دكتور سَــــيْد غُنــــيْم ، دكتوراه العلوم السياسية زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا ، ورئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع.

رغم تصريحات امين عام الناتو منذ أسابيع والتي تزامنت مع تصريحات وزير الدفاع الأمريكي خلال زيارته العراق بأنه من المرجح سقوط باخموت خلال أيام قليلة، وأن الإستيلاء على باخموت لن يحدث تغير عملياتي جذري لصالح روسيا، وكأنها إشارة للقوات الأوكرانية بالانسحاب من باخموت وتركها للروس بأقل خسائر ممكنة كما فعلت في ليسيشيانسك الصيف الماضي، حيث نجحت قوات ڤاجنر من دخول المدينة والاستيلاء على حوالي 50٪ من أراضيها شرق نهر باخموتكا وتم حشد قوات روسية لاستلام المهام من ڤاجتر أو دعمهم على الأقل لحين الإنتهاء واستلام باخموت منهم، بهدف رئيسي للقيادة العامة الروسية وهو تحقيق ولو نصر عسكري واحد حاسم بالاستيلاء على مدينة حيوية ذات أهمية تكتيكية تجاوز القتال فيها الستة أشهر دون إتمام الإستيلاء عليها، وذلك على أمل احتمال إمكانية تطوير الهجوم غرباً طبقاً للمخطط والاستمرار في الحفاظ على المبادأة، وهو أمر شديد الصعوبة حيث غرب باخموت تزداد الأرض ارتفاعاً كلما اتجهت القوات شمالاً وغرباً، وهو أمر شديد الصعوبة للمهاجم من إتجاه الشرق ويعرضها لخسائر فادحة جديدة.

ورغم تصريحات قيادات الناتو والولايات المتحدة وتقدم القوات الروسية في باخموت، إلا أن القوات الأوكرانية كانت قد راهنت على الموقف لتغيير مسير أعمال القتال وانتزاع المبادأة مرة أخرى من القوات الروسية، وذلك بالاصرار على استمرار الدفاع عن باخموت بحشد ألف مقاتل مبدئياً من القوات الجديدة التي أنهت تدريبها في أوروبا والولايات المتحدة، وذلك بهدف صد هجوم القوات الروسية في باخموت وإجبارها على التحول للدفاع. وهو أمر كلف الجانبين خسائر فادحة ولكني أزعم أن القيادة الأوكرانية استندت على أمرين وهما، الأول: وصول قوات ڤاجنر والقوات الروسية في باخموت إلى نقطة الذروة، أي عدم قدرتها على الإستمرار في القتال والتقدم, والثاني: تصعيد الخلافات بين يڤجيني بريجوچين قائد ڤاجنر والقيادات العسكرية والسياسية الروسية. وكلا الأمرين تم تحديدهما بامتلاك القوات الأوكرانية التفوق في عنصر حيوي رئيسي وهو عنصر “المعلومات”.

وبمتابعة مسير أعمال القتال، من الواضح أن زخم الهجوم الروسي قد تباطئ لحد كبير، وسط استنزاف شديد لقوات موسكو. ويبدوا أن القوات الروسية ستضطر لتحويل تركيز جهود قواتها عملياتياً تجاه مدن أڤدييڤكا جنوب باخموت، وإلى قطاع كريمينا-سڤاتوڤ شمال باخموت. على أن تحتفظ القوات الروسية في باخموت بالمكاسب والنجاحات التي حققتها. وبما يضطرها إلى التحول للدفاع عن الجزء المستولى عليه في باخموت، وذلك على عكس المخطط.

ولا شك أن الاستنزاف الشديد في القوات الروسية هو ما أدى لذلك، ولكن القوات الأوكرانية في المقابل عانت أيضاً من خسائر فادحة خلال دفاعها عن باخموت وخلال قيامها بمحاولة انتزاع المبادأة فيها.

وطبيعي إني أتذكر هذا التقدير الموجز الذي كتبته منذ 3 اسابيع تقريباً متوقعاً من أقوله الآن.
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=2886638694802922&id=100003704590759&mibextid=Nif5oz

ويبقى السؤال: هل الـ 18 دبابة ليوبارد التي وصلت أوكرانيا من ألمانيا أو الـ 14 دبابة تشالنچر التي وصلت من بريطانيا أو الدبابات التي سبقتهم قادرة على إحداث فرق في مسرح الحرب بشكل عام، وفي محيط باخموت الخارجي بشكل خاص، وبما قد يساعد على تنفيذ هجوم أوكراني خلال الفترة القادمة؟

هذا ما سأناقشه اليوم 28 مارس 2023 الساعة 3:25 ظهراً بتوقيت القاهرة خلال مداخلتي عبر برنامج زووم مع قناة بي بي سي عربي.

دكتور سَــــيْد غُنــــيْم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
أستاذ زائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل

شارك

administrator

استشاري الأمن الدوَلي والدفاع، رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الإمارات العربية المتحدة، وأستاذ زائر في العلاقات الدولية والأمن الدولي في أوروبا وشرق آسيا، (مصري)