دكتور/ رضا محمد هلال – أستاذ العلوم السياسية المساعد – معهد أكتوبر العالى للاقتصاد – مدينة الثقافة والعلوم ٦ أكتوبر.

تمكنت رابطة أمم جنوب شرق آسيا المعروفة اختصارا بإسم ( آسيان ASEAN) ومجلس التعاون لدول الخليج العربية بعد أكثر من خمسة عقود من العمل الجماعى الجاد والمكثف تحقيق معدلات متميزة من التنمية والازدهار الاقتصادى مما يجعلها نموذجا  رائدا لكثير من الدول النامية فى الاقتداء بها فى تغليب الاعتبارات التنموية الاقتصادية على ما عداها من اعتبارات وأهداف أخرى للحاق بقطار التنمية الشاملة والمستدامة والمساهمة فى إحداث نقلة تنموية لمستوى رفاهية ورخاء شعوبها . ويعكف هذا التقرير على توضيح وتحليل سمات ومؤشرات عملية التنمية الاقتصادية فى الآسيان ؛ وملامح التعاون الاقتصادى بينها وبين مجلس التعاون لدول الخليج العربية؛ ومقترحات الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية فيما بينهما فى الأمدين المتوسط والطويل .

 

أولا : الآسيان….. البدايات والأهداف المشتركة

 

على الرغم من تباعد الفترة الزمنية بين تأسيس رابطة الآسيان فى عام 1967 ؛ غير أنها نجحت فى خلال الفترة الممتدة بين عامى 1967 و2022 من تحقيق عدة نجاحات تفوقت بها على عدة منظمات إقليمية سبقتها فى التأسيس . ويمكن تفسير هذا النجاح بعدة أسباب من أهمها :

 

1- عناية إعلان الرابطة بالتركيز على إنشاء اللجان الفنية والمتخصصة فى تعزيز التعاون والمشاركات الاقتصادية والمتعددة المجالات ومنحها سلطات وصلاحيات واسعة فى تسيير ومتعابعة تنفيذ خطط التعان المشترك؛ وتقليل الاعتماد على المستويات السياسية العليا . ومن أبرز هذه الأجهزة المحفزة والمشجعة للتعاون متعدد المجالات: مجلس تنسيق الآسيان (ACC) هو الهيئة المسئولة عن التحضير لقمة الآسيان؛ كما تقوم لجنة التنسيق الإدارية بتنسيق تنفيذ الاتفاقيات والقرارات الصادرة عن قمة الآسيان وتنسيق تقارير مجلس مجتمع الآسيان إلى قمة الآسيان ؛ و فرقة العمل المعنية بمبادرة تكامل الآسيان؛ علاوة على تعيين كل دولة فى الرابطة لممثل دائم لها على اتصال يومى ودائم بالأمين العام للرابطة بشأن معوقات أو مشكلات تحقيق التعاون البينى وسبل التغلب عليها .

 

2- الدوافع الإقليمية والدولية لتأسيس الرابطة ؛ حيث تتفق الدراسات الغربية والعربية الخاصة بالمنظمات الإقليمية فى القارة الآسيوية على أن تأسيس رابطة أمم جنوب شرق آسيا – الآسيان في أغسطس عام 1967 قد جاء ضمن ترتيبات الأمن الإقليمي في إقليم آسيا – الباسفيك خلال مرحلة الحرب الباردة، التي تميزت بسعي الولايات المتحدة إلى حصار المد الشيوعي واحتوائه خوفا من انتشاره على نحو يهدد مصالحها بدول المنطقة لاسيما مع خروج فرنسا من الهند الصينية وانتصار فيتنام وتوسعها في كمبوديا إضافة إلى تفاقم الصراعات الأخرى بالمنطقة.عندئذ برزت الحاجة إلى إقامة منظمة دولية تعاونية في جنوب شرق آسيا تكون مهمتها حصار المد الشيوعي والحيلولة دون انتشاره وهو الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى خلق هذه الآلية في محاولة لتنظيم صفوف الحلفاء في جنوب شرقي القارة، وتقوية اقتصادهم من خلال ضخ رؤوس الأموال الهائلة والزائدة عن دورة رأس المال الأمريكي.

 

3- رغبة وطموح الدول الأعضاء فى الرابطة بتحقيق طفرة اقتصادية تنموية لشعوب المنطقة : بالرغم من أن التعاون الاقتصادي بين دول الآسيان قد بدأ في إطار ضيق و محدود بأنشطة متعلقة بالغذاء و الطاقة و النقل و أجهزة الاتصال و الزراعة و السياحة؛ غير أن هذا التعاون ” المحدود ” فيما بين دول الرابطة مكنها من تحقيق احتياطي غذائي آسيوي وقد جاءت البدايات الأولى لتأسيس آليات التعاون الاقتصادي فى القمة  الأولى لدول الرابطة التى عقدت فى “بالي” بإندونيسيا عام 1976  حيث تم تشكيل ثلاث لجان رئيسية هي :معاهدة التجارة التفضيلية (الدولة الأولى بالرعاية P.T.AS.)؛ والمشروعات الصناعية للآسيان A.I.P.S.؛ والمنطقة الصناعية المغلقة. و قد عنيت الاتفاقية الأولى بجعل حرية التجارة مكفولة بين دول المنطقة (أي بجعل الدول الأعضاء منطقة تجارة حرة مغلقة) حيث تم تحديد المشروعات التي يبدأ التكامل بشأنها في السيارات و الآلات الزراعية و معدات الاتصال وفقا لاتفاقية التجارة الحرة لدول الرابطة فى عام 1992 وتم تحديثها وتجديدها فى عام 2015 وتمديد سريانها إلى نهاية عام 2025. وتكفلت الاتفاقيتان الثانية والثالثة بتنشيط وتشجيع التعاون الصناعي حيث تم توزيع المشروعات الصناعية على الدول الأعضاء والتى أجازها وزراء اقتصاد دول الرابطة فى شكلها النهائى فى عام 1982 . 

 

4- نجاح الرابطة فى اقامة مشاركات اقتصادية وتكتولوجية مع الدول الكبرى فى الاقتصاد العالمى : وفقا لميثاق الرابطة تسمح صفة “الشريك الاقتصادى أو التنموى أو الحواري” لرابطة الآسيان بالتعاون مع الدول الأخرى في القضايا السياسية والأمنية والإقليمية والمصالح الاقتصادية والتعاون في مجالات الجرائم العابرة للحدود ومكافحة الإرهاب وغيرها من المجالات الأخرى. وتحتفظ الرابطة حاليا باتفاقات مشاركة تنموية أو اقتصادية أو حوارية مع 96 دولة من أهمها : الصين وكوريا الجنوبية ؛ واليابان ؛ وكندا ؛ والولايات المتحدة ؛ والهند ؛ والامارات العربية ؛ وقطر ؛ وسلطنة عمان ….. وغيرها من دول العالم .

 

على ضوء ما سبق ؛ لم يكن من المستغرب تصنيف رابطة “آسيان” – وفقا لكثير من تقارير المؤسسات الاقتصادية الدولية – بأنها من بين المناطق الأسرع نمواً اقتصادياً على المستوى العالمى والإقليمى؛وتوضح الأرقام والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والبشرية الواردة فى الجدولين رقم (1) ورقم (2) حجم ما حققته دول الرابطة من منجزات ونجاحات خلال الفترة بين عامى 1976 و2022 :

 

 جدول رقم (1)

 

مؤشرات التنمية السكانية والبشرية فى الآسيان فى عام 2021

 

مالمؤشرالقيمةملاحظات
1مساحة الأرض بالمليون كيلومتربع4,5  
2عدد السكان بالمليون نسمة662 مليون نسنة  
3نسبة السكان لسكان العالم8,5 %  
4عدد السكان أقل من 5 سنوات54,4 مليون نسمة  
5عدد السكان فى الفئة من 15-29  سنة161,4 مليون نسمة  
6نسبة سكان الحضر50,1%  
7نسبة السكان تحت خط الفقر12,4%  
8معدل البطالة5,4%  
9معدل التحاق الأطفال بالتعليم الأساسى94-100%  
10معدل حصول السكان على مياه شرب نقية92,8%  
11معدل الحصول على وسائل صرف صحى محسنة85,1%  
12معدل وفيات الأطفال الرضع لكل ألف نسمة19,7  
13العمر المتوقع72,2 سنة  

 

ASEAN KEY SOCIO-ECONOMIC INDICATORS 2020 Source :

 

https://www.aseanstats.org/wp-content/uploads/2020/11/ASEAN_Key_Figures_2020.pdf

 

جدول رقم (2)

 

مؤشرات التجارة والاقتصاد فى الآسيان فى عام 2021

 

مالمؤشرالقيمةملاحظات
1الناتج المحلى الاجمالى بالأسعار الجارية3 تريليون دولار 
2نسبة الناتج المحلى للمنطقة إلى الناتج العالمى لها3,5% 
3نصيب الفرد من الناتج المحلى الاجمالى4533,2 دولار 
4معدل النمو الاقتصادى بالأسعار الجارية3,3% 
5اجمالى حجم التجارة الخارجية للسلع2662مليار دولار 
6حجم الصادرات الخارجية للسلع1395 مليار دولار 
7حجم الواردات الخارجية للسلع12679 مليار دولار 
8معدل نمو التجارة الخارجية سنويا5,5% 
9حجم الاستثمار الاجنبى المباشر فى المنطقة137,3 مليار دولار 
10أعداد المسافرين لدول الرابطة26,2 مليون فرد 
11اجمالى تجارة الخدمات لدول الرابطة6370 مليار دولارتشكل 21,2% من الناتج المحلى الاجمالى
12معدل تجارة الخدمات البينية فى دول الرابطة12,6 % 

 

ASEAN: KEY SOCIO-ECONOMIC INDICATORS 2020

 

https://www.aseanstats.org/wp-content/uploads/2020/11/ASEAN_Key_Figures_2020.pdf

 

ويلاحظ أن ثمار التنمية وعوائدها يتباين الفضل فيها وفقا لكل قطاع اقتصادى على حدة؛ والتى من أبرزها ما يلى :

 

أ) قطاع الزراعة والمواد الغذائية: تعد الزراعة من القطاعات الاقتصادية الرئيسية في منطقة رابطة أمم جنوب شرق آسيا، فهي منتج عالمي رائد لبعض المحاصيل الغذائية الرئيسية مثل الأرز والذرة وقصب السكر وفول الصويا، وتهيمن كل من دولتى  إندونيسيا وماليزيا على إنتاج بعض المحاصيل الزراعية ذات الاستخدام الصناعى وفى مقدمتها زيت النخيل، بينما يتركز إنتاج الأرز الفائض للتصدير الخارجى في فيتنام وتايلاند . وساهم قطاع المحاصيل الغذائية الزراعية فى عام 2019 بنحو 717 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي لدول : أندونيسيا وتايلاند والفلبين وفيتنام ؛ بمعدل زيادة بلغت 30 % عما كانت عليه مساهمة هذا القطاع فى عام 2015 . كما يمثل هذا القطاع مصدرا مهما على مستوى دول الرابطة فى توظيف أعداد كبيرة من العاملين فيه  والتى وصلت إلى قرابة 38 % من أجمالى الأيدى العاملة فى هذه الدول فى عام 2020. علاوة على ماسبق؛ لوحظ الارتفاع المستمر فى حصة الصادرات الزراعية إلى إجمالى الصادرات الخارجية لكثير من دول الرابطة حيث مثلت صادرات المنتجات الزراعية نسبة 35 % من إجمالي صادرات دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا فى عام 2020 ؛ ومرد ذلك الارتفاع  ارتفاع مستويات إنتاجية العمال والأراضي الزراعية ، وزيادة تحرير التجارة الخارجية ، وارتفاع الطلب الإقليمى والعالمى على هذه المنتجات.

 

ب) تجارة التجزئة والتجارة الالكترونية؛ احتلت التجارة الالكترونية مركز الصدارة  فى الأنششطة الاقتصادية الأفضل أداء ومساهمة فى الناتج المحلى الاجمالى خلال جائحة كورونا فى عام 2020 ، حيث وفر هذا القطاع المتنامى منصة لشركات الرابطة  للتواصل مع مستهلكيها في ظل عمليات الإغلاق الإقليمى والعالمى ؛ حيث تمت إضافة حوالي 70 مليون شخص يسكنون في دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا إلى مجموعة المستهلكين الرقميين في عام 2020 لوحده. وبلغت قيمة سوق التجارة الالكترونية في دول المنطقة حوالي 62 مليار دولار أمريكي في عام 2020، ومن المتوقع  فى ظل زيادة قاعدة المستهلكين الشباب في جنوب شرق آسيا إلى نحو 483 مليون مستهلك ممن يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي فى اتمام عمليات البيع والشراء الخاصة بهم ، وهو ما يجعل هذه السوق جاهزة للنمو وتحسين سهولة ممارسة الأعمال في الأسواق الرئيسية وبالتالى تضاعف مساهمة هذا القطاع فى الناتج المحلى الإجمالى بمقدارثلاثة أضعاف ليصل إلى نحو 175 مليار دولار بنهاية عام 2025.

 

جـ) قطاع النقل والخدمات اللوجستية: يشمل هذا القطاع التنقل الحضري وأنظمة سلسلة التوريد الضخمة التي تدعم التجارة الإقليمية والعالمية؛ وفى خلال الفترة بين عامى 2000 و2021 شهد القطاع نمًوا تدريجيًا في المنطقة مدفوعًا بالنمو الاقتصادي والتوسع الحضري وزيادة المشاركة في التجارة الدولية وتعميق العلاقات الإقليمية. ومن المتوقع أن يرتفع حجم القطاع في دول رابطة جنوب شرق آسيا، والذي قدر بنحو 11 مليار دولار أمريكي في عام 2020، إلى 42 مليار  دولار بحلول عام 2025. غير أن هناك بعض التحديات أمام عدة دول فى الرابطة لتوظيف كافة امكانات وقدرات هذا القطاع فى عملية التنمية ؛ فباستثناء سنغافورة تعد البنية التحتية الفعلية للنقل في دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا ضعيفة وغير متساوية فثمة نقص في التحديثات التقنية الحيوية المطلوبة بما في ذلك توحيد نظم البيانات وتكنولوجيا المعلومات مما فرض على هذه الدول زيادة عدد وسطاء” الشركات الناشئة” الدولية من الصين وكوريا والذين يساعدون الشركات المحلية فى الرابطة في تلبية الطلب المتزايد على الخدمات اللوجستية من خلال استخدام التقنيات الجديدة مثل إنترنت الألشياء والبلوك تشين والطائرات بدون طيار وحلول ” التوصيل في الميل الأخير” .

 

د) الخدمات المالية والتكنولوجيا المالية:  تسبب جائحة كورونا فى عام 2020 فى تسريع الإعتماد الدولى على التكنولوجيا فى غالبية الأنشطة الاقتصادية ومنها نشاط الخدمات المالية الى قفزت فيه معدلات استخدام التكنولوجيا والوسائل الرقمية فى انجاز المعاملات عموما ولدى شريحة كبار السن بصفة خاصة إلى أربعة أضعاف ما كانت عليه هذه الخدمات قبل الجائحة  . ففى عام 2019، وصلت مساهمة الخدمات المالية الرقمية إلى نحو 11 مليار دولار أمريكي شكلت  نسبة 5% من إجمالي إيرادات دول رابطة جنوب شرق آسيا . ووفقا لعدة تقارير ودراسات دولية متخصصة فإنه بحلول عام 2025 من المتوقع ارتفاع  هذا المبلغ لنحو 38 مليار دولار أمريكي وتشير إحدى الدراسات المتخصصة إلى أنه خلال الفترة بين يناير وأغسطس 2021 وصلت استثمارات الأسهم الخاصة في شركات التكنولوجيا المالية في دول الرابطة شرق آسيا إلى 8.2 مليار دوالر أمريكي مقارنة مع 8.9 مليار دولار أمريكي طوال عام 2020. ويعزى التوقع السابق إلى عدة اعتبارات من أهمها : التوسع المتوقع في هذه الخدمات من خلال دخول مجموعة جديدة من شركات التقنية المالية البحتة وفقا لنظام الشراكات مع المؤسسات المالية الراسخة؛ وزيادة الدعم الحكومي لهذا القطاع وزيادة معدلات الاتصالات السلكية واللاسلكية والاتصال بالانترنت؛ والتخلص من المعوقات الإدارية والروتين الحكومى؛ واتخاذ التدابير اللازمة للأمن السيبرانى فى الخدمات المالية.

 

ثانيا : العلاقات الاقتصادية لدول الرابطة بمجلس التعاون الخليجى

 

تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة أمم جنوب شرق آسيا أرضيَّةً مُشتركة لتعزيز العلاقات الاقتصادية فيما بينها ؛ وتستند تلك الأرضية إلى تمكن دول المجلس من تحقيق معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادى والتنمية البشرية لمواطنيه ؛ وهو ما تدعمه البيانات والمعلومات الواردة بالجدول رقم (3) على النحو التالى :

 

جدول رقم (3)

 

مؤشرات التنمية الاقتصادية والبشرية لمجلس التعاون فى عام2020 

 

مالمؤشرالقيمةملاحظات
1المساحة بالمليون الكيلو متر مربع2,4 
2عدد السكان بالمليون نسمة57,6 
3الكثافة السكانية نسمة/ كيلو متر مربع23,9 
4الناتج المحلى الاجمالى تريليون دولار أمريكى1,4 
5حجم العمالة بالمليون نسمة28,7 
6نصيب الفرد من الناتج المحلى الاجمال بالألف دولار أمريكى24,6 
7حجم النفط المنتج بالمليون برميل يوميا16,2 
8حجم التبادل التجارى السلعى بالمليار دولار834,2 
9معدل التضخم الخليجى السنوى %1,7 
10اجمالى الصادرات السنوية لمجلس التعاون بالمليار دولار438,5تحتل المرتبة 15 عالميا  بعد كل من الصين والولايات المتحدة ……. وغيرها
11اجمالى الواردات السنوية لمجلس التعاون بالمليار دولار395,6تحتل المرتبة 18عالميا بعد كل من الولايات المتحدة والصين …… وغيرها
12فائض الميزان التجارى بالمليار دولار42,9يحتل المرتبة 11عالميا بعد كل من الصين وألمانيا ….وغيرها
13معدل التنمية البشرية فى دول مجلس التعاونيتراوح بين 0,806- 0,890تحتل دول المجلس الترتيب بين 35-57 عالميا ؛ فى نطاق الدول المرتفعة جدا .
14عدد السكان فى سن العمل( 15-64 سنة) بالمليون نسمة43,1 

 

المصدر : المركز الاحصائى لدول مجلس التعاون ؛ مسقط ؛ 2022.

 

https://gccstat.org/ar/statistic/publications/atlas-of-gcc-statistics

 

علاوة على الطفرة التنموية التى حققتها دول مجلس التعاون الخليجى ؛ تنامى العلاقات السياسية بين دول المجلس ودول رابطة جنوب شرق آسيا والتى يعود الفضل فيها إلى السعودية والامارات وعمان ؛ حيث قامت المملكة السعودية بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين  وولى العهد سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز باتخاذ خطوات واسعة خلال الفترة بين عامى 2019 و2022 في التقارب مع دول من أبرزها توجيه السعودية الدعوة إلى ثلاث دول من الرابطة خلال رئاستها لمجموعة الـ20 في عام  2020 للمشاركة فى اجتماعات وفعاليات المجموعة فى عام2020، حيث شاركت سنغافورة وفيتنام كضيفتين على المنتدى العالمي، إلى جانب مشاركة إندونيسيا أحد أعضاء المجموعة، كذلك شهدت دول مجلس الخليج العربي ودول رابطة جنوب شرق آسيا زيارات مكثفة رفيعة المستوى خلال جائحة كورونا وبعدها، ثم زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى إندونيسيا وماليزيا في يونيو2022، علاوة على ذلك شهدت أزمة العلاقات التايلاندية – السعودية انفراجة فى عام 2022بزيارة رئيس الوزراء التايلاندي برايوت تشا أوتشا إلى الرياض في يناير 2022، أعقبتها زيارة محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي ياسر الرميان إلى العاصمة التايلاندية بانكوك  بهدف تعميق العلاقات السعودية مع دول منطقة جنوب شرقي آسيا، وزيارة وزير الدفاع الماليزي إلى السعودية أكثر من مرة ، ووفقا لعدة مصادر حكومية فسيشهد عام 2023 ترتيب عدة زيارات مرتقبة لعدد من حكام وقيادات دول الخليج إلى دول تلك المنطقة ردا لزيارات مماثلة من قيادات تلك الدول لدول مجلس التعاون الخليجى .

 

كما يعزز من توطيد العلاقات بين المنظمتين – دول مجلس التعاون الخليجى ودول رابطة جنوب شرق آسيا – التشابه الكبير بينهما فى محط أنظار القوى الكبرى والعالمية، فلدول مجلس التعاون الخليجي أهمية جغرافية واستراتيجية واقتصادية كبيرة، من الناحية الاستراتيجية تطل دول الخليج العربي على مضيق هرمز الذي يشكل شرياناً رئيساً في حركة التجارة الدولية، واقتصادياً تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي أكبر احتياطي نفط في العالم يقدر بـ33 في المئة من إجمالي الاحتياطي العالمي، بينما تنتج خمس دول من المجلس حوالى 18 في المئة من الطلب العالمي على النفط.

 

أ) العلاقات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجى ودول رابطة الآسيان :

 

على الرغم من تاريخية العلاقات السياسية بين دول المنظمتين؛ إلا أن العلاقات التجارية فيما بينها لا زالت أقل من الطموح والمأمول منها لعدة اعتبارات من أهمها : ضعف معدلات التبادل التجارى فيما هذه الدول بعضها البعض فى شقى الصادرات والواردات ؛ والتنافسية الشديدة التى تقدمها بعض الأسواق الكبرى المحيطة مثل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية حيث تشكل كل منها سوقا ضخمة بذاتها بما يفوق سوق دول الرابطة مجتمعة . ويعرض الجدول رقم (4) الصادرات والواردات الخليجية مع دول رابطة الآسيان فى عام 2021 ؛ وذلك على النحو التالى :

 

جدول رقم (3)

 

صادرات وواردات دول مجلس التعاون من دول الآسيان فى 2021(بالمليون دولار أمريكى)

 

الدولةالسعوديةالاماراتالكويتالبحرينعمانقطر
 صادراتوارداتصادراتواردات* 2020صادراتوارداتصادراتواردات*2020  صادراتواردات* 2020صادراتواردات* 2020
العالم278924132397310142248115237888786207821552720984265238720125764
سنغافورة7115133611837150583279604281455347312
بروناى30700,3117100,2100,02000—–00,0100,1100,026700,09
كمبوديا58190160471358—–520
أندونيسيا37871752185715394703777171185517206
لاوس—-2,2—–6,2400,08—–00,07——00,00—-00,46
ماليزيا2474116526702140326648879163182337298
ميانيمار2108821429100,15400,53612427416
الفلبين14261988964144163526131423070
تايلاند481822168957301321162251791833612716293
فيتنام7541202536585211101312614942180511
الاجمالى227948035271561472055405490558112793395731726
النسبة%08,1706,0708,7505,9300,2304,6102,3603,5905,373.5210.976.70

 

Source: Direction of Trade Statistics Yearbook, 2022. Exports and Imports by Areas and Countries – IMF Data

 

يتبين من الجدول السابق؛ ضعف معدلات التبادل التجارى عموما بين دول مجلس التعاون الخليجى ودول رابطة جنوب شرق آسيا فى عام 2021 حيث تراوحت قيمة الصادرات الخليجية لدول الرابطة بين 55 مليون دولار وهى قيمة الصادرات الكويتية والتى تمثل نحو 00,23 % من اجمالى صادراتها لدول العالم ؛ وبين نحو 27156 مليار دولار وهى اجمالى قيمة صادرات دولة الإمارات العربية للدول العشر الأعضاء بالرابطة وبنسبة وصلت إلى نسبة 08,17 % من إجمالى صادراتها لدول العالم ؛ وتأتى المملكة السعودية فى المرتبة الثانية من حيث قيمة صادراتها لدول الرابطة والتى وصلت إلى 22794  مليون دولار فى ذات العام شكلت نسبة 08,75 % من إجمالى صادراتها لدول العالم . ولا تختلف الواردات الخليجية من دول الرابطة عن قيمة ونسبة الصادرات كثيرا حيث بلغت قيمة الواردات الكويتية من هذه الدول نحو 405 ملايين دولار تمثل نحو 04,61 % من اجمالى وارداتها الخارجية؛ بينما  احتفظت كل من الامارات العربية المتحدة والسعودية المركزين الأول والثانى على التوالى من حيث حجم ونسبة الورادات حيث قامت الامارات العربية فى عام 2020 باستيراد سلع وبضائع من دول الرابطة بقيمة وصلت إلى 14720 مليون دولار شكلت نسبة 05,93 % من إجمالى وارداتها الخارجية ؛ بينما وصلت الواردات السعودية  من دول الرابطة إلى نحو 8035 مليون دولار مثلت نسبة 06,07 % من اجمالى وارداتها الخارجية مع دول العالم فى ذات العام .

 

إضافة لما سبق؛ استطاعت أربعة دول من دول مجلس التعاون الخليجى الستة تحقيق فائض فى الميزان التجارى بينها وبين الدول العشر أعضاء رابطة الآسيان ؛ وتراوح هذا الفائض بين أكثر من 14 مليار دولار لصالح السعودية ونحو 13 مليار دولار لصالح دولة الامارات العربية ؛ بينما وصل فائض الاقتصادى الخاص بدولة قطر إلى نحو 8 مليارات دولار فقط جاءت بها إلى المرتبة الثالثة بعد كل من السعودية والامارات العربية ؛ واحتلت سلطنة عمان المرتبة الرابعة بفائض لم يزد على مائتين مليون دولار .  حقق الميزان التجارى بين دول مجلس التعاون الخليجى ودول رابطة جنوب شرق آسيا عجزا مع دولتى الكويت والبحرين والتى وصل عجز الميزان التجارى فيهما نحو 350 مليون دولار و48 مليون دولار على التوالى .

 

وتشكل الواردات من دول رابطة جنوب شرق آسيا 6% فقط من إجمالي واردات دول مجلس التعاون الخليجي فى 2020، وبحسب تقرير احصائى صادر عن المركز الاحصائى بمجلس التعاون لدول الخليج العربية مثلت الإلكترونيات نسبة 28 %  واردات دول مجلس التعاون من الرابطة، تليها الآلات بنسبة 12 % من اجمالى واردات دول الخليج من دول الرابطة ، بينما تتمحور الصادرات الخليجية لدول رابطة الآسيان حول النفط والغاز ونواتج عمليات تكرير البترول ومستلزمات الطاقة .

 

ب) الاستثمارات المتبادلة : تشير بيانات دولية اقتصادية إلى أن منطقة جنوب شرقي آسيا شهدت تزايداً متسارعاً في الاستثمارات الأجنبية المباشرة عن مثيلاتها في شرق آسيا، وتمثل دول الخليج مصدراً مهماً للاستثمارات في عدد من أعضاء “آسيان”، فالسعودية على سبيل المثال تعد خامس دولة في مصادر الاستثمار بماليزيا.

 

كما قدر تقرير الـ”إيكونمست” الصادر فى عام 2021 حجم استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في “آسيان” بحوالى 13.4 مليار دولار في الفترة بين يناير 2016 وسبتمبر 2021، وكانت الإمارات صاحبة النصيب الأوفر من هذه الاستثمارات خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة وصلت إلى 74 % بينما جاءت سلطنة عمان فى المرتبة بنسبة 25% لذات العام؛ علاوة على ماسبق ارتفع عدد الشركات من دول رابطة “آسيان” المسجلة في غرفة دبي التجارية بنسبة حوالى 35.5 % منذ عام 2018 وحتى عام 2021.

 

ومن المتوقع زيادة الاستثمارات بين التجمعين لعدة أسباب أبرزها : قيام وزراء خارجية دول الامارات العربية وسلطنة عمان وقطرأثناء حضورهم اجتماعات وزراء خارجية الآسيان فى بنوم بنه فى أوائل شهر نوفمبر 2022 بتوقيع اتفاقيات أو معاهدات الصداقة والتعاون الاقتصادى مع دول جنوب شرقي آسيا ؛ علاوة على شروع ثلاثة دول من رابطة الآسيان هى سنغافورة وماليزيا وأندونيسيا فى التوقيع والتصديق على اتفاقات التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجى فى القريب العاجل مما يسهم فى تقوية العلاقات الاقتصادية ومعالجة القضايا الإقليمية المشتركة.

 

و ترجع بعض التقارير الاقتصادية زيادة الاستثمارات الخليجية في دول “آسيان” خلال الفترة المقبلة إلى عدة أسباب منها: الاختلالات الاقتصادية التي تشهدها أوروبا والولايات المتحدة أخيراً عقب اندلاع واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية ، وقدرة دول جنوب شرقي آسيا على التأقلم مع انكماشات الاقتصاد العالمي على المدى المتوسط والطويل، والتعافي السريع من جراء الأزمات الاقتصادية خاصة جائحة كورونا ، مما يكسب المستثمرين ثقة في هذه المنطقة ويجعل جنوب شرقي آسيا أرضاً صالحة للاستثمارات الخليجية .

 

نخلص مما سبق إلى أن نجاح رابطة دول جنوب شرق آسيا يعزى إلى التركيز على التعاون الاقتصادي دون السياسي باعتبار الأول هو المجال الأسهل و الأقل حساسية، وغياب الهيمنة الأيديولوجية على الأنظمة السياسية مما أكسبها القدرة على التكيف، و الواقعية في صنع السياسات؛ و نجاحها في تحييد الخلافات السياسية البينية حتى أمكنها زيادة معدلات نموها الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة شعوبها. وأن هناك أمكانات كبيرة لزيادة الاستثمارات الخليجية مع دول الآسيان خاصة فى ظل قيام دول الآسيان بتوفير السلع والمنتجات الغذائية والزراعية لدول الخليج، مما قد يجنبها ارتفاع الأسعار المفاجئ في الأزمات الدولية كما حدث مؤخرا عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية؛ وقيام دول الخليج بتدبير احتياجات دول الآسيان من مصادر الطاقة الأحفورية – البترول والغاز الطبيعى – ويضمن لها مصادر متعددة في هذا النوع من السلع الاستراتيجية اللازمة لعملية التنمية فى كل منها .

 

Share:

administrator