معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
القسم الأمني والعسكري
دكتور سَــــيد غُنــــيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل
في وقت تجرى فيه مفاوضات للسلام، دول أوروبا ترفع القيود عن مدى الأسلحة لأوكرانيا
أولاً: ماذا لو ألمانيا سلمت أوكرانيا صاروخ توروس بعيد المدى؟
من المفترض أن يعزز صاروخ توروس الألماني بشكل كبير قدرات الجيش الأوكراني على توجيه ضربات لعمق روسيا، لا سيما ضد الأهداف الاستراتيجية عالية القيمة مثل جسر القرم. في أعقاب تصريح المستشار فريدريش ميرز بشأن رفع القيود المفروضة على الضربات بعيدة المدى، تزايدت التكهنات حول احتمال حدوث تحول في السياسة في برلين. صاروخ توروس، بمداه ودقته الفائقة، سيكون السلاح الأمثل لضرب البنية التحتية المحصنة في الأراضي الأوكرانية المحتلة وفي عمق روسيا، مما يمثل نقطة تحول حاسمة في نهج ألمانيا تجاه الحرب وقدرة أوكرانيا على الرد.
ثانيًا: حاجة أوكرانيا لصواريخ توروس:
1. تستخدم أوكرانيا حاليًا صواريخ ATACMS الأمريكية وصواريخ ستورم شادو الأنجلو-فرنسية للعمليات بعيدة المدى.
2. ترحيب أوكراني برفع القيود عن مدى الأسلحة مع التأكيد على الحاجة الملحة للتسليم الفعلي لأنظمة توروس.
ثالثًا: قدرات صاروخ توروس:
يُصنّع صاروخ توروس من قِبل شركة MBDA الألمانية، وهو من نفس فئة صواريخ Storm Shadow و SCALP EG، ولكنه يتميز بميزات متفوقة:
1. المدى: يصل إلى 700-800 كيلومتر (رسميًا 560 كيلومترًا).
2. الرأس الحربي: قابل للبرمجة للتفجير المتأخر بعد اختراق الأهداف المحصنة.
3. المحرك: أكثر كفاءة من محرك ستورم شادو، مما يتيح مدىً أطول وتأثيرًا أكبر.
4. يُسلّط خبراء، مثل فابيان هوفمان (جامعة أوسلو)، الضوء على صاروخ توروس كأفضل سلاح غربي لتدمير الجسور الاستراتيجية.
5. التكامل والاستخدام المستقبلي:
يمكن دمج صواريخ توروس في الطائرات المقاتلة القادمة لأوكرانيا طرلز F-16 الأمريكية، أو حتى طراز Gripen E/F السويدية، في حال توفرها.
في حين طورت أوكرانيا طائرات بدون طيار بعيدة المدى، تُوفّر صاروخ توروس دقة وقدرة تدميرية أعلى بكثير. حيث إن الطائرات بدون طيار التي تحمل رؤوسًا حربية وزنها 50 كجم محدودة النطاق؛ وستسمح صاروخ توروس بشن هجمات شديدة التأثير على أهداف مُحصّنة ورمزية.
رابعًا: الجدل الداخلي الألماني ورمزيته:
كان المستشار السابق أولاف شولتز قد منع تسليم صواريخ توروس خوفًا من التصعيد مع روسيا. أما المستشار الحالي ميرز، فقراراته تشير إلى موقف ألماني أكثر استباقية وحزمًا، حيث إن تزويد أوكرانيا بصواريخ توروس يتعلق بالشجاعة السياسية الألمانية أكثر منه باحتياجات ساحة المعركة الأوكرانية، مما يرمز إلى نهاية التردد الألماني.
خامسًا: الأثر الاستراتيجي:
بالنسبة لأوكرانيا:
1. يُعزز الوصول إلى صواريخ غربية متطورة مثل توروس استدامة وفعالية استراتيجيتها للضربات العميقة. بالنسبة لروسيا: يرفع مستوى التهديد للبنية التحتية الحيوية، مما يفرض إعادة تخصيص الموارد للدفاع، وربما يُعيد تشكيل حسابات موسكو للمخاطر.
2. ستعزز إضافة صواريخ توروس بشكل كبير قدرة أوكرانيا على ضرب أهداف روسية استراتيجية في عمق خطوط المواجهة، وخاصة في شبه جزيرة القرم، الأمر الذي سيؤدي إلى تعطيل اللوجستيات والتخطيط العسكري الروسي، مما يرفع تكلفة الاحتلال ويعزز نفوذ أوكرانيا.
بالنسبة للغرب:
1. يُرسي سابقة في سياسة المساعدات العسكرية، ما يؤدي إلى إعادة تقييم المخاوف بشأن التصعيد مع استمرار الحرب وتزايد المخاطر.
2. لا يقتصر الجدل حول نظام توروس على صاروخ فحسب، بل هو اختبار للإرادة السياسية، ووحدة التحالف، والتخطيط الاستراتيجي طويل الأمد في صراع لا يزال يُعيد تشكيل المشهد الأمني في أوروبا.
بالنسبة لألمانيا:
يعد تسليم ألمانيا المحتمل صاروخ توروس لأوكرانيا تحولاً رمزيًا وسياسيًا في ألمانيا، حيث يعكس تحولًا في السياسة الخارجية الألمانية – من ضبط النفس الحذر إلى دعم أكثر حسمًا. وقد يؤثر ذلك على ديناميكيات المساعدات العسكرية الأوروبية الأوسع نطاقًا، ويشجع الدول الأخرى المترددة على أن تحذو حذوها.
سادسًا: الرأي:
1. تهدف أوكرانيا إلى الآتي:
– تعزيز قدراتها العسكرية والعمل على عزل شبه جزيرة القرم عن روسيا من خلال توجيه ضربات عميقة لضرب البنية التحتية العسكرية الروسية الاستراتيجية، وخاصة في شبه جزيرة القرم المحتلة. حيث يُعدّ جسر القرم طريقًا لوجستيًا حيويًا لروسيا، ورمزًا قويًا لضمها شبه جزيرة القرم. وقد هاجمته أوكرانيا مرتين (أكتوبر 2022 ويوليو 2023)، لكنها فشلت في تعطيله بالكامل. كما ألمح ميرز نفسه إلى إمكانية استخدام صاروخ توروس لاستهداف هذه البنية التحتية، مما قد يُغيّر التوازن الاستراتيجي في جنوب أوكرانيا.
– تهديد العمق الروسي وتدمير الأهداف الحيوية الروسية في العمق، خاصة محطات الطاقة والمصانع الاستراتيچية.
– تدمير وسائل الإنذار والمطارات وقواعد الدفاع الجوي ومخزونات الأسلحة والذخائر الاستراتيچية.
2. ستعمل روسيا على الآتي:
– محاولة الاستمرار في المفاوضات الجارية واقناع ترمب بالضغط على ألمانيا لمنعها تسليم أوكرانيا تلك الصواريخ.
– تدمير كافة المساعدات المقدمة لأوكرانيا عند وصولها وفور اكتشافها.
– تقوية وسائل الدفاع الجوي خاصة فوق جسر كيرتش.