معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
القسم الأمني والعسكري
دكتور سَــــيد غُنــــيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
 

أولاً: الحدث:

وقعت مذبحة مجدل شمس عندما أصاب صاروخ ملعب كرة قدم في بلدة مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل شمال البلاد. وأسفر الانفجار الناتج عن ذلك عن مقتل 11 من أصل 12 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 10 و16 عامًا، وإصابة ما لا يقل عن 42 آخرين معظمهم أيضاً من الأطفال.

ثانياً: مواقف الأطراف:

  • موقف حزب الله:

كان حزب الله قد أعلن أنه هاجم قاعدة عسكرية إسرائيلية في جبل الشيخ بالجولان، ولكن مع وقوع حادث مجدل شمس نفى حزب الله نفى مسؤوليته عن ضرب ملعب كرة القدم بها، كما أعلنت جماعة حزب الله صراحةً، بأنها ليس له أي علاقة بالهجوم.

  • موقف إسرائيل:

اتهمت إسرائيل حزب الله بتنفيذ الهجوم، ربطاً بزعم حزب الله أنه هاجم قاعدة عسكرية إسرائيلية في جبل الشيخ بالجولان، لكن حزب الله نفى مسؤوليته عن ضرب ملعب كرة القدم. وذكرت القوات الإسرائيلية أن الصاروخ كان من طراز فلق-1 إيراني الصنع ومجهز برأس حربي يحتوي على أكثر من 50 كيلوغرامًا من المتفجرات.

  • موقف إيران:

حذرت إيران إسرائيل من الانتقام لما تعتبره هجوم حزب الله الصاروخي – باستخدام صاروخ إيراني الصنع، حيث أيد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إعلان حزب الله بأنها ليس له أي علاقة بالهجوم، وحذر إسرائيل من الانخراط فيما أسماه بـ “مغامرات عبر الحدود الشمالية”، معتبراً إسرائيل أنها تسعى إلى تضليل الرأي العام بسيناريو مزيف لصرف انتباه العالم عن الجرائم التي ترتكبها على نطاق واسع في فلسطين. وحالة انتقام إسرائيل، ستكون مسؤولة بشكل نهائي وأساسي عن التداعيات وردود الفعل غير المتوقعة لهذا السلوك الغبي، على حد تصريح المتحدث الإيراني.

ثالثاً: الإجراءات المحتملة:

  • خيارات الرد الإسرائيلي المحتملة:

السيناريو الأول:

تنفذ رد فوري قاسي ضد معاقل حزب الله جنوب لبنان ومقراته والبنية التحتية في بيروت ومناطق أخرى. وهو سيناريو يرتبط بالتوقيت وليس بقوة الرد.

السيناريو الثاني:

ترى إسرائيل أن الوضع شديد الخطورة على حدودها الشمالية، وستزيد من الإجراءات لاستعدادات جهازها الأمني لذلك، ومن ثم، ستركز إسرائيل على ألا تخلط الأمور، حيث ستوجه الاهتمام إلى الشمال دون إهمال أزمة تحرير الرهائن في غزة. وأتوقع أن تحسب إسرائيل الهدوء المؤقت في القتال في غزة لصالح صفقة الرهائن من شأنه أن يمنح جيشها الوقت الكافي للتصرف بشكل مختلف عن أي توقعات نمطية في لبنان، مع استغلال الجولة المقبلة من المحادثات في روما لتحقيق هذه الغاية.

من هذا المنطلق، قد يكون الخيار لرد إسرائيل ولو لعدة أيام على الأقل، والذي قد تعده كرداً قاسياً ضد معاقل حزب الله في أنحاء لبنان. وهو سيناريو يرتبط بقوة الرد على حساب التوقيت.

السيناريو الثالث:

وإن كان التقدير العسكري في السيناريو الأول يميل لتأجيل إسرائيل الرد على حزب الله لعدة أيام على الأقل ويميل في السيناريو الثاني لاستخدام البعد النيراني فقط دون استخدام القوات البرية، فهناك الزاوية السياسية والأمنية التي تميل إلى العكس في السيناريو الثالث.

فمع 50٪ من حكومة نتانياهو في اليمين المتطرف ويسارعون إلى العودة إلى ديارهم، سيظهر نتانياهو قوة ركوب الأمواج على رياح العواطف المواتية واغتنام الفرصة التي خلقها حادث مچدل شمس. حيث يتوقع أن إسرائيل ستمطر القنابل الليلة على جنوب لبنان، مع ضربات دقيقة في عمق لبنان واحتمال تنفيذ دفع مفارز في صورة عملية برية متواضعة/ صغيرة وذلك خلال يوم أو يومين من إصدار هذا التقدير، بناءً على نتائج التمهيد النيراني، لاختبار وتقييم القوة الحقيقية لمقاومة حزب الله، إذا كانت إيجابية للقوات الإسرائيلية حسب نتائج أعمال الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، فقد يؤدي هذا إلى المزيد من التقدم (على الأقل حتى شمال نهر الليطاني).

وليس هناك نتيجة مضمونة جراء تهور إسرائيل وتنفيذ هذا الخيار، وبالتالي استخدام التفوق الجوي لـ (التفاخر)، وتنفيذ عمليات برية متواضعة/ صغيرة لـ (لاختبار). وستكون عملية برية صغيرة بما يكفي، فإذا كانت النتيجة سلبية، فلا ينبغي ذكرها كهزيمة، ولكنها كبيرة بما يكفي لاختبار وتقييم احتمالات العمليات البرية الأكبر بنجاح.

في هذه الحالة سيتم البدء بالقوات الخاصة/ المظليين في العمق اللبناني القريب شمال مرچ عيون شرقاً وحتى صور على ساحل البحر المتوسط غرباً وعلى مرتفعات الجولان على سبيل المثال، وكما ذكرنا في تحليلات سابقة لتشكيل ومهام القوات في العملية البرية الإسرائيلية المحتملة في لبنان.

في المقابل، إذا بدأت إسرائيل باستخدام دبابات ميركافا وخسرت بعضها، فسيشجع هذا حزب الله والفصائل المشاركة للتصدي للهجوم، وسيزيد من المقاومة في الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع ضد الهجوم الرئيسي. هكذا أعتقد يفكر فريق نتانياهو ممثلاً لإسرائيل.

وهذا السيناريو يرتبط بقوة الرد وبأولوية عامل الوقت على السواء.

من ناحية أخرى، إذا انخفض قبول ترمپ في استطلاعات الرأي، فإن أفضل ما يمكن أن يستغله ترمب هو “كابول ثانية”، ولكن هذه المرة في بيروت والتي سيتعين على بايدن وهاريس مواجهتها.

  • رد حزب الله المحتمل:

القيام بشكل موسع بإخلاء العديد من مواقعها ذات القيمة العالية تحسبا لرد إسرائيلي قوي على المذبحة في أي وقت ممكن، حتى وإن كانت تتوقع ذهاب إسرائيل للخيار الثاني.

  • الرد الإيراني المحتمل حالة قيام إسرائيل بانتقام قاسي ضد حزب الله:

في أبريل الماضي، شنت إيران أول هجوم مباشر لها على إسرائيل باستخدام نحو 300 طائرة مسيرة وصواريخ كروز وصواريخ باليستية. وتم صد الهجوم الإيراني من قبل تحالف يضم قوات من إسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وعدة دول أخرى. وتم اعتراض نحو 95% من القذائف والطائرات بدون طيار التي أطلقت على إسرائيل، ومعظمها خارج المجال الجوي الإسرائيلي.

ومن غير الواضح ما إذا كانت إيران ستحاول مرة أخرى شن هجوم مباشر على إسرائيل، وخاصةً أنه لم يتم حتى الآن الكشف عن خطط إسرائيل للرد.

إلا أنني أتوقع أنه حالة قيام إسرائيل برد قاسي (وأظنه سيكون غير نمطي نسبياً)، أن تقوم إيران بالتدخل مرة أخرى بهجمات أكثر دقة وتركيزاً على أهداف إسرائيلية، مع الحفاظ على عدم التصعيد بأي شكل بين البلدين.

شارك

administrator

استشاري الأمن الدوَلي والدفاع، رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الإمارات العربية المتحدة، وأستاذ زائر في العلاقات الدولية والأمن الدولي في أوروبا وشرق آسيا، (مصري)