دكتور سَــــيْد غُنــــيْم دكتوراه العلوم السياسية زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا، ورئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع

خلال ثلاثة أيام قتال بين قوات الدعم السريع السودانية بقيادة حميدتي والجيش السوداني بقيادة البرهان.

وقف إطلاق النار الذي استمر أربع ساعات، والذي تمت الدعوة إليه يوم الأحد للسماح بمرور آمن للمدنيين المحاصرين، تم انتهاكه قبل أن ينتهي. وطالبت اللجان الطبية بممر آمن للمرضى للوصول إلى المرافق الطبية والسماح للأطقم الطبية بالوصول إلى الجرحى.

اشتداد المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مع الاستمرار في شن غارات جوية وقصف جوي بواسطة القوات الجوية السودانية على أجزاء من الخرطوم ومدينة أم درمان المجاورة ضد معاقل قوة الدعم السريع. وارتفع عدد الخسائر في الأرواح من الجانبين إلى 100 قتيل.

سينعقد مجلس الأمن الدولي اليوم بسبب الموقف المتردي في السودان، والذي سبقه انعقاد الجامعة العربية والإتحاد الافريقي فضلاً عن وساطات عربية وأمريكية. حيث قام وزير الخارجية الأمريكي بلينكين بالاتصال بالچنرالين السودانيين في محاولة للضغط عليهما، وأزعم أن واشنطن ترى أنه بدون هذا الضغط الأمريكي، يمكن أن نجد صراعاً بنفس نمط الحرب بين التيجراي وإثيوبيا، مما يصعب بشدة السيطرة على الموقف في السودان.

بجانب جهود مندوب الأمم المتحدة في السودان، يمتد نطاق ولاية الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي في القرن الأفريقي إلى السودان وجنوب السودان. والذي يحاول حالياً التحرك بسرعة لحلحلة الأزمة.

جهود دبلوماسية كبيرة بواسطة السعودية والإمارات. حيث حاول السفير السعودي في الخرطوم التوسط ورأب الصدع بين البرهان وحميتي دون جدوى حتى الآن. ويحاول محمد بن سلمان ووزير خارجيته دعوة الچنرالين إلى الرياض هذا الأسبوع لكن لا يوجد تأكيد حتى الآن.
جديرٌ بالذكر أن كل من البرهان وحميدتي أقاما علاقات وثيقة مع السعودية والإمارات، حيث قاتلت القوات السودانية المأخوذة من الجيش وقوات الدعم السريع إلى جانب التحالف الذي تقوده السعودية في الحرب المستمرة منذ فترة طويلة في اليمن، وما زالت قوات عاصفة الحزم تتدرب في مروي للآن.

تمتلك السعودية النفوذ الأكبر نسبياً في السودان الآن مقارنة بالإمارات، حيث تقلص نفوذ الإمارات نسبياً، والتي كانت تدعم جميع الأطراف السودانية بشكل قد يحقق التوازن في علاقاتها مع كلا الرجلين القويين، وذلك كاستراتيجية تراها أبوظبي قد تحقق الاستقرار، ولكنها لم تنجح في ذلك، من منطلق أن كل من البرهان وحميدتي لديهما أطماع كبيرة في حكم السودان، كما أنهما ينظرا للإمارات كصاحب مصلحة وليس دولة وساطة. من جانب آخر يبدو أن الموقف في ذروته، ومن ثم لم تحقق مساعي الوساطة السعودية ما يكفي لإقناعهما بالهدوء والجلوس على طاولة المفاوضات.

وتركز الإمارات حالياً على نفوذاً أوسع في القرن الإفريقي، خاصة بعد خروج البعثة الأفريقية الانتقالية في الصومال (ATMIS) التابعة للاتحاد الأفريقي. حيث من المنتظر أن تقوم الإمارات بالإلتزام بدور مهمة البعثة الانتقالية الأفريقية لتمويل تدريب القوات الصومالية بأموال إماراتية وليس أفريقية، وذلك بتوزيع 18 ألف متدرب صومالي لتدريبهم بدول مجاورة إحداها دولة عربية كبيرة. وبذلك تضع الإمارات نفسها كواحدة من أكثر الدول نفوذاً في منطقة الشرق الأوسط.

تبدو احتمالات إنهاء القتال غير واردة في الوقت الحالي حيث انخرط البرهان وحميدتي في ذروة تصعيدهما ومطالبة كل منهما الآخر بالاستسلام، مما لا يسمح بالتراجع بواسطة أيً منهما، أو حتى التفكير في الجلوس على طاولة المفاوضات. ويضع بعض المراقبون آمالهم على قرب حلول عيد الفطر خاصةً وأن الجانبين يدينو بالإسلام، ولكنه قد يكون أمراً لا فائدة منه، مما سيزيد من الضغط على الشعب السوداني غير القادر على الخروج للشوارع حتى لجلب مستلزماته.

مصر، دولة النفوذ الأهم في السودان، لها علاقات متجذرة مع الجيش السوداني، حيث يجري الجيشان مناورات عسكرية منتظمة ترسخت في إبريل 2021، وكان آخرها هذا الشهر إبريل 2023. ولا تعترف مصر بقوة الدعم السريع ولكن دون عداء صريح معها.

يبدو أن مصر تتخذ موقف ملتزم بالصبر والحذر الشديدين، والذي قد يرتبط بسرعة حسم الصراع المتصاعد بين الجانبين في أقرب فرصة ممكنة.

دكتور سَــــيْد غُنــــيْم

شارك

administrator

استشاري الأمن الدوَلي والدفاع، رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الإمارات العربية المتحدة، وأستاذ زائر في العلاقات الدولية والأمن الدولي في أوروبا وشرق آسيا، (مصري)