معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
القسم الأمني والعسكري
دكتور سَــــيد غُنــــيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
 
أولاً: تحاول إيران كسب الوقت الضيق أمامها قبل أن تشن إسرائيل “هجوم قاس ضد أهداف وازنة” في إيران.
وفي رسالة من إيران إلى إسرائيل عبر قنوات أوروبية عن الهجوم الإسرائيلي المتوقع، أفادت بشكل غير مباشر أن “إيران ستتغاضى عن ضربة إسرائيلية محدودة، ولن ترد عليها”.
وبمقارنة مفاد هذه الرسالة (إن صح ما بها) بما صرحت به إيران بعد ضربة صواريخها الباليستية ضد إسرائيل أول أكتوبر الحالي أن إيران ستعتبر الموضوع منتهي إذا لم ترد إسرائيل بضربة ضد إيران، يمكنني الخروج بأمرين:
الأول: أن إيران أصبحت واثقة من عزم إسرائيل شن ضرية قاسية ضدها، وأنها تخشى نتائجها.
الثاني: أن الضربة الإيرانية ضد إسرائيل أول أكتوبر لم تكن مؤثرة كما زعمت إيران، وإلا ما كانت إسرائيل تستطيع القيام بضربة مؤثرة ضد إسرائيل، ولا كانت إيران تخشى ردها.
ثانياً: الضربة الإسرائيلية المتوقعة:
1- لا شك أن الأصول العسكرية الإيرانية، وخاصة الصواريخ الباليستية والأهم برامج الفضاء التي توجهها هي أهداف عسكرية تضعها إسرائيل ضمن أولويتها.
وإذا كانت المقاتلات هي التي ستكلف بتدميرها فلا شك أيضاً أن القواعد الجوية والدفاع الجوي الإيرانية ستكون هدفاً لإسرائيل. وبرده، ستكون إسرائيل مسؤولة عن تأمين ممرات وكافة أصول القواعد الجوية الإسرائيلية من أي استهداف مؤثر لا يتيح لطائراتها العودة من ضربتها والهبوط في مطاراتها وعلى ممراتها بسلام.
2- كما يمكن لإسرائيل أن تضرب صناعة النفط الإيرانية، وهو يضر باقتصادها. ولكنه بجانب ارتفاع أسعار الطاقة بما يفيد روسيا، قد يؤدي لاستفزاز إيران، فتضرب منشآت إنتاج النفط في دول الخليج العربي. وهو أمر لا تقبله الظروف الأمريكية مع الانتخابات الرئاسية القريبة، حيث قد يؤدي لارتفاع أسعار الوقود الذي يضر بالحملة الانتخابية للديمقراطيين لصالح ترمب. ويبقى احتمال إعلان إيران إغلاق مضيق هرمز كائناً.
3- ولا شك أن توجيه ضربات للمنشآت النووية الإيرانية من شأنه أن يؤخر قدرتها على إنتاج سلاح نووي. إن البرنامج النووي الإيراني منتشر في العديد من المواقع، وبعضها فقط مبني تحت الأرض. ولكنه سيدفع إيران للانسحاب من اتفاقية عدم الانتشار النووي. إلا أنه يبقى احتمالاً وارداً.
4- أما الأهم على الإطلاق في رأيي، سواء بجانب ما سبق أو بدونه، ضرورة عمل إسرائيل في ضربتها القادمة على شل قدرة إيران على القيادة والسيطرة، ويحبذ مع عدم ضرب هيبة النظام الإيراني الحاكم، بهدف إحكام شل قدرتها دون دفعها لأي رد ممكن غير محسوب.
ويتم ذلك من خلال الاستمرار في اغتيال القادة الإيرانيين السياسيين والعسكريين وخاصة من الحرس الثوري الإيراني، لزيادة الإرتباك إرباكاً. وضرب كل أو بعض مراكز (منظومة القيادة والسيطرة والاتصالات والكمبيوتر والاستخبارات) بهجوم سيبراني أو ربما بضربة كهرومغناطيسية تشل كل ما هو مواصلات وكل ما هو طاقوي، وذلك بوسيلة محتمل أن إسرائيل تمتلكها في الداخل الإيراني، وهي لن تقتل كائن حي واحد، فقط ستشل كل ما هو طاقوي خاصة في مجالات الاتصالات والكهرباء. وهو ما سيحقق ما أعلنت إسرائيل، أن الضربة المتوقعة ستكون قاسية وغير متوقعة ولن يعلم أحد من أين أتت.
5- وهنا مع زيادة احتمال الخيار العسكري والضربات من الداخل الإيراني، نجد الخيار السيبراني أيضاً والذي تقوده وحدة إسرائيل السرية 8200، والتي يرجح أنها من نفذ ضربات أجهزة النداء “بيجر” وأجهزة اللاسلكي “آي كوم”، بجانب عقوبات أمريكية إضافية محتملة ضد إيران، تستهدف مجالي تجارة النفط وانتاج وتجارة السلاح.
شارك

administrator

استشاري الأمن الدوَلي والدفاع، رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الإمارات العربية المتحدة، وأستاذ زائر في العلاقات الدولية والأمن الدولي في أوروبا وشرق آسيا، (مصري)