسات الأمريكية عالمياً أيضاً. وعلى الصعيد الأوروبي تحديداً، تُعد بريطانيا دولة مهمة ليس فقط كشريك سياسي لأمريكا، وإنما أيضاً كدولة صديقة يمكن الاعتماد عليها في كثير من الأحيان لدعم مواقف تتفق مع مصالح الولايات المتحدة في بروكسل. ومن ناحية أخرى آخر وجب الوضع في الاعتبار تعاظم الدور الإقتصادي الصيني وتوغله أكثر في أفريقيا والشرق الأوسط والمنتظر تعاظمه أكثر مستقبلاً، مما سيزيد من فرص كبر النفوذ السياسي الصيني في تلك المناطق. رغم إحتمال تحول (شعوب) دول أوروبية أخرى (كما ذكرت سلفاً) للإستفتاء على الإنفصال عن الإتحاد الأوروبي والذي قد يؤول لإنهياره، إلا أنه لا يعتبر تفككاً أو إنهياراً في العلاقات بين الدول الأوربية، بقدر أنه إعادة هيكلة وتشكيل لطبيعة وآليات العلاقات بينها، والتي تصنعها إرادات شعوبها إرتباطاً بمعاناتهم داخلياً، ولو كان على حساب السياسات العامة الخارجية لدولهم.. فالشعوب في معظم وربما جميع دول الاتحاد الأوروبي هي صاحبة القرار الحقيقي في مسير سياسات بلادهم مهما كانت النتائج. http://www.enfraadnews.com/?p=3981
شارك

Comments are closed.