عند التخطيط للحرب تصدر عدة وثائق عملياتية رئيسية وخطط عملياتية أخرى مكملة، منها خطة العملية (سواء الهجومية أو الدفاعية) وخطة التحركات وخطط الإمداد (لاحظ اسمها خطط وليس خطة الإمداد)، وخطط أخرى كثيرة لأنه لا يوجد في الحرب حركة أو تصرفاً واحداً عشوائياً كما يتصور الغالب الاعظم.
ومن أهم هذه الخطط على الإطلاق على المستوى الاستراتيجي خاصةً في الدول الكبرى (خطة إدارة النيران). وفي دولة تمتلك ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم كروسيا يشارك في إعداد وتنفيذ هذه الخطة فريق عمل متخصص من مسؤولي التخطيط بالقيادة العامة للقوات المسلحة ومعه مسؤولي التخطيط بقيادة القوات الجوية والبحرية والصواريخ الإستراتيجية أرض/ أرض والمدفعية الإستراتيجية وغيرهم.
وأهم الخطط التي يجهزوها في نفس الإطار ما يطلق عليه “أسبقية تدمير الأهداف”. وهي تعتبر من أصعب وأعقد الخطط على الإطلاق حيث بإمكانيات نيرانية محددة يجب تدمير أهداف كثيرة للعدو ذات مواصفات ومساحات وطبيعة وقدرات دفاعية وأعماق متباينة، وذلك في توقيتات ومراحل زمنية محددة، مع الإبقاء على احتياطي كبير من وسائل النيران لمجابهة المواقف الطارئة لتدمير أهداف لم تكن مخططة، أو استخدام وسائل وحجم نيران بكثافة أكبر على أهداف كان مخطط لها حجم ووسائل نيران أقل.
ومما سبق وحسب ما أعلنت القوات الروسية أنها دمرت آلاف الأهداف العسكرية الأوكرانية وما زالت القوات الأوكرانية تدير أعمال قتال ناجحة وتنفذ عمليات نوعية قوية بعضها بصواريخ عضوية أوكرانية وتدمر أهم طراد روسي على الإطلاق بعد مرور خمسين يوماً من العمليات.
وهو ما يشير لخطة إدارة نيران روسية غير دقيقة، حيث لم تتقن التخطيط في تحديد أسبقيات تدمير الأهداف الأوكرانية، والدليل هو ما نراه الآن.
بالتأكيد هناك الكثير الذي يجب على صناع القرار الخروج به من هذه الحرب الإستثنائية.
دكتور سَــــيْد غُنــــيْم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
أستاذ زائر بالناتو والأكاديمية العسكرية ببروكسل