معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
القسم الأمني والعسكري
دكتور سَــــيد غُنــــيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
هل تحركات رئيس وزراء المجر، مع ترأس بلاده المؤقت للاتحاد الأوروبي، تأتي من أجل السلام في أوكرانيا، أم بسبب عدم قدرته عن التخلي عن الغاز الروسي؟
رتب ڤيكتور أوربان رئيس وزراء المجر لشراء النفط الروسي الرخيص، الآن المجر مهددة بارتفاع حاد في الأسعار في الوقود، وإذا لم تحل المجر بسرعة مشكلة نقص النفط من شركة لوك أويل، فقد ترتفع أسعار الوقود بشكل كبير.
يأتي الوضع المجري في الوقت الذي تحاول فيه التشيك وسلوفاكيا التخلص من اعتمادهما على النفط الروسي، حيث اتبعت المجر المسار المعاكس، وأبرمت عقودا جديدة مع موسكو، والآن أصبح نظام أوربان مهدداً بارتفاع حاد في الأسعار وانقطاع التيار الكهربائي عن بلاده، حيث يمكن يُتوقع زيادة حادة في أسعار الوقود وانقطاع التيار الكهربائي في غضون أسابيع قليلة. والسبب هو الحظر الجزئي على نقل النفط الروسي عبر الأراضي الأوكرانية اعتباراً من شهر يونيو الماضي، حيث فرضت الحكومة الأوكرانية عقوبات على شركة لوك أويل الروسية، التي تعتمد المجر على وارداتها النفطية، وذلك على خلفية الخلاف السياسي، بين المجر كطرف والاتحاد الأوروبي وأوكرانيا كطرف مضاد، الذي أثارته تصرفات رئيس الوزراء فيكتور أوربان الأخيرة وعلى رأسها زيارته لبوتين.
جديرٌ بالذكر، ان المجر اشترت من روسيا ما قيمته 343 مليون دولار من النفط والغاز في يناير من هذا العام وحده.
حتى الآن، كان النفط الروسي يتدفق إلى المجر عبر الفرع الجنوبي لخط أنابيب دروجبا – وانتهى الأمر بآلاف الأطنان من النفط في مصفاة MOL التي تسيطر عليها الدولة في ضواحي بودابست. وفي الوقت نفسه، توفر روسيا للمجر 70% من استهلاكها من النفط، نصفه يأتي من واردات شركة لوك أويل.
ويجري بالفعل الإعداد لفرض عقوبات على بائعي النفط الآخرين
وتطبق أوكرانيا العقوبات حتى الآن على شركة لوك أويل فقط، بينما تواصل شركات روسية أخرى، مثل تاتنفت وروسنفت، استيراد النفط الروسي عبر أوكرانيا. ولكن حتى هذا يمكن أن يتغير. وقالت أولينا لابينكو، الخبيرة الأوكرانية في أمن الطاقة من مركز أبحاث مجموعة ديكسي، لموقع بوليتيكو، إن العقوبات يجري الإعداد لها بالفعل ضد الشركات الأخرى التي تتاجر بالنفط الروسي.
رأي الأوروبيون في ڤيكتور أوربان رئيس وزراء المجر:
يرى الأوروبيون أن أوربان مستبد صاعد آخر في أوروبا، والاستبداد لا يتناسب مع “النادي” الذي تنتمي إليه المجر (الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي) مما يجعله مشابهًا لتركيا. لكن تركيا، رغم عضويتها بالناتو، ليست جزءاً من أوروبا ولا الاتحاد الأوروبي. وفي نفس سياق المقارنة، يرى الأوروبيون أن المجر لا تتمتع بأهمية استراتيجية مثل تركيا بالنسبة للناتو (الأهمية الجغرافية والديموغرافية والجوانب العسكرية)، لذا فإن الاتحاد الأوروبي ومعه الناتو – مؤخرًا، مع هذا النهج الجديد لأوكرانيا، يجعل أوربان يدفع ثمن نهج “الراكب المجاني” ونظير سياساته تجاه أوكرانيا وتجاه روسيا. وعندما يشعر ناخبو أوربان حقًا بالعواقب، سيضطر إلى إعادة التفكير في نهجه تجاه روسيا.. وهو هو رهان يمتد لعامين.
وسنرى المزيد والمزيد من ذلك نتيجة لتراجع روسيا في الوقت الذي نجد فيه أرمينيا مع الغرب وفنلندا والسويد في الناتو، وتكيف الاتحاد الأوروبي مع مصادر الطاقة الجديدة وما إلى ذلك، ناهيك عن القرارات الروسية الخاطئة من المنظور الاستراتيچي. روسيا ليس لها اتجاه واقعي لتسير وتستفيد وتنجز خارجياً، والطريق الوحيد لروسيا هو تحسين نفسها داخلياً من أجل مستقبلها كدولة كبرى تتآكل مع الوقت. نحن في أوروبا نمر بمرحلة اضطرابات كثيرة بسبب تراجع وربما انهيار روسيا أمام طموحاتها غير الواقعية.