معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
القسم الأمني والعسكري
دكتور سَــــيد غُنــــيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
 
منذ يومين أعلنت روسيا عن قيام قوات أوكرانية بعبور الحدود إلى منطقة كورسك التابعة لها، وهو ما يمثل، إذا تأكد، أول توغل من نوعه من أوكرانيا ويضع ضغوطاً على موسكو في منطقة لم تتأثر إلى حد كبير بالحرب التي استمرت عامين.
التقدير:
1- على حد علمي، تم التخطيط لهذا الأمر من فترة ليست القليلة. وأعتقد أن هدف أوكرانيا ليس فقط الاستيلاء على أجزاء من الأراضي الروسية، بل الأهم هو فرض فكرة الاحتلال المتبادل كأمر واقع، بجانب إمكانية توسيع نطاق مصادر النيران الأوكرانية، وتقييد مصادر النيران والدفاع الجوي الروسي في هذا الاتجاه الشمالي الشرقي من مسرح الحرب. مع الأخذ في الاعتبار أيضًا اهتمام أوكرانيا بتأمين محاور الاقتراب إلى كييف.
كما يهدف هذا إلى تشويه صورة بوتن داخل روسيا وإظهار للغرب أنهم يمتلكون القوة والرغبة في القيام بمثل هذه الأعمال الضخمة. وإلا، فهذا هو الوقت المناسب لنتذكر أن روسيا لديها مشاكل في هذه الحرب مع أوكرانيا.
من ناحية أخرى، الهجوم في كورسك، موجه بشكل أكبر الوحدات الروسية الحقيقية، وليس قتل مرتزقة من سيبيريا، ومن أصول منغولية، وسجناء من السجون، وآسيويين مثل النيباليين.
أي أن الأوكران يفكرون في كل ما هو ضروري للحرب وليس فقط ما يؤثر معنويا أو لأهداف إعلامية دون جدوى.
2- ستضطر روسيا لزيادة القصف الجوي ضد القوات الأوكرانية المخترق بهدف تدميرها وقطع طرق الإمدادات لها. والأهم ستفعل روسيا المستحيل لزيادة القوة الدافعة للهجوم بأي شكل لتحقيق اختراقات أوسع في العمق الأوكراني، وهو ما سيكلفها خسائر مضاعفة في الأسلحة والمعدات، مع العلم إن نسبة الخسائر الروسية اليومية حالياً مقارنة بالخسائر الأوكرانية هي 9 : 1.
3- جزء من هدف أوكرانيا هو إظهار قدرتها لشركائها، ويوضح أن كييڤ واجهت تأخيراً دام لأشهر في تلقي المساعدات الأمريكية الإضافية، ولا تزال مقيدة بسبب إحجام الولايات المتحدة وألمانيا عن توفير أسلحة أكثر تقدمًا بكميات كبيرة والسماح باستخدامها ضد أهداف استراتيجية أعمق داخل روسيا، وأن توغل القوات الأوكرانية في كورسك يجب أن يكون بمثابة تذكير للقادة الغربيين الأكثر خجلاً بأن أوكرانيا يمكن أن تفوز بهذه الحرب إذا تم تمكينهم والسماح لهم بالنصر.
ومن الواضح أن هذا الإجراء الأوكراني قد تم تنفيذه بدون تنسيق مع الولايات المتحدة وذلك حسب التصريحات الرسمية لهم، وهو ما سيتضح بصورة اكير الفترة القادمة.

هل واشنطن كانت على علم بتنفيذ القوات الأوكرانية مهمة احتلال كورسك في الأراضي الروسية؟ وما تداعيات الاختراقات الأوكرانية في روسيا على الناتو والولايات المتحدة؟

هناك شكوك أن الولايات المتحدة كانت على علم بموعد تنفيذ المهمة واتجاهها بالتحديد، فقط كانوا يحتملون أن أوكرانيا قد تخطط لتنفيذها. ولو كانت واشنطن على علم بها فإنها لم تشارك في تنفيذها أو التخطيط لها. ولا شك أن الولايات المتحدة والناتو يقدمون المعلومات اللازمة التي تعاون القوات الأوكرانية في قتالها.
هذه العملية الأوكرانية، وأي اختراقات أوكرانية سابقة ناجحة كالتي تمت بالقوات الجوية (الهليوكبتر) في بلوجرود، أو بالصواريخ والدرونز ضد القرم والكريملين، وضد وسائل الإنذار الاستراتيچي الروسية للتصدي للصواريخ الباليستية للناتو والتي قد تحمل رؤوس نووية، أي مما سبق، يفضح عدم قدرة روسيا على الردع وقد يدفع بوتين لاستخدام سلاح نووي ولو تكتيكي بأي شكل ارتباطاً بالعقيدة النووية الروسية، وهو أمر يعتبر شديد الخطورة على استراتيچية واشنطن وبروكسل في هذا الصدد.

شارك

administrator

استشاري الأمن الدوَلي والدفاع، رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الإمارات العربية المتحدة، وأستاذ زائر في العلاقات الدولية والأمن الدولي في أوروبا وشرق آسيا، (مصري)