نهاية يوم الثاني قتال – 08 أكتوبر 2023
عام:
يبدو أن اختيار الفلسطينيين لاسم العملية يهدف إلى تضمين بعد ديني يجمع المسلمين من كافة المذاهب وعلى رأسهم السنة والشيعة، وكذا المسيحيين حول العالم، تلك الديانتين المهدور حقهما في المسجد الأقصى أمام تعنت اليهود بيد الإسرائيليين كسلطة متحكمة في أهم رمز ديني يجمع الأديان السماوية الثلاثة. وهو ما يعطى للعملية الفلسطينية بعد ديني دولي إقليمي عربي، وليس كونه أمراً فلسطينياً بحتاً يخص الفلسطينيين وحدهم يمكن تهميشه.
صباح يوم السبت 7 أكتوبر، نفذت حركة حماس الفلسطينية هجوماً مفاجئاً على إسرائيل على نطاق واسع وبشكل غير مسبوق، حيث أطلقت آلاف الصواريخ، وتسربت عناصرهم المسلحة خلف الخطوط في عمق الأراضي الإسرائيلية، لتتمكن من احتجاز عدداً كبير من الأسرى العسكريين والرهائن المدنيين، وقتل ما يقترب من عدد 1000 إسرائيلي، وإصابة ما يزيد عن 2150 آخرين فضلاً عن أسر حوالي 150 عسكري ومدني إسرائيلي حتى نشر هذا التقدير بنهاية اليوم الثاني قتال، الأمر الذي مع استحالة السيطرة عليه اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإعلان أن بلاده في “حالة حرب”. وعندما ردت القوات الإسرائيلية، فقدت حماس أكثر من 400 فرد وجُرح أكثر من 1600 آخرين جراء قصف غزة.
لقد وقعت إسرائيل ضحية لخدعة الهدنة والعيش دون قلق وأن تركز على وقف إطلاق النار طويل الأمد، حيث يذهب يومياً حوالي 19 ألف عامل فلسطيني إلى إسرائيل، وهذا يعود بالنفع على الاقتصاد الإسرائيلي ويدر إيرادات ضريبية للفلسطينيين.
وخلال المواجهات الخمس الإسرائيلية لحماس كانت قواعد اللعب واضحة، فالإسرائيليون يحشدون الجيش، ويهاجمون من الجو، فيلحقون الضرر بقطاع غزة. نعم يحاولون في كل مرة قطع رأس قيادة حماس، ولكنهم يفشلوا، فيلجاوا لكافة السبل الممكنة لإقناع حماس بوقف إطلاق الصواريخ والدخول في مفاوضات لإطلاق سراح الأسرى والرهائن. ولذا من المرجح ككل مرة وإن كان بشكل أعنف قيام إسرائيل بغزو واسع النطاق لغزة. وستجد إسرائيل نفسها تقاتل في مناطق كثيفة السكان، وأن الاحتجاجات الدولية ضد الخسائر في صفوف المدنيين التي قد تلحقها إسرائيل بأسلحتها الأميركية المتطورة من شأنها أن تحول الإدانة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، وتفرض الضغوط عليها لحملها على التوقف. وحتى إذا نجحت إسرائيل في حرب واسعة النطاق، فستتورط في مستنقع غزة دون قدرة على تحديد توقيت وكيفية الخروج منه، كما أنها لن تتمكن من مواجهة العواقب.
وقد أتى كل ذلك في يوم عطلة “سيمحات التوراة” اليهودية.
أولاً: نقاط الضعف الإسرائيلية:
من متابعة إسرائيل وقدراتها العسكرية تلاحظ أن الجيش الإسرائيلي يتسم بثلاث نقاط ضعف رئيسية وهي:1- عدم القدرة على تحمل خسائر كبيرة متتالية في الأرواح، خاصة مع تضاؤل التعداد السكاني لإسرائيل والذي لا يتجاوز 10 ملايين نسمة.2- عدم القدرة على تحمل إطالة زمن الحرب، حيث أيضاً مع تضاؤل التعداد السكاني الإسرائيلي تضطر لتعبئة 18 – 20% للحرب من قوتها البشرية المنتجة ذوات العمر من 18 – 45 عاماً، والذي يؤثر بشدة على الاقتصاد الإسرائيلي.3- عدم القدرة على القتال داخل أراضيها، خاصة مع تضائل العمق الاستراتيجي الداخلي لإسرائيل.4- عدم القدرة على تحقيق النصر حالة نجاح الخصم في امتلاك المبادأة. وذلك بوضع المنظومة الإسرائيلية في موضع رد الفعل بشكل مستمر بتكرار سلسلة من أعمال المفاجأة المتغيرة في التوقيت والاتجاه والوسائل والأساليب، والعمل في سرية تامة، وتبني خطط خداع غير نمطية. وبما يضع الجيش الإسرائيلي تحت ضغط مستمر، ويفقده التركيز ويجبره على الاستمرار في ارتكاب الأخطاء.ومن ثم، يعد سيناريو إطلاق عملية عسكرية ضد قطاع غزة هو أسوأ الخيارات المحتملة للجانب الإسرائيلي، حيث رغم تحول القوات الإسرائيلية للهجوم وبما يوحي بانتزاعها المبادأة، إلا أنه سيزيد بدرجة كبيرة من حجم الخسائر في الأرواح في صفوفها وسيعرض الأسرى والرهائن للخطر، ويطيل من زمن الحرب، كما سيورط إسرائيل في مستنقع تفتقد فيه القدرة على معرفة كيفية وتوقيت الخروج منه. خاصة وأن نتنياهو يميل لتجنب القتال المباشر وذلك باستخدام القوة النيرانية في الأساس وتنفيذ حرب خاطفة لأيام قليلة لا تستغل فيها نقاط الضعف الثلاث في الجيش الإسرائيلي.كما سيكون مرحلياً سيناريو سيء لمواطني غزة نظراً للتأثيرات المتتابعة المترتبة على الصعيد الانساني والاقتصادي لسكان قطاع غزة، أما بالنسبة لحماس والفصائل الفلسطينية فهو سيناريو متوقع وربما يرونه الأكثر خطورة، ولكنه سيؤدي لتعقيد الأزمة في وجه إسرائيل مع امتداد الصراع للشمال في لبنان وسوريا وبما يدفع لاتساع المظاهرات والعنف في القدس والخليل ومناطق أخرى في الضفة الغربية.
ثانياً: الهدف من العملية طوفان الأقصى:
شنت حماس هجومها الاستراتيچي على إسرائيل في وقت تتصالح فيه مع العالم العربي في إطار الاتفاق الإبراهيمي، خاصة وأن السعودية تتحدث حالياً عن تطبيع العلاقات معها أيضاً. وكجزء من هذه الصفقة المحتملة، تضغط واشنطن على السلطة الفلسطينية في الضفة – عدو حماس.
لذلك كانت هذه فرصة لحماس بدعم وتدريب إيراني أن تشن عملية طوفان الأقصى بهدف: “عرقلة عملية التطبيع السعودي الإسرائيلي برمتها”، والتي أعتقد أنها كانت تشكل تهديدًا عميقًا لكل من إيران وحماس. وهذا لا يعني أن هذا هو الهدف الوحيد أو الرئيسي من الهجوم لحماس، ولكنه يرتبط بتوقيت الهجوم والمناخ السياسي والأمني المحيطين به.
وهناك فرق بين أن حماس تتصرف بإملاءات من إيران، وبين أنهم يتصرفون بالتنسيق معها مقابل الاستفادة من دعم طهران لتحقيق أهداف مشتركة مرتبطة بالمناخ والتوقيت كما ذكرت. “حيث إن لإيران وحماس مصلحة مشتركة في تعطيل التقارب العربي الإسرائيلي وخاصة مع السعودية، بهدف إحراج موقفهم، وإثبات أن حماس وإيران هما القادرتان على إلحاق الهزيمة العسكرية بإسرائيل أو مواجهتها على الأقل، ومن ثم فالتطبيع مع إيران والتعاون مع حماس أفضل من التطبيع مع إسرائيل والتقارب مع السلطة الفلسطينية في الضفة”، وهذا من منطلق أن إيران وحماس يرون أن العالم وخاصة دول الخليج تتحرك من مبدأ القوة.
والأهم، “أن يعود العالم لاعتناق فكرة أن السبب في عدم استقرار الشرق الأوسط والأقاليم المحيطة هو عدم العدالة أو عدم الاهتمام بالقضية الفلسطينية وفي حقها ضد إسرائيل، وليس أن إيران المارقة هي السبب في عدم استقرار المنطقة”.
ويمكن تلخيص أهداف حماس من العملية طوفان القدس في النقاط الآتية:
- كسر هيبة إسرائيل وإحراجها أثناء احتفالها بما تسميه “التعلم من الدرس والنصر في حرب يوم كيبور”، وذلك أمام العالم بشكل علم والدول التي قامت بالتطبيع معها أو عازمة على ذلك بشكل خاص.
- إثبات أن حماس بدعم حلفائها هي الوحيدة القادرة على إلحاق الهزيمة العسكرية بإسرائيل أو مواجهتها على الأقل.
- أن يعود العالم لاعتناق فكرة أن السبب في عدم استقرار الشرق الأوسط والأقاليم المحيطة هو عدم العدالة أو عدم الاهتمام بالقضية الفلسطينية.
- الاتصال الضفة الشرقية.
ثالثاً: الموقف الدولي والإقليمي:
إيران:
من اللحظة الأولى دعمت إيران الهجوم الكبير لحماس على إسرائيل، حيث قال كبير المستشارين العسكريين لآية الله علي خامنئي، إن طهران دعمت هجمات حماس ضد إسرائيل يوم السبت وستواصل دعم المقاتلين الإسلاميين “حتى تحرير فلسطين والقدس. إذ لعبت ترسانات الأسلحة الإيرانية مثل الصواريخ والطائرات دون طيار الإيرانية في فيديو لكتائب عز الدين القسام.
يبدو إن إيران تنجح في عرقلة مسارات التطبيع السعودي الإسرائيلي، وثقل السعودية سيزداد في مفاوضات التطبيع أمام إسرائيل. ونرى ان هناك احتمالات لتدخل حزب الله مع احتمالات امتداد الصراع للبنان.
مصر:
لعبت مصر خلال السنوات الماضية دوراً كبيرا في الصراع في الوساطة بين حماس واسرائيل، لطالما كانت العنصر الأكثر فاعلية وموثوقية للطرفين، بل وللأطراف الدولية. فقد تلقى الرئيس المصرى عدة إتصالات من رئيس المستشار الألماني، والرئيس الفلسطيني، ورئيس المجلس الأوروبي، والعاهل الأردني، لوقف التصعيد منذ الساعات الأولى له يوم 7 أكتوبر 2023. ونرى أن دور مصر أساسي في المرحلة، ما بين الوساطة والتهدئة وتأمين الحدود أمام احتمالات النزوح حالة ضرب غزة بعنف مفرط، حيث ستقوم مصر بتهيئة معسكرات لاستقبال النازحين وإيوائهم حالة وصولهم للحدود المصرية. ومن جهتها أصدرت الخارجية المصرية بيانا حذرت فيه من “مخاطر وخيمة للتصعيد الجاري بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي نتيجة لسلسلة من الاعتداءات ضد المدن الفلسطينية” داعية إلى “ممارسة أقصى درجات ضبط النفس”.
السعودية:
كثّفت الدبلوماسية السعودية من حضورها وسط زخم دولي لوقف التصعيد وتهدئة الأوضاع وتجنّب مزيد من العنف في الأحداث غير المسبوقة التي اندلعت في غزة حيث بادرت الخارجية السعودية إلى إصدار بيان يتناول تطوّرات الأوضاع في غزة، مذكّرةً «بتحذيراتها المتكرّرة من مخاطر انفجار الأوضاع نتيجة استمرار الاحتلال، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدّساته. وأشار الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال كلمة في البيت الأبيض بحضور وزير خارجيته أنتوني بلينكن، إلى أنه «وجّه فريقه بالبقاء على اتصال مع السعودية وعدد من الدول في الشرق الأوسط على خلفية التصعيد الجارى.([1])
الإمارات:
عبّرت وزارة الخارجية الإماراتية عن قلقها الشديد إزاء تصاعد العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مُشددة على ضرورة وقف التصعيد، والحفاظ على أرواح المدنيين، وقدمت خالص التعازي لجميع الضحايا الذين سقطوا جراء أعمال القتال الأخيرة. كما أكدت ضرورة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والوقف الفوري لإطلاق النار لتجنب التداعيات الخطيرة”.
وقالت الوزارة إن الإمارات، بصفتها عضوًا غير دائم في مجلس الأمن الدولي، فإنها “تدعو إلى ضرورة إعادة التفعيل الفوري للجنة الرباعية الدولية لإحياء مسار السلام العربي الإسرائيلي، وتحث المجتمع الدولي على دفع كافة الجهود المبذولة لتحقيق السلام الشامل والعادل، ومنع انجرار المنطقة لمستويات جديدة من العنف والتوتر وعدم الاستقرار”.([2])
الولايات المتحدة:
الولايات المتحدة هي الحليف الأول لإسرائيل، وقد كانت العلاقات في أسوء حالتها مع حكومة نتياهو المتطرفة. إلا أن هذا الخلاف تبددت مع اللحظات الأولى من الهجوم الاستراتيجي الفلسطيني، حيث قامت الولايات المتحدة بتوجيه حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد آر فورد إلى شرق البحر المتوسط. ويشمل ذلك حاملة الطائرات التابعة للبحرية الأمريكية يو إس إس جيرالد آر فورد (CVN-78)، وطراد الصواريخ الموجهة من فئة تيكونديروجا يو إس إس نورماندي (CG 60)، بالإضافة إلى مدمرات الصواريخ الموجهة من فئة أرلي بيرك يو إس إس توماس هودنر (DDG 116). ، ويو إس إس راماج (DDG 61)، ويو إس إس كارني (DDG 64)، ويو إس إس روزفلت (DDG 80). كما تم تعزيز أسراب الطائرات المقاتلة التابعة للقوات الجوية الأمريكية من طراز F-35 وF-15 وF-16 وA-10 في المنطقة. وتحتفظ الولايات المتحدة بقوات جاهزة على مستوى العالم لتعزيز وضع الردع هذا إذا لزم الأمر.([3])
وتعتبر القوة الأميركية المعاد نشرها شرق المتوسط بقيادة دعمًا لإسرائيل حالة بلوغها درجة الهزيمة أمام حزب الله وحماس، وذلك بقيام القوة الأمريكية بتدمير معاقل حزب الله في لبنان. وهذا قد يؤدي لاحتمال التلويح بقصف بعض الأهداف الأمريكية في المنطقة بواسطة حزب الله وربما قوات غير معلومة بالتأكيد موالية لإيران. وهو ما يتسق مع موقف بايدن الرافض لسياسة نتنياهو يعلن دعمه لموقف إسرائيل.. في ظل حرج شديد لموقفه في فترة ما قبل الانتخابات..
روسيا الاتحادية:
من المؤكد أن روسيا نعتبر أحد اهم المستفيدين من الصراع لعدة أسباب، أهمها تركيز الرأي العام العالمي مع الصراع في إسرائيل، خصوصاً وأنه الاكبر في تاريخ الصراع بين حماس واسرائيل. فمن المرجح أن يكون هناك تأثيراً على توريد الأسلحة إلى أوكرانيا. وعلى الرغم من أن إسرائيل لا تنقل أو حتى تمنع إعادة تصدير أسلحتها إلى القوات المسلحة، فمن المعروف أن الذخيرة من مستودعات الجيش الأمريكي في إسرائيل تم إرسالها إلى أوكرانيا. ومن الواضح الآن أن مصدر الذخيرة هذا لن يكون متاحا، لأن إسرائيل ستعارض ذلك بشدة وستبذل كل جهد لضمان بقاء الذخيرة التي يمكنها استخدامها لتلبية احتياجاتها الاحتياطية تحت تصرفها. إن الوضع الذي ستحتاج فيه إسرائيل إلى أسلحة إضافية لن يكون ممكنا إلا في حالة حدوث عملية عسكرية طويلة الأمد، وهي في الواقع حرب واسعة النطاق، والتي من الواضح ان اسرائيل مقبلة عليها. ومن الضروري الانتباه إلى حقيقة أن الحظر المفروض على تصدير الأسلحة من إسرائيل إلى أوكرانيا قد يكون ناجما عن اتفاق معين مع روسيا. وهذه الورقة سيتم المقايضة بها فى الصراع الحالي، ففى النهاية لاتريد روسيا دخول الاسلحة التقنية الاسرائيلية لأوكرانيا ولا تريد اسرائيل فتح جبهة ثالثة في سوريا والتي قد تشهد من إيران استغلال للظرف الراهن لتعزيز تواجدها فى سوريا، مما قد يعزز من الدور الروسى ولو جزئيا فى هذا الصراع، ولكن ليس بشكل مباشر مع الولايات المتحدة.
وأُذكر أن لدى روسيا مصالح كبيرة قائمة مع إسرائيل حالياً، ولكن الموقف الفلسطيني الحالي يعتبر فرصة لا تعوض لاستغلالها ضد ألد أعداء موسكو. فستعمل روسيا على استغلال المواقف والاستمرار في استغلال أخطاء الولايات المتحدة وأوروبا المتتالية والمحتملة بشدة في التعامل مع الحرب الفلسطينية الإسرائيلية.
كما ستستغل روسيا الموقف لتكييل الاتهامات للولايات المتحدة بصفتها المسؤولة عن عدم حل القضية الفلسطينية، مع تركيز الحملات الإعلامية في نفس السياق بهدف الحد من الدعم والاهتمام الأمريكي والغربي بأوكرانيا.
الصين:
كعادتها، صرحت الصين ببيان متوازن ومحايد للصراع، حتى أن اسرائيل عبرت عن صدمتها من هذا البيان، فالصين ستتفاعل بهدوء مع الاطراف الفاعلة وليست بشكل مباشر قد يورط موقفها المتوازن، فمثلا قد تشارك في الوساطة مع مصر والسعودية وقطر بين حماس وإسرائيل، حيث إن لديها سابقة فى الاتفاقية بين الخليج وإيران منذ عدة أشهر والتي اثبتت نجاحها.
تركيا:
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن موقف أنقرة هو أن الصراع يجب أن ينتهي بالاعتراف بدولة فلسطين ضمن حدود عام 1967. والواقع أن تركيا لا تدعو إسرائيل إلى الاعتراف بفلسطين باعتبارها موضوعاً للقانون الدولي فحسب، بل وتدعوها أيضاً إلى تأمين عدد من الأراضي قانونياً في الضفة الغربية لإقامة الدولة الفلسطينية. هذه هي مئات الكيلومترات المربعة من الأراضي التي أصبحت تحت السيطرة الإسرائيلية في أواخر الستينيات من القرن الماضي، بما في ذلك أراضي القدس الشرقية. ومن غير المرجح أن تكون إسرائيل مستعدة لأخذ تصريح أردوغان الجديد حول هذا الموضوع على محمل الجد. حيث توضح حكومة نتنياهو أنها تنوي حل كافة القضايا خلال القتال.([4])
ثانيًا: الاستنتاجات من الموقف الدولي والإقليمي:
من المرجح تشدد الموقف الإسرائيلي في مسألة التعامل مع الجانب الفلسطيني بشكل عام، وفصائل غزة بشكل خاص. خاصة مع استهداف المدنيين بشكل واسع خلال أعمال الهجوم على المستوطنات الإسرائيلية.
ولكن عنصر الأسرى الإسرائيليين، سواء من العسكريين أو المدنيين، سيشكل أحد أوراق الضغط القاسية على الجانب الإسرائيلي خلال المرحلة الحالية عسكريًا، ومستقبلاً حين تبدأ العملية السياسية/ المفاوضات. وهي العملية التي قد يكون للدور المصري الأساس في بدايته على الأقل، خاصة في ظل العلاقات المصرية مع كافة الأطراف الفلسطينية، سواء الفصائل أو السلطة الفلسطينية. مع الوضع في الاعتبار مشاركة الإمارات بشكل ما خلال تلك المرحلة، على الرغم من عدم التوافق بينها وبين السلطة الفلسطينية، وأيضًا الفصائل الفلسطينية.
رابعاً: موجز الموقف العسكري:
بدأت كل من حركة حماس والجهاد الفلسطينيتين بهجوم استراتيجي شامل في وقت مبكر من صباح السبت 7 أكتوبر 2023. إذ شمل الهجوم موجة كبيرة من الصواريخ التي تم إطلاقها من قطاع غزة، حيث أشارات بعض الإحصاءات إلى إطلاق مايقرب من 5000 صاروخ، بينما ذكرت إسرائيل أنهم 2200 صاروخ وقذيفة فقط. وقد أصابت الصواريخ مواقع متعددة بما في ذلك تل أبيب والقدس وعسقلان. أعقب ذلك دخول عناصر المقاومة الفلسطينية إلى عدة مواقع في محيط غزة عن طريق البر والبحر والجو، وكانت مدن سديروت ونتيفوت وأوفاكيم أهدافًا رئيسية للهجمات البرية، على الرغم من الإجراءات الأمنية والمراقبة الإسرائيلية المشددة والحصار المفروض على قطاع غزة. وتُظهر مقاطع الفيديو، التي تم التقاطها، المقاتلين الفلسطينيين يدخلون إسرائيل من خمس نقاط على الأقل دون مقاومة تذكر. ويشير حجم الهجوم وطبيعته متعددة الجوانب، إلى جانب نجاحه، إلى إخفاقات استخباراتية ودفاعية كبيرة في قوات الأمن والجيش الإسرائيلية.([5])
وقد حققت المفاجأة وأساليب الدفع وتكتيكات القتال غير النمطية نتائج مثمرة لجانب حماس، ويبدو أن هناك من تبنى هذه النوعية من الأساليب والتكتيكات، والتي تأكد مع الوقت أنها إيران.
مقومات نجاح العملية:
- عامل السرية:
نجحت الفصائل الفلسطينية في تحقيق عامل السرية في أعمال التدريب والتخطيط والإعداد قبل تنفيذ عمليات الإقتحام. وهو ما يدل على أن هناك تطور في قدرة أجهزة الاستخبارات داخل تلك الفصائل، مكنتها من التعامل بكفاءة مع أعمال التجسس والاستطلاع الخاصة بالجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية. وقد يكون هناك عناصر إسرائيلية قد استطاعة الفصائل الفلسطينية تجنيدها أو استغلالها والاستفادة منها بشكل ما، مما ساهم في نجاح عمليات الهجوم.
- العمل خلف الخطوط:
استطاعت المجموعات القتالية الفلسطينية من التسلل خلف السياج الحدودي والوحدات الإسرائيلية التي تدافع عن المستوطنات المحيطة بغزة، والتوغل داخل بعض المستوطنات في كامل محيط القطاع، وهو عامل قد يكون عنصر الأنفاق قد لعب فيه دورًا مؤثرًا في بداية العملية، ما ساهم في ظهور مفاجئ وسريع للمجموعات القتالية للفصائل الفلسطينية في داخل تلك المستوطنات دون أى إعتراض أو مقاومة، سواء من الوحدات الإسرائيلية التي تؤمن محيط القطاع، أو سلاح الجو الإسرائيلي الذي ينشط بشكل مستمر. مما يقودنا لعنصر وسائل الدفع.
- وسائل الدفع:
ظهرت خلال هذه العملية وسائل ومعدات غير نمطية في القتال الفلسطيني، والتي ساعدت العناصر المقاتلة لعبور الحائط الإسرائيلي والتوغل بعمق الأهداف الإسرائيلية، كمعدات الطيران الشراعي. كما قامت باستخدام عربات الدفع الرباعي بكثافة، والدراجات النارية للوصول إلى الأهداف غير الملاصقة للحدود مع قطاع غزة. مع استخدام محدود للطائرات بدون طيار الإنتحارية الموجهة، والتي تماثل بعض تكتيكات استخدامها ما يحدث في الحرب الروسية – الأوكرانية.
- التدريب:
على الرغم من أن المظاهر المتعارف عليها في أداء الميليشيات غير النظامية مازالت واضحة على أداء مقاتلي كل من حركتي حماس والجهاد. إلا أن هناك ملامح تطور في تكتيكات القتال الصغرى على الأرض، ويظهر ذلك من وسائل وأساليب الدفع، وخلال أعمال التحرك، واقتحام بعض المواقع العسكرية الإسرائيلية، إلى جانب نمط التخطيط الذي بدأت تظهر فيه بعض من ملامح الإحترافية في التعامل مع الموانع الهندسية المحيطة بالمواقع الإسرائيلية، وتكتيكات التعامل مع العناصر المدرعة الإسرائيلية القليلة والتي واجهتهم في بداية العملية.
- الصواريخ أرض – أرض:
تمتلك إسرائيل نظام دفاع جوي قوي ومنظم بما في ذلك نظام القبة الحديدية المتخصصة في إعتراض الأهداف الصاروخية الصغيرة، وله نسب تصدي تصل من 80 إلى90٪. ومع ذلك، تمكنت حماس من جعل قصفها الصاروخي ناجحًا نسبيًا، حيث تم قصف المدن ومنشآت البنية التحتية الحيوية، مثل محطة روتنبرج للطاقة التي تنتج 20٪ من الكهرباء في إسرائيل، وهي بالطبع هدف استراتيجي رئيسي، والسبب هو العدد الهائل من الأهداف. في الواقع، يمكن التغلب على أي نظام دفاع جوي حديث من خلال شن هجوم مركز بصواريخ أرض – أرض خلال فترة زمنية قصيرة. هذا التكتيك، المسمى بـ “الإغراق الصاروخي” والذي استخدمته حماس. وعندما يتعلق الأمر بمثل هذا الهجوم الضخم، فإن معدلات التصدي ليست فقط المهمة، بل أيضًا عدد الصواريخ الإعتراضية الإحتياطية المتاحة. بعد إطلاقها جميعًا، تصبح القبة الحديدية عاجزة حتى يتم إعادة تذخيرها من مخزونات الجيش الإسرائيلي أو المصانع، وهو ما يستغرق وقتاً بالطبع([6]).
- خبرات الحرب الروسية – الأوكرانية:
استفادت الفصائل الفلسطينية من الأساليب المستخدمة في الصراع في أوكرانيا، ككيفية استهداف الدبابات، واستخدام الدرونز الانتحارية، وتنفيذ الهجوم على المنشآت والمعسكرات. مما يعني أنهم يستفيدون من الصراعات الأخرى، ويكيفون استراتيجياتهم وفقًا للمستجدات القتالية في مناطق مختلفة حول العالم. وهو ما أظهرها أنها فعالة بما يكفي لاستهداف الدبابة Merkava 4 المزودة بنظام دفاعي نشط متطور للغاية (Trophy) والذي يُعد الأقوى ولذي تم تجربته بنجاح من قبل.
- ملاحظات على أساليب الدفع والتسلل والاقتحام:
- الفصائل الفلسطينية:
كغطاء للعملية، توقع الجانب الإسرائيلي قيام الفصائل الفلسطينية بدفع مجموعة صغيرة من قوات الكوماندوز البحرية في محاولة لغزو شاطئ زيكيم أو إرسال طائرة أو طائرتين بدون طيار أو أدوات طيران أخرى عبر الحدود والتي يمكن عزلها والتعامل معها بسهولة. وبدلاً من ذلك، أطلقت حماس 2000 صاروخ كغطاء لهجومها الكبير.
في الوقت نفسه الذي أطلقت فيه الفصائل الفلسطينية صواريخ صرفت انتباه جيش الدفاع الإسرائيلي، أطلقت أيضًا أسطولًا كاملاً من الطائرات الشراعية الآلية (وهو أمر نادرًا ما يفكر فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي) والذي أسقط القنابل يدويًا على مواقع المراقبة الإسرائيلية. تعتبر هذه الطائرات الشراعية الآلية استخدام تكتيكي رائع للتكنولوجيا القديمة محلية الصنع مع “بصمة” صغيرة (من حيث القدرة على اكتشافها مسبقًا) مخصصة لتحديد الثغرات في الأجهزة التكنولوجية المتقدمة للغاية للجيش الإسرائيلي.
ومع إزالة نقاط المراقبة، مباشرة بعد قيام حماس بإرسال قواتها إلى نقاط عبور مختلفة. وعندما بدأ الجيش الإسرائيلي يلاحظ أن مواقع المعابر التابعة له كانت تتعرض للهجوم إلى جانب إطلاق الصواريخ، تحول انتباهه عن نقاط الدخول العشرين (تقريباً)، والتي كانت تفتقر بالفعل إلى مواقع مراقبة، حيث كانت حماس مستعدة بأعداد كبيرة إضافية من الجنود.
وفي الوقت نفسه، لم تأت حماس إلى إسرائيل براً بالعشرات، بل بمئات الجنود، وهو عدد لم يتوقعه الجيش الإسرائيلي أبداً. وفي الوقت نفسه أيضًا، لم تخترق حماس إسرائيل عن طريق البحر بمجموعة واحدة من قوات الكوماندوز البحرية التابعة لحماس، ولكن بمجموعات عديدة، وهو أمر لم تكن البحرية مستعدة له.
- جيش الاحتلال الإسرائيلي:
لم يبدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي في أن يكون فعالاً في مواجهة الغزو إلا عندما قام بنشر حجم كبير من القوات البرية التقليدية في جميع القرى الحدودية في غزة بطريقة غير منسقة، بحيث تمكن على الأقل من القبض على قوات حماس أينما كانوا. وقد أدى ذلك لقيام بعض القوات الإسرائيلية بالضرب على بعضها البعض بالخطأ.
ولم يتمكن جيش الاحتلال الإسرائيلي من البدء في استخدام قوته الجوية بشكل فعال مرة أخرى إلا بعد أن انخرط في معارك بالأسلحة النارية من منزل إلى منزل وخسر الكثير من قواته أمام قوات حماس المنتشرة ي المستوطنات الإسرائيلية المحتلة في محيط غزة.
فضلاً عن ذلك، ما بين 20 كتيبة من جيش الاحتلال الإسرائيلي كان ينبغي أن تكون في محيط غزة، كانت عالقة في الضفة الغربية تتعامل مع أنشطة فلسطينية استمرت 18 شهرًا هناك، والتي كان ينبغي أن تنتهي منذ فترة طويلة، وأن جاهزية احتياطيات جيش الاحتلال الإسرائيلي قد تلقت ضربة في الأشهر الأخيرة أثناء المناقشات حول الإصلاح القضائي.
ومع ذلك، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي يتعامل مع حماس في الغزو البري المقبل، وعليه أن يرمي مفهومه القديم لأمن الحدود من النافذة، ويتخيل مفهوماً أمنياً جديداً بمزيد من القوات البرية والمزيد من الزيادات في المدرسة القديمة التي يمكن أن تمنع حزب الله أو أي خصم مستقبلي من الاستيلاء على الاستفادة من استراتيجية أمن الحدود ذات التقنية العالية والقوة العاملة المنخفضة.
بسبب تضاؤل مخزون صواريخ القبة الحديدية، لا يقوم الجيش الإسرائيلي بتزويد بعض الوحدات المسلحة بالمجمع بالذخيرة، باستثناء ثلاث بطاريات في تل أبيب، وبطارية واحدة في القدس، وبطارية واحدة في نتيفوت في الجنوب.
ولا يتوفر للبطاريات السبع أي ذخيرة أو نيران، ولديها فقط عدد محدود من الصواريخ الموجهة المضادة للطائرات في حالة تحليق الصواريخ الفلسطينية نحو أهداف حرجة.
وهذا ما يفسر حقيقة أن عمليات إطلاق حماس للصواريخ على عسقلان وأشدود وسديروت لا تلقي أي اعتراض حقيقي تقريبًا.
خامساً: مستقبل الحرب:
- تكثيف الوساطة الدولية والإقليمية بما يحقق احتواء كامل للأزمة دون تصعيد الصراع، مع احتمالات توسيع فرص التفاوض.
- حالة اتساع الأزمة، اندلاع مظاهرات في القدس، ومواجهات في الشوارع بين الفلسطينيين غير المسلحين والقوات الإسرائيلية.
- حالة التصعيد، قد يتدخل حزب الله والحرس الثوري الإيراني مع إطلاق عملية برية إسرائيلية ناجحة باتجاه غزة. في المقابل القوة الأميركية المعاد نشرها شرق المتوسط بقيادة حاملة الطائرات چيرالد فورد، والتي وظيفتها الأساسية الردع والدفاع عن إسرائيل، ستقدم الدعم لإسرائيل حالة بلوغها درجة الهزيمة أمام حزب الله والحرس الثوري الإيراني وحماس والجهاد، وذلك بقيام تلك القوة الأمريكية بتدمير معاقل قوات الدعم في لبنان. قد تعتبر روسيا تدخل أمريكا بأي شكل أنه يعني إمكانية التدخل الفوري لسوريا وإيران وحركات المقاومة في المنطقة في الحرب.
ومما سبق أزعم أن اتساع الحرب في هذه المنطقة قد يؤدي لاحتمال التلويح بقصف بعض الأهداف الأمريكية بواسطة أذرع إيران المعلومة وربما أيضاً بواسطة قوات غير معلومة موالية لها.
وهو ما تتمناه روسيا.
وهنا وجب التركيز على حزب الله، المتوقع مشاركتهم في الحرب مع امتدادها للبنان واتساعها لتصل سوريا، وزيادة خسائر حماس في الأفراد. مع الوضع فى الاعتبار أن حزب الله يمتلكوا حوالي 150 ألف صاروخ يمكنهم إطلاقها على المدن الرئيسية في إسرائيل، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى حرب شاملة ليس فقط في غزة كما ذكرت، مع جر أطراف عدة لها، مع الوضع في الاعتبار أنه عند حد معين يتواجد فرق بين حزب الله وإيران.
الميليشيات الفلسطينية في غزة تستجيب لدعوات حماس للانضمام إلى القتال ضد قوات الأمن الإسرائيلية.
وفي كل الأحوال، نتوقع، استهدف حزب الله اللبناني والميليشيات الفلسطينية مواقع إسرائيلية من جنوب لبنان والضفة الغربية، على التوالي، الأمر الذي قد يوسع الحرب إلى أبعد من ذلك، وتوسع الحرب تزداد فرصه ارتباطاً بتزايد احتمالات اجتياح غزة أو زيارة الخسائر في حماس والتي تعتبر بيانها غير معلوم بدقة للآن.
- لمواجهة احتمالات تدخل حزب الله والحرس الثوري الإيراني من الشمال، تقوم القوات الإسرائيلية باستدعاء الاحتياطي ونشر قواتها في اتجاه غزة وفي اتجاه حدودها مع لبنان وربما سوريا.
سادساً: تأثير الوضع في إسرائيل على الصراع الأوكراني:
تطلب إسرائيل الدعم من إدارة بايدن لأن مخزونها من الذخيرة الاستراتيجية تم إرساله إلى أوكرانيا من قبل، وفي المقابل، حصلت إسرائيل على وعود وتأكيدات بالدعم في حرب محتملة. وبعد يومين من القصف المدفعي والجوي المكثف، أصبحت إسرائيل في حاجة ماسة إلى ذخيرة جديدة. وبدأت الولايات المتحدة بتسليمها احتياجاتها بواسطة طائرات النقل عبر الأردن وبولندا.
في المقابل، يشعر زيلينسكي بالقلق من إعادة توجيه الذخيرة المعلن عن شحنها إلى أوكرانيا، ليعاد توجيهها إلى إسرائيل، ويحاول زيلينسكي منع ذلك من خلال الاتصال بالولايات المتحدة وإسرائيل.
معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع:
- فريق خبراء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
- فريق الباحثين المشاركين
لواء دكتور سيد غنيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع
المصادر:
- مصدر علنية.
- مصادر خاصة.
[1]( تحذير السعودية سبق التصعيد في غزة… ومبادرات لوقف العنف، الشرق الاوسط ، 8/10/2023، رابط : https://n9.cl/t9qv5.
[2]) “طوفان الأقصى”.. الإمارات تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، عربيةCNN، 7-10-2023، https://cutt.us/jEBLR .
[3]) Statement From Secretary Lloyd J. Austin III on U.S. Force Posture Changes in the Middle East, Defense.gov, 8/10/2023, https://n9.cl/9drav.
[4]) Президент Турции: Конфликт на Ближнем Востоке должен быть завершён признанием государства Палестина со столицей в Восточном Иерусалиме, topwar, 8/10/2023, link: https://n9.cl/nybul.
([5]) What we know about the latest violence between Israel and Gaza, task and purpose, 8/10/2023, link: https://n9.cl/lktm3.