معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
– فريق خبراء المحيطين الهندي والهادئ
– القسم العسكري
– فريق الباحثين المشاركين
دكتور سَــــيْد غُنــــيْم
زميل الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية
أستاذ زائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
أولاً: الإجراءات المحتمل أن تتخذها الصين حالة تأكد نيتها غزو تايوان:
إذا قررت الصين بالفعل خوض حرب ضد تايوان، فمن المتوقع أن تبدأ التحضيرات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية والاجتماعية اللازمة لذلك قبل إعلان الحرب وشن الهجوم بعامين أو عام ونصف على الأقل. وتستهلك الحرب الحديثة بين القوى العظمى، أو وحتى القوى غير العظمى، مخزونها من الذخائر الرئيسية، وخاصة تلك الموجهة عالية الدقة، للحرب البحرية والجوية والصاروخية والبرمائية عالية الكثافة.
وسنجد الصين كان من المفروض أنها قد بدأت بالفعل في زيادة إنتاج الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز (الجوالة) والصواريخ الكبيرة والمخصصة لقصف الشواطئ بعيدة المدى، وإنتاج العديد من العناصر الأخرى، وذلك قبل عام على الأقل من الآن. وقد حددت الصور التجارية التي استخدمها المحللون منشآت وأسلحة عسكرية جديدة في الصين، بما في ذلك ما يبدو أنه حقول صوامع جديدة لأسلحتها النووية المتوسعة. قوة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. سوف يلاحظ المراقبين، الحكوميون الدوليون وغير الحكوميين على حد سواء، إنتاج الصين الكبير للذخائر الرئيسية.
كما ستتخذ الصين خطوات واضحة لعزل اقتصادها وجيشها وصناعاتها الرئيسية عن الاضطرابات والعقوبات الدولية الموقعة عليها. وهذا من شأنه أن يتجاوز سياساتها الصناعية الحالية واستراتيجية التداول المزدوج، والتي تهدف بشكل جماعي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي والمادي، أو حتى تدابيرها المحدودة ضد الاستخدام الأمريكي المتزايد لضوابط التصدير، والعقوبات والضغوط الاقتصادية والمالية.
كما إن المؤشرات على المدى القريب لاقتراب الصراع ستشمل عناصر مالية مثل فرض ضوابط أقوى على رأس المال عبر الحدود، وتجميد الأصول المالية الأجنبية داخل الصين، والتصفية السريعة وإعادة الأصول الصينية المحتفظ بها في الخارج. وسيشمل ذلك أيضًا زيادة في تخزين إمدادات الطوارئ، مثل الأدوية أو مدخلات التكنولوجيا الرئيسية؛ وتعليق الصادرات الرئيسية، مثل المعادن الحيوية، أو المنتجات النفطية المكررة، أو المواد الغذائية؛ تدابير للحد من الطلب أو تقنين السلع الأساسية، وخاصة الواردات مثل النفط والغاز؛ وتحديد أولويات أو إعادة توجيه المدخلات الرئيسية للإنتاج العسكري. وستواجه النخب الصينية والعمال ذوو الأولوية القصوى أيضًا قيودًا على السفر الدولي. وهو ما أيده جيرارد دي بيبو، زميل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS.
وقبل عام، أو نصف عام على الأقل، من الغزو الصيني المخطط على تايوان، من المحتمل أن تنفذ الصين وقف الخسارة على مستوى جيش التحرير الشعبي، وتوقف عمليات تسريح الأفراد والضباط المجندين، تماماً كما فعلت في عام 2007 عندما كثفت الضغوط بينما كانت تايوان تستعد لإجراء انتخابات.
وقبل 6 إلى 3 أشهر على الأقل من تاريخ الغزو المخطط، سيوقف جيش التحرير الشعبي أيضًا معظم التدريبات المنتظمة ويجري صيانة لجميع المعدات الرئيسية تقريبًا. ومن شأنه أن يوسع قدرة القوات البحرية والجوية على إعادة التسليح، وإعادة إمداد وإصلاح السفن والغواصات والطائرات بعيدًا عن المنشآت العسكرية التي من المحتمل أن تقصفها الولايات المتحدة أو تايوان، بما في ذلك القواعد البحرية والمطارات العسكرية بالقرب من مضيق تايوان. ستقوم القوات البحرية الصينية باستبدال البطاريات الكهربائية في غواصاتها غير النووية، وتكثيف التدريب على تحميل الصواريخ والطوربيدات والذخيرة على جميع السفن.
وفي قيادتي الصين العسكرية الشرقية والجنوبية المقابلة لتايوان، سيتخذ الجيش الصيني خطوات تحضيرية نادرًا ما تُرى في مجرد التدريبات، حيث سيتم إنشاء مستشفيات ميدانية بالقرب من مناطق الانطلاق ومناطق المغادرة والمطارات، ومن المحتمل أن تكون تنطلق حملات تبرع عامة. وستخلي مراكز القيادة المتنقلة التحصينات المعتادة وتنتقل إلى مواقع محصنة مخفية. كما سيتم نشر الوحدات المسؤولة عن إدارة النفط والزيوت ومواد التشحيم مع قوافل خطوط الأنابيب الميدانية، لدعم إعداد المركبات في الموانئ المدنية المستخدمة لتحميل سفن النقل التي ستشارك في الغزو.
وسيضع الجيش الصيني القوات، بما في ذلك تلك البعيدة عن مضيق تايوان، في حالة تأهب. ولطالما تخشى بكين حرب رد الفعل المتسلسل على حدود الصين الأخرى، سواء من جانب الولايات المتحدة أو بتشجيع منها. وفي جميع أنحاء جيش التحرير الشعبي الصيني، سيتم إلغاء الإجازات وسيتم استدعاء الاحتياط إلى الخدمة، وحصرهم في معسكراتهم أو في سفنهم. وستحمل المئات من طائرات النقل العسكرية والرحلات الجوية المستأجرة المواد الأساسية وكبار الضباط لتفقد الاستعدادات في قيادة المنطقة الشرقية العسكرية. وسوف تتعطل رحلات الركاب والبضائع العادية. وهذا ما يمكن ملاحظته حتى من قبل المتحمسين لتتبع رحلات الطيران من الهواة، الذين ركزوا على فضح المزاعم القائلة بأن الرحلات الجوية من وإلى بكين قد توقفت في سبتمبر 2022 وسط شائعات عن حدوث انقلاب، والتي أُثبت أنها شائعات لا أساس لها من الصحة، ولكنها كانت مصاحبة لمناورات الصين العسكرية المكثفة تجاه تايوان في أكتوبر 2022، للإيحاء بأن المناورات ستكون غزو حقيقي للصين.
وفي إطار التحضيرات لغزو تايوان أيضاً، سيأمر الحزب الشيوعي الصيني بإعلان التعبئة الوطنية قبل 3 أو 4 أشهر على الأقل من الغزو المخطط له، وهي خطوة علنية للغاية لم يتم اتخاذها منذ عام 1979. وستقوم لجان التعبئة العسكرية والحضارية الإقليمية بفرض السيطرة على السفن التجارية، وسفن النقل، والعبارات ناقلة السيارات الكبيرة، والطائرات، والقطارات، والشاحنات، وكل ما له صلة بالمجهود الحربي، للتحضير قبل الصراع، ثم خلاله، وحتى نهايته. وسيقومون بتعبئة عدد هائل من الأفراد، بما في ذلك جنود الاحتياط، لحراسة البنية التحتية المدنية الرئيسية، والاستعداد لإصلاح الأضرار التي لحقت بها بعد استهدافها بالصواريخ والقنابل التايوانية وقنابل الجيوش الداعمة لتايوان، وكذا لمنع أعمال الشغب والتخريب. وسيواجه المصنعون الغربيون العاملون في الصين اضطرابات في سلسلة التوريد، مع تحول وسائل النقل الرئيسية وبعض الشركات المصنعة للمكونات إلى الاستعداد للحرب. كما ستتأهب الوحدات المخصصة لتنفيذ ومجابهة الحرب السيبرانية.
وعلى الصعيد الاجتماعي، سنجد قادة الصين يجهزون شعوبهم نفسيا لتحمل تكاليف الحرب، والتقشف، حيث سيتم تهيئة الجيش والشعب للاستعداد للتضحية بعشرات الآلاف من القتلى العسكريين أثناء القتال، ومثلهم من المدنيين، نتيجة للضربات التي منتظر أن تشنها القوات التايوانية، وربما تعاونها نيران البحرية والصواريخ الأمريكية (حسب تقديرات صينية في هذه الحالة). ولو توقعنا أن صراع كان مخططاً بواسطة الصين أن ينشب في ربيع أو صيف 2024، فكان المفروض أن تتم هذه الإجراءات منذ العام 2022.
ثانياً: أسلوب الهجوم المحتمل:
– فرض حصار بحري وجوي بالقوات الجوية والبحرية والحرب الإلكترونية والدفاع الجوي على تايوان.
– تجهيز 600,000 مقاتل على أهبة الاستعداد. مع تجهيز عناصر (قوات خاصة) في مجموعات قتال، يتم تسريبهم بملابس مدنية لجزيرة تايوان، يُكلفوا بمهمة استهداف القادة ومراكز القيادة والسيطرة الاستراتيچية.
– يتبع ذلك تنفيذ ضربات جوية وصاروخية مكثفة ضد المطارات وقواعد الدفاع الجوي وقواعد الصواريخ وكافة مصادر النيران ومراكز القيادة والسيطرة التايوانية، يعاون في توجيهها عناصر القوات الخاصة المتسربة لتايوان، بمعاونة الوسائل التكنولوچية المتطورة.
– يلي ذلك الهجوم بأحجام محدودة من القوات المحمولة جواً وبحراً، بمهمة احكام السيطرة على جزيرة تايوان.
– تراهن الصين، حالة نيتها الشروع في الغزو، على نجاح القوات المتسربة للجزيرة، وضعف الجيش التايواني البالغ قوامه 169,000 مقاتل ليس لديهم الصمود والقتال أمام الجيش الصيني هائل القدرة والمكون من 2,035,000 مقاتل على حد تقديرات الاستخبارات الصينية، وعدم مقدرة تايوان على توجيه ضربات نيرانيه مؤثرة في الداخل الصيني، واحتمال تردد الجيش الياباني والقوات الأمريكية المتواجدة في بحر الصين الجنوبي من الأسطول السابع المدعوم بتشكيلات قتال بحرية من الأسطول الخامس الأمريكي.
ثالثاً: الإجراءات الأمريكية المضادة حالة حدوث ذلك:
إذا لاحظت الاستخبارات الأمريكية أن بعضًا من ذلك يحدث بالفعل في توقيت معين بالقدر اللازم، فسوف يقومون فوراً بنشر هذه المعلومات علنًا، تمامًا كما فعلوا قبل أربعة أشهر تقريبًا من غزو روسيا لأوكرانيا، أي لن يقوموا فقط بتسريبها إلى منفذ إخباري واحد، بل لكل المنافذ الممكنة. حيث تهدف الولايات المتحدة من ذلك، ومع انتباه الاستخبارات الصينية لتصرف الاستخبارات ومؤسسات الدولة الأمريكية بفضح نواياهم، أن تتراجع الصين عن نواياها هذه. ولكنه رد فعل غير مؤكد في رأيي.
كما ستعمل الولايات المتحدة بالتعاون مع اليابان على ضمان تدفق الاحتياجات اللوچستية اللازمة لتايوان لاستمرار صمودها وإحراج القيادة الصينية، وزيادة الضغط عليها. فضلاً عن احتمال مشاركة الولايات المتحدة بالقوة بشكل غير مباشر على الأقل.