معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
القسم الأمني والعسكري
دكتور سَــــيد غُنــــيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
 
أولاً: الناتو من منظور الصين:
ترى الصين الناتو باعتباره مكونًا مهمًا في “المواجهة بين الكتل” التي تقودها الولايات المتحدة – والتي تعتبرها استراتيجية لنسج شبكات من التحالفات الدولية لاحتواء صعود الصين.
ثانياً: دور الناتو في المحيط الهادئ
من المستحيل قانونيًا وسياسيًا دعوة الدول الآسيوية إلى التحالف أو تمديد ضمانات أمن الحلف لتغطية الأراضي الأمريكية في المحيط الهادئ.
قبل عام 2022 احتل الناتو مكانة منخفضة في أولويات الصين. كانت الصين تنظر إلى التحالف كما يوحي اسمه، كمنظمة تركز على شمال المحيط الأطلسي. كانت العلاقات بين الصين والناتو متحفظة، لكنها شملت مشاورات منتظمة وحتى مستوى التعاون المحدود بشأن التهديدات المشتركة مثل الإرهاب الدولي والقرصنة.
ومع ذلك، نجد في المقابل في عام 2022، عرّف الناتو الصين في مفهومه الاستراتيجي الجديد بأنها “تحدٍ منهجي”، وتمت دعوة “مجموعة آسيا والمحيط الهادئ الأربع” (أستراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية) إلى قممه منذ ذلك الحين.
ثالثاً: هل ترى الصين الناتو يشكل تهديداً عسكرياً مباشراً تجهاها؟
لا يشكل الناتو تهديداً عسكرياً مباشراً للصين، ولا ترى الصين أن التحالف يتحرك بسرعة نحو منطقتها.
ورغم ذلك، تكمن مخاوف صينية شديدة تجاه الناتو يمكن تلخيصها في الآتي:
1- من منطلق منظور الصين أن الولايات المتحدة هي قائد الناتو والمحرك له، ترى الصين أن الولايات المتحدة تتمتع بنفوذ كبير من خلال حلفائها، في المقام الأول لتوليد الضغوط السياسية والاقتصادية ضدها وقد تستخدم الناتو في ذلك.
2- تتخوف الصين من أن يقوم الناتو بتحديث تفويضه (بروتوكوله) ليناسب بشكل أفضل حقائق المنافسة العالمية في القرن الـ21. خاصةً وأن ترك الجزر المهمة استراتيجياً، مثل جزيرتي جوام أو هاواي الأمريكيتين، خارج ضمانات الحلف يخلق فجوة ردع مضاد للحلف والولايات المتحدة يمكن للصين استغلالها.
3- في حالة الطوارئ تجاه تايوان، من المرجح أن تتمكن الولايات المتحدة من تشكيل تكتل بناءً على رغبة أو موافقة بعض الدول الأعضاء بحلف الناتو، لفرض عقوبات اقتصادية، أو توفير الأسلحة، أو حتى المشاركة في العمليات العسكرية، على الرغم من القيود القانونية المفروضة على التحالف.
4- التدريبات البحرية الصغيرة بين الناتو واليابان، تشعر الصين بالقلق إزاء التعاون السريع المتطور بين الناتو ودول آسيا والباسيفيك الأربع (اليابان وكوريا وأستراليا ونيوزلندا) في تبادل المعلومات الاستخباراتية والدفاع السيبراني والفضائي، والذي يمكن حتى للدول الأوروبية الأصغر حجماً والأكثر بعداً ولكنها تتمتع بالذكاء التكنولوجي أن تقدم له الكثير من القيمة.
5- في المخطط الأوسع، يدفع الناتو إلى تعاون عسكري تكنولوجي أعمق بين المحيط الهادئ وأوروبا. وقد لاحظ المراقبون الصينيون مدى فعالية الجيش الأوكراني مدعوماً بالتكنولوچيا الأوروبية لدول الناتو ضد التكنولوجيا العسكرية الروسية (التي تعتمد عليها الصين أيضًا بشكل كبير).
6- مدى فعالية وسرعة قدرة أوكرانيا على “تحويل” قواتها الموروثة من الاتحاد السوڤياتي إلى قوات تابعة للحلف بدعم من الولايات المتحدة والحلف كما فعلت دول شرق أوروبية قبلها، الأمر الذي قد يثير شهية دول شريكة للصين أو مرتبطة بها في منطقة المحيط الهادي والباسيفيك قد تميل للشراكة مع الناتو مبتعدة عن عباءة الصين، ومنها تلك الدول التي تراجعت عن اعترافها بتايوان لتقترب من الصين.
7- يرى المراقبون الصينيون أن الحرب في أوكرانيا والتعاون مع الناتو يشكلان ذريعة قوية لإعادة تسليح اليابان من جيش للدفاع الذاتي إلى قوات مسلحة أكثر قوة مؤهلة للدفاع عن نطاقاتها الاستراتيجية. وبالفعل، لم يعترض الحلف على الحشد العسكري الياباني الأخير ودوره المتنامي في هياكل الأمن في المحيط الهادئ، بل دعمه. والواقع أن اليابان التي عادت إلى الظهور عسكرياً وتعمل في تعاون عميق مع الناتو ومعها كوريا الجنوبية هو شيء لا تريد الصين أن تراه.
شارك

administrator

استشاري الأمن الدوَلي والدفاع، رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الإمارات العربية المتحدة، وأستاذ زائر في العلاقات الدولية والأمن الدولي في أوروبا وشرق آسيا، (مصري)