معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
القسم الأمني والعسكري
دكتور سَــــيد غُنــــيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
3/ سوريا
3 ديسمبر 2024
ما هي احتمالات التدخل العسكري الخارجي في سوريا مؤازرة للجيش العرب السوري؟ وهل الميليشيات المدعومة من إيران في العراق تتدخل في سوريا؟
أولاً: أتصور أن الجيش العربي السوري يبني عمليته الدفاعية، غير المخططة وبدون مبادرة منه، ضد الفصائل المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام على 3 أنساق رئيسية، كالآتي:
– النسق الأول (غير ناجح): ومشكل من قوات الجيش العربي السوري والعناصر المسلحة السورية الحليفة له.
– النسق الثاني: جاري تشكيله ودفعه للقتال ومفترض أن يتكون من التنظيمات المسلحة الموالية لإيران في العراق، مع الوضع في الاعتبار إنهاك قوات حزب الله في لبنان وسوريا. (ساتعرض لاحتمال هذا النسق بشكل أكثر تفصيلاً)
– النسق الثالث: قوات عسكرية من الحرس الثوري الإيراني، ومن المنتظر أن تتصدى لها إسرائيل.
– أما بشأن احتمال تدخل قوات عسكرية برية روسية كنسق رابع، فهو احتمال ضعيف للغاية.
ثانياً: هل الميليشيات المدعومة من إيران في العراق تتدخل في سوريا؟
تنتظر كتائب حزب الله في العراق أوامر بالانتشار في سوريا لمساعدة النظام السوري. وهذا له آثار محتملة على إسرائيل لأن الميليشيات المدعومة من إيران كانت تهاجم إسرائيل بطائرات مسيرة على مدار العام الماضي.
وقد عملت هذه الجماعات في سوريا في الماضي، وهي تشكل خطرًا واضحًا وحاضرًا على إسرائيل. ويبدو أن لواء كتائب حزب الله لم يقرر بعد نشر مقاتليه في سوريا للتصدي لعناصر تحرير الشام، ما قد يشير إلى أنه ينتظر أوامر إيرانية بذلك.
وتعتبر كتائب حزب الله من أكثر الميليشيات المدعومة من إيران انضباطاً كما إنها الأقرب تاريخياً لفيلق القدس. وقد قُتل أبو مهدي المهندس، زعيم كتائب حزب الله، في 2020 وهو في نفس سيارة قاسم سليماني قائد فيلق القدس خلال عملية اغتياله.
وقد عمل المهندس عن كثب مع سليماني لتنسيق العمليات في العراق. واحتفظت كتائب حزب الله بمقر رئيسي في البوكمال على الحدود العراقية.
وقد تعرض مبنى مقر كتائب حزب الله في البوكمال لغارة جوية في يونيو 2018، واتهمت واشنطن وإسرائيل في الهجوم، ما أقنع الإيرانيين بنقل العمليات إلى قاعدة “الإمام علي” قرب الصحراء.
ويوضح ذلك كيف أن كتائب حزب الله هي المفتاح لتورط إيران في العراق وسوريا بصفتها قناة للنفوذ الإيراني. وهي تعد مصدر تهديد لإسرائيل وعملت عن كثب مع حزب الله في لبنان، كما أنها مصدر تهديد للسعودية، مما جعلها تشكل تهديداً خطيراً على البلدين.
يبدو أن كتائب حزب الله في العراق تحث الجيش العراقي النظامي للتدخل وأخذ زمام المبادرة بالتنسيق مع الحكومة السورية لدعم النظام السوري، من منطلق أن هيئة تحرير الشام مصنفة إرهابية دولياً ويجب التصدي لها بقوات نظامية دعماً للدولة السورية، خاصة وأن هيئة تحرير الشام تشكل تهديداً للأمن القومي العراقي والسوري والمنطقة.
وبالنظر للحشد الشعبي العراقي والذي نفى تدخله ضمن القوات التي ظهرت لدعم الجيش السوري، ولموقف كتائب حزب الله العراقية والتي تنأى بنفسها في الوقت الحالي وتقدم الجيش العراقي للتدخل، يبدو أنهما ينتظرا أوامر إيرانية، والتي قد تفاوض طهران بهما.
بالانتقال لإيران، قد ترغب طهران في استخدام الميليشيات العراقية لدعم النظام السورى. خاصة مع إعلانها قلقها من أن التصعيد الحالي في سوريا قد يمتد للمنطقة. حيث سيكون مخطط طهران، حالة موافقتها على قيام تنظيمي كتائب حزب الله والحشد الشعبي العراقيين بالتدخل في سوريا، أن يكونا وسيلة في أيدي طهران. فهي تدرك تماماً أن أي تدخل عسكري كبير من شأنه أن يشكل تهديدًا لإسرائيل وللقوات الأمريكية في شرق سوريا.
وتراقب إيران التطورات قرب دير الزور وعلى طول نهر الفرات. وقد سيطرت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة على عدة قرى في هذه المنطقة كانت محتلة من قبل النظام السوري. وقد يؤدي هذا أيضاً إلى نشر ميليشيات مدعومة من إيران في منطقة دير الزور.
الخلاصة:
1- تحتاج كل من دمشق وموسكو تدخلاً فورياً من إيران وأذرعها أو أي منها لتغيير المعادلة الأمنية في سوريا لصالحهما، مع الوضع في الاعتبار الدعم العربي/ الخليجي المحتمل لسوريا على حساب نفوذ إيران في سوريا، ما يدفعها للمساومة مع الأسد.
2- وقد تنظر إيران للموقف من زاوية استراتيچية أوسع تساوم بها واشنطن وتل أبيب.
3- ومن ثم، ينتظر أهم تنظيمين مسلحين في العراق الأوامر من إيران للتدخل، وتحاول دفع الجيش النظامي العراقي للتدخل دعماً للنظام السوري وبما يجعل إيران وأذرعها الطرف الأخير الحاسم في الموقف.
![](https://igsda.org/wp-content/uploads/2024/12/468865884_3423562274443892_5071907403000209420_n.jpg)