أولاً: مقدمة:

كنت قد ذكرت في تقديري السابق رقم (31) أن “القوات الروسية في أوكرانيا تعيد تجميع تشكيلاتها تحولاً لأوضاع دفاعية على كافة المواجهة”،واتضح مؤخراً أنه خبر حقيقي، وكان ملخص تقديري أن ذلك استعداداً لصد أي هجمات مضادة أوكرانية محتملة، سواء من حيث الحجم أو النوعية أو الإتجاه. وهو الاحتمال الأكثر ترجيحاً في رايي، والذي حالة صحته، يشير لفقدان القوات الروسية إن صح الخبر لعنصر المبادأة بشكل تام، وهو ما يشكل خطورة كبيرة عليها، خاصة القوات التي على أتصال مع الخصم.

ثانياً: التحول الاستراتيجي في مسير الحرب الروسية/ الأوكرانية:

خلال الأسبوع الأول ومطلع الإسبوع الثاني من شهر سبتمبر 2022 وحتى اليوم، أفادت معلومات واردة من مصادر مختلفة (خاصة ومعلنة) لحقها مراسلون عسكريون روس، أن القوات الأوكرانية قد استعادت مدينة “كوبيانسك”، أكبر مدينة في المناطق التي تحتلها روسيا في منطقة خاركيف (مقر الحكومة الروسية) في الأراضي المستولى عليها، لتعود تحت السيطرة الأوكرانية، مع استمرار الهجمات المضادة الأوكرانية المتسارعة ذات معدلات التقدم العالي.

وأفادت لاحقا، أن الجيش الروسي قد انسحب من بلدتي “إيزيوم” الاستراتيجية و”ليمان” المدينة المفتاح، وذلك على طريق الإقتراب الوحيد المتبقي شمالاً. حيث تركت القوات الروسية في إيزيوم عدد (30) عربة مدرعة بأسلحتها وذخائرها وعدد (2) دبابة حديثة طراز تي – 72، وأسلحة ومعدات أخرى.

وقد وصلت أقرب نقطة سيطرة أوكرانية لحوالي ٦٠ كم من دونيتسك، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية رسمياً انسحاب القوات الروسية من إيزيوم وبالاكيا شمالاً، كما انسحبت القوات الروسية من مدينة فوڤشيسك في أقصي الشمال علي الحدود بين خاركيف وروسيا نفسها، وأزعم أنه بغرض إعادة تجمع القوات وتقوية الدفاعات على المواقع المتوسطة في العمق على جبهة دونيستك شرقاً في إقليم دونباس.

وكنت قد توقعت في تحليل منفصل لي يوم 10 سبتمبر 2022، أن تقوم القوات الأوكرانية بقطع خطوط الاتصال البرية الروسية شمال وجنوب إيزيوم، بهدف انهيار المواقع الروسية حول إيزيوم. وحصار القوات المتواجدة بها وعزلها عن القوات شرقاً. على أن تقوم القوات الروسية في المقابل بالإسراع بالإمداد باللوجيستيات إلى الخط الاستراتيجي “خاركيف – إيزيوم” في محاولة لوقف التقدم الأوكراني، بعد أن حققت القوات الأوكرانية مفاجأة تعبوية ملحوظة.

وقد نشرت وزارة الدفاع الروسية والكرملين لقطات لقوافل عسكرية روسية يقال إنها في طريقها لتعزيز اتجاه الخط الاستراتيچي العام المار بـ “كوبيانسك – إيزيوم – خاركيف”، ولم تعترف القيادة العامة الروسية بالنجاحات الأوكرانية في أي منطقة، أزعم أنه على أمل سرعة استعادة الأوضاع الدفاعية أمام الهجمات الأوكرانية المضادة.

وقامت القيادة العامة الروسية بإعادة انتشار القوات الروسية خارج جنوب خاركيف لتعزيز إقليم دونيتسك والمحور التعبوي الجنوبي في خيرسون بهدف التصدي تهديد الهجمات المضادة والمحافظة على الإتزان الاستراتيچي على كافة محاور الجبهة. وذلك على أمل إستعادة المبادأة واستئناف العمليات الهجومية غرب مدينة دونيتسك، والتي كانت مستمرة لعدة أسابيع.

ومن ثم توقعت أن يوم السبت 10 سبتمبر سيكون صعباً على القوات الروسية ولن ينتهي لصالحها بشكل حاسم إلا في حالة نجاح القوات الروسية في تكوين احتياطيات وقيادة قادرة على الإستجابة السريعة لتلك المتغيرات على طول المواجهة.

إلا ان القوات الأوكرانية نجحت في توسيع الاختراقات واستمارا الهجمات المضادة شمالاً بعد أن نجحت نظيرتها في الجنوب على خيرسون لجذب انتباه القوات الروسية جنوباً. الأمر الذي دفع القوات الروسية للانسحاب شرقاً وليس تعزيز الدفاعات في خاركيف. ونظراً لتأخر القيادة العامة الروسية في إعلان التعبئة العامة واستدعاء الاحتياطيات، توالت الهزائم الروسية في عدة قرى أوكرانية على المحور الشمالي، والشرقي بالتبعية.

ثالثاً: رؤيتي بشأن خطة القوات الأوكرانية في المرحلة الثالثة من الحرب:

شرعت القوات الأوكرانية في محاولات تدمير جسر انتونوڤيسكي في 26 يوليو و08 أغسطس، ركزت القوات الروسية على حماية الجسر بكل الطرق والوسائل، وذلك نظراً لأنه الجسر الوحيد لعبور السيارات والمشاة، بطول 1366 م، وعرضه 25 م، والذي يربط قرية أنتونوڤكا بمدينة أليوشكي التي تقع على الضفة اليسرى لنهر دنيبر، والتي تعتبر إحدى ضواحي خيرسون.

حيث قبل بناء هذا الجسر كان بإمكان المركبات أن تعبر من منطقة خيرسون إلى الصفة الثانية من النهر إما عبر سد محطة كاخوفسكايا لتوليد الطاقة الكهرومائية أو باستخدام العبارات المائية، وخفضت حركة المرور على الجسر المسافة بين خيرسون والمناطق الجنوبية من الضفة اليسرى لنهر دنيبر بمقدار 80 – 100 كم، كما ساهمت بتخفيض كلفة نقل البضائع بين هذه المناطق بنحو 5 مرات تقريباً.

وقد نجحت القوات الأوكرانية بالفعل في تدمير الجسر وقتها، وفي نفس الوقت تكثيف الهجمات المضادة تجاه خيرسون المقاطعة الحيوية المزعم إعلان استقلالها كدولة جديدة مستقلة. الأمر الذي أجبر روسيا على تحويل تركيز الجهود من الشمال والشرق إلى الجنوب في بداية للمرحلة الثالثة للحرب. والتي تحدثت عنها ضمن توقعاتي في تقديراتي القريبة السابقة.

وأزعم أن القوات الروسية لم تنتبه للخطة الأوكرانية الموسعة متعددة الأبعاد، وتتلخص في خداع وتشتيت جهود القوات الروسية باستمرار تنفيذ هجمات مضادة على الاتجاه التعبوي الجنوبي في خيرسون والمفاجأة بشن هجمات مضادة على الاتجاه التعبوي الشمالي في خاركيڤ، مع ضمان عزل وحصار القوات الروسية بقوة 20 ألف جندي في خيرسون جنوباً حيث أدى تدمير جسر أنتونوڤيسكي لإحكام عزلهم وحصارهم، ومثلهم تقريباً في إيزيوم والمدن المحيطة في مقاطعة خاركيڤ شمالاً، على أساس أن يؤدي سرعة اختراق القوات الأوكرانية والاستيلاء شمالاً على المدن الاستراتيچية كوبيانيسك وليمان ومالاكيا إلى إحكام حصارهم أيضاً.

الأمر الذي كاد أن يوقع أكثر من 40 ألف جندي روسي تحت الحصار على الاتجاهين التعبوين الشمالي والجنوبي.. إلا أن القوات الروسية في الشمال فطنت لهذا الفخ شديد الخطورة وتصورت مصير رجالها أن يُحاصروا كمصير نظرائهم في خيرسون، وهو ما يبرر هرولة انسحاب القوات الروسية من مدن خاركيڤ بأقصى سرعة هرباً من الحصار والقتل والأسر، تاركين ورائهم دباباتهم وأسلحتهم ومعداتهم فضلاً عن حجم أفراد لا يستهان به من القتلى والجرحى والأسرى من هول مفاجأة الهجمات المضادة غير المتوقعة شمالاً، خاصةً مع الاستغلال غير المسبوق لوسائل العمليات النفسية المستحدثة لتحطيم معنويات الجنود الروس على الاتجاهين التعبويين.

ومن ثم، أؤيد فكرة احتمال محاولة قيام القيادة العامة للقوات المسلحة الروسية بالتفاوض مع نظيرتها الأوكرانية لتحرير الـ20 ألف مقاتل المحاصرين في خيرسون، وبأي ثمن.. وأعتقد أن السلاح النووي التكتيكي سيكون ضمن أوراق التفاوض فضلاً عن إجراءات عنيفة بأسلحة فتاكة. وفي المقابل، ربما سيكون أبسط شروط القيادة الأوكرانية عدم إعادة نشرهم في إقليم دونباس شرقاً.

انتزاع المبادأة من القوات الروسية سيكلفها الكثير، مما قد يدفعها لإتخاذ إجراءات عنيفة للغاية.. وإن كنت على يقين ان التخطيط الذي وضحته من وجهة نظري ليس أوكراني بحت، أي أن الولايات المتحدة وبريطانيا قد يكونا لهما الدور الأهم فيه، إلا أن القوات القادرة على التنفيذ هي الأهم في هذه الحالة في رأيي.

رابعاً: أسباب التحول الاستراتيجي في مسير العملية:

1- ارتفاع الروح المعنوية للقوات الأوكرانية:

يقاتل الجنود الأوكرانيون حاليًا بعدم خوف حقيقي من الموت دون مقابل سوى هدف واحد هو استعادة أراضيهم المحتلة. وعلى العكس، نجد الجنود الروس في الجبهة يتقاضون رواتب منخفضة نسبيًا، ولديهم أسلحة ومعدات رديئة، ولم يشعروا بالدعم الكافي من قبل قادتهم  منذ شهور. تظهر العديد من الرسائل التي تم تشير لآن الروح المعنوية لدى الجانب الروسي منخفضة للغاية.

2- الجيش الأوكراني يحارب بشكل أكثر احترافية وخداع:

كانت أوكرانيا قد أعلنت بالفعل أنها ستشن هجومًا في الجنوب بالقرب من مدينة خيرسون. أجبر ذلك روسيا على الرد ونشر قوات إضافية جنوباً على حساب انسحاب قواتها من الشرق والشمال، مما أثر على الأنساق الأولى في خاركيف شمالاً وعلى الأنساق الأولى والاحتياطيات في دونباس (لوجانيسك ودونيتسك) شرقاً. بعد ذلك، قامت القوات الأوكرانية باختبار الدفاعات الروسية في الشرق بهجمات مضادة محلية صغيرة وبحثت عن خطوط ضعيفة في خط المواجهة الممتد إلى حوالي (970 كم). وسرعان ما استغلت القوات الأوكرانية نقاط الضعف هذه، وخاصة في الاتجاه التعبوي الشمال الشرقي.

كما أن القوات الأوكرانية تعمدت عدم خوض معارك كبرى. في الوقت الحالي، حيث تتجاهل المدن الكبرى المحتلة ولا تستنفد قواها في قتال الشوارع. كما أن القوات الأوكرانية لديها معلومات استخبارية على درجة عالية من الدقة، وردت لهم من اجهزة المعلومات الغربية، وبالتالي تستغلها بشكل انتهازي حيث تركز على نقاط الضعف بالقوات الروسية. حيث ركزت القوات الأوكرانية على استهداف مراكز القيادة والسيطرة ومستودعات الذخيرة وقوافل الإمداد.

3- امتلاك القوات الأوكرانية معدات عسكرية بحجم أقل ولكن بنوعية أكثر جودة ودقة:

يمتلك الجيش الأوكراني معدات عسكرية غربية جديدة محدودة نسبيًا. نفس القدر من الأهمية هو أن الأفراد العسكريين الأوكرانيين مدربون جيدًا أيضًا على تعلم كيفية العمل مع المعدات الغربيو بسرعة كـ (صواريخ HIMARS بعيدة المدى، والصواريخ قصيرة المدى، والمدفعية الدقيقة Excalibur الأمريكية).

ولا تزال القوات الروسية تخسر معدات عسكرية بشكل أسرع وبحجم أكبر مقارنة بالخسائر الأوكرانية. وفقًا للمواقع المتخصصة ، فقد القوات الروسية بالفعل أكثر من 1000 دبابة قتالية منذ بداية الحرب. تبلغ نسبة خسائر روسيا حتى يومنا هذا (35 : 1) أي أن القوات الروسية تخسر 35 دبابة مقابل كل دبابة خسرتها القوات الأوكرانية منذ بداية الحرب.

4- عدم امتلاك القيادة العسكرية الروسية استراتيجية ولا هدف محدد، ولم تعد تعرف كيف تنفذ انسحاباً تكتيكياً:

لم يعد لروسيا استراتيجية ولا هدف استراتيجي واضح، بل ولا حتى تكتيكات قتالية واضحة. في البداية ، فكر الجيش الروسي في “عملية عسكرية تستمر عدة أيام”، ولكنها استمرت لأكثر من 200 يوماً حتى الآن.

في الأيام الأخيرة وتحديداً اعتباراً من يوم 10 سبتمبر، ، ثبت أن انسحاب القوات الروسية في الشرق كان فوضويًا بشكل خاص ، مما أدى إلى خسائر إضافية. يبدو أن القوات الروسية لم تتدرب على الانسحاب ولذا ترتكب أخطاء تكتيكية بعدم ترك القوات خلفها لتغطية الانسحاب.

من ناحية أخرى، لا يزال الهدف الاستراتيجي الأوكراني واضحًا للغاية: صد القوات الروسية وتدميرها واستعادة الأوضاع الدفاع إلى ما كانت عليه.

خامساً: ملاحظات تؤخذ في الاعتبار:

1- تكرار انسحاب القوات الروسية من الاتجاه التعبوي الشمالي:

أن القوات الروسية قد انسحبت خلال عمليتها العسكرية مرتين، الأولى من محيط العاصمة السياسية “كييف” بنهاية المرحلة الأولى للعملية في مارس 2022، والثانية مع بداية المرحلة الثالثة من العملية من العاصمة الصناعية “خاركيف” في سبتمبر 2022، وفي رأي قد يكون تكرار الانسحاب من الاتجاه التعبوي الشمالي لعدة أسباب كالآتي:

أ – وضع الروس أولوية أولى للاتجاهين التعبويين الشرق والجنوبي.

ب- عدم التوازن التعبوي أو الاستراتيجي، حيث لا يتوفر احتياطيات كافية على الاتجاه التعبوي الشمالي.

2- اهتمام القيادة الروسية بسمعتها على حساب الواقع على الأرض:

منذ ثلاث أسابيع فقط ومع نهاية المرحلة الثانية من الحرب وتحديداً يوم 24 أغسطس، الكرملين كرر تصريح وزير الدفاع الروسي الذي أطلقه خلال المرحلتين الأولى مع تعثر تقدم القوات الروسية في مارس قبل بدء الانسحاب من محيط كييڤ شمالاً، وأيضاً في 24 مايو مع استحالة إحكام السيطرة على إقليم دونباس شرقاً، والموجودين في الصورة المرفقة، وهو: “تباطؤ هجوم القوات الروسية متعمد، وذلك ضمن استراتيچية روسية مدروسة وحفاظاً على أرواح المدنيين”. وهو تصريح يتضمن تعبيرات لا تمت للفن الاستراتيچي العسكري بصلة، مما أشعرني باحتمال تكرار هزائم وشيكة في الشمال وربما الجنوب والشرق كما حدث من قبل، خاصةً في الشمال. الأمر الذي يشير لاهتمام القيادة العامة الروسية بسمعة قيادتها أكثر من التفاعل من الواقع على الأرض.

3- أهمية التركيز على الروح المعنوية للقوات والتواصل المستمر مع المقاتلين على الأرض:

لا شك أن جميع قادة الجيوش المحاربة في العالم عيونهم الآن على التغير الحاد المفاجئ والمتسارع في الحرب الروسية الأوكرانية لكي يتعلموا جيداً من الدرس. فالتقديرات الخاطئة للموقف، واستمرار الضغط على القوات في مسرح العمليات دون اعتبار للخسائر في الأرواح أو للروح المعنوية الحقيقية للمقاتلين، ودون التقارب الحقيقي مع المقاتلين المرؤوسين، والاستهانة بإرادة العدو وبالمخاطر والتحديات الواقعة والمحتملة، كل ذلك يشكل سيفاً حاداً على رقبة القادة والمقاتلين على السواء.

رابعاً: الأعمال المنتظرة:

1- أتوقع قيام القوات الروسية بتنفيذ ضربات نيرانية انتقامية قوية بأسلحة أكثر فتكاً قد تصل لأسلحة نووية محدودة القدرة (وهو الاحتمال الأضعف). أما حالة استمرار هذ النمط من القتال، أتوقع تكرار فرار بعض الجنود الروس أو استسلامهم بسرعة في الأسابيع المقبلة كما حدث في المرحلة الأولى من الحرب بنهايات شهر مارس.

2- قد يضطر بوتين إلى التعجيل بتنفيذ ما حاول تجنبه، وهو إعلان التعبئة العامة والتحول لحرب شاملة ليحشد أكبر قدر من القوات الروسية الأصلية وليس دول الإتحاد الروسي الـ22 التي اثقل على بعضها منذ الحرب، وعلى رأسها الشيشان (قيام رئيس الشيشان قديروف بإعلان تزمره لأول مرة على الأداء الروسي على الأرض). ولكن هناك تخوفات من جانب بوتين عطلته كثيراً دون أن يلجأ لهذا الاحتمال.

3- احتمال تزايد ضعف موقف بوتين الداخلي لدرجة علو نبرة معارضين وفؤيين في روسيا بصورة أكثر جرأة ينادون باستقالته، وبضرورة إنهاء الحرب والانسحاب ولو الجزئي من أوكرانيا. وقد يكون ذلك بمعرفة بوتين لحفظ ماء الوجه أو دون إرادته.

دكتور سَــــيْد غُنــــيْم

زميل كلية الحرب العليا/ أكاديمية ناصر العسكرية العليا

رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع – أستاذ زائر بالناتو والأكاديمية العسكرية ببروكسل

المصادر:

مصادر علنية دولية.

مصادر خاصة.

Share:

administrator