معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
القسم الأمني والعسكري
دكتور سَــــيد غُنــــيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
تسعى إيران دائماً ، والمطلة على الخليج العربي وتتضمن مضيق هرمز ضمن مياهها الإقليمية، لضمان فعالية نفوذها الإقليمي الأوسع خارج منطقة الخليج، عبر جسرين أحدهما يصل إلى شرق البحر المتوسط من خلال سوريا ولبنان، والثاني إلى جنوب البحر الأحمر من خلال اليمن، فضلاً عن معبر ثالث ولكنه بري من خلال العراق.
هناك رؤية تخيلية تفترض أن قطاع غزة واقع جغرافيا على حدود سوريا ولبنان شمالاً وليس على حدود مصر جنوباً، وقد توقعنا احتمالاً، بغض النظر عن قبول الفصائل الفلسطينية من عدمه، أن حزب الله الفلسطيني سيظهر ويتواجد داخل القطاع، وبما لا شك فيه سيكون تحت قيادة الحرس الثوري الإيراني، وهو ما كان حالة حدوثه سيمثل فرصة كبيرة لإيران أمام إسرائيل.
ولا شك أن وقوع كل من الضفة الغربية على حدود الأردن شرق إسرائيل، ووقوع قطاع غزة على الحدود المصرية جنوب إسرائيل يشكلا زاويتين ارتكاز مهمتين لإيران. وبالنظر للزاوية المصرية بشكل خاص نجد أنها تمثل ما يكمل مثلث تطويق لإسرائيل من جميع الجهات (حزب الله في سوريا ولبنان شمالاً والمطلين على الجزء الشمالي من شرق البحر المتوسط – اليمن جنوب شرق في مدخل البحر الأحمر – الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة جنوب غرب المطلة على الجزء الجنوبي من شرق البحر المتوسط).
مع الوضع في الاعتبار أن الأزمة الحالية تظهر تباين هام بين التنظيمات المسلحة غير الحكومية التي تواجه إسرائيل والتنظيمات المسلحة غير الحكومية التي واجهت سوريا. ففي سوريا تشاركوا الهدف (وهو النظام السوري الحاكم وجيشه الحكومي) ولكنهم لم يتشاركوا التهديد، حيث كانوا يكنوا عداوة لبعضهم العض. أما في الأزمة الحالية، فقد تشاركت التنظيمات المسلحة غير الحكومية التهديد (وهو إسرائيل) وجزء هام من الهدف (وهو هزيمة إسرائيل).
وارتباطاً بما سبق، فإن الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وفي الضفة الغربية تشترك مع إيران في وحدة الهدف والتهديد، ولكنها ليست أحد أذرعها ولا تعمل تحت قيادتها. مع الوضع في الاعتبار، أن مصر لا تقبل أي توجد إيراني في إي جوار على حدودها. الأمر الذي يدفع إيران لدعم أو تشكيل تنظيمات مسلحة تعمل كوكيل لها في ليبيا والسودان، وبما يقوي النفوذ الإيراني المحيط بمصر ويسهل اختراقها، أو العكس، حيث ستسعى إيران لتطبيع علاقاتها بشكل واسع ومفتوح مع مصر بأي شكل، واستخدام كافة أدواتها ووسائلها الدبلوماسية والثقافية للتوغل في الداخل المصري، وبما يخلق نفوذ إيراني قوي يدعم خلق نفوذ في جوارها وتحديداً في غزة وليبيا والسودان.
أما تجاه الأردن، فربما الأمر أشد صعوبة بسبب طبيعة العلاقات مع القيادة الأردنية مما قد يتمثل في هدف تهديد النظام الأردني الحاكم هدفاً استراتيجياً إيرانياً، مستغلاً حجم التواجد الفلسطيني داخل الأردن، والذي يمثل ورقة ضغط قوية عليه.