دكتور سَــــيْد غُنــــيْم ، دكتوراه العلوم السياسية زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا ، ورئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع.
حالة تمكنها من تشكيل قوات جديدة، هل ستركز روسيا قواتها الحالية والقوات الجاري تشكيلها في المسرح الأوكراني فقط؟
الإجابة (چيوستراتيچياً) من وجهة نظري:
للتعرف على حجم القوات المخطط إنشاءها سنتعرض للتصريحات التالية:
١- يوم ٢١ مايو ٢٠٢٢، صرح وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو أنه “رداً علي تحركات الناتو بطلب فنلندا والسويد الانضمام للناتو، سيتم إنشاء عدد (١٢) تشكيل ووحدة عسكرية جديدة في المنطقة العسكرية الغربية لروسيا بحلول نهاية عام ٢٠٢٢”.
٢- في ديسمبر ٢٠٢٢، صرح وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو قائلاً “من الضروري رفع حجم القوات المسلحة الروسية إلى ١.٥ مليون جندي، بما في ذلك ٦٩٥ ألف جندي متعاقد.
٣- في مجلة وزارة الدفاع الروسية، عدد يونيو ٢٠٢٣، صرح الچنرال يفجيني بوردينسكي، نائب رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية قائلاً: “إن التعبئة الجزئية، التي جرت في روسيا في خريف عام ٢٠٢٢، سمحت للقوات المسلحة الروسية بتشكيل أكثر من ٢٨٠ وحدة ووحدة فرعية وتجنيد أكثر من ٣٠٠ ألف فرد، حيث لم تكن هناك تعبئة بهذا الحجم منذ الحرب الوطنية العظمى ١٩٤١ – ١٩٤٥. وسيتم تشكيل (جيشين ميدانيين للأسلحة المشتركة البرية والجوية، وفيلق واحد، ومنطقة آزوف البحرية العسكرية، و ٥ فرق، و ٢٦ لواء، وعدد ٢ منطقة عسكرية هما منطقة موسكو العسكرية ومنطقة لينينغراد العسكرية) في القوات المسلحة الروسية العام ٢٠٢٣.
وقد يبدو للبعض لأول وهلة أن هذه التشكيلات الجديدة المخطط إنشاءها ستكلف بزيادة القدرات الهجومية الروسية في مسرح الحرب الأوكراني.. وللتأكد من صحة ذلك علينا أولاً تفهم نقاط هامة.
أولاً: مساحة روسيا والحجم الإجمالي لقواتها المسلحة:
تبلغ مساحة روسيا حوالي ١٧ مليون كم². ويبلغ الحجم الإجمالي لقواتها المسلحة قبل حساب الخسائر (مليون و٥٠٠ ألف جندي) بعد إتمام كافة عمليات الاستدعاء والتجنيد.
حجم الخسائر في القوات الروسية حتى اول يونيو ٢٠٢٣ هو (٢٠٨ ألف مقاتل).
ثانياً: تمركزات المناطق العسكرية الروسية الحالية:
١- المنطقة الوسطى العسكرية: وهي الأكبر على الإطلاق حيث تبلغ ٤٠٪ من إجمالي مساحة الإتحاد الروسي وتواجه بحر الشمال شمالاً والصين ومنغوليا ودول وسط آسيا جنوباً.
٢- المنطقة الشرقية العسكرية: الثاني في الحجم وتواجه كندا والولايات المتحدة والصين واليابان وكوريا الجنوبية والمحيط الهادئ والبحار المحيطة.
٣- المنطقة الشمالية العسكرية: وتتضمن القيادة المشتركة لأسطول الشمال، وتعتبر الثالث في المساحة، وتواجه الجزء الغربي من بحر الشمال والجزء الشمالي من فنلندا والنرويج.
٤- المنطقة الغربية العسكرية: الرابع في المساحة، وتواجه الجبهة الوسطى والجنوبية لفنلندا ودول البلطيق الثلاث، وپولندا في مواجهة كاليننجراد المُطلة على بحر البلطيق، كما تواجه بيلاروسيا، وأوكرانيا.
٥- المنطقة الجنوبية العسكرية: الخامس والأصفر في المساحة وتواجه أوكرانيا والبحر الأسود وچورچيا وأزربيچان وبحر قزوين وغرب كازاخستان.
وما زالت القوات البحرية والجوية الروسية بكفاءتها.د، حيث إن أكبر حجم خسائر تم إحداثها خلال الحرب الجارية تكبدتها قواتها البرية.
ثالثاً: أهم الأعداء الحاليين لروسيا من الدول التي في مواجهتها والمتاخمة لها:
١- أوكرانيا، وهي في حالة حرب “ملتهبة” مع روسيا.
٢- دول حدودية مع روسيا في حالة حرب “دافئة” معها “حالة اللاسلم واللاحرب”، أي في حالة تأهب:
– دول الناتو: فنلندا وإستونيا ولاتڤيا وليتوانيا وپولندا غرباً، ودول كندا والولايات المتحدة شرقاً، وهي في حالة حرب دافئة مع روسيا (حالة اللاسلم واللاحرب).. حالة توتر وتأهب.
– دول خارج الناتو: اليابان (حدودية)، وكوريا الجنوبية شرقاً.
إذاً:
– إجمالي الدول التي تمثل تهديد حقيقي لروسيا وبدأت في القتال داخل أراضيها هي دولة واحدة: أوكرانيا.
– إجمالي الدول الحدودية مع روسيا والتي تمثل تهديد مباشر لها حالة تعرض إحداها لعداء مباشر من جانب روسيا (٨) دول أعضاء بالناتو وهي: فنلندا والنرويج وإستونيا وليتوانيا ولاتڤيا وپولندا وكندا والولايات المتحدة.
– إجمالي الدول الحدودية التي قد تتدخل في حرب مع روسيا حالة تهديدها بشكل مباشر خلال الحرب الدافئة معها وارتباطاً بأزمة جزر الكورال دولة واحدة هي: اليابان.
الاستنتاجات:
١- من السذاجة الاعتقاد أن روسيا ستركيز قواتها الحالية والقوات الجاري تشكيلها حالة تمكنها من ذلك في المسرح الأوكراني فقط، فعلى روسيا نشر قوات أسلحة مشتركة رئيسية بنسب استكمال عالية في المناطق العسكرية الشرقية والشمالية والغربية والجنوبية على الأقل تحسباً لأي تورط محتمل في القتال مع الدول الحدودية مصادر التهديد التي تم ذكرها.
٢- تسعى أوكرانيا لتوغل قواتها داخل روسيا للآتي:
– اضطرار روسيا لتخصيص حجم من قوات الاسلحة المشتركة لتأمين المدن الروسية الحدودية مع أوكرانيا والواقعة تحت تهديدها.
– تهيئة أنسب الظروف الچيوستراتيچية والعسكرية التي قد تؤهل دول الحدودية مع روسيا المعادية سواء من الناتو أو خارجه لزيادة التأهب للمواجهة واحتمالات المواجهة العسكرية مع روسيا.