أجرى الحوار: محمد مجدي..

أكد اللواء أ.ح. سيد غنيم، الأستاذ المحاضر بأكاديمية دفاع حلف الناتو بروما وأستاذ الأمن الدولي بأكاديميات دولية أخرى، أن مصر بإمكانها تنفيذ ضربات للعناصر الإرهابية الموجودة داخل حدود دولة شمال السودان بعد استهداف الإرهابيين في ليبيا، موضحاً أن هناك شرطين لاستهداف الإرهابيين في دولة ما، أولها هو وجود معلومات مؤكدة بشأن معسكرات لتنظيمات إرهابية محظورة دولياً بتلك الأراضي تهدد الأمن القومي المصري وهو أمر متوفر، والأخر هو موافقة دولة الجوار أو المجتمع الدولي لتنفيذ “الضربة”.

أضاف “غنيم”، في حوار خاص لـ “الوطن”، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي تصرف بذكاء غير مسبوق حين استدعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حديثه عن مكافحة الإرهاب، موضحاً أن استجابة “ترامب” لحديث “السيسي” سيدعم مصر في إمكانية استخدام يدها الطولي في محاربة الإرهاب خارج حدودها.

ولفت الأستاذ بالناتو إلى أن قدرات مصر الحالية تمكنها من تنفيذ عمليات لضمان أمنها في ليبيا، والسودان، وحتى مضيق باب المندب، والبحر المتوسط في إطار دعم دولي متوقع لها، وإلى نص الحوار:

* تحدث “السيسي” عن استهداف مصر لأي معسكرات للإرهابيين يضروا بأمنها القومي.. كيف تري هذا بحكم كونك أستاذاً للأمن الدولي؟!

– يحق لأي دولة توجيه ضربة تستهدف معاقل إرهابيين داخل حدود دولة أخري بشرطين، الأول: هو وجود معلومات مؤكدة بشأن وجود معسكرات لتنظيمات إرهابية محظورة دولياً، وأنها استخدمت عناصرها في تنفيذ أو تدريب أو تمويل أو تسليح عناصر أخرى لتنفيذ ضربات إرهابية داخل أراضيها، وهو عنصر متوفر في مناطق شرق ليبيا وشمال السودان، والأخر هو موافقة دولة الجوار التي يتواجد بها العناصر الإرهابية، وفي حالة تعنتها،يبقي موافقة المجتمع الدولي لتنفيذ الضربة العسكرية.

* تنسق مصر مع دولة ليبيا لتنفيذ ضربات عسكرية بداخلها، لكن ماذا عن دولة السودان؟!

– هناك تعنت من القيادة السياسية السودانية نحو مصر، وتوجيه اتهامات باطلة لها بشأن دعم قوات في درافور، فضلاً عن رفضها لسيادة مصر على مثلث حلايب وشلاتين.

 * ماذا عن الموقف الدولي لو لجأت مصر له حال تعنت السودان في توجيه ضربات للإرهابين على أراضيها؟

– السودان مصنفة دولياَ ضمن الدول الراعية للإرهاب، ورفضت الولايات المتحدة مؤخراً محاولات سودانية للخروج من تلك القائمة، كما أن مصر تمتلك حالياً علاقات قوية مع أمريكا على الصعيدين السياسي والأمني، فضلاً عن توافق المجتمع الدولي وخاصة الدول الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الدولي على الحرب ضد الإرهاب، وتواجد مصر بالدورة الحالية ضمن الأعضاء غير الدائمين بمجلس الأمن.

* وهل هناك سوابق تدعم الموقف المصري حالة ضرب الإرهاب خارج حدودها؟!

– بالتاكيد، فقد تم السماح في وجود المجتمع الدولي لقوى إقليمية في إطار حماية أمنها القومي مثل إسرائيل بضرب جماعة حزب الله خارج أراضيها بإعتبارها جماعة إرهابية محظورة دولياً وتهدد الأمن القومي الإسرائيلي، وكذا قيام تركيا بضرب عناصر من حزب العمال الكردي في سوريا وغيرهما.

* وهل هناك دول أخري غير ليبيا والسودان مرشحة للهجوم على إرهابييها؟

– مصر يمكنها تنفيذ عمليات عسكرية سواء جوية أو بحرية أو برية سريعة سواء منفردة أو مشتركة بقوات مهمتها مكافحة الإرهاب، وتأمين حدودها، والاعماق الاستراتيجية التي تشمل حدودها مع ليبيا، والسودان، وحتى باب المندب، ومياهها الإقليمية، وذلك في ضوء موقفها السياسي، والأمني الحدودي والداخلي، وقدراتها العسكرية الكبيرة، والاقتصادية المحدودة حالياً.

* تحدث الرئيس السيسي عن ضرورة معاقبة الدول المتورطة في دعم الإرهاب ودعمه الرئيس الأمريكي ترامب.. كيف يكون هذا العقاب في رأي؟

– كما حدث مع إيران وليبيا والسودان من قبل، قد تتمثل العقوبات الدولية في الحظر التجاري الجزئي أو الكلي لها، أو حظر استيراد وإنتاج وتداول السلاح، أو تجميد أموال الدولة بالبنوك، أو حظر التحرك الجوي، وغيرها.

 * وكيف تري استدعاء الرئيس السيسي للرئيس الأمريكي في كلمته؟

– أراه تصرف سياسي جرئ وغير مسبوق ، يضمن الاستجابة العلنية من الجانب الأمريكي بالدعم الكامل والمفتوح، والذي يتيح لمصر بالفعل استخدام الزراع الطويلة لضرب الإرهاب خارج أراضيها، وربما الدلالة تتضح في الاستجابة السريعة للرئيس الأمريكي، وتضامنه مع الموقف المصري في مواجهة ودحض الإرهاب وهزيمته كعدو مشترك، وضمان أمن الأقليات المسيحية، وكون أمريكا تساند الرئيس المصري، وشعبه في مكافحة الإرهاب، وضرب داعميه.

 * وهل يمكن ان يتحد العالم في مواجهة الإرهاب؟

هو أمر يتم حالياً بعد تبني أيدولوجيات المنعزلة لمدة طويلة بالفعل، وذلك من خلال تحركات المنظمات الدولية والتحالفات الكبرى والإقليمية كالاتحاد الأوروبي وحلف الناتو بالتعاون مع القوى الإقليمية والقوى العظمى خاصة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

* و هل باب تعديل المسار مفتوح لدول قطر وتركيا في ظل دعمهم للارهاب قديماً؟!

تركيا قوى إقليمية كبرى وقيادتها الحالية تجعل سياساتها المستقبلية غير متوقعة، أما قطر فهي في أمس الحاجة لذلك خاصة مع ظروفها ووضعها السياسي كأحد دول مجلس التعاون الخليجي، والجغرافي حيث تقع في الطرف الشرقي للسعودية بين الإمارات والبحرين في مواجهة عدو مشترك للدول الثلاث الأخيرة وهو إيران.

* وأخيراً.. في رأيك كيف تتصور خريطة النفوذ المستقبلية بالمنطقة؟

أرى أن خريطة النفوذ بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاري إعادة تشكيلها بشكل يحقق أكبر إستفادة من القوى الإقليمية بها.. حيث تظهر أدوار تركيا وإسرائيل والسعودية وإيران في الشرق الأوسط، مع بدء إعادة تشكيل الدور المصري ليشمل شمال أفريقيا بالتعاون مع الجزائر، وأجزاء من القرن الأفريقي ووسط أفريقيا، إلا أن مصر تحتاج الوقت الضروري للإرتقاء بقدراتها الإقتصادية والتي تحقق لها التوازن الداخلي اللازم لإستقرارها من جانب، والقدرة على النفوذ الحقيقي في تلك الرقع الجغرافية من جانب آخر.

شارك