ظهر السبت 22 أكتوبر 2022، يوم 241  عمليات

أولاً: “تطورات أعمال الجانبين

أعلن الكرملين وضع الولايات الأربع المنضمة حديثاً لروسيا من الأراضي الوكرانية تحت المظلة النووية الروسية، وأعلن بوتين الأحكام العرفية فيها.

على التوازي، يبدأ الانسحاب الروسي من غرب إقليم خيرسون. وخلال الأيام القليلة الماضية، أفادت تقارير أن القوات الروسية  تقوم نشاط مكثف، يتمثل في نقل الذخيرة والمعدات العسكرية وبعض الوحدات غير المحددة من الضفة الغربية لنهر دنيبرو إلى الضفة الشرقية عبر العبارات. كما قامت بحشد حوالي 2000 مقاتل للسيطرة على الخطوط الأمامية بمهمة مواصلة قصف المواقع الأوكرانية، في محاولة لتغطية انسحابهم.

كما أفادت تقارير أن الهيئة الإدارية الروسية لإقليم خيرسون تستعد لإجلاء المتخصصين الروس والمتعاونين الأوكرانيين والنظام المصرفي في خيرسون. كما ورد أن الإدارة الروسية في بيريسلاف والمرافق الإنسانية في مدينة خيرسون أوقفت عملياتها.

ثانياً: محطة كاخوفكا للطاقة الكهرومائية (HPP):

تحتوي محطة كاخوفكا على أكثر من 18 مليون متر مكعب من المياه، مما قد يتسبب في فيضان هائل وسريع للمستوطنات على طول غرب وشرق نهر دنيبرو، بما في ذلك مدينة والعديد من قرى خيرسون الواقعة شرق النهر.

هناك اتهامات متبادلة بين الجانبين الروسي والأوكرانية حول نية تدمير كاخوفكا.. ولا شك ان تدمير محطة كاخوفكا يأتي في مصلحة الجانب غير المهيمن على الجزء الأكبر من مدينة وقرى خيرسون شرق النهر. فهل القوات الروسية التي تنسحب بالفعل من مدينة خيرسون وتخرج جميع رعايها المدنيين من المدينة غرب النهر (الجزء الشمالي من المحور التعبوي الجنوبي) وتنقل بهم إلى شرق النهر (الجزء الجنوبي من المحور التعبوي الجنوبي)، تُعتبر هي الجانب المهيمن عليها، أم أن الجانب الأوكراني الذي بين قوسين أو أدنى من دخول مدينة خيرسون والسيطرة الكاملة على الضفة الغربية للنهر، هو الجانب الذي يوضع في محل المهيمن على تلك الأراضي التي قد تتأثر بتدمير المحطة؟

  1. الموقفين الداخلي والخارجي الروسي:

وقع بوتين مرسومًا في 21 أكتوبر بإنشاء “مجلس تنسيق” حكومي روسي من أجل “تعزيز التنسيق بين أجهزة الفرع التنفيذي الفيدرالي والسلطة التنفيذية” أثناء الحرب في أوكرانيا. تشمل مسؤوليات المجلس تنسيق السلطات الفيدرالية والإقليمية، الآتي:

  • تلبية احتياجات الجيش الروسي.
  • حل مشكلات الإمداد العسكري.
  • تشكيل خطط لتزويد الجيش.
  • تحديد حجم واتجاه ميزانية الدولة الروسية لدعم الجيش.
  • إنشاء مجموعات عمل حول قضايا مختارة.
  • التعاون الروسي/ الإيراني:

تشير تقارير خاصة وأخبار في المصادر العلنية، عن تواجد عسكريين إيرانيين تابعين للحرس الثوري الإيراني في القرم، لتدريب ومساعدة القوات الروسية في شن هجمات بالدرونز (طرازات مختلفة) والصواريخ على البنية التحتية الأوكرانية، مما يؤكد انخراط طهران بشكل مباشر على الأرض في العملية العسكرية الروسية، وذلك مصحوب بتوفير الأسلحة والذخائر المستخدمة حالياً بكثافة.

ما تقدمه وما يمكن ن تقدمه إيران لروسيا من أسلحة:

  • صواريخ ذو الفقار ومداه 700 كم، وهو يصنف أنه صاروخ باليستي قصير المدى، أي أن أنظمة IRIS الألمانية وناسماس الأمريكية قد تقف عاجزة أمامه. مما قد يدفع الولايات المتحدة لإمداد أوكرانيا بصواريخ ملائمة له مثل منظومة باتريوت باك 3، أو سامب تي (إيطالي/ فرنسي) أو إس 300 في إم الروسي.

الأمر الذي قد يصعب تنفيذه في القريب العاجل. علماً بأن نسخة إس 300 المتوفرة حالياً لدى أوكرانيا هي طراز بي يو، وليست نسخة في إم القادرة على التصدي لصاروخ ذو الفقار الإيراني.

  • صواريخ فاتح – 110، وربما نسخة مطورة منه يصعب التصدي له بإمكانيات أوكرانيا الحالية.
  • الموقف الروسي/ البيلاروسي:

قامت القوات الروسية بحشد حوالي 9000 مقاتل جنوب بيلا روسيا على الحدود الأوكرانية، مع قيام بيلاروسيا بتجهيز قوات للعمل كقوة مشتركة، مع القوات الروسية التي لا تتجاوز قواتها الـ13 ألف فرد يمكن أن يكونوا جاهزين للقتال.

ثالثاً: نقاط توضع في الاعتبار:

  1. بشأن الانسحاب من خيرسون غرب دنيبرو:

يتطلب الانسحاب الروسي من غرب خيرسون أن تبقى مفارز دفاعية روسية (نطاقات أمن مقاتلة) تكون على اتصال بالنيراون والقوات في مواجهة الهجامات الأوكرانية المستمرة، بهمة تغطية انسحاب باقي القوات الروسية لمواقعها الدفاعية المجهزة والمحصنة هندسياً شرق نهر دنيبرو.

  • بشأن احتمالات تدمير محطة كاخوفكا:

روسيا تتهم أوكرانيا بنية تدمير كاخوفكا، وأوكرانيا تتهم روسيا بأن قواتها قد نفذت بالفعل تلغيم محطة كاخوفكا بعبوات ناسفة لتدميره مع إخلاء خيرسون ودخول القوات الأوكرانية لاستكمال السيطرة عليها، وكلاهما دون أدلة.

مما سبق، أرى احتمالين، وارتباطاً بالخريطة المرفقة، والتي وقعنا عليها المثلث رقم (1) الأخطر احتمالاً للتأثر بالغرق نتيجة لتفجير محطة كاخوفكا:

  • الاحتمال الأول: حالة قيام القيادة العامة الروسية بإبقاء قواتها المنسحبة إلى موقعها شرق النهر وعدم استمرار انسحابها جنوباً خارج المثلث المحتمل من جانبنا أنه واقع في المنطقة الأكثر تعرضاً لخطر الفيضان الناتج عن تفجير السد. تكون النتيجة، أنه ليس من مصلحتها تفجير السد، نظراً لأنها تقع في منطقة الأراضي الأكثر انخفاضاً، حيث تزديد الأرض انخفاضاً كلما اتجهنا غرباً وجنوباً في خيرسون.

وبالتالي، يكون تفجير محطة كاخوفكا من من مصلحة القوات الأوكرانية، حيث ستغرق القوات الروسية المنسحبة سرق النهر، حالة إذا تمسكوا بالأرض داخل ذلك المثلث شرق النهر.

  • الاحتمال الثاني: حالة قيام القيادة العامة الروسية بسحب قواتها إلى مواقع دفاعية شرق النهر وجنوباً خارج مثلث االخطر المحتمل. فتكون النتيجة، أنه من مصلحة القيادة الروسية تفجير السد، لعرقلة تقدم القوات الأوكرانية شرقاً وجنوباً تجاه القرم. يل وتغرق كافة قواتها المهاجمة غرب وشرق النهر وجنوباً داخل مثل الخطر.

وبالتالي، لا يكون تفجير محطة كاخوفكا من من مصلحة القوات الأوكرانية، حتى لا يخلق مانع طبيعي شرق النهر ويمكن إغراق قواتها المهاجمة.

وفي تقديري، هدف القوات الروسية من خيرسون، ليس فقط لأن خيرسون مصدر للإمداد بالمياه، ولكن لأن خيرسون تمثل منطقة عازلة لولاية القرم الاستراتيجية، وذلك من خلال القوات الروسية المدافعة شرق نهر دنيبرو، الذي ستعمل على توسيعه لإعاقة عبور القوات الأوكرانية التي تخطط لاستكمال مهامها الهجومية شرق خيرسون ثم تهديد القرم.

  • بشأن المجلس التنسيقي الحكومي الروسي:

من الواضح أن بوتين يضع شروطاً لروسيا لمواصلة حرب تقليدية شديدة في أوكرانيا، وليس تسوية تفاوضية. حيث يضع شروطًا لتحسين القدرة القتالية الروسية خلال الشتاء وحتى عام 2023.

إن إنشاء بوتين لمجلس التنسيق هو استمرار لإعلان بوتين في 19 أكتوبر لمعايير الاستعداد للأحكام العرفية، والتي يسعى الكرملين إلى استخدامها لتوسيع سلطات الحكومة الروسية كوسيلة لمزيد من تحول روسيا للحرب الشاملة بكل معناها، كورقة أخيرة لا عودة منها. في رايي أن خطوة إنشاء بوتين لمجلس التنسيق تعتبر مهمة وستكون مثمرة، فإن إنشاء هذه الهيئة التنسيقية الجديدة يضع شروطا لمستوى عالٍ من تعبئة الدولة والاقتصاد والمجتمع الروسيين من أجل استمرار العمليات العسكرية التقليدية عالية الكثافة في المستقبل المنظور. إلا انه متأخرة إلى حد كبير.

رابعاً: أخطاء روسية متكررة:

  1. التغير المستمر في الهدف الاستراتيجي السياسي العسكري، والأهم، عدم التطابق بين الهدف الاستراتيجي السياسي والهدف الاستراتيجي العسكري:

المشكلة الرئيسية التي لم تتغير طوال الحرب، وبدت واضحة في خيرسون، هي عدم تطابق القرارين والهدفين الاستراتيجي السياسي والعسكري، حيث إن بوتين مصمم على عدم الانسحاب من خيرسون، أما رئيس الأركان الروسي جنرال جبراسيموف، والقائد العام للعملية الروسية الجديد جنرال سوروفكين، كلاهم مصمم على انسحاب القوات الروسي في خيرسون إلى غرب النهر.. وحتى الآن ليس هناك خبر يقين إذا كان بوتين قد عدل موقفه السياسي لينطبق على الموقف العسكري على الأرض.

وارتباطاً بـ(تهرب) المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في 21 أكتوبر من سؤال مباشر من المراسلين بشأن احتمال انسحاب القوات الروسية من خيرسون والذي قد يشير لبقاء بوتين على موقفه، أرى أنه حالة ثبوت إصرار بوتين على موقفه السياسي، فإن ذلك سيضر بشدة بالقوات الروسية في خيرسون، وسيحول الموقف، كما حدث في خاركيف، ليكون إنهياراً في الدفاعات وليس إرتداداً منظماً يحمي القوات من الإبادة والتشتت.

  • حسب المعلومات الواردة، فإن مقارنة القوات حالياً ليست في صالح القوات الروسية على الإطلاق، فهي نسبة مقارنة (4 إلى 1) لصالح القوات الأوكرانية في حجم الأفراد. الأمر الذي ينبئ بزيادة معدل الخسائر في القوات الروسية، مما يزيد الفرق في نسبة مقارنة القوات.
  • الأمر الذي يؤكد خطأ متكرر للقوات الروسية، وهو استغلال قدراتها النيرانية في استهداف البنية التحتية المدنية في العمق الفارغ من القتال وليس القوات العسكرية، مع زيادة الخسائر في الأفراد والأسلحة والمعدات الروسية أمام النيران والهجمات الأوكرانية في ميادين القتال الحقيقية على الأرض.

وهو ما قد يزيد من احتمالات حدوث خسائر إقليمية جسيمة في القوات الروسية خلال شهري أكتوبر ونوفمبر. إلا أن القوات الروسية في رأيي تعتبرها هزيمة في معركة واحدة وهو ما لا يعني خسارة الحرب.

خامساً: ملخص الأعمال المنتظرة:

تنوي القوات الروسية على الأرجح مواصلة هذا الانسحاب خلال الأسابيع العديدة المقبلة، لكنها قد تكافح من أجل الانسحاب في حالة جيدة إذا اختارت القوات الأوكرانية الهجوم.

  1. هدف القوات الروسية:
  2. الانسحاب شرقاً وإنشاء منطقة عازلة لولاية القرم الاستراتيجية، وذلك من خلال القوات الروسية المدافعة في الجزء الأكبر من مدينة خيرسون شرق نهر دنيبرو، الذي ستعمل القوات الروسية على توسيعه، وبما يمكنها من إعاقة عبور القوات الأوكرانية التي تخطط لاستكمال مهامها الهجومية شرق خيرسون ثم تهديد القرم.
  3. قد يكون أيضاً الهدف من انسحاب القوات الروسية من خيرسون، هو تفريغ المنطقة، ليس فقط استعداداً لتدمير محطة كاخوفكا واتهام القوات الأوكرانية في خيرسون بتدميره، ولكن أيضاً ليصبح مبرراً ودافعاً لتنفيذ ضربة نووية صغيرة العيار في المنطقة المفرغة حديثاً من السكان والقوات الروسية غرب النهر، والتي ينتج عنها تدمير حجم كبير للغاية من القوات الأوكرانية التي نجحت في السيطرة على خيرسون. وهو ما ياتي في سياق تقديراتي السابقة، خاصة مع وضع الولايات الأربع المنضمة حديثاً حتي المظلة النووية الروسية، وإعلان الأحكام العرفية فيها، والحرب الشاملة أمام أوكرانيا.
  4. يتطلب الانسحاب الروسي من غرب خيرسون أن تبقى مفارز دفاعية روسية (نطاقات أمن مقاتلة) تكون على اتصال بالنيراون والقوات في مواجهة الهجامات الأوكرانية المستمرة، بهمة تغطية انسحاب باقي القوات الروسية لمواقعها الدفاعية المجهزة والمحصنة هندسياً شرق نهر دنيبرو. الأمر الذي يضع قائد العملية الروسية في أحد ثلاث خيارات:
  5. الأول: تعيين قوات لهذه المفارز ذات تدريب عالي. مثل الإبقاء على وحدات النخبة من القوات الخاصة الروسية VDV وقوات مشاة البحرية فضلاً عن عناصر من مجموعة فاجنر مثل (جراي زون – Gray Zone)، وليس برجال معبأين غير مدربين في خيرسون. الأمر الذي يجبره على تكليف القوات الأضعف من المصابين والمعبأين وذو القدرات الأقل كفاءة، بالإنسحاب للدفاع عن خيرسون شرق دنيبرو. في هذه الحالة، لو نجحت القوات الأوكرانية في القضاء على هذه المفارز، مهما كلفها من وقت وأفراد وأسلحة ومعدات، ستكون مهامها أسهل أمام القوات الأضعف شرق النهر.
  6. الثاني: تعيين القوات الأقل كفاءة ضمن هذه المفارز، وذلك باستبدال وحدات النخبة مثل القوات الخاصة الروسية VDV وقوات مشاة البحرية بالعناصر المعبأة حديثاً، بمهمة تغطية انسحاب القوة الأكبر والأكثر كفاءة لشرق دنيبرو، ثم تقوم بالارتداد سريعاً فور تنفيذ مهمتها للإلحاق بها داخل المنظومة الدفاعية المجهزة مسبقاً. في هذه الحالة، ستكون مهمة القوات الأوكرانية أسهل بقدر كبير، وستعمل على تطويق وحصار قوات المفارز أثناء قيامها بأعمال تغطية القوات المنسحبة، ثم استغلالها كورقة ضغط في المفاوضات أو تبادل الأسرة حالة نجاح مهمتها.
  7. الثالث: تعيين مزيج من قوات النخبة والقوات المعبأة عديمة الكفاء بين قوات المفارز وكذا بين القوات المنسحية. إلا أن هذا الخيار سيفتت القوات الخاصة الروسية بين شرق النهر وغربه في خيرسون.

أزعم أن أيً من الخيارين الثاني والثالث سيجعل المشهد على المحور التعبوي الجنوبي وفي خيرسون غرب النهر مقارب للمشهد في خاركيف المدة من 06 – 10 سبتمبر مع اسنحاب القوات الروسية غير المنظم من المحور التعبوي الشمالي.

  • تبني القوات الروسية استراتيجية قتالها خلال المرحلة القادة من الحرب على التحصن في الدفاعت المجهزة والمحصنة على طول المواجهة، مع الانسحاب من الأراضي التي يدور عليها معارك غير متفاكئة، وفي تزامن إمطار البنية التحتية الأوكرانية بوابل من الصواريخ والدرونز الإيرانية التي يصعب التصدي لها في الوقت الراهن.. وبالطبع محاولة شن هجمات قليلة مركزة على المدن الاستراتيجية كباخموت في دونيتسك للاستيلاء على قدر مقبول من الأرض يواكب ما تم الاستيلاء عليه في لوهانسك.
  • تجدد احتمالات هجوم القوات الروسية على شمال أوكرانيا آخذ في الازدياد بهدف الهجوم تجاه شمال غرب أوكرانيا لتعطيل خطوط الإمداد الغربية لأوكرانيا. إلا أن هذا الاحتمال، رغم تزايده، فهو ما زال ضعيفاً نسبياً خلال الأشهر المقبلة، نظراً لأن القوات الروسية تفتقر إلى القدرة حتى على اعتراض خطوط الإمداد الأوكرانية من الغرب بهجوم بري. ونجد أن أقرب خط سكة حديد أوكراني شرق-غرب يقع على بعد 30 كم من الحدود البيلاروسية، وتشكل طبيعة الغابات والمستنقعات في منطقة “بريبيت” شمال أوكرانيا قرب بيلاروسيا موانع طبيعية وعرة تجعل من القتال والمناورة أمراً صعباً للغاية عبر الحدود الدولية في منطقتي فولين وريفني.

كما أن شبكة الطرق والسكك الحديدية في أوكرانيا لديها نقاط اتصال كافية مع بولندا ورومانيا وسلوفاكيا والمجر، بحيث لا يمكن للتوغل الروسي من بيلاروسيا أن يؤدي إلى تدهور خطير في الخطوط اللوجستية الأوكرانية دون السقوط تورطاً بشكل أكبر في عمق أوكرانيا، كما حدث في كييف. الأمر الذي يجعل هذا التصرف تكراراً للخطأ وليس تعديلاً استراتيجياً واقعياً يغير من مسير الحرب لصالح روسيا.

من ثم، أزعم ان الهدف من القوات المشتركة الروسية الروسية البيلاروسيا المشكلة حديثاً هو التركز على الحدود للتصدي للقوات الأوكرانية على المحور الشمالي الغربي، ومنع انتشارها في منطقة العمليات النشطة في جنوب وشرق أوكرانيا بحذا بيلاروسيا.

من ناحية زيادة مصادر النيران الروسية المؤثرة:

لا شك أن إمداد روسيا بالصواريخ والدرونز الإيرانية سيزيد من حجم القوة النيرانية لديها، مما يساعد روسيا على استهداف البنية التحتية الأوكرانية بشكل مكثف ومتزايد بهدف تركيع أوكرانيا، كما نجح الناتو في تركيع صربيا عام 1998 من خلال استهداف مكثف للبنية التحتية الصربية. الأمر الذي سيدفع الولايات المتحدة ودول أوروبا لزيادة دعم أوكرانيا من نظم دفاع جوي جديدة ومتطورة مضادة للصواريخ الباليستية الإيرانية، فضلاً عن زيادة العقوبات الأمريكية على إيران.

سادساً: استنتاجات عامة:

  1. المراهنات:
  2. تستهدف روسيا مصادر الطاقة الأوكرانية أملاً في التأثير على الروح المعنوية للمدنيين الأوكرانيين، وصناع القرار الأوروبيين، حيث يراهن بوتين على صراخ الأوروبيين والأوكرانيين معاً على صراخهم واستسلامهم قبل وأثناء الشتاء.
  3. في المقابل تستهدف القوت الأوكرانية القوات العسكرية الروسية على الأرض واسترجاع أكبر قدر ممكن من الأراضي المحتلة قبل كثافة الجليد منتصف أواخر نوفمبر وحتى منتصف فبراير. من ثم تراهن أوكرانيا على صمود الجبهة الداخلية واستسلام معظم القوات والقيادات الروسية على الأرض.
  4. أما الولايات المتحدة وقيادات الناتو، فيراهنوا على الاخفاقات العسكرية الروسية على الأرض، وصمود الشعب الأوكراني والشعوب الأوروبية قبل وأثناء هذا الشتاء. كما تراهن الولايات المتحدة والغرب بشكل عام على استغلال الانقسام المتزايد داخل دائرة المقربين من بوتين والكرملين، مع فقدان السيطرة على ذمام الأمور على الأرض، وتماسك الشعوب الغربية في الشتاء. ولذا، يحاول الغرب دائماً عدم التقليل من من قدرة بوتين على إرساء قاعدة متوافقة له في الداخل، ومسموعاته شعبوية كبيرة في الخارج، وكذا من قدرة بوتين على دفع الأمور لاستخدام سلاح غير تقليدي.
  5. لا شك أن هناك فجوة بين أهداف بوتين في أوكرانيا وقدرة روسيا على تحقيقها، والتي أنكرها كثيرين في البداية، وما زال بوتين نفسه ينكرها. إلا أن هذه الفجوة تزداد في الاتساع حالياً، والسبب الحقيقي في هذه الفجوة وفي تزايد اتساعها مع الوقت هو التكبر على الاعتراف بالتقصير وتردي الأداء وسوء التخطيط المستمرين. فاهتمام بوتين وإدارته سنصب على سمعتهم وسمعة بلادهم أكثر من النتائج الخقيقية والواقع الملموسين على الأرض. وهو سبب أن بوتين ومعاونيه لا يعالجوا الأخطاء المتسببة في هذه الفجوة خاصة مشكلة تآكل القدرات الروسية. ولا حتى يحاول استرضاء شعبه وقياداته بشكل سليم منطقي وواقعي، كإصلاح الأخطاء المعقدة أو التراجع الفوري عن خطأ الاستمرار في الحرب واستنزاف قدرات بلده وزيادة عزلتها عن العالم، مع الوضع في الاعتبار أن المشاكل الروسية الحالية لن تستطيع أي بروباجندا أن تعمل على حلها أو حتى إخفائها كما هو معتاد من قبل. خاصة أن فجوة القدرة الروسية تتطلب إصلاح الأخطاء المعقدة خلال العشرين عاماً الماضية، وليس فقط الأشهر الثمانية الماضية منذ قرار بوتين إعلان حرب غير محسوبة نتائجها على الإطلاق. لذلك سيكون على الغرب مساعدة أوكرانيا لإفشال روسيا في مسرح العمليات بشكل أسرع، الأمر الذي سيدفع الغرب لاستمرار تقديم الدعم لكييف، مع العمل الدؤوب على حرمان روسيا من امتلاك التكنولوجيا العسكرية المتطورة، ليس لمجرد القضاء على أهداف بوتين، ولكن للقضاء على أطماع روسية للهيمنة العسكرية على الغرب.
  6. يعمل بوتين على “بلورة” النظام الروسي (الشعب والنظام وفضاء المعلومات) حول أهدافه في أوكرانيا وأولئك الذين سيتبعونها لأسباب أيديولوجية أو عملية، ويخلق هذا النهج أربع قضايا رئيسية لبوتين:
  7. سيحتاج بوتين إلى تغذية رغبة القوميين في شعبه والذين نمت عقولهم على الشعبية إلى استمرار تحقيق انتصارات على الأرض، ولن ترضيهم الانتصارات الوهمية.
  8. أزعم أن بعض القيادات الروسية أصبحت في وضع تصادمي مع رغبة بوتين في الاستمرار رغم أخطائه، وهو ما يظهر بشكل مثلاً في إصرار قياداته العسكرية على الانسحاب من خيرسون رغم إصرار بوتين على التمسك بها.
  9. يظهر الضعف بوتين بشكل متزايد من خلال القرارات الخاطئة المتكررة.  الأمر الذي يتطلب منه اتخاذ قرارا أكثر أكثر جرأة وربما تطرفاً للتغطية على هذا الضعفن كاحتمالات استخادم السلاح النووي أو توريط دول أخرى في الحرب أو الاشتباك مع أي من دول الناتو.
  10. تضاؤل رمزية بوتين القيصر القوي والثغلب الماكر والدب الشرس الذي لا يقهر، الأمر الذي سينقلب على بوتين مع الوقت.

دكتور سَــــيْد غُنــــيْم

زميل كلية الحرب العليا/ أكاديمية ناصر العسكرية العليا

رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع – أستاذ زائر بالناتو والأكاديمية العسكرية ببروكسل

المصادر:

  • مصادر علنية دولية.
  • مصادر خاصة.
  • آراء باحثين مساعدين.
Share:

administrator