معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
القسم الأمني والعسكري
دكتور سَــــيد غُنــــيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
 
1/ سوريا
30 نوفمبر 2024
بهدف معلن وهو: “عودة الآلاف من النازحين الذين أجبروا على الفرار من قصف الحكومة السورية في الأسابيع الأخيرة”، خلال 3 أيام فقط استعاد المتمردون التابعين لهيئة تحرير الشام، المصنفة إرهابية دولياً، والتي انبثقت عن الفرع السوري لتنظيم القاعدة الإرهابي وتدعمها تركيا إلى حد ما، السيطرة على 50 بلدة وقرية سورية في محيط حلب وإدلب، وقطعوا الطريق السريع الذي يربط حلب بالعاصمة دمشق، كما احتلوا قاعدة عسكرية حصلوا فيها على أسلحة ودبابات تابعة لقوات الحكومة السورية. كما اندلع القتال في منطقة خفض التصعيد حول إدلب في شمال غرب سوريا، حيث شنت بعض الجماعات المتمردة المدعومة من تركيا هجمات ضد القوات الحكومية.
وتحاول القوات الجوية الروسية والسورية وقف هذا الهجوم بهجمات جوية ضد القوات المهاجمة في مناطق مختلفة من محافظتي إدلب وحلب، وصلت إلى 60 غارة جوية خلال 48 ساعة، وهاجموا بشكل خاص مناطق الأتارب ودارة عزة. ومع ذلك، فإن القوات المهاجمة تواصل تقدمها، حيث انهارت الخطوط الدفاعية للقوات الحكومية التي تفاجأت بالهجوم الذي وصل لقلب حلب.
ما يحدث في حلب السورية هو دلالة على انكشاف ضعف إيران وروسيا في سوريا، الأمر الذي يوضح دون شك ضعف النظام السوري الحاكم وأداته العسكرية الوحيدة (الجيش العربي السوري).
فدمشق عادةً ما تعتمد على طهران وموسكو في مواجهة أي تعقيدات، لكن في الآونة الأخيرة، انخرطت إيران بشكل أكبر في الحملات المناهضة لإسرائيل (حزب الله – الحوثيين – الحشد الشعبي – المقاومة الإسلامية – الفصائل الفلسطينية -…). وتركز روسيا في المقام الأول على القتال في أوكرانيا، حيث إنها تنقل الأفراد من سوريا واليمن إلى ساحة القتال في شرق أوروبا، ما أضعف وسيضعف بشدة موقف التنظيمات المسلحة التي دعمتها إيران لعقود، فما بالك ببشار الأسد الذي تضعفه روسيا بسحب عناصر من الجيش العربي السوري والعلويين الموالين للأسد.
نعم، لا شك أن الروس منشغلون تماماً بأوكرانيا وأقل اهتماماً بكثير بسوريا سياسياً وعسكرياً، وتعتبر موسكو هجوم المعارضة السورية، الذي يقوده تنظيماً مصنف إرهابياً بواسطة المجتمع الدولي، انتهاكا للسيادة السورية، وتطالب موسكو الحكومة السورية باستعادة النظام الدستوري بسرعة، لا أدري كيف.. فالطيران الروسي والسوري لم يتمكن من إيقاف الهجوم ضد حلب حيث تمكن تحالف هيئة فتح الشام من دخولها. لكن هذا لن يكون ممكنا إلا إذا نجح الرئيس الأسد، الذي من المحتمل أن يكون قد ذهب أو محتمل بشدة أن يذهب إلى موسكو للتشاور مع بوتين ومستشاريه حول إمكانية وقف هذا الهجوم المفاجئ والذي قد يسقط حكم طائفته للأبد.
أما بشأن مسألة التوقيت، أعتقد أن توقيت هجوم هيئة فتح الشام على القوات السورية في حلب مرتبط بأمرين، الأول: تزايد ضعف روسيا وإيران في سوريا، ودعم تركيا المحتمل. والثاني: احتمال تحول إسرائيل للتركيز على سوريا وغزة حالة إتمام وقف إطلاق النار في لبنان.. وهو أمر ضد رغبة روسيا. ولذا اتوقع تدخل روسيا بشكل يشعل استمرار القتال في لبنان، والبعد بالصراع قدر المستطاع عن سوريا مسرح النفوذ السوري وعن إيران الداعم الأهم لروسيا في أوكرانيا.
دكتور سَــــيْد غُنــــيْم
زميل الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية
أستاذ زائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
شارك

administrator

استشاري الأمن الدوَلي والدفاع، رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الإمارات العربية المتحدة، وأستاذ زائر في العلاقات الدولية والأمن الدولي في أوروبا وشرق آسيا، (مصري)