أولاً: الأعمال السابقة:
الجانب الروسي:
تمكنت القوات الروسية من دخول العاصمة كييف وضواحيها على الضفة الغربية لنهر دنيبرو حيث ورد أن مجموعات التخريب الروسية في ثياب مدنية انتقلت إلى وسط مدينة كييف، كما تمكنت من دخول مدينة خرسون، ونفذت ضربات جوية وصاروخية على أهداف عسكرية ومدنية في المدينتين ومحيطهما.
تأكد تقدم القوات البرية الروسية على أربعة محاور رئيسية كالآتي:
محور كييف:
دخلت القوات الروسية ضواحي كييف على الضفة الغربية لنهر دنيبرو في 25 فبراير. فشلت القوات الروسية حتى الآن في دخول الضواحي الشرقية لكييف. لقد تخلوا الآن عن المحاولة الفاشلة للاستيلاء على مدينة تشيرنيهيف وهم يتخطونها بدلاً من ذلك. تركزت عناصر الفرقة 76 VDV (المحمولة جواً) في جنوب شرق بيلاروسيا على الأرجح لاستخدامها على طول محور Chernihiv-bypass نحو كييف في الـ 24 ساعة القادمة.
محور خاركيف:
تعمل القوات الروسية على تطويق مدينة خاركيف بعد فشلها في دخول المدينة من خلال الهجمات الأمامية في 24 فبراير. وتتقدم القوات الروسية الآن على جبهة عريضة على طول الحدود الشمالية الشرقية لأوكرانيا اعتباراً من 25 فبراير.
محور دونباس:
ربما لم تنوي القوات الروسية القيام بأكثر من تضييق الخناق على القوات الأوكرانية في الشرق. لم يثقل الروس جهودهم الهجومية الأرضية نحو اختراق المواقع الدفاعية الأوكرانية على خط التماس، أو أخذ ماريوبول من الشرق، أو القيادة بسرعة عبر لوهانسك أوبلاست إلى الشمال. لا تزال القوات الأوكرانية ثابتة إلى حد كبير على خط التماس.
محور القرم:
استولت القوات الروسية على خيرسون بالكامل ومن المحتمل أن تكون على وشك الاستيلاء على ميليتوبول في الشرق. وأشارت تقارير غير مؤكدة إلى أن القوات الروسية تجاوزت خيرسون في وقت سابق وتوجهت مباشرة إلى ميكولايف وأوديسا.
في المقابل، حاولت القوات الأوكرانية إبطاء القوات الروسية على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو، مما أجبرها على تجاوز مدينة تشيرنيهيف بعد مقاومة قوية. تركزت القوات الروسية المحمولة جواً في جنوب شرق بيلاروسيا.
العمليات النفسية:
قدم مسؤولو الكرملين ووسائل الإعلام الحكومية الروسية الروايات المزدوجة القائلة بأن “القوميين” الأوكرانيين هم الأوكرانيون الوحيدون الذين يقاتلون وأن القوات الروسية تنجح بسهولة في أوكرانيا طوال التغطية في 25 فبراير للتصدي لتزايد عدم شعبية الحرب في روسيا. زعمت تاس زوراً أن قوات الجمهوريات الشعبية في دونيتسك ولوهانسك (DNR و LNR) تتقدم نحو الحدود الإدارية لمنطقة دونيتسك أوبلاست ولوهانسك أوبلاست في أواخر يوم 25 فبراير. زعمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا زوراً أن القوات الروسية تقصف البنية التحتية العسكرية الأوكرانية فقط، وليس المدن أو المدنيين الأوكرانيين. زعمت زاخاروفا أيضاً أن “القوميين” الأوكرانيين يهددون العرق الروسي بـ “الانتقام المباشر” في أوكرانيا، قامت وسائل الإعلام المحلية الروسية أيضاً بتضخيم إعلان وزارة الدفاع الروسية الذي يزعم أن الكتائب القومية الأوكرانية تدمر الجسور والبنية التحتية المدنية لمنع الأوكرانيين الآخرين من الاستسلام. أفادت القنوات التلفزيونية الروسية أن الغرب وأوكرانيا يلوحان بشكل مصطنع إلى حالة من الذعر في جميع المدن الأوكرانية لتضخيم التعبئة والثورات القومية الجماهيرية من خلال تزويد المدنيين الأوكرانيين بالأسلحة. ادعى المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف أن القوات الروسية قامت بتحييد 11 طائرة عسكرية أوكرانية و 18 دبابة ومدرعات و 211 منشأة بنية تحتية عسكرية، لكنها لم تذكر الخسائر الروسية. كما زعم كوناشينكوف أن استيلاء روسيا على محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية منع “القوميين الأوكرانيين” من استخدام محطة الطاقة لإجراء “استفزاز نووي.” ألقت الكتائب “أسلحتها”.
دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجنود الأوكرانيين إلى القيام بانقلاب عسكري خلال اجتماع لمجلس الأمن الروسي في 25 فبراير، مما يشير إلى استمرار سوء فهم الكرملين لحجم المقاومة الأوكرانية. أطلع بوتين مجلس الأمن الروسي على التقدم المحرز في العملية في أوكرانيا وادعى أن القوات الروسية في الأساس تشتبك مع “القوميين الأوكرانيين”، وليس أفراد القوات المسلحة الأوكرانية. طلب بوتين من القوات الأوكرانية منع “القوميين” الأوكرانيين من استخدام المدنيين “كدروع بشرية”، بهدف تعزيز ادعاء الكرملين الكاذب بارتكاب إبادة جماعية للعرقية الروسية في أوكرانيا. إن دعوات الكرملين المستمرة للأوكرانيين لرفض “القوميين” وأن عمليات روسيا موجهة فقط ضد الحكومة في كييف قد تشير إلى أن الكرملين توقع خطأً أن ينهار الجيش الأوكراني بسرعة أو أن يتم الترحيب بالقوات الروسية على أنها “محررة”، كما ادعى بوتين.
الصعيد السياسي والإعلامي
أعلن كل من الكرملين والمكتب الرئاسي الأوكراني في 25 فبراير أن كييف وموسكو تتفاوضان بشأن موعد ومكان لإجراء محادثات، من المرجح أن يسعى خلالها الكرملين إلى فرض مطالب استسلام حازمة. عرض الرئيس الأوكراني زيلينسكي “الجلوس على طاولة المفاوضات لوقف وفيات الناس” مع بوتين في 25 فبراير. صرح زيلينسكي بشكل غامض أن أوكرانيا “لا تخشى مناقشة الوضع المحايد” مع روسيا بسبب افتقارها الحالي إلى عضوية الناتو، لكن مستشاريه أوضحوا أن وسائل الإعلام أساءت تمثيل تصريحات زيلينسكي. وأكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن بوتين مستعد لإرسال وفد رئاسي ومندوبين من وزارة الدفاع والخارجية إلى “مينسك” بعد مناقشة عرض زيلينسكي مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو. ادعى بيسكوف لاحقاً أن أوكرانيا قدمت عرضاً مضاداً لعقد اجتماعات في وارسو قبل قطع المفاوضات، وهو ما نفاه المسؤولون الأوكرانيون. أصدر بيسكوف ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بيانات متناقضة بشأن شروط الحوار الروسي الأوكراني. قال بيسكوف إن الكرملين يرحب “بشكل إيجابي” بنظر زيلينسكي في وضع الحياد ويعترف رسمياً برئاسته. مع ذلك، زعم لافروف أنه لا يعتقد أن زيلينسكي يريد التفاوض وصرح بأن القوات المسلحة الأوكرانية يجب أن تستسلم قبل الحوار. الأمر الذي يوحي لي بتلاعب روسي والتفاف من خلال تصريحات متناقضة تشوش الرأي العام وصناع القرار.
وتعمل القوات الروسية على تطويق مدينة “خاركيف” خلال الـ 24 ساعة القادمة بعد فشلها في دخول المدينة من خلال الهجمات الأمامية في 24 – 25 فبراير.
النشاط البيلاروسي:
تسمح القيادة السياسية البيلاروسية بتدفق ودفع القوات الروسيا من خلال حدودها مع أوكرانيا وتحديداً من مدينة “جوميل”، نحو أهدافها شمال العاصمة “كييف”، ولكنها لم تقوم بالتدخل العسكري أو معاونة الجيش الروسي في عملياته. وأعتقد أن الجيش البيلاروسي جاهز كاحتياطي استراتيجي يتم دفع أجزاء من أنساقه التعبوية الجنوبية حالة الحاجة لها.
موقف الأطراف الدولية:
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والحلفاء:
اقتصادياً، وسع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة عقوباتهم على روسيا لاستهداف بوتين ووزير الخارجية لافروف في 25 فبراير 2022، لكن العقوبات لفصل روسيا عن نظام SWIFT المالي ما زالت غير مرجحة. كما وافق الاتحاد الأوروبي على حزمة عقوبات إضافية في 25 فبراير تستهدف إلى حد كبير القطاع المالي الروسي بالتزامن مع حزم عقوبات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وقد نفى رئيس السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، وجود حزمة عقوبات ثالثة من الاتحاد الأوروبي قيد الإعداد، لكنه أكد أن الاتحاد الأوروبي مستعد لاستكمال العقوبات الحالية بناءً على النشاط الروسي وإجماع الاتحاد الأوروبي. طلب الاتحاد الأوروبي من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي (ECB) تقييم تداعيات قطع المزيد من وصول المؤسسات الروسية إلى النظام المالي للاتحاد الأوروبي، بما في ذلك وصول روسيا إلى شبكة الدفع عالية الأمان SWIFT. أكد المجلس الأوروبي أن “جميع الخيارات مطروحة على الطاولة.” حث رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قادة الناتو والاتحاد الأوروبي على إخراج روسيا على الفور من نظام SWIFT وأعلن عن عقوبات بريطانية جديدة لتعليق ائتمانات التصدير وضمانات الاستثمار لروسيا. ذكرت بلومبيرج ويلث أن العقوبات الدولية كلفت مواطني روسيا الأكثر ثراءً تراكمياً مبالغ قدرهها حوالي 39 مليار دولار خلال يوم واحد من بدء الغزو الروسي. كما أعلنت تايوان أنها ستنضم إلى العقوبات الاقتصادية الدولية ضد روسيا في 25 فبراير.
عسكرياً، قام الناتو بتنشيط قوة الرد التي يبلغ قوامها 40 ألف جندي لأول مرة في 25 فبراير لتعزيز الجناح الشرقي للناتو تحسباً للتوسع الروسي حالة حدوثه، وقد تستخدم في ظروف محددة للغاية لمجابهة التوسع الروسي داخل أوكرانيا، من خلال أعمال الدفاع الإيجابي عن مصالح الناتو وحماية الأمن القومي لحدود بلاده المتاخمة لروسيا وأوكرانيا في منطقة البحر الأسود. وستبقى عناصر قوة الرد التابعة لحلف الناتو على أهبة الاستعداد للمساعدة في دعم دول الناتو في أوروبا الشرقية في حالة تهديد روسيا لوحدة أراضي أي من دول الحلف. صرح الأمين العام لحلف الناتو “ينس ستولتنبرج” أن عناصر قوة الرد، بما في ذلك قوة المهام المشتركة عالية الاستعداد، وهي لواء بري قوامه حوالي 5000 جندي، يمكن أن تنتشر بسرعة عند الحاجة لتعزيز أمن الجناح الشرقي. وعزز رؤساء دول الناتو، جنباً إلى جنب مع رؤساء فنلندا والسويد والاتحاد الأوروبي، التزامهم بالمادة الخامسة للناتو ودعمهم للسيادة الأوكرانية خلال دعوة في 25 فبراير. أكد ستولتنبرغ أن روسيا وبيلاروسيا ستتم محاسبتهما اقتصادياً وسياسياً على العدوان الروسي على أوكرانيا. بشكل منفصل، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في 25 فبراير إن أوكرانيا طلبت مساعدة عسكرية ومالية وإنسانية من القادة الأوروبيين وإن فرنسا مستعدة للمساعدة “إذا لزم الأمر”. صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن فرنسا ستفعل ذلك بتزويد أوكرانيا بمعدات الدفاع العسكري ومبلغ إضافي قدره 300 مليون يورو كمساعدة للميزانية.
في المقابل، حذر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في 25 فبراير من أن روسيا ستنتقم من العقوبات الدولية. وقد منعت وكالة النقل الجوي الفيدرالية الروسية، Rosaviatsiya، جميع شركات الطيران التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها من الهبوط في روسيا وعبور المجال الجوي الروسي في 25 فبراير بعد أن حظرت المملكة المتحدة شركة الطيران الروسية Aeroflot في 24 فبراير.
المنظمات الدولية:
أعلنت المحكمة الجنائية الدولية عن تحقيقات محتملة في جرائم الحرب الروسية وسط نفي روسي، وبدأت عدة دول ومنظمات دولية في إعداد حزم المساعدات الإنسانية في 25 فبراير. قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في 25 فبراير إن المحكمة الجنائية الدولية قد تحقق في جرائم حرب محتملة في أوكرانيا وحث جميع الأطراف على احترام القانون الدولي الإنساني. أفاد مسؤولون أمريكيون أن حوالي 200 صاروخ روسي أصابت مناطق سكنية في أوكرانيا حتى 25 فبراير. نفت وزارة الدفاع الروسية الإدعاءات بأن روسيا تستهدف بشكل عشوائي أهدافاً مدنية وعسكرية، وقالت إن روسيا لن تعرض المدنيين للخطر بمهاجمة المدن. ورفض المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف الإفصاح عما إذا كان لدى الكرملين بيانات عن وفيات المدنيين.
نفى الكرملين تقارير الأمم المتحدة عن مقتل 127 مدنياً على الأقل وتقييم الأمم المتحدة بأن الغزو قد يتسبب في فرار ما يصل إلى خمسة ملايين لاجئ أوكراني إلى الخارج. أفادت بولندا أن حوالي 29000 لاجئ أوكراني دخلوا بولندا في 24 فبراير. قدر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أن حوالي 100 ألف أوكراني نزحوا في الفترة من 24 إلى 25 فبراير. أفادت الأمم المتحدة أن عمليات المساعدة في أوكرانيا سوف تتطلب حوالي مليار دولار على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة لتقديم المساعدة الإنسانية للأوكرانيين النازحين. أعلن أمريكا للعم عن تقديم حزمة مساعدات بقيمة 10 مليارات دولار على الأقل لدعم دول أوروبا الشرقية والناتو لاستقبال اللاجئين الأوكرانيين.
الصين الشعبية:
دعت الصين إلى المفاوضات ورفضت التنديد الكامل بالعدوان الروسي.ورغم ذلك، بدأت بكين في الامتثال للعقوبات الأمريكية على روسيا. ودعى الرئيس الصيني شي إلى رفض عقليات الحرب الباردة والتوصل إلى آلية أمنية أوروبية متوازنة وفعالة ومستدامة من خلال المفاوضات. وشدد شي على احترام الصين لسيادة ووحدة أراضيها “سياسة صين واحدة” مشيرة إلى تايوان، وقال إن الصين ستعمل مع المجتمع الدولي لحماية النظام الدولي القائم على الأمم المتحدة. وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية السيدة “وانغ وينبين” أن الصين تسعى لحل القضايا الأوكرانية بما يتماشى مع مبادئ الأمم المتحدة وأن العقوبات هي أداة غير فعالة. وبدأ اثنان من أكبر بنوك الصين – البنك الصناعي والتجاري الصيني (ICBC) وبنك الصين (BOC) – في الامتثال للعقوبات الأمريكية حيث بدءا في تقييد التمويل للسلع الروسية في 25 فبراير.
ثانياً: أعمال قتال يوم 26 فبراير 2022، طبقاً لتقارير أوكرانية رسمية وتقارير روسية معلنة:
باستغلال أعمال قتال القوات الجوية والتي نفذت هجمات جوية تعبوية وتكتيكية ونيران الصواريخ الباليستية بعيدة المدى ومجموعات القتال التكتيكية تمكنت القوات الروسية من استمرار القتال لليوم الثالث على التوالي في العمق الأوكراني ضد القوات الأوكرانية فضلاً عن استهداف بعض المدنيين الأوكرانيين خلال القتال.
تمكنت القوات الروسية من استكمال الهجوم على نطاقات واسعة ولكن دون تركيز للقوات على محور محدد، الأمر الذي شتت جهود القوات الروسية، حيث كان من الممكن تنفيذ معدلات تقدم أعلى، ورغم ذلك فقد تنمكنت من تكبيد القوات الأوكرانية خسائر في الأرواح والأسلحة والمعدات. ورغم استخدام القوات الروسية للمطارات ونظم الدفاع الجوي للدولة، إلا أن القوات الجوية الأوكرانية نجحت في تنفيذ عمليات اعتراض جوي ودفاع جوي مؤثرة على القوات الروسية القائمة بالهجوم مما أثر بشدة على فعالية توغلها وتحقيق أهدافها.
نجحت القوات الجوية الأوكرانية المشكلة في تسع تشكيلات قتال في التصدي للقوات الجوية الروسية، كما أسقطت نظم الدفاع الجوي الأوكرانية صواريخ كروز، وكبدت القوات الروسية خسائر في الأرواح والأسلحة والمعدات.
وتمكنت القوات القائمة بالدفاع عن مدينة “فاسيلكيف” في إيقاف التقدم الروسي خلال الليلة السابقة وما زالت مستمرة في تنفيذ مهامها.
تستخدم القوات الأوكرانية الدرونز التركي طراز بيراقدار بكفاءة، كما تمكنت قوات الحرب الإليكترونية من التصدي للهجمات الإليكترونية الروسية. في الوقت الذي أحدثت فيه القوات الروسية خسائر كبيرة في قوة فصيلة الاستطلاع والإعاقة الرادارية الأوكرانية مما إدى إلى انسحابها لعمق القوات في كييف.
قامت القيادة العسكرية الأوكرانية باستدعاء عشرات الطيارين المتقاعدين من رتبة النقيب وحتى رتبة اللواء بهدف زيادة نسب أعداد الطيارين لطائرات القتال بأنواعها.
وإجمالاً، تمكنت القوات الأوكرانية في تكبيد القوات الروسية خلال الأيام الثلاث الأولى للحرب عدد (14) طائرة قتال مختلفة الأنواع، و عدد ( 8 ) هليوكبتر، وعدد (102) دبابة، و(536) عربة قتال مدرعة، وعدد (15) قطعة مدفعية عيارات مختلفة، ومنظومة صواريخ BUK-Ml مضادة للطائرات، فضلاً عن عشرات الدرونز المفخخة ودرونز الاستطلاع.
كما تمكنت القوات الروسية من تكبيد الجيش الأوكراني خسائر في أعداد من الطائرات والأرواح والأسلحة والمعدات لم يتم ذكرها في التقارير الواردة.
وتواصل القوات الروسية العمليات على المحاور الأربعة (محور “كييف” القادم من مدينة “جوميل” البيلاروسية شمالاً، ومحور “خاركيف” القادم من مدينة “بلوغرود” الروسية من الاتجاه الشمالي الشرقي، ومحور “دونباس” القادم من مدينة “فورونيتش” الروسية شرقاً، ومحور “خورسان” القادم من “القرم” جنوباً عبر البحر الأسود).
حيث ركزت القوات الروسية جهودها الرئيسية بقوات غير متوازنة في مدينة بوليسيا (منطقة جيتومير)، ومدينة “سيفرسك” في ولاية دونيتسك، وفي “سلوبوزانسك” بمنطقة خاركيف، و”تافريا” في منطقة خيرسون. وذلك بهدف تطويق العاصمة كييف ومحاصرتها من جميع الاتجاهات، ونزع السلاح من القوات وكذا انتزاع الهوية الأوكرانية، فضلاً عن إجبار القيادة الساسية الأوكرانية على تغيير مسارها السياسي وفقاً للشروط والأحكام والسياسات الروسية.
تمكنت القوات الأوكرانية من إيقاف ما يصل إلى سبع مجموعات قتال تكتيكية كل بقوة كتيبة مدعمة روسية كانت تتقدم في اتجاه “بوليسيا” في مناطق قريبة من “بوروديانكا، بوشا، فيشهورود”. وتعمل القوات الروسية حالياً على إعادة تجميع القوات.
تم دفع قوات إنزال روسية محمولة جواً في منطقة “توميليفيكا” وفي مطار “فاسليكيف” وحسب التقارير الأوكرانية أنه قد تم التصدي للقوات المظلية في الجو وتم إسقاط طائرتي نقل القوات والقضاء على كافة أفرادها.
في منطقة “سيفرسك”، واصلت القوات الروسية نشاطها بتنفيذ ضربات بعدد (14) صاروخاً من طراز BTG مستهدفة العاصمة “كييف” من الاتجاه الشمال الشرقي، وقد تم التعرض لها، حسب تقارير أوكرانية من قبل وحدات من القوات الأوكرانية بالقرب في مدن Nizhyn و Velyka Doroha و Obuhiv.
في سلوبوزانسك، تم التعرض لما يصل إلى عدد (12) مجموعة قتال تكتيكية تتحرك في رتل صفي بمواجهة دبابة واحدة وعدد (20) فرداً مقاتلاً مزودين بالأسلحة المتطورة بالقرب من مدينة Okhtyrka (منطقة سومي) وفي مناطق بوهودوخيف وديرهاشيف وبيشينهيف في (منطقة خاركيف).
في اتجاه تافريا، تواصل القوات الروسية هجومها مع احتمال استخدام أنساقها التالية نظراً لتعطل القوة الدافعة للهجوم.
تواصل مجموعة Slobozhansk التابعة للقوات الأوكرانية تنفيذ معارك دفاعية ناجحة للدفاع عن المدينة.
ثالثاً: الأعمال المنتظرة:
الهدف الاستراتيجي للقوات الروسية:
الهدف الاستراتيجي العسكري:
في البداية، الهدف الاستراتيجي العسكري الروسي تركز في “السيطرة الكاملة على إقليم دونباس، وإجبار المواطنين الأوكرانيين، غير الموالين لروسيا والمتواجدين بالإقليم، على النزوح غرباً تجاه العاصمة “كييف” وبما يؤمن قرار إعلان جمهوريتي “دونتيسك” و”لوجانسك” دولتين مستقلتين موالين لروسيا وتصبح الجمهوريتان الجديدتان ذات حدود دولية مؤمنة في الإقليم”.
وربما يهدف بوتين أيضاً إلى “إعلان انضمامها لاحقاً للاتحاد الروسي بجانب “القرم” التي تم ضمها للاتحاد الروسي عام 2014″،.وبنجاح القوات الروسية في تحقيق هذا الهدف، تتأثر خطط الناتو بشدة في البحر الأسود، وبما يجبر النانو على إعادة تشكيل النفوذ السياسي والعسكري بشكل موسع في المنطقة.
الهدف الاستراتيجي السياسي:
أما هدف بوتين الحالي وارتباطاً بالمستجدات على الأرض وبعد صعوبة اتمام تحقيق الهدف الاستراتيجي العسكري العام فيتلخص في “سرعة حسم العمليات العسكرية على كافة المواجهة والأعماق، واستسلام القيادة السياسية والقوات العسكرية الأوكرانية”، والذي يمكن أن يتحقق وكما ذكرت في تقديري السابق، حالة “تغيير النظام الأوكراني الحاكم، سواء من خلال إجبار الرئيس الأوكراني زلينيسكي على الهروب لأحد دول أوروبا، أو إجباره على تغيير سياسته تجاه روسيا”.
تسلسل أعمال القتال المنتظرة:
ولتحقيق الأهداف الروسية من المنتظر قيام القوات الروسية بإعادة تكثيف الهجمات الجوية والصاروخية وهجمات الدرونز وتنفيذ أعمال الاستطلاع الجوي، واحتمال إعادة دفع قوات المظلات في العمق، وتحديداً في العاصمة “كييف” بهدف اتمام إحكام السيطرة على العاصمة والاستيلاء على الأهداف الحيوية بها، مع دفع أنساق تالية من القوات المدرعة والمشاة الميكانيكية على كافة المحاور الأربعة مع التركيز على محور “كييف” الشمالي القادم من بيلاروسيا.
أدى تشتيت جهود القوات الروسية إلى إضعاف قوتها الدافعة للهجوم، كما أثرت على تركيز أعمال القتال مقارنة بالمتوقع. الأمر الذي سيدفع القيادة الروسية لزيادة الدعم بالقوات على كافة المحاور، وربما تلجأ لتنفيذ أعمال إبرار جوي ودفع قوات خاصة للعمق الأوكراني، وذلك باستخدام القوات المحمولة جواً المتمركزة جنوب شرق بيلاروسيا. كما من المرجح أن تناور بالقوات بالالتفاف على طول المحور الشمالي عبر “تشيرنيهيف” باتجاه العاصمة “كييف”.
ومن المنتظر أن تستمر القوات الروسية في التوسع في استخدام الهجمات السيبرانية والعمليات النفسية ونشر الفيديوهات والأخبار التي تدين القوات الأوكرانية إنسانياً ونشر الأخبار الكاذب خاصة ما يخص الرئيس الأوكراني واحتمالات هروبه. في المقابل، قد تنفذ القوات الأوكرانية هجمات سيبرانية إيجابية ضد الكريملين والبنية التحتية الروسية.
من جانب آخر، تستمر الخلايا النائمة الروسية في العاصمة “كييف” والمدن الرئيسية المحيطة في محاولة التوسع في تنفيذ أعمال تفجير وتخريب واغتيالات للشخصيات الأوكرانية الهامة والمواطنين ومحاولة تروعيهم في محاولة للتأثير النفسي وإجبار القوى الشعبية وقوات الجيش على الاستسلام. وذلك من منطلق أن عامل الوقت ليس في صالح التخطيط الروسي.
في المقابل ستكثف القوات الأوكرانية دفاعتها الجوية والأرضية سواء لحماية المدن الهامة أو الأهداف الحيوية الاستراتيجية، مع فرض حظر التجوال وقنص أي عناصر مكتشفة تخترق حظر التجوال. مع الاستمرار في طلب المعاونات والدعم بالأموال والأسلحة والمعدات والمؤن من الغرب، وكذا محاولة كسب الدعم الدولي في مجلس الأمن وكافة المنظمات الدولية، والإصرار على إطالة مدة الدفاع على أمل إجهاد القوات الروسية واستنزاف طاقتها واقتصادها أو نجاح المجتمع الدولي في الضغط على بوتين لفرض هدنة وعقد مفاوضات نهائية تهدف لوقف إطلاق النار وسحب القوات الروسية.
من جانب آخر وعلى الصعيد الدولي والناتو، ستعمل قيادة الناتو والولايات المتحدة على زيادة دعم دول الناتو المطلة على البحر الأسود وبحر البلطيق والمتاخمة لروسيا وأوكرانية خاصةً الضعيفة منها. مع إسراع الناتو في تجهيز قوة الانتشار السريع تحسباً لأي تطورات غير محسوبة من جانب روسيا تجاه أي دولة ناتو وخاصة بلغاريا ورومانيا وليتوانيا ولاتفيا وأستونيا.
كما تستمر الولايات المتحدة وأوروبا واليابان وكندا وتايون في تصعيد العقوبات تدريجياً وعلى مراحل ضد روسيا، بهدف ترك منفذ لروسيا لمراجعة نفسها قبل تنفيذ كل مرحلة من حزم العقوبات.
لواء دكتور د. سَــــيْد غُنــــيْم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع – أستاذ زائر بالناتو
المصادر:
مصادر معلنة دولية.
مصادر خاصة.