دكتور سَــــيْد غُنــــيْم

دكتوراه العلوم السياسية

زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا، ورئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع

أنقرة تقرر بشكل نهائي عدم اعتراضها على انضمام فنلندا للناتو، وهو ما يعني إنضمام فنلندا للحلف خلال أشهر قليلة.
ما هي التداعيات الأمنية المتوقعة؟
من المرجح أن تعزز العضوية الفنلندية الجناح الشرقي للناتو ودفاعاته الجماعية في شمال أوروبا. ربما يكون التأثير الأكثر أهمية هو توسيع حدود مواجهة الناتو مع روسيا. سيؤدي إنضمام فنلندا الناتو إلى زيادة تعرض الإتحاد الروسي للمواجهة أمام الناتو لأكثر من ضعف المواجهة قبل إنضمام فنلندا للناتو، حيث ستضيف فنلندا ما يقرب من 800 ميل من الحدود البرية أي ما يقرب لـ 1300 كم إضافية تشكل تهديداً مضاعفاً لموسكو. وستعمل فنلندا على توسيع وجود الناتو بشكل كبير في بحر البلطيق والدائرة القطبية الشمالية.
قبل غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير عام 2022، انتقدت روسيا بشدة زعماء الولايات المتحدة وحلفائها بسبب توسع الناتو بعد الحرب الباردة في الكتلة السوڤيتية السابقة وطلبت ضمانات أمنية ملزمة منهم، بما في ذلك الحظر الدائم على أي أعضاء جدد. في الأسابيع الأخيرة، قال الرئيس ڤلاديمير بوتين إن عطاءات فنلندا والسويد للانضمام “لا تشكل تهديدًا مباشراً لروسيا”، لكنه حذر البلدين من أن يصبحا قواعد لقوات الناتو أو معداته، ولم تصدر فنلندا رداً محدداً يعبر عن توجهها بشأن إستضافة قوات الناتو على أراضيها في مواجهة روسيا. وتسمح النرويج المجاورة عضو الناتو، للحلفاء بالوصول للتدريبات لكنها لا تسمح بالمنشآت الدائمة أو الأسلحة النووية.
من المتوقع أن يعزز التوسيع المقترح الأمن لدول البلطيق، التي انضمت للناتو منذ عام 2004 والتي كانت تعيش في قلق منذ فترة طويلة من أن تستولي روسيا على الجزر الفنلندية والسويدية في بحر البلطيق، وخاصة جوتلاند، واستخدامها كقواعد لشن هجمات على أراضيهم. ولذا من المتوقع أن الناتو سيحتاج بشكل شبه مؤكد إلى حقوق إنشاء القواعد في فنلندا والسويد للدفاع عن دول البلطيق. ويدعم زعماء دول البلطيق بشدة انضمام دول الشمال (فنلندا والسويد)، ويواصلون الضغط على أعضاء الحلف الآخرين لتعزيز الانتشار العسكري للناتو في بلدانهم.
من المتوقع أيضاً أن يؤدي إنضمام فنلندا للناتو إلى تعزيز قدرة الردع لدى الناتو في القطب الشمالي، وهي المنطقة التي استثمرت فيها روسيا بكثافة في البنية التحتية التجارية والعسكرية. سيؤدي انضمام فنلندا، وحالة أن تلحقها السويد، إلى انضمام جميع دول القطب الشمالي، باستثناء روسيا، إلى الناتو، مما يسمح للحلف باتباع استراتيجية أكثر تماسكاً في المنطقة.
القدرات العسكرية الفنلندية الحالية وقبل انضمامها للناتو:
19250 قوات عاملة + 238000 قوات احتياطية.
107 طائرة قتال + 20 قطعة بحرية + 312 دبابة + 672 قطعة مدفعية.
وبما يشكل ما يزيد قليلاً عن فرقة مشاة وفرقة مدرعة وأسلحة الدعم اللازمة لها.
وتسمح طول المواجهة بين فنلندا وروسية وطبيعة الأرض باستيعاب نشر قوات إضافية تابعة للناتو.
الأمر الذي سيدفع روسيا للعمل على تخصيص قوات إضافية لمواجهة القوات التي تمتلكها فنلندا وكذا قوات الناتو المحتمل نشرها في الأراضي الفنلندية.. وسيؤثر ذلك بالتأكيد على حجم القوات الروسية المخصصة للقتال في مسرح الحرب الأوكرانية، وبلا شك سيشتت الجهود الروسية بدرجة كبيرة، وسيحرم روسيا ممارستها لعادتها بأن تقوم قواتها الجوية باختراق المجال الجوي الفنلندي كاختبار دون تعرض حقيقي لها.
دكتور سَــــيْد غُنــــيْم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
أستاذ زائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل.
شارك

administrator

استشاري الأمن الدوَلي والدفاع، رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الإمارات العربية المتحدة، وأستاذ زائر في العلاقات الدولية والأمن الدولي في أوروبا وشرق آسيا، (مصري)